الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صناعة الجهل-2

أيمن عبد الخالق

2019 / 11 / 23
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


"المثقفون يأتون لحل المشاكل بعد وقوعها، والعباقرة يسعون لمنعها قبل أن تبدأ"...أينشتاين
أشرت في المقالة السابقة إلى أنّ صنّاع الجهل هم ثالوث الشر المتشكل من النظام الرأسمالي الساعي للهيمنة الاقتصادية على الشعوب، والنظام السياسي الاستبدادي الساعي للتسلط السياسي، والاتجاه الديني المتشدد بمؤسساته الدينية الانتهازية الذي يطمح في تحقيق أغراضه الايديولوجية المتطرفة والمتخلفة على الشعوب المستضعفة.
وقد حققت هذه الاتجاهات الثلاثة نجاحًا كبير في تسخير الشعوب لمصالحها السياسية والاقتصادية والايديولوجية.
وفي الواقع هم مع تعدد أغراضهم، فإنهم يعتمدون نفس السياسات التجهياية للوصول إلى أغراضهم ، وهي الإلهاء والتضليل والتسطيح والتشكيك والتهديد.
وفي الحقيقة يمكن إرجاع كل هذه السياسات إلى أسلوبين اثنين، وهما نشر المعلومات الخاطئة ومنع الناس من تحصيل المعارف والمعلومات الصحيحة، بحيث تتم السيطرة الكاملة على أذهانهم وأفكارهم وتوجيه رغباتهم، وبالتالي يتم التحكم بتصرفاتهم وتشكيل نمط حياتهم بالنحو المطلوب المؤدي إلى تحقيق طموحاتهم غير المشروعة.
وسأسعى بنحو تدريجي تفصيلي إلى استعراض وتحليل هذه السياسات الخطيرة التي يعتمدها مثلث الشر، مع إدماج أساليب الاتجاهين السياسي والرأسمالي معا نتيجة العلاقة القوية الطبيعية بينهما، وانتهاجهما سياسات وأساليب مشتركة، حيث يختلط الاقتصاد دائما مع السياسة، حيث يتعانق الساسة في قصورهم مع كبار رجال الأعمال في البورصة.
ولنبدأ بسياسة الإلهاء السياسي الرأسمالي، والمتمثلة في الإفقار والتخويف والاشغال، وهي من أساليب المنع التي أشرت إليها، حيث تهدف إلى منع الناس من التفكيرالمستقل في فلسفة وجودهم في الحياة، وإعادة حساباتهم وترتيب حياتهم من جديد بمنأى عن منهج ورؤية النظام الحاكم والقوى السلطوية، وهو ما يخشاه بشدة أي نظام سلطوي .
وسياسة الافقار إنما تتم عن طريق حصر الثروة الاقتصادية في أيدى فئة قليلة من العوائل الرأسمالية بالتنسيق مع الأنظمة السياسية، وهي سياسة مقصود منها بالإضافة إلى إضعاف الشعوب وتعلقها المستمر بالنظام الحاكم والقوة الرأسمالية، فهي تهدف في الأساس إلى إلهاء الشعوب بتحصيل لقمة الخبز ولوازم الحياة الضرورية، بحيث لايبقى لديهم أي وقت للتفكير، حيث تمثل هذه الأمور بحسب تعبير " ماسلو" عالم الاجتماع المشهور الحاجة الأولى للحياة الإنسانية داخل المجتمع البشري.
أما سياسة التخويف فتكون بإثارة القلاقل والصراعات الداخلية والحروب الخارجية، بحيث يفقد المواطن حالة الأمن والاستقرار الاجتماعي، والتي تمثل المرتبة الثانية من الاحتياجات الإنسانية الضرورية بحسب هرم"ماسلو".
ومع فقدان الأمن الغذائي والاجتماعي فلامعنى لان يفكر الإنسان في فلسفة حياته ليعيد حساباته.
وإذا وجد بعض الناس الوقت للتفكير فعندها يسعى النظام السياسي الرأسمالي لاعتماد سياسته الإلهائية الثالثة بإشغال الناس بشتى أنواع الرياضيات والفنون والبرمجيات السخيفة التي تستهلك كل أوقات فراغهم وعطلاتهم، بحيث لايدع لهم أدنى فرصة للتفكير الإنساني.
وقد وصلت سياسة الإشغال إلى أوجها في عصرنا الحالي مع دخولنا في عصر العولمة الذي ظهر وتحقق عن طريق الفضائيات والانترنيت والأندرويد ووسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة، بحيث أصبح الناس كلهم مستغرقين في حياتهم الحسية والخيالية، ولايجدوا أدنى فرصة للعوده إلى عقولهم وضمائرهم الإنسانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الوساطة القطرية في ملف غزة.. هل أصبحت غير مرحب بها؟ | المسائ


.. إسرائيل تستعد لإرسال قوات إلى مدينة رفح لاجتياحها




.. مصر.. شهادات جامعية للبيع عبر منصات التواصل • فرانس 24


.. بعد 200 يوم من الحرب.. إسرائيل تكثف ضرباتها على غزة وتستعد ل




.. المفوض العام للأونروا: أكثر من 160 من مقار الوكالة بقطاع غزة