الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات على مشروع قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات 2019

سربست مصطفى رشيد اميدي

2019 / 11 / 21
دراسات وابحاث قانونية


قرر مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة بتاريخ 12/11/2019 مشروعا لقانون المفوضية العليا المسنقلة للانتخابات وأحيل الى مجلس النواب، وأجريت القراءة الأولى له بتاريخ 19/11/2019. ولا نعرف ما هو الدافع التي أدى بمجلس الوزراء لاقرار مشروع لقانون جديد للمفوضية، مع ان هذه المؤسسة تعمل وفق قانونها رقم 11 لسنة 2007، حيث كان يفترض تعديل المواد والفقرات التي تحتاج الى تعديل من وجهة نظر الحكومة. ولكن يبدو ان الحكومة ومن واءها النخبة السياسية الحاكمة تريد نسف كل الأسس التي بنيت عليها هذه المؤسسة والتي ادارت ثلاثة عشر عملية انتخابية في العراق خلال خمسة عشر ستة، وفي ظل ظروف امنية وسياسية صعبة وغياب كل الممارسات الديمقراطية في بلد خضع لاكثر من خمس وأربعين سنة لدساتير مؤقته. ولكن من الواضح ان البعض يهدف الى الغاء هذه المؤسسة من الناحية العملية وحتى نقل موظفيها الى مؤسسات أخرى والبدء بالعمل من الصفر مع موظفين خاضعين لاحزاب السلطة بشكل كامل وحسب الخارطة الحزبية الحالية، ولا يمتلكون ابة خبرة في إدارة العمليات الانتخابية، لهذا وضعوا مشروع قانون كامل حتى لا تعتبر هذه المؤسسة بعد ولادة هذا القانون كأنما هي استمرار لعملها السابق. لذلك ارتأينا انه من الضروري بيان عدد من الملاحظات على مواد هذا المشروع، علما ان فيه الكثير من الاحكام الجيدة والتي تحتاج المفوضية اليها، لكننا سنركز على بعض المواد التي بتقديرنا تنسف الأساس الدستوري التي على ضوءها تم بناء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق واهمها:
1- ضرورة اضافة عبارة (غير حزبية) الى المادة الاولى بعد عبارة هيئة مهنية حكومية مستقلة (غير حزبية) ومحايدة، مثلما كان امر سلطة الائتلاف رقم (92) لسنة (2004) ينص عليه، والتي على اساسه تم انشاء المفوضية واعتبرت هيئة حكومية مستقلة بموجب هذه المادة، ونعتقد أن ذلك يعتبر تراجعا في جعل المفوضية هيئة مستقلة فعليا في هذا المشروع مثلما هو في القانون رقم 11 لسنة 2007. فكان من الممكن أن تعتبر (هيئة غير حكومية) وذلك حتى لا تفسر (الحكومة) بأنها السلطة التنفيذية أو مجلس الوزراء، وكان يمكن أن تعتبر في الوقت نفسه ضمن هيئات ومؤسسات الدولة العراقية.
2- المادة الثانية من مشروع القانون حول الية اختيار أعضاء مجلس المفوضين باعتقادي هي مخالفة لاحكام الدستور العراقي النافذ، حيث ان المفوضية تعتبر في مقدمة الهيئات المستقلة التي خصص لها الدستور العراقي فصلا منفصلا وهو الفصل الرابع (هيئات مستقلة)، لنية المشرع العراقي الواضحة في منحها استقلالية كاملة عن السلطات الثلاثة التشريعية والتنفيذيية والقضائية في الدولة العراقية. وان اختيار أعضاء المجلس من قبل رئيس الجمهورية ومن مؤسسات وهيئات محددة جميعها تابعة للسلطة التنفيذية (الحكومة)، بالإضافة الى كون رئيس الجمهورية هو أحد رأسي السلطة التنفيذية في الأنظمة البرلمانية، والذي يعتبر نظام الحكم في العراق برلمانيا حسب نص المادة الأولى من الدستور، فان هذه الالية هي بمثابة مصادرة لاستقلالية عمل المفوضية ومخالفة واضحة لاحكام الدستور. وبالتالي يستوجب إعادة النظر في هذه المادة ويكون اختيار أعضاء مجلس المفوضين بالية بعيدة عن تدخل الحكومة وتاثير الأحزاب السياسية ويكون مجلس المفوضين يمثل جميع مكونات الشعب العراقي. وبالتالي في حال التصويت على هذه المادة بصيغتها الحالية فانه سيعرضها للطعن فيها امام المحكمة الاتحادية كونها مخالفة لاحكام الدستور، هذا من ومن ناحية أخرى فان تحديد فترة عمل كل مجلس أربع سنوات، بمعنى ستكون هذه الفترة متزامنة تقريبا مع فترة ولاية الدورة الانتخابية لمجلس النواب وللعمر الافتراضي للحكومة وفترة ولاية رئيس الجمهورية، وبالتالي ستخضع المفوضية بشكل أكبر لتوازنات المحاصصة الحزبية وتكون جزءا من اليات توزيع المناصب عند تشكيل الحكومة والرئاسات الثلاثة. وهذا واضح من ان واضعي المشروع يبغون رهن عمل كل مؤسسة وخاصة مثل المفوضية التي اختصاصها الأساسي هوتنظيم اجراء الانتخابات وفق الاستحقاقات الدستورية والقانونية وبالتالي رهن تنظيم الانتخابات وفق مزاج ومصالح النخبة السياسية الحاكمة وبالتالي ينظمون استمرارية وجودهم في السلطة رغم كل الاحتجاجات ااشعبية ضد هذه النخبة منذ أكثر من شهر. وبالتالي لا بد من تعديل هذا الامر ليكون فترة عمل مجاس المفوضين تبقى خمس سنوات وليست وفق ميزان القوى السياسية بعد كل عملية انتخابية. وان عدد من المواد في المشروع تستند على هذه المادة عليه يفترض إعادة النظر فيها في حال إعادة النظربهذه المادة التي نعتقد انه لا تبقي اية اسنقلالية للمفوضية بل تصبح أداة طيعة بيد السلطة التنفيذية في العراق.
3- بخصوص الية اختيار اعضاء مجلس المفوضين المفوضية نرى من الضروري ان تكون اللجنة المشكلة لاختيار اعضاء مجلس المفوضين من خبراء الامم المتحدة ومنظمات دولية ذات الشأن الانتخابي حصرا، بحيث يتم مقابلة ما لا يقل عن 90 مقدما حسب اعلى الدرجات ويتم يرشيح تسعة مرشحين يتم التصويت عليهم من قبل مجلس النواب ، وفي حال فشل التصويت على احدهم او اكثر او جميهم يتم ترشيح بدلاء عنهم بنفس هذه الالية المشار اليها في المقترح على ان يكونوا يمثلون جميع مكونات الشعب العراقي والمرأة.
4- ان عدم اختيار المدير التنفيذي من ضمن أعضاء مجلس المفوضين بموجب الفقرة (أحد عشر) من المادة العاشرة، وتوقيت فترة عمله بخمس سنوات بموجب المادة الثامنة من المشروع خلاف المجلس الذي حدد فترة عمله أربع سنوات وفق هذا المشروع، ومع الهيكلية المقترحة التي تعطي كل الثقل والتوازن بين المجلس والإدارة الانتخابية والمخل أصلا يميل لصالح الإدارة الانتخابية، مما سيؤدي بان تكون الإدارة الانتخابية هي التي تملك القرار الفعلي في عملية اجراء الانتخابات وليس مجلس المفوضين، خاصة كون أعضاء المجلس هم منتدبون. والاغرب ان الماد ة (24) من هذا المشروع يشترط بعد نفاذ هذا القانون ان لا يكون رئيس الإدارة الانتخابية (الجديد) من كان قد شغل منصب مدير عام في المفوضية او عضو مجلس سابق فيها، مما يعني ان رئيس الإدارة الانتخابية هذا لا يملك خبرة عملياتية وفنية كاملة مما سيكون أداة مطيعة بيد أحزاب الحكومة وحيث أن فترة عمله هي خمس سنوات وفترة عمل المجلس أربع سنوات أي ان اجراء الانتخابات من عدمها بيد رئيس الإدارة وبالتالي حسب توازنات الأحزاب الحاكمة. ومن هذه المواد المنظمة لاختيار رئيس الإدارة الانتخابية والشروط المطلوبة توحي كلها كأنما صيغت لتكون وفق مقاس شخصية محددة ليس بالغريب ان يتم الان تهيئته من قبل أحزاب السلطة الحاكمة.
5 - ضرورة اضافة عبارة (على ان يضع لها نظام داخلي لعملها ويتم اقراره من محكمة التمييز). للمادة التاسعة عشر من مشروع القانون بخصوص تشكيل الهيئة القضائية للانتخابات وذلك لتنظيم الية عمل هذه الهيئة والمدد القانونية وغيرها.
6- من الضروري اضافة مادة للمشروع ينص على تثبيت موظفي العقود الذين عملوا مع المفوضية على الملاك الدائم للمفوضية، وحسب الهيكلية الإدارية لمراكز التسجيل ال 1079 والتي يصادق عليها مجلس المفوضين، على ان لا تقل مجموع خدمتهم العقدية عن سنة لغاية 31/5/2018، والا يزيد عدد موظفي أي مركز تسجيل عن ستة موظفين. علما ان هنالك من بين هذه الشريحة من يمتلكون خبرة فنية عالية كونهم قد نفذوا أربعة أو خمس عمليات انتخابية ولربما أكثر.
7- أما بخصوص الهيكلية المقترحة للمفوضية فكما اسلفنا ان هذا المشروع قد وضع لتكون الإدارة الانتخابية هي التي تقود المفوضية من الناحية العملية وليس المجلس، حيث ان مجلس المفوضين ومن خلال الاختصاصات الممنوحة له يتبين أن تلك الصلاحيات من الممكن تلخيصها بإصدار الأنظمة الخاصة بالانتخابات وااجراء الرقابة والمتابعة والتوجيه لعمل الإدارة الانتخابية، لكن وفق هذا المشروع وحتى وفق االقانون الحالي للمفوضية فان مجلس المفوضين يفتقد لالية الرقابة المالية والإدارية على الإدارة الانتخابية، لذلك لا بد من ان تكون الرقابة والتقيق الداخلي دائرة قائمة بذاتها وتكون تابعا لمجلس المفوضين وترتبط برئيس المجلس كونه لا يملك صلاحية الصرف المالي في المفوضية، بالإضافة الى ان الامانة العامة لمجلس المفوضين ليس فيها أي قسم مالي فيها، فكيف بكون الرقابة والتدقيق تكون جزءا من الدائرة المالية والإدارية في الإدارة الانتخابية بموجب الفقرة (أولا) من المادة (16) من المشروع، أي ان القسم الرقابي يكون تابعا لمدير عام الدائرة الإدارية والمالية ومن ثم لرئيس الإدارة الانتخابية، فكيف يتم مراقبة الجانب المالي والإداري من قبل مجلس المفوضين؟.
من خلال ملا حظه جميع مواد وفقرات مشروع القانون هذا، يتبين جليا ان النخبة الحاكمة تريد تأسيس مفوضية جديدة بموظفيها حسب هواهم ومصالحهم، وان نتائج انتخابات 2018 من وضع كل حزب بحجمه الحقيقي الى حد ما وعدم فوز أكثر من مائتي من أعضاء مجلس النواب السابقين مما دفعهم للخلاص باي صورة من هذه المؤسسة. ولهذا فان تشكيل مفوضية جديدة سيحتاج الى مدة طويلة نوعا ما، وبالتالي يصبح موضوع اجراء انتخبات مبكرة وحل البرلمان غير ممكنا الان، وبهذا يعتبر التفافا واضحا على مطالب الثورة الشعبية بحل البرلمان واجراء انتخابات مبكرة وعلى ايدي مجلس مفوضين يتم ترشيحهم من قبل خبراء مختصين من الأمم المتحدة وليس من قبل السلطة التنفيذية وفق هذا المشروع.
أي ان النخبة الحاكمة ليست لديها اية نية حقيقية في تلبية مطالب المتظاهرين والتي قدم المنتفضون مئات الشهداء من شباب بعمر نبتة الريحان في سبيل تحقيقه وانما ينحصر هدفها في الالتفاف على المطالب الجماهيرية والاستمرار في السلطة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة


.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل




.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون


.. الأمم المتحدة تحذر من إبادة قطاع التعليم في غزة




.. كيف يعيش اللاجئون السودانيون في تونس؟