الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكوماتنا عاجزة وحكوماتهم مُنقذة

ازهر عبدالله طوالبه

2019 / 11 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


عندما تتعرض الدول على مستوى العالم أجمع لإنهيارٍ إقتصادي او سياسي كان، تقوم هذه الدول بعقولِ وبفكرِ الغيورينَ عليها والذينَ يضعونَ مصلحة الدولة فوقَ كُل اعتبار بوضعِ حلولٍ إنقاذية، تسعى إلى انتّشالها من هذا السقوط المروع الذي يتسبّبَ في إنهيار جميع إركانها إن لم تكُن هذه الأركان قد إنهارات على أكملِ وجه او ما زال هناك القليل من ما تبقى من هيبتها، بل يقوم بسقوط الدولة وإندثارها إلى الأبد . ومن أهمّ وأولى الحلولِ التي تضعها هذه الدول عند مثل هذه الأزمات الخانقة، هي تشكيل حكومة إنقاذ وطنية قادرة بالشخصيات - التي ضمّتها هذه الحكومة- المُتمكّنة إقتصادياً وسياسياً وفكرياً أن تتجاوز هذه المرحلة الصعبة، وأن تتحدى هذه الظروف القاهرة التي أبحرَت بمركب الدولة بعيداً عن شاطئ الأمان وأخذتهُ إلى مُنتصفِ البحرِ بعد أن غُيّبَ قائد هذه المركب وأبعدَ عن قيادة المركب بما هو مسموح له، فأصبحَت أمواج القوانين الوضعية تتجرأ عليها وتطفو حسبما تُريد .

لكن لو أردنا أن نقومَ بمقارنةٍ بسيطة بينَ حكومات وقياداتِ تلك الدول في ذلكَ العالم مع حكوماتنا في عالمنا المُتأخر الذي نُكرّمهُا ونرفعُ من قدرهِا كثيراً حينما نقول بأنّ دولنا من دول العالم الثالث؛ لأنّ دولنا لا يحقُّ لها ان تكونَ داخل هذا التصنيف، بل لا يحقُّ لها أن تكون ضمن تصنيف العوالمِ، لانّها مُتأخرة جداً عن هذه العوالم، وتحتاج إلى جهودٍ كثيرة وكبيرة حتى تدخلَ هذا التصنيف وتُصنّف حسبَ الأرقام .

على اي حال، إنّ مثل هذه المُقارنات هي مُقارنات مُخيّبة لنا، ومُحزنة على جميع الأصعدة والأمكنة ؛ لأنّ مفهوم الحكومة بين المُتفارنين مّختلِف تماماً، ففي تلكَ الدول- اي الدول المتقدمة- مفهوم الحكومة يعني إيجاد شخصيات قادرة على النهوضِ بالدولة، وتوسيدها مسؤولية إدارة الدولة، وذلك من أجلِ تحسينِ صورة الدولة، والقيامِ بسنِّ القوانين التي تحفظ هيبة الدولة، وتجعَل لها كُل إعتبار، وتُعطيها وزّنها الحقيقي بين الدول الأخرى، وأن تكونَ دولة ذات سيادة حقيقة، لا يجرؤ أحد -كائناً من كان - على العبثِ بأمنها ولا بمُقدراتها، بل تقوم ايضاً بالعملِ على تأمين حياة كريمة وزهيدة لمواطنيها .

أمّا مفهوم الحكومات في دولنا فقَد كُرّسَ في عقولنا حسبَ الإرث وحسبَ ما قدّمَ الأسلاف، حتى لو كان خلف هذه الأسلاف لا يصّلُح لقيادةٍ صفٍّ مدرسي، فالقيادة عندنا هي ورثةٌ يرثها الأحفاد - أقصد من ليسَ اهلاً لهذه القيادة- عن أجدادهم، فكَم رأينا أحفاداً إستلموا مناصباً حساسة في الدولة وهُم غير مؤهلينَ لإستلامِ هذه المناصب، لكن إرثُ أجدادِهم او آبائهم هو من مهّدَ الطريق أمامهم وجعلهُم مُنصّبينَ علينا، حتى قادوا الدولة إلى الضياع الإنهيار والتّشرّد والشّحدة في كثيرٍ من الأحيان، والكثيرَ منّهُم لم يحترمَ الإرثَ الذي تركوهُ لهُ، وقام بسرقةِ الدولة ونُكرانِ فضلها، فتفَّ في الصّحنِ الذي أطعمَ جدّهُ و والدهُ، بل تنازلَ عن أصلهِ وفصلهِ ونسبهِ مُقابلَ حُفنةٍ من مال وتغيرِ أحوال .

هناكَ أيضا مفهوماً آخر عندنا في قيادة الدولة قد ظهرَ بعد مُنتصَف القرنِ العشرين، وهو مفهوم قيادة المُحاصصة او بصورة اوضَح المفهوم العشائري أو الإقليمي، فأصبحَ إختيار الحكومات عندنا مُرتبط بالدورِ الإقليمي والدّور العشائري، فترى عند تشكيلِ الحكومات بأنَّ هناكَ أشخاص من إقليم "س" مستاؤون من عدمِ إختيار أكثَر من شخصية من إقليمهم في حقائبِ الحكومة، واختيار عداد أكثرَ منهُم من الإقليمِ " ص"، ولو دخلنا داخل هذه الأقاليم لوجدنا بأنَّ العشائر داخلَ كُل إقليم مُستاءة ايضاً من اختيار أحد الأشخاص من العشيرةِ الفُلانية، واصبحت هناكَ نزاعات وخلافات بسبب هذه الإختيارات، وكأنّ إختيارات الأشخاص الحكومية أصبحَت لا تعتَمِد على الكفاءة والأهلية والإمكانية على قيادة هذه الحقائب التي تُريد بالوطن خيراً، بل أصبحت عن طريق خانات الإسم من الثانية إلى الرابعة او ما هو أبّعَد .

كفى أن تُبرّروا إخفاقاتِكُم وفسادكم، إفّتحوا كتاباً جديداً معنا، فنحنُ لسّنا إلا أبناء وطن، لسنا مُشردين ولا عبيداً تحت سيطرتكُم ..
أبّكي على حالنا وعلى هذا الوطن ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما التصريحات الجديدة في إسرائيل على الانفجارات في إيران؟


.. رد إسرائيلي على الهجوم الإيراني.. لحفظ ماء الوجه فقط؟




.. ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت فيه إسرائيل


.. بوتين يتحدى الناتو فوق سقف العالم | #وثائقيات_سكاي




.. بلينكن يؤكد أن الولايات المتحدة لم تشارك في أي عملية هجومية