الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قروية ومدنية الفكر

محمد طه حسين
أكاديمي وكاتب

(Mohammad Taha Hussein)

2019 / 11 / 24
المجتمع المدني


"فكِّر عالمياً وتصرَّف محلياً" قولٌ لآخرٍ ثقافيّ، نشارك فيه نحن كائنات الكُتب ومجتمعات النصوص الحداثوية سواءً هنا في مجتمعاتنا ما قبل المدنية، أو هناك في المجتمعات الراقية الباحثة في المابعديات.
عندما يفكر كائن المدينة الحداثوية يخرج في صومعته الأزلية الفطرية ويَبُتّ في البحث عن أنظمة الضبط الجديدة الضامنة لإيجاد تنظيم آخر لكل جوانب الحياة المتّسمة بالدايناميكية والتي تتكون منها المدينة بمعناها الحداثوي وحتى التنويري.
إنسان المدينة هو الكائن الممتليء بمعاني الحياة، هو المتسلق بشواهق الحياة ووعورتها، هو المصارع مع خارجه لإيجاد مواضيع قد تصلح لإشغال ذاته بها بغية إيجاد، صناعةٍ إنسانية، لعلاقات جدلية حية تختلف كل الإختلاف عن النظام العلائقي قبل المدني.
يفكر الحداثوي النشط أو بالأحرى كما يسميه: علم النفس الوجودي ب(الذات الأصيلة-النشطة)، وعلم النفس الإجتماعي ب(الذات الفاعلة)، أو هيغل ب(الوجود بالعمل) خارج دائرته البيولوجية الملتصقة بمحل الإقامة ومسقط الراس، يتسع فكره وسعة الكون يبحث عن ما يشعر، يتقصي عن ما يدغدغ فكره، يقحم ذاته في المعرفة ويضع التفسير لما بعدها. إذن لا تتقيد الذات المدنية الحداثوية بمنتجات ثقافتها المحلية ولا تتحمل فكرها إعتقال ذاتها في ذاتها المجتمعية.
التفكير العالمي أو الكوني هو الهوية المعرفية للمثقف الحداثويّ، هذا الإنسان يبحث ويبحث، يخزن ويخزن، كي يستثمر ما يحصل عليه في ثقافته والتلاقح معها، التلاقح الثقافي هو مجال العمل الحداثوي للمثقف التنويري، وأفعال مثاقفة عضوية لا فقط بين مؤسسات ثقافة المحليات بل مع المؤسسات الكونية، هذا المنظور العابر للثقافة المحلية ينوي ستراتيجياً إذابة الفكر البوهيمي الذي تفقصه مؤسسات التطرف الجديدة سواءً بيننا(القومية الكلاسيكية ذات الجذور القبلية- المذهبية واللاهوتية السياسية الفموية) أو بينهم ك(النيوليبرالية- النازية الجديدة- إعادة قولبة الدين والأصل البيولوجي) بإستمرار وذلك نتيجة العراك والتصادم التي لا تخرج منه غير إعادة حيونة الإنسان.
التصرف المحلي على بنية الفكر الكوني هو الكوجيتو أو آية بناء المدنية والأصل الفلسفي الذي بناه الكبار أمثال عمانويل كانط وسبينوزا وماركس، وكذلك سيكموند فرويد من المنظور السيكوسياسي له.
جواب فرويد لرسالة أنشتاين هو بمثابة مشروع سلام عالمي جديد أقوى من المشروع الكانطي حيث يعالج العدوان والسلوك النيكروفيلي ويضع أمام السياسيين وأهل الفكر السياسي كماً من المتنفسات لإخراج طاقة الشر والموت التي تدفع بضعاف البشر الى الهدم وليس البناء للمدنية والحرية فيها. يرشدهم الى طريق المدنية والسلطة الجماعية، ينصح البشر والمؤسسات السلطوية العالمية بالابتعاد عن ويلات وكوارث السلطة التي تديرها النرجسيين المتفردين بها.
التفكير الكوني له متسع محلي للتصرف بمكوناتها الإنسانية الثرة ويجعل الحياة أكثر موزائيكية وجمالاً. وله متسع عالمي ايضا حيث يجعل الكون في ذواتنا كلِّنا وكذلك في بيوتنا التي هي حالتنا الروحية جميعاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا: موجة تنديد بترحيل المهاجرين إلى رواندا • فرانس 24


.. لازاريني للجزيرة: الهدف الرئيس من الهجوم على الأونروا هو نزع




.. بلينكن: ليست لدينا معايير مزدوجة ونطبق المعيار نفسه بشأن حقو


.. البرلمان البريطاني يقر قانونا مثيرا للجدل لترحيل طالبي اللجو




.. إسرائيل مستاءة من تقرير لجنة التحقيق المستقلة عن الأونروا