الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النبوة في تقاليد الإسلام والكلام(1)

ميثم الجنابي
(Maythem Al-janabi)

2019 / 11 / 22
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إن رجوع الفكر صوب تأمل ماهية النبوة وحقيقتها، يعكس أولا وقبل كل شيء الحدود المنفية في تجاربه الاجتماعية التاريخية. ففي مظاهرها الأولى عادة ما تصدم الآذان والأعين باعتبارها شيئا لا معقولا، أو على الأقل أنها تستثير الشكوك والمعارضة بالقدر الذي يتناسب مع حجم "نبوتها". لكنها حالما تصبح جزءاً من الذاكرة التاريخية للأمم وأديانها، آنذاك تتحول مكوناتها الأولية، بما في ذلك اشد مظاهرها سذاجة، إلى جزء من خلجات المعرفة المتعمقة في ذاتها. بمعنى أنها تستثير كوامن الفكر في تلك الحالة التي يسعى فيها الفكر والأخلاق إلى الاتحاد في ما يمكنه أن يكون سبيكة وجوده الحر. وبهذا المعنى، كان ظهورها، كقضية فكرية، أحد تجليات إدراك المصادر الذاتية. والأمر هنا سواء. بمعنى أن يكون ذلك بهيئة التأسيس المناهض لها بوصفه جزءا من معترك القناعة والظنون في العقائد الكبرى أو فروعها (مثل الإيمان بالله أو العقل والنقل)، أو كأسلوب في تأسيس جاذبية الفعل السياسي أو تمثيله للقداسة المفترضة في "مشكاتها"، باعتبارها مصدرا لتوهج الحكمة الخالدة والخير المطلق (مثل الخليفة والإمام والحكيم والقطب). وليس مصادفة أن تصوغ الثقافة الإسلامية في قرونها الأولى ما اسمته بعلائم النبوة، على انه الاطار العام للمجهول أيضا في مكوناتها. وبالقدر الذي جرى حصر علائم النبوة في أعداد معينة، فإنه كان بالإمكان أضافة ما يمكن اضافته في كل علامة باعتبارها كيانا لا متناهيا. ولا يعني ذلك في الواقع سوى علائم وعيها التاريخي والثقافي.
إذ لم تكن قضية النبوة، باعتبارها إحدى القضايا الكبرى للثقافة الإسلامية معزولة عن صيرورتها السياسية والدينية. أما مقوماتها الذاتية فقد تناثرت في الممارسة الرمزية لأعمال النبي وأقواله. لهذا كان بإمكانها الظهور أساسا كصيغة من صيغ الاستمرار المتجدد للوعي الديني. وأن تكوِّن في تجددها معالم الفكر الاجتماعي والأخلاقي والسياسي للتيارات والمدارس المختلفة. وأن تبقى في الوقت نفسه الحصيلة المتراكمة لروافد العناصر المتنوعة لتجارب الخلافة الحضارية. فإذا كانت صيغتها الأولى في اطار الاحتكام المباشر إلى الشخصية النبوية ومثالها التاريخي في محمد، فإن ذلك لا يعني في الواقع سوى استمرارية التسييس الديني للشخصية التاريخية. مما أفقد هذه الفكرة حيويتها المباشرة في بادئ الأمر. لهذا السبب لا نعثر في مراحل الخلافة الأولى ومعطياتها المنقولة حتى على براعمها الأولية، أي أنها لم تظهر بعد كقضية مقلقة للعقل والضمير. أما الشيء الوحيد الذي كان يوحي بعلائم النبوة الدامغة فهو القناعة الراسخة بمعجزاتها . مما جعل من المعجزة محور السجال الفكري الأول حول النبوة. بهذا يكون هذا السجال قد ساهم في نقل واقعية النبوة التاريخية إلى ميدان التجريد المثالي. وإذا كانت هذه النقلة خطوة إلى الوراء بالنسبة لحوافز الفكر العملي الحر، فإنها كانت خطوة إلى الأمام في تثبيت أصول الحكمة العملية. وبالقدر الذي كان بإمكانها إعاقة الفعل المتأمل لقضاياه بمعاييره المناسبة، فإنه صاغ قيم المثال الأخلاقي ونموذجه العملي الممكن، أي أنها بالقدر الذي ألزمت الفكر والفعل حدودهما غير المباشرة، فإنها طابقت هذه الحدود مع حدود العلم الإلهي والحكمة الخالدة. مما كان يعني أيضا الاستثارة غير المتناهية للجدل الفكري. وبالقدر الذي عمقت الخيال على حساب واقعيته، لم تنف هذا الواقع، باعتباره الشرط الضروري في الوجوب والندب والحلال والحرام والفضيلة والرذيلة في الطاعة والرضا، أي في المكونات الأساسية للدولة والثقافة. لقد اعطى كل ذلك للنبوة في الأدب صيغة القصيدة المعلقة لأغانيه الكبرى، وفي التاريخ جوهرة قلادته الأسطورية، وفي اللغة مفردات اعجازه البياني. وبغض النظر عن ثباتها في مواقف الشعراء والأدباء والمؤرخين، فإنها تشترك عندهم في إشكالاتها الجدلية. لكن حالما يأخذ الخيال في الظهور والاكتمال، فإنه لابد وأن يخضع لمبضع الفكر نفسه. آنذاك تحتاج الأغنية إلى موسيقارها، والأسطورة إلى ممثلها، والمعجزة إلى تأييد دائم.
فقد استطاع القرن الأول الهجري في ممارسته السياسية الدينية أن يدفع هوية النبوة السياسية، من خلال تجريدها التاريخي، صوب إشكالية الفكر اللاهوتي والفلسفي. لكنها إشكالية ارتكزت على ميتافيزيقيا الوعي وبرزخية خياله المثالي. مما أدى بدوره إلى صعود قضية المعجزة بوصفها رديفا موازيا للنبوة. وبغض النظر عن محاربة القرآن في شخصية نبيه للمعجزات، فإن السلفية الذهنية لم تجد في تقليديتها صورة أرقى للوجود الطبيعي والتاريخي من أن تلوّنه بأطياف غلوّها الماورطبيعي والتاريخي. وبهذا تكون قد استمرت في تقاليد الوعي الديني المباشر، والذي عادة ما يجد في فرضياته وظنونه عقائد إيمانية أو في أفضل الأحوال أفكارا لا تقبل الجدل. وإذا كان للمعجزة ضرورتها في الوعي الديني، باعتبارها الأسلوب المناسب للقناعة الإيمانية (الوثنية والوحدانية)، فإنها اتخذت في وقت لاحق صيغة العقلنة السياسية المبطنة لميتافيزيقيا النبوة. بمعنى تحولها إلى منظومة الأسرار والعلائم المتوافقة مع ايقاعات البنى الفكرية للحركات والفرق المختلفة. وبالتالي، فإن خلافاتها واعتراضاتها المتبادلة المتشكلة في مجرى الصراعات الاجتماعية والفكرية هي أيضا الحصيلة العامة لتجاربها الثقافية. ونعثر على هذا الأثر في تحول النبوة إلى معضلة فكرية في وقت متأخر نسبيا في تاريخ الخلافة. وما كان بإمكانها ان تتأطر في عوالم الميتافيزيقية اللاهوتية والفلسفية، وأن تتوافق بالتالي مع ما يمكنه أن يكون كلاًّ ذهنياً شاملاً دون تجمّع عناصر الوعي الديني والتاريخي والسياسي والأخلاقي. فقد بلور الصراع الإسلامي الأول قضاياه الكبرى الخاصة مثل قضية مرتكب الكبيرة، والتي احتوت في ذاتها على اجنّة الممارسة التاريخية للخلافة الناشئة. وبهذا تكون قد مهّدت الطريق أمام إمكانية الجدل حول قضايا النبوة باعتبارها مستويات ممكنة للقضية ذاتها. فقد حزّت الخوارج الرقبة وتركت للآخرين مهمة الجدل حول ما إذا كان الحزّ دقيقا أم لا.
إنها رصفت نفسها في حجارة الطريق، التي لا يثمّن قيمتها غير الزمن. أما المعارك السياسية والفكرية فقد اظهرت هذه القيمة من خلال قضايا المطلق والنسبي، والخالد والعابر، والاخلاقي وغير الأخلاقي، والعقلي واللاعقلي، أي كل تلك العناصر الضرورية التي تستحيل بدونها إمكانية الكلام اللاهوتي والتفلسف الميتافيزيقي، والذي وقف الغزالي أمام مهمة تحليل عناصره وإعادة تركيبها في توليفه الساعي لبعث أهمية النبوة العملية.
لقد دفع الصراع السياسي والفكري قضية النبوة باعتبارها الإشكالية الكامنة وراء مسألة مرتكب الكبيرة في مستويات وغايات متباينة ساهمت بحصيلتها العامة في بلورة استقلالها الخاص. فالشيعة شددوا على الجوانب التي تربط النبوة بالإمامة. وتشعبت آراؤها المدققة والمقارنة في إظهار قيم الأفضلية وبراهينها. ولم تعد القضية محصورة في ما إذا كانت الأنبياء أفضل من الأئمة أو الأئمة أفضل من الأنبياء، بل وتعدتها إلى ما إذا كانت الأئمة أفضل من الملائكة أو العكس. وليست هذه المفاضلة من حيث حوافزها الواقعية، سوى انعكاس لاستظهار شخصية الأئمة من خلال اختزالها للصراع التاريخي في لحظة المقارنة الخاطفة للتعالي اللاهوتي، باعتبارها الصيغة المستحبة للوجدان والمغالية في فرديتها العملية وإيمانها الجماعي، أو الاختزال الروحي للأبعاد السياسية. فقد افلح الفشل السياسي في التمهيد النفسي لبناء هيكله الأخلاقي والميتافيزيقي المتعالي ما وراء وجود الأمة وأفرادها التاريخي. ووجد ذلك تعبيره في مقارنة الأئمة والأنبياء حول قضية المعصية. حيث أكد البعض على انه يجوز للأنبياء أن تخطئ، بل وتعرضوا للخطأ وعصوا. لكن خطأ الأنبياء يعصمه الوحي، مما يستلزم بدوره ضرورة العصمة للأئمة. بينما اكد البعض الآخر على انه لا يجوز للأنبياء أن يعصوا، لأنهم معصومون جميعا، باعتبارهم حجج الله في أرضه. وإلا لأدى ذلك إلى مساواتهم بالجميع.
وقد كانت هذه الصيغة المقارنة التعبير الأكثر تجريدا لترميم الهيبة المتكسرة في ميدان السياسة. أما المرجئة فإنها ظلت تمثل، كما هو الحال في مواقفها الأخرى، قيم التسامح العام، مما جعل البعض منها يقر بإمكانية الكبائر عند الأنبياء (كالقتل والزنا). بينما اعتبر البعض الآخر أن معاصي الأنبياء صغائر. وليست هذه الصيغة سوى التعبير الديني عن موقف التساهل السياسي واعتزاله الإرادي. وبالتالي مساهمته في صنع أسس الاجماع المتنوع للسياسة والأخلاق دون أن يتطابقا مع مثال واضح المعالم . أما المعتزلة فقد تمثلت في مجرى تطورها العقلاني موضوعات الصراع الاجتماعي السياسي والأخلاقي. وبذلك تكون قد أدخلت حاكمية العقل في مناقشة إشكاليات النبوة في قضايا المعصية والإيمان. مما أدى بدوره إلى تجريد أوسع وأدق في محتواه. وذلك لأن تطبيق حاكمية العقل على قبول الشرائع يكون قد أخضعها وأنبيائها إلى أحكام العقل (النظري والعملي). فقد أجمعت المعتزلة على انه لا يجوز قبول النبي إلا بحجة أو برهان. وانه لا تلزم شرائعه إلا من شاهد أعلامه وانقطع عذره ممن بلغه شرائع الرسول. وإن الناس محجوجون بعقولهم من بلغه خبر الرسول ومن لم يبلغه . وبهذا تكون المعتزلة قد أدمجت العقل في مواقفها من النبوة والأنبياء. مما حدد بدوره معالم الايجابية الملتزمة في نفيها العقلي، كما في قولهم "لا يجوز أن يبعث الله نبيا يكفر ويرتكب الكبيرة" و"لا يجوز أن يبعث الله نبيا كان كافراً أو فاسقا". ولا تعني هذه الصياغة سوى تطبيق الأحكام العقلية الصارمة والمستندة في الوقت نفسه إلى اختزال تجربة الصراع الإسلامي حول مرتكب الكبيرة (الكافر والفاسق). وهي القضايا التي أرست من خلال المعتزلة، أسس الاعتدال الأخلاقي العقلاني، باعتباره شكلا مقبولا ومعقولا لاستيعاب التجارب السياسية والاجتماعية للخلافة في مرارتها الأولى، وبالتالي توحيد العناصر العقلانية الأخلاقية في مقولات ومفاهيم الثقافة الإسلامية وقيمها، والتي سيدمجها الغزالي لاحقا في مواقفه من النبوة.
فقد اعطت المعتزلة للنبوة عصارة الأخلاق المجردة. ووضعت بصرامتها الأخلاقية العقلية ضرورة الوجوب على الله أيضا بقولها في أن الله لا يبعث ما يمكنه مناقضة الحكمة العقلية (مرتكب الكبيرة أو الفاسق أو الكافر). وحصلت هذه الفكرة على استمرارها الصريح في عقلانية الثواب باعتباره جزاء لحقيقة الأعمال. من هنا فكرتهم القائلة، بأن النبوة هي جزاء أو ثواب على سلوك الأنبياء باعتبارهم بشرا. لهذا يمكن أن يخطئوا ويعصوا. إذ ليست الأخطاء والمعاصي سوى النتاج الطبيعي للعقل والفعل. غير أن خطأ الأنبياء ومعاصيها ليست كبائر بل صغائر. كما أكد البعض منهم على إمكانية عصيان الأنبياء مع إدراكهم المسبق للمعصية. وبغض النظر عن الحوافز المتباينة في آراء وموقف المعتزلة هذه، إلا أنها تشترك في واقعية إدراكها للنبوة وقضاياها، ومعقولية إدراجها في أحكام العقل العملي والنظري. مما كان يعني ادراجهم للشخصية النبوية في مسار الوجود التاريخي للأمم. وفي الوقت نفسه إزالة هيبتها السحرية المفتعلة في مقاييس اللاهوت والإيمان. وبالتالي تحويل معجزاتها إلى ظواهر أقرب ما تكون إلى نماذج المثل الأخلاقية الواقعية الرفيعة لا غير. وبهذا المعنى تكون المعتزلة قد حوّلت إشكالية النبوة إلى إشكالية المثال من خلال ربطها للعقل بالأخلاق. وبهذا تكون المعتزلة أيضا قد أسست لمعقولية الجدل الفكرى اللاحق حول إشكاليات النبوة وقضاياها، بحيث أصبح من الممكن قبول ورفض آراء الفلاسفة حولها في منظومات العقول المجردة، أي تداخل الاتجاهات المتنوعة للثقافة الإسلامية في محاولاتها وضع صيغ متكاملة للنبوة من فلسفة اغريقية وهيلينية ومدارس فارسية وهندية، وبقايا التراث المتناثر لشعوب الهلال الخصيب في أديانها من يهودية ونصرانية وصابئة.
لم يكن ظهور قضية النبوة بصيغتها المستقلة معزولا عن واقع استمداد مقوماتها من ارتباط الجدل الفكرى العقائدى بالشخصية المحمدية، بوصفها الشخصية المحورية لدين الخلافة والرمز الأكثر جوهرية في وعي الذات الأخلاقي والتاريخي. لهذا كان الرجوع الدائم إليها يجري في آن واحد في مجال الفكر والتاريخ. وقد جرى ذلك من خلال تحقيقها الذاتي ورمزيتها التاريخية الروحية الموحدة. إذ تحولت شخصيته إلى قوة موازية لوحيه القرآني. وقد كانت تلك الصيغة الوحيدة التي كان بإمكان هذا الرجوع الظهور من خلال "تغييب" طرفيها (الشخصي والقرآني أو التاريخي والروحي) في منظومات الفكر الجديدة للفرق الكلامية السياسية. وحوّلت الفرق الإسلامية هذه الممارسة إلى مثال اعتزازها الذاتي. ولم يكن ذلك غريب أو مستغربا بالنسبة لتراث العرب الوثني، وصيغة وعيه الذاتي التاريخي، الذي أعطى لأشد البدو جلافة دراية لا تقل في معرفة أنسابها عن أدرى سلالات الملوك بأنسابها. أما الاسلام فقد اعطى لهذه العلاقة نسبة النهائي واللانهائي في تسلسلها من خلال ربطها بآدم، بينما قَلَبَها الفكر الديني(الكلامي خصوصا) اللاحق إلى تسلسل اللانهائي والنهائي، بتحويل الشخصية المحمدية من حلقة في مسار الوحدانية الحقة إلى خاتمة الشرائع والوحي. ولم يعارض هذه الخاتمة احد رغم تباين إدراكها ونماذج تأسيسها النظري. وبما أن هذا الانقلاب لم يكن معزولا عن الصراع السياسي وتحولات الفكر العميقة في آفاق الحضارة المترامية، فإنه أدى إلى أن تتخذ البنية الداخلية لتأسيسها النظري نماذج الاتجاهات الفكرية والسياسية المتباينة.
ان ظهور وتعمق إشكالية النبوة كان يتوافق مع فاعلية المعضلات السياسية والروحية. إذ تمثلت في ذاتها حصيلة الصراعات الاجتماعية ومحاولة الخروج منها. أما تباين صيغها واختلافاتها الكلامية والفلسفية والصوفية فهي الأشكال المناسبة لهذه الحصيلة ومستوياتها لا عينها. وبهذا المعنى كان من الصعب ربط إشكاليات النبوة بشخصيات ما معينة وذلك لارتباطها التاريخي باتجاهات الفرق العامة، ومصادر وعيها الذاتي في تجارب السلف، وانكسارها في التجارب الحية . من هنا كان التعمق في مناقشة إشكالاتها رجوعا إلى مبادئها الأولى، ولكن على درجة أرفع. وقد تضمنت هذه العملية في ذاتها التثوير الدائم لإشكاليات النبوة ،وعمّقت إمكانيات العقلانية واللاعقلانية في تناولها. فقد كانت هذه الإمكانيات الأسلوب الطبيعي لوجود الأفكار وصراعها. لهذا كانت إشكاليات النبوة هي ميدان صراع القوى الاجتماعية والفكرية، بما في ذلك في حال اشتراكها بالمبادئ والغايات. غير أن ذلك لا يعني مشاركة الجميع في تأييد فكرة النبوة، أو قبول صيغتها الدينية (والإسلامية). ولعل مثال المعتزلة وآراءها ومواقفها تكشف عما يمكنه أن يكون منظومة لعناصر الشك العلمي والعملي لما احاط بالنبوة من افراط وخصوصا ما يتعلق منه بقضايا المعجزات. وقد اورد الأشعرى جملة من الآراء المنتشرة والسائدة عن المعجزات حتى نهاية القرن الثالث الهجري. إذ لم تعد المعجزات من خصائص النبوة، بل وجرى إدراجها عند الشيعة والروافض في مميزات الائمة. بل وأفرطت بعض الفرق الغالية منها بأقوالها عن "نسخ الشرائع"، في حين قالت الخرمندية بعدم انقطاع الرسل. وأجاز البعض ظهور المعجزات على الصالحين، الذين لا يدّعون النبوة. وجوّز قوم من الصوفية ظهور المعجزات على الصالحين. وقال الحسين النجار بجواز ظهور المعجزات عند الكذابين الذين يدعون الإلهية، في حين لا يجوز أن تظهر المعجزات على الكذابين الذين يدعون النبوة، وذلك لأن من يدعي الإلهية ففي بنيته ما يكذبه في دعواه، وليس من ادعى النبوة في بنيته ما يكذبه انه نبي . إلى جانب ذلك هناك من رفض عقلانية النبوة بحد ذاتها، باعتبارها شيئاً لا يمكن الإقرار بضرورته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اضطراب في رحلات الطيران بعد هجوم أصفهان


.. صحفية جيروزاليم بوست : الهجوم على أصفهان تم بصواريخ بعيدة ال




.. وسائل إعلام أميركية: الضربات الإسرائيلية على إيران -محدودة-


.. أغنية جديدة عن كيم جونغ أون بعنوان -الأب الودود-




.. بينها هجوم على منشأة نووية.. تعرف على أبرز هجمات إسرائيل على