الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من شعار ساقط إلى إفشال للثورة

مصطفى آني

2019 / 11 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


إن الفكرة تحتاج إلى شعار يُلخصها، كي يهتف بها الناس، و يرفعون لافتتها في الشوارع، وينشرونها في الأوساط الإلكترونية، ويتذكر العامة أهدافها، وكثيرا ما لعبت عدد من “الشعارات السياسية” دور المُلهم للتغيير السياسي الدولي والمحلي.
وهنا نسلط الضوء على بعض الشعارات السياسية التي عرفها العالم، وكيف أثرت في حياة البشر و الشعوب في الثورات والحروب
ونبدأ من مسيرة الملح أو اللاعنف التي قادها المهاتما غاندي، السياسي البارز والزعيم الروحي للهند، وقائد “العصيان المدني” السلمي ضد الاستعمار البريطاني حيث حشد غاندي عشرات الآلاف من الهنود مسيرة لمدة 24 يوما لمسافة 408 كم من أحمد أباد وسط الهند إلى داندي على الساحل الغربي لمناهضة الاحتكار البريطاني للملح هذه المسيرة أدت إلى استقلال الهند وإلهام العشرات من حركات التحرر الوطني فى العالم.
والثورة الفرنسية التي انطلقت تحت شعار الحرية والمساواة والاخاء ما تحقق الا بعد عشرات السنين ونشبت خلاف بين الديكتاتورية الامبراطورية والجمهورية الثورية حتى تركت نتائج واسعة النطاق من حيث التغيير والتأثير في الدول والشعوب الأوروبية.
أما في الشرق الاوسط فالثورة لها معاني كثيرة إنطلاقا من وأدها قبل إنطلاقتها أو قتلها في شبابها أو تخوينها ثم تدويلها ثم الارتزاق على أكتافها ثم إلصاق تهم جاهزة بها كالارهاب،هذه حقيقة المنطقة فعندما إنطلقت الثورة الايرانية كان الشعب يتأمل منها كثيرا حاملا عليها آمالا عديدة كالعدالة الاجتماعية وتوزيع ثروات البلاد وهاد قد مرت عقود عديدة وشعب الايراني يتعرض لارهاب منظم وديكتاتور يحكم بقبضة من حديد صابغة إجرامها عمامة دينية .
أما في الدول العربية فثورة إنطلقت من اليأس والقنوط والجزع وبدايتها كانت تونس الخضراء وصولا إلى سوريا حيث كان الشعب يعاني الامرين من نظام عروبي قوموي يلعب على أوتار المقاومة والممانعة حتى وصل الشعب إلى طريق مسدود فتضاهر بضع مئات منهم يطلبون الاصلاح والحرية وصولا الى قتل الالاف وتهجير الملايين .
ركب الموجة من كان في بيته يتعوذ من النظام فبقدرة قادر تحولوا إلى وطنيين بالمهجر رافعين شعارات ساقطة وسوقية كـ يابشار ياقيقا يا صرماية عتيقة وهذا الشعار تمعنت بها لاول مرة عندما نظموا شباب الكورد والعرب مظاهرة أمام سفارة السورية بعد إغتيال مشعل تمو حيث كان هناك كثيراً من الملتحيين لكن لم نبالي للوهلة الاولى بهيئتهم ربما الهدف قد أزاح الثانويات من أمامه .
قلت وقتها في نفسي هل يعقل لهؤلاء أن يقود بلدا إلى بر الامان بعد أن عاث النظام في البلد الفساد والمحسوبية والطائفية والمناطقية
هذا الشعار يشرح لنا فصول كثيرة من ذهنية الدونية والانتقام والجاهلية فهل يمكن أن يقودوا بها أمة عمرها الالاف السنين ؟
مرت عدة سنوات من عمر الثورة المؤودة أو المجهضة أصلا من الصرماية العتيقة إنطلقوا ووصلنا إلى يومنا هذا وكل يوم نفقد عزيز وندفن غال ونعزي صديق ونودع قريب ومازال هؤلاء القوم لم يترجلوا من فارسهم المغوار (الحذاء) ربما هودجهم مغلق وعتيق فلم يستطيعوا أن يتنفسوا هواءاً طاهراً نقياً من ثورات العالم، ليتعلموا منها ويعملوا بها ويحققوا لاطفالهم مستقبلا مشرقا .
سقط القناع من أصحاب اللحى الملوثة والكلمات الساقطة تارة والفضفاضة تارة أخرى
فحولوا الثورة إلى ثورة دينية مسلحة عصفت بالبلاد مدينة مدينة حتى باعوا كل مدينة بثمن بخس فإنسحبوا منها مذلولين تركوا خلفهم مدنيين وثقوا بهم حملوا عليهم نبض الثورة رسموا لوحة الوطن بريشة فنان ساحر فخانوا الود والعهد وتركهم يصارعون الخسران واليأس وكما يقول علي شريعتي وليعلم تجار الدين هؤلاء سوف يأتي يوم وتثور الناس عليهم وأنا أخشى أن يذهب الدين ضحيه لتلك الثورة.
باعوا ضمائرهم لتاجر فإمتهنوا الارتزاق وحملوا السلاح على أبناء بلدهم وسكنوا في بيوتهم التي طالما قاموا على منع الظلم واسترداد الحق للمظلوم فكل الشعارات التي رفعها المعارضة سقطت وبقيت الصرماية في ذهنيتهم وأعمالهم حيث يقول علي الوردي
يرى البعض في هذا العصر أن الدين يدعو الشعوب إلى الخضوع والإستسلام لحكامهم الظالمين. وهذا الرأي ينطبق على الدين المستأجر الذي يستخدمه الطغاة، أما الدين الذي يأتي به الأنبياء المنذرون فهو دين الثورة.
أما في شمال سوريا فقامت الثورة بوجه مختلف ربما كانت تنادي الحقوق والقومية والكوردية لكن في أوسطها رفع عدد من المغرر بهم أو الابواق المنتفعة منهم شعارات لا تمت صلة بالثورة ولا تحقق بها حرية الشعوب حيث ينعتون رئيس بلد مجاور بالحمار ربما يغيظهم هذا لكن لا ينفعنا عندما نلصق الاسماء والشتائم على شخص يستعمر اكثر من ثلاثة أرباع كردستان ودخل بمساعدة أتباع ثورة الصرماية إلى أكثر من مدينة كردية سورية كعفرين وسري كاني وتل أبيض وبقية المدن مهددة وتحت نيرانها ومازال الناهقين والابواق يصرون على شعاراتهم في التظاهرات والتجمعات .

إن أحترام الذات ضروري في ظل واقع يفقد أدنى درجات التقبل والحوار وتسمع مصطلحات سوقية من محاورين حتى على شاشات ذات استوديوهات راقية والممولة من عدو مشترك لنا جميعا.
اذا نحن أمام واقع مرير مثقف إنتهازي و جاهل ركب الموجه وكل يوم يحصل على اوسمة التبعية والذل ومازال الثورة يشحذ هممه ويقوم من جراحه عسى أن يحافظ على النبرة الثورية الحقة ويحقق آمال الالاف الذين رووا دمائهم قربانا لعيشة كريمة وريحانا نشمه لنفيق من غفلتنا ونخرج من أوكار عنجهيتنا لتنام الام الثكلى مرتاحة البال وكما يقول مثل قديم الجاهل عدو نفسه فكيف يكون صديقا لغيره.فعندما لا نملك أصدقاء فالداء فينا والدواء منا .
ان ثورة فرنسا إستمرت لعشرات السنين واستمراريتها يعني إنهم كانوا على صف واحد من الهدف مصوبين رماح فكرهم صوبه فحققوا الاهداف بالوحدة والاصرار أما ثورة غاندي فعندما إنطلق من مدينة احمد أباد كان عددهم قليلا لكن عندما وصلوا الى الساحل كان عددهم يبلغ عشرات الالاف أصحاب الحق والهدف الواحد منع الاحتكار البريطاني .
اما نحن فثورتنا كانت مكتظة في البداية و اخاف أن نهبط في آخر المحطة وحيدين وأن نخاطب بجرأة ونختار من يعمل بتفان ،وطريق الثورة طويل ولابد أن تمر بركود أو بخذلان لكن الشفافية بداية الانتصار ويحضرني خطاب الامبراطور الياباني لشعبه بصريح العبارة إننا هزُمنا وخسرنا الحرب وهذه الجرأة كانت بداية لانتصار ثورة اليابان على العالم أجمع فبعد ضرب الولايات المتحدة الامريكية هيروشيما وناكازاكي لم يشتموا اليابانيين الامريكان فقط أكتفوا بالقول أين كنا عندما كانوا يصنعون القنبلة ! .
لذلك أقول إن الدفاع عن الخطأ وتبرير الفشل وتحميل العالم مصائبنا أكبر فشل وأمر هزيمة .

كوباني في 2019/11/25








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا