الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأغنية الفلسطينية في زمن الثورة

هشام عبد الرحمن

2019 / 11 / 25
القضية الفلسطينية


يمثل فن الأغنية الوطنية الفلسطينية تجربة من التجارب الطليعية في العالم بل و تجربة متطورة .. فهو يتميز بارتباطه العضوي بالواقع الفلسطيني من أعوام النكبة الى زمن الثورة، وبجمالياته المستمدة من الجذور الحضارية الفلسطينية وقنواتها المعاصرة التي استمرت حافظة أصالتها في الفلكلور الفلسطيني بمختلف أجناسه الابداعية. وقد ظهرت أناشيد الثورة الفلسطينية في السنوات التي تلت انطلاقة الثورة الفلسطينية . وشكلت لوناً جديداً من الفن الذي أصبح يعرف بالفن المقاوم.
وقد تطور هذا الفن في السنوات الأخيرة باتجاه الأبعاد الانسانية التي غذت مضامينه وأشكاله التعبيرية، ومن المؤكد أن التطور الموسيقي الذي وصلنا إليه هو نتيجة مراحل متنوعة مثلتها مختلف التجارب الفردية، ونتيجة إضافات وضعها الموسيقيون على اختلاف أساليبهم، ولا شك أن هذا التطور الموسيقي هو أيضا نتيجة للتطور الذي حدث على صعيد القضية الفلسطينية محليا وعربيا وعالميا. ولقد استطاعت الثورة الفلسطينية، عبر وسائلها العسكرية والسياسية والثقافية، أن تصل بصوتها العادل الى مناطق مترامية الأبعاد، وتحقق حضورها عالميا، وهكذا أصبح على الفنان أن يعي هذا التطور، وبالتالي أن يكون قادرا عبر لغته الموسيقية على حمل صورتها الى العالم، ومخاطبة الناس على اختلاف ثقافاتهم وقومياتهم، فالمعركة لم تعد عسكرية فحسب، بل أصبحت حضارية أيضا، فالكيان الصهيوني الدخيل لم يقف عند حدود طرد وتشريد الشعب الفلسطيني وسرقة أرضه فقط، لكنه عمل ويعمل على سرقة الهوية الفلسطينية وتزويرها ونسبها إليه، وذلك من خلال محاولاته المختلفة لسرقة تراث شعبنا الفلسطيني الذي يمثل الهوية الفلسطينية.
وتأثرت الأناشيد الأولى بالأغاني والأناشيد القومية المصرية وركزت في البداية على الطابع العسكري، قبل أن تشمل مختلف أوجه الحياة الاجتماعية والثقافية لفلسطينيي الشتات. فبعكس الأناشيد الحديثة، كان العنصر الطاغي على الأناشيد القديمة هو توثيق الواقع الفلسطيني في مخيمات اللجوء إضافة إلى التحفيز على المشاركة في العمل العسكري الفدائي والتغني بالصمود والمقاومة بأشكالها كافة
من هنا تأتي أهمية هدا الفن في تصويره للنكبة والتشرد ثم تعبيره عن الثورة , وظلت الأغنية الوطنية تصيغ معالم التحول وترصد ملامح النضال الفلسطيني المتجدد وتترجم مكتسبات الشعب وتمضي أبعد من ذلك بصياغة حلم المستقبل في العودة وبناء الدولة الفلسطينية، ولما كان العدو الصهيوني لم يترك أمام أبناء شعبنا أي خيار سوى الصمود، هنا لعبت الأغنية الوطنية دورا هاما في تعزيز هذا الصمود.
أن الأغنية الفلسطينية الوطنية كانت الزاد الثقافي لمقاتلي الثورة، والذين استلهموا من أغانيهم وأهازيجهم لبث الحماس الوطني، في قلوب متشوقة للفداء في سبيل الوطن، وانتشرت الأغاني الوطنية خاصة الشعبية منها في معسكرات الفدائيين والأشبال والزهرات وكل قواعد الثورة الفلسطينية، ومنها انتقلت الى الشارع الفلسطيني والعربي، حيث تم تكريس الأسلوب الغنائي المقاتل، ليصل الى أسماع العالم عبر إذاعة فلسطين صوت الثورة الفلسطينية.
ومن الأسباب التي جعلت أغاني الثورة الفلسطينية تعيش في وجداننا حتى الآن هو الابتكار واللحن الجميل المبدع ومستوى الكلمة والمطرب الجاد، ويعود الفضل لنجاح هذه الأغاني لمجموعة من الشعراء الفلسطينين الذين ندروا أنفسهم لكتابة هذه الأغاني والقصائد والأناشيد كان منهم (هارون هاشم رشيد، صلاح الحسيني، أحمد دحبور، محمد حسيب القاضي، سعيد المزين) وكذلك مجموعة من الملحنين الفلسطينين كان منهم (مهدي سردانة، حسين نازك، صبري محمود، طه العجيل، عبدالله حداد، وجيه بدرخان، محمد شريف، غازي الشرقاوي، غازي الهمص) وكذلك مجموعة من الملحنين العرب وعلى رأسهم الملحن والموزع الموسيقي علي إسماعيل ملحن النشيد الوطني الفلسطيني، وكذلك الأخوين رحباني ومارسيل خليفة وسميح شقير.
وقد لعبت أغاني الثورة دورًا وطنيًا هامًا، لتأثيرها البالغ في النفس، ومن أشهر تلك الأغاني: "هدي يا بحر"، "يا زريف الطول"، "موطني"، "فدائي"، "ثورة وهي يالربع"، "أنا قد كسرت القيد قيد مذلتي"، "هبت النار والبارود غنى"، "أنا يا أخي"، "طل سلاحي".
إن أغاني الثورة الفلسطينية تعطي صورة واضحة عن ثراء الفن الفلسطيني والثقافة الفلسطينية، خاصة الغناء الفولكلوري، والفن الشعبي والأشكال الغنائية الأخرى ترسم صوراً جمالية مؤثرة للحياة الفلسطينية والثقافة الوطنية، ونظراً لما للغناء والموسيقي من فعل سحري في النفوس كان لا بد من اعتماد هذا الفن كوسيلة تعبوية.
أما الآن وبعد ان وقع التشويش عموما على فكرة الهوية والانتماء فقد انكمشت الأغنية الوطنية الكلاسيكية وانتشرت الأغنية السريعة التي قد تحقق نجاحا مختلفاً ، خصوصًا بعد وصول الفنان محمد عساف للعالمية ، ان علينا العودة لانتاج أغاني التراث، لكننا نحتاج لخبرات السابقين في هذا المجال، والاستعانة بأرشيف منظمة التحرير الثقافي وتبني القيادة الفلسطينية لهدا الفن بشكل رسمى ومدروس في اطار الدفاع عن الكينونة الوطنية للشعب الفلسطيني , الامر يتعلق بضرورة إنتاج الأغنية الوطنية الفلسطينية وبكافة مكونات الفن المقاوم بشكل عام .
باعتبار أن الأغنية الفلسطينية هي أساس التراث الفلسطيني الذي يحاربه الاحتلال بمحاولات الطمس والتحجيم والسرقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE


.. عاصفة رملية شديدة تحول سماء مدينة ليبية إلى اللون الأصفر




.. -يجب عليكم أن تخجلوا من أنفسكم- #حماس تنشر فيديو لرهينة ينتق


.. أنصار الله: نفذنا 3 عمليات إحداها ضد مدمرة أمريكية




.. ??حديث إسرائيلي عن قرب تنفيذ عملية في رفح