الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أخطاء القرآن وأثرها في ترجمته إلى اللغة النرويجية ‹‹ ترجمة إينار بيرغ نموذجا ›› الجزء الثاني: ( التحريف للتعمية على تكرار الكلمة )

عبدالإلاه خالي
(Abdelilah Khali)

2019 / 11 / 30
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


يعتبر التكرار وجها من أوجه البلاغة وفصاحة التعبير، شرط أن يضيف للنص جمالية بنيوية أو معنوية، وقد ورد بعضُه في القرآن ومنه:
- تكرار اسم الإشارة في ﴿ أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾[1] للتنبيه على أن الله خص المؤمنين بجزاءين منفردَين: جزاءُ الهُدى في الدنيا وجزاءُ الفلاح في الآخرة، فلو لم تتكرر "أولئك" لقام الاحتمالُ على أنهم مخصوصون بمجموع الجزائين لا بمفردهما، ولقام بالتالي احتمالُ تحَقُّقِ أحد الجزاءين في مُكَلَّفِينَ آخَرِينَ.
- تكرار "قواريرا" في ﴿ وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَاْ. قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً ﴾[2] . فهذا التكرار زيّن اللفظ بأن أعطى للنص المكتوب قَوة وتوازنا وأضفى على المنطوق نغما وموسيقى.
- تكرار لفظ "ٱلْحَاقَّةُ" في قوله ﴿ ٱلْحَاقَّةُ مَا ٱلْحَآقَّةُ وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحَاقَّةُ ﴾[3] . لَمْ يقل "ما هي وما أدراك ما هي" لأن المقام يقتضي التعظيم والتفخيم لهول القيامة، فالأنسب والأبلغ التكرير والإظهار.
والحق أن القرآن كَمَا ورد فيه تكرار بليغ فقد وَرَدَ فيه تكرار معيب، تكرارٌ لم يُضِفْ أيَّةَ جماليةٍ للتركيب بل أحدث في الأسلوب اضطرابا وجعله ثقيلا سواء كان مسموعا أومجهورا.
فانظر كيف تكررت لفظة "حق" في هذا النص وكأنها لفظة اكتشفها الكاتب للتو فراح يستعملها في كل تعبير وسياق: ﴿ أُوْلۤئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ. كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ. يُجَادِلُونَكَ فِي ٱلْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى ٱلْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ. وَإِذْ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحْدَى ٱلطَّآئِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ ٱلشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ ٱكَافِرِينَ. لِيُحِقَّ ٱلْحَقَّ وَيُبْطِلَ ٱلْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ ﴾.
واندب حظ البلاغة وأنت تتلو "يُحِقُّ الحَقَّ" مكررةً بتلك الطريقة، وكأنك تقول: ( يريد أن يفوز في السباق لِيفوز في السباق )؟!
وانظر كيف تكررت لفظة "ذريتهم" في الطور 21: ﴿ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَآ أَلَتْنَاهُمْ مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ ٱمْرِىءٍ بِمَا كَسَبَ رَهَينٌ ﴾، ولو قال: ( الذين آمنوا نُلْحِقُ بهم ذُرِّيتَهُم وكلٌّ بما كسب رهين ) ما نقص من المعنى شيء، لأن مفهوم الذرية يسري على طبقة الأبناء الأولى وعلى ما تلاها من طبقات[4] .
وانظر كيف تكررت جملة "وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ" في النساء 131-132: ﴿ وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ غَنِيّاً حَمِيداً. وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً ﴾.
وانظر للملل والرتابة اللذان أحْدَثَهُما تكرار عبارة "فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ"[5] في سورة الرحمن، وتكرار عبارة "وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ"[6] في سورة الشعراء، وتكرار عبارة " وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ"[7] في سورة المرسلات.
وانظر كيف تكررت عبارة "ولو شاء الله ما اقتتلوا" باستهجان في آية واحدة: ﴿ تِلْكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُمْ مَّن كَلَّمَ ٱللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقْتَتَلَ ٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ وَلَـٰكِنِ ٱخْتَلَفُواْ فَمِنْهُمْ مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا ٱقْتَتَلُواْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ﴾[8] .
وانظر كيف تكررت عبارة "مَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ" في نص واحد: ﴿ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيۤ أُنْزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ.. ﴾[9]

وقد لَفَتَ هذا التكرار نظر بيرغ فقام بالتعمية عليه، وفيما يلي بيان التحريف المُعَمِّي على تكرار الكلمة، على أن يليه لاحقا بيان التحريف المعمي على تكرار الجملة.

لنتأمل ما يلي من نصوص:

البقرة 187: ﴿ أحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ﴾

ألم يكن أَبْلغَ القولُ مثلا: ( بعضُكم لبعض لباس )، أو كما قال Berg في ترجمته المُحرَّفة ( هن لباس لكم وأنتم لهن )؟:

﴿ Det er tillatt for dere å ha omgang med deres hustruer om natten under fasten. De er en kledning for dere, og dere for dem ﴾



البقرة 203: ﴿ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ فِيۤ أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلاۤ إِثْمَ عَلَيْهِ.. ﴾

أليس عبارة ( وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ فِيۤ أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ أَوْ تأخّرَ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ ) أصوب وأبلغ؟
وأليس تحريف Berg أصوب وأبلغ أيضا؟:

﴿ ..Påkall Gud i et visst antall dager. Hvis noen må bryte opp etter to dager, så pådrar han seg ingen skyld, og heller ikke den som trekker ut tiden ﴾

أي:

( ادْعُوا الإله في أيام معدودات. فإذا اضطر أحد أن يَقْطَعَ بعد يومين، فلا إثم عليه ولا على الذي يتجاوز الوقت .. )



الروم 40: ﴿ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِنْ ذَٰلِكُمْ مِّنْ شَيْءٍ.. ﴾

لاحِظْ كيف تتكرر "ثُمَّ" و"مِنْ" في هذه الآية! تكرارٌ معيبٌ لا يقف عليه القارئ النرويجي في ترجمة بيرغ، إذ طُمِس تكرارُ "ثُمَّ" باستعمال مرادفات لها، وطُمس تكرار "مِنْ" بتغيير أسلوب التعبير، فتأمل:

﴿ ? Gud er det som har skapt dere og underholder dere. Så vil Han la dere dø, og derpå gi dere nytt liv. Er det noen av dere medguder som kan gjøre slike ting ﴾

أي:

( الإله هو مَن خلقكم ويرزُقُكُم. ثم سوف يسمح لكم بالموت، وبعد ذلك يعطيكم حياة جديدة. أهناك أحد مِنْ شُرَكائكم مَنْ يستطيع أن يفعل شيئا كهذا؟ )



البقرة 165: ﴿ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً للَّهِ وَلَوْ يَرَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِذْ يَرَوْنَ ٱلْعَذَابَ أَنَّ ٱلْقُوَّةَ للَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعَذَابِ ﴾

تَكرر فعل الرؤية مرتين بشكل لا يعدو أن يكون حشوا في الكلام، وللتعمية على هذا الحشو استخدم المترجم فِعْل "أدْرَكَ innse" مكان الرؤية الأولى، وفِعل "واجَهَ stå overfor" مكان الرؤية الثانية:

a﴾ allikevel det mennesker som setter likestilte ved Guds side, og som elsker dem slik man elsker Gud. Men de som tror, elsker Gud enda mer. Måtte illgjerningsmennene innse, når de står overfor straffen, at all makt tilhører Gud og at Gud er streng med straffen. ﴿a


البقرة 197: ﴿ ٱلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي ٱلْحَجِّ .. ﴾

لو قال: ( الحج أشهر معلومات فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِيهِنّ .. ) لكان أبلغ!
وقد حاول فقهاء الإسلام تبريرهذا التكرار فَوَهَتْ آراؤهم وتهافتت. إذ اعتبرته جميعُها إظهارا في مكان الإضمار.
قال أبو حيان في "البحر المحيط": [ قال بعضهم: وكَرَّرَ في الحج، فقال: في الحج، ولم يقل: فيه، جرياً على عادة العرب في التأكيد في إقامة المُظْهَر مقام المُضْمَر، كقول الشاعر: لا أرى المَوْتَ يَسْبِقُ الموت شيء. انتهى كلامه، وهو في الآية أحسن لبعده من الأول، ولمجيئه في جملة غير الجملة الأولى، ولإزالة توهم أن يكون الضمير عائداً على: من، لا على: الحج، أي: في فارض الحج. ]
وقال ابن عرفة في تفسيره "التفسير": [ فإن قلت لم أعيد لفظ الحجّ مظهرا، وهلا قيل: فمن فرضه فيهن؟ (فالجواب) عن ذلك بأنه لو قيل كذلك لكان فيه عود الضمير على اللفظ لا على المعنى مثل: عندي درهم ونصفه لأن الحج الأول مطلق يصدق بصورة فيتناول حج زيد وعمرو بالتعيين الواقع منهما وحجمها القابل لأن يفعلاه. وقول الله جل جلاله: "فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ ٱلْحَجَّ" مقيد بحج كل واحدٍ واحدٍ بعينه، والشخص المعين (حجه مقيد لا) مطلق، فلذلك أعيد لفظ الحج مظهرا فيتناول الفرض والتطوع.]
وقال الألوسي في "روح المعاني": [ والإظهار في مقام الإضمار لإظهار كمال الاعتناء بشأنه والإشعار بعلة الحكم فإنّ زيارة البيت المعظم والتقرّب بها إلى الله تعالى من موجبات ترك الأمور المذكورة المدنسة لمن قصد السير والسلوك إلى ملك الملوك، وإيثار النفي للمبالغة في النهي والدلالة على أنه حقيقة بأن لا تكون، فإن ما كان منكراً مستقبحاً في نفسه منهياً عنه مطلقاً فهو للمحرم بأشرف العبادات وأشقها أنكر وأقبح ]

أما مترجمنا Berg فقد خفف من حدة التكرار بالتقليل من ذكر اللفظة، فتأمل:

﴿ ... Pilegrimsreisen skal foregå i bestemte måneder. Den som i disse beslutter å foreta pilegrimsreisen, må avstå fra omgang med kvinner, ugudelig adferd og krangel ﴾

أي:

( الحج أشهر مُقرَّرات. فمن فرض فيهن الحج، وَجَبَ عليه الامتناع عن مجامعة النساء، وعن الفسوق والجدال ... )



النور 61: ﴿ لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُواْ مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ ءَابَآئِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَٰنِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَٰمِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّٰتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَٰلِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَٰلَٰتِكُمْ ... ﴾

لعلك تتساءل عزيزي القارئ عن السر في تكرار لفظتَيْ "حرج" و"بيوت" في هذا النص، وتساؤلك لن تجد جوابه إلا في ذهنك اليقظ، فالمفسرون سكتوا والمترجم حرّف واستبدل، فتأمّل ما ترجم:

a﴾ Verken en blind, en krøpling, en syk trenger å gjøre seg noen bebreidelser, og heller ikke dere selv, om dere spiser i eget hus, i fedres, mødres, brødres, søstres, onklers og tanters ﴿a

أي:

( ليس على الأعمى، ولا المُعاق، ولا المريض حرج، وَلا على أنْفُسِكُمْ، أن تأكلوا في بيوتكم، عند آبائكم، أمهاتكم، إخوانكم، أخواتكم، أخوالكم وأعمامكم ... )



آل عمران 42: ﴿ وَإِذْ قَالَتِ ٱلْمَلاَئِكَةُ يٰمَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَـٰكِ وَطَهَّرَكِ وَٱصْطَفَـٰكِ عَلَىٰ نِسَآءِ ٱلْعَـٰلَمِينَ ﴾

ترى كان المعنى سيختلف لو قال: ( .. يٰمَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ طَهَّرَكِ وَٱصْطَفَـٰكِ عَلَىٰ نِسَآءِ ٱلْعَـٰلَمِينَ )؟!
لا بالتأكيد، ولكنه التكرار! تكرار قبيح طمَسه Berg بأنْ جعله تكرارا تأكيديا[10]، إذ استبدل الفاصلة بحرف الواو الذي يعطف "اصطفاك" الثانية:

﴿ .En gang sa englene: «Maria, Gud har utvalgt deg og gjort deg ren, utvalgt deg fremfor all verdens kvinner ﴾

أي:

( ذات مرة قالت الملائكة: ‹‹ يا مريم، الإله اصطفاك وجعلكِ طاهرة، اصطفاكِ على نساء العالمين. )



الأحزاب 50: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ ٱللاَّتِيۤ آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاَتِكَ ٱللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ.. ﴾

ألَمْ يكن أسلم لو قال: ( .. وبنات عُمومتك وخُؤولتِك.. )؟!
ولو قال ما قاله Berg في ترجمته المحرفة، ألم يكن أيضا قولا سليما؟!:

a﴾ Profet, Vi har tillatt for deg og dine hustruer, som du har gitt deres brudegave, de slavinner du eier, krigsbytte som Gud har gitt deg, dine kusiner på fars og mors side som utvandret sammen med deg .. ﴿a

أي:

( أيها النبي، لقد أحللنا لك ولأزواجك، اللاتي أعطيتَهن هدية الزفاف، الجواري التي تملك، غنائم الحرب التي أعطاها الإله لك، بنات عمومتك من جهة الأب والأم اللاتي هاجرن معك ..)



طه 39: ﴿ أَنِ ٱقْذِفِيهِ فِي ٱلتَّابُوتِ فَٱقْذِفِيهِ فِي ٱلْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ ٱلْيَمُّ بِٱلسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ ... ﴾

في هذه الآية تتكرر كَلِمَتا "اقذفيه" و"عدو" بشكل يقدح في بلاغة القرآن؟! وقد حاول فقهاء الإسلام تبرير التكرار فجاؤوا بالعجب العجاب.
فبخصوص لفظة "اقذفيه" قالوا أن الضمير في "اقذفيه" الأولى عائد على الصبي، وفي الثانية على التابوت[11]. وهذا تبرير -على علته- لا يرفع إلا تكرار الكلمة المعنوي أما تكرارها اللفظي فثابت منطوق.
ولما كانت اللفظةُ فظيعةً في سياقها ما دام المقذوفُ طفلٌ رضيع، زعم الفقهاء أن القذف وَرَدَ بمعنى الإلقاءِ والوَضْعِ. قال اطفيش في "تيسير التفسير": [ "أن اقْذِفيه" ضَعيه بلين.. ].
أما تكرار لفظة "عدو" فاعتبروه تكرارًا للمبالغة. قال اسماعيل حقي في تفسيره "روح البيان": [ وتكرير عدو للمبالغة أي دعيه حتى يأخذه العدو فإنى قادر على تربية الولى فى حجر العدو ووقايته من شره بالقاء محبة منه عليه ]. فيما ذهب آخرون مذهبا مُغْرِقا في التكلف وقالوا أن العداوة الأولى غير العداوة الثانية، فالأولى أكيدة والثانية مُحْتَمَلَة[12]. قال اطفيش في تفسيره "هميان الزاد": [ لو قال عدو لي وله لصح ولكن أعاد لفظ عدو مبالغة فى العداوة أو لتخالف العداوتين. إن عداوة الله واقعة وعداوة موسى متوقعة ]. وقال الألوسي في روح المعاني: [ وتكرير العدو للمبالغة من حيث إنه يدل على أن عداوته كثيرة لا واحدة، وقيل: إن الأول للواقع والثاني للمتوقع. ]

واستفاد Berg في تحريفه من تقوُّلات الفقهاء إذ استبدل "ضعيه legg ham" ب"اقذفيه" الأولى، وأقحم "هذا den" للإيحاء أن القذف وقع على التابوت لا على الطفل. أما لفظة "عدو" فاكتفى بذكرها مرة واحدة، فتأمل:

﴿ Legg ham i kassen og kast den i floden! Floden vil føre ham til bredden, så en fiende både av Meg og ham kan ta vare på ham ﴾

أي:

( ضَعِيهِ في التابوت واقْذِفي هذا في النهر! سيقوده النهر إلى الضفة، لِيَتَوَلّى رعايته عدوّ لي وله... )



البقرة 229: ﴿ ٱلطَّلَٰقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَٰنٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّآ آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَآ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا ٱفْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ ﴾


على استحياء تطرق الفقهاء لهذا التكرار، ومن تمعن أقوالهم وجدها تكلُّفا محضا لا يقوم عليه دليل، وقد حامت آراء هؤلاء الفقهاء حول ( نظرية الإظهار في مقام الإضمار ).
فبعضهم اعتبر التكرار للمبالغة والتهويل. قال الألوسي في "روح المعاني": [ "وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ". تذييل للمبالغة في التهديد والواو للاعتراض وفي إيقاع الظاهر موقع المضمر ما لا يخفى من إدخال الروعة وتربية المهابة ].
وبعضهم ذهب إلى أن الحدود غير الحدود فَلَزِمَ بالنتيجة الإظهارُ بدل الإضمار[13]. قال محمد حسين الطباطبائي ( ت 1402 ھ ) في تفسيره "الميزان": [ قوله تعالى "فإن خفتم ألاَّ يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به"، العدول عن التثنية إلى الجمع في قوله خفتم، كأنه للإِشارة إلى لزوم أن يكون الخوف خوفاً يعرفه العرف والعادة، لا ما ربما يحصل بالتهوس والتلهي أو بالوسوسة ونحوها، ولذلك عدل أيضاً عن الإِضمار فقيل ألا يقيما حدود الله، ولم يقل فإن خفتم ذلك لمكان اللبس (...) وَوُضِعَ الظاهرُ مَوْضِع المُضْمَرِ في قوله تعالى "وتلك حدود الله"، لأن المراد بالحدود غير الحدود. ]

أما Berg فقد ارتأى التخفيف من حدة التكرار فحذفه مرّة، فتأمل:

a﴾ ... med mindre partene frykter at de grenser Gud har satt, overtres. Hvis de frykter dette, oppstår ingen skyldbelastning for det hun kjøper seg fri med. Dette er de grenser Gud har satt, så overtred dem ikke. De som overtrer Guds grenser, de er visselig urettferdige. ﴿a


أي:


( ... إلا أن يخافا الطرفان أن ينتهكا حدود الله، فإن خافا هذا، فلا إثم فيما افتدت به. تلك حدود الله، فلا تعتدوها. ومن يتعد حدود الله، فأولئك هم الظالمون. )

الهوامش:

[1] البقرة 5.
[2] الإنسان 15-16.
[3] الحاقة 1-3.
[4] وقد حاول بعض المفسرين رفع هذا التكرار بقولهم أن "ذريتهم" الثانية غَيْرُ "ذريتهم" الأولى، فالضمير في الأولى يعود على "الذين آمنوا" أما الضمير في الثانية فعائد على "الذين آمنوا" وعلى "ذريتهم" الأولى، وهذا تأويل -وإن صحّ- لا يرفع إلا التكرار المعنوي أما التكرار اللفظي فباقٍ وبادٍ للعيان.
[5] تكررت واحدا وثلاثين مرة.
[6] تكررت ثماني مرات.
[7] تكررت عشر مرات.
[8] البقرة 253.
[9] البقرة 184-185.
[10] والتكرار التأكيدي بلاغة في جميع اللغات.
[11] وهو رأي ابن عطية ( ت 546 ھ ) إذ قال في تفسير الآية: [ والضمير الأول في "اقذفيه" عائد على موسى وفي الثاني على "التابوت"، ويجوز أن يعود على "موسى" ]. ورفض الزمخشري هذا التأويل بداعي إخراج النظم من اتساقه والقرآن عن إعجازه، حيث قال: [ القذف مستعمل في معنى الإلقاء والوضع ( ... ) والضمائر كلها راجعة إلى موسى. ورجوع بعضها إليه وبعضها إلى التابوت فيه هجنة، لما يؤدي إليه من تنافر النظم. فإن قلت المقذوف في البحر هو التابوت، وكذلك الملقى إلى الساحل. قلت ما ضرّك لو قلت المقذوف والملقى هو موسى في جوف التابوت؟ حتى لا تفرق الضمائر فيتنافر عليك النظم الذي هو أم إعجاز القرآن والقانون الذي وقع عليه التحدّي، ومراعاته أهم ما يجب على المفسر. ].
[12] وهو تكلف لا يرفع إلا التكرار المعنوي.
[13] وهذا تأويل سبق أن أشرنا أنه تأويل على علته يرفع التكرار المعنوي لا اللفظي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تكرار القرآن إعجاز بلاغي من الله
علي عباس الموسوي ( 2019 / 12 / 3 - 15:45 )
الكلام عن أخطاء القرآن أصبح رائجا هذه الأيام، والتكرار الذي هو بلاغة في القرآن يعتبره عبدالإلاه خالي عيبا ونقيصة. لقد تعرض علماء الإسلام قديما لهذا الموضوع وقتلوه بحثا ودراسة حتى امتلأت المكتبات بمصنفات موضوعها التكرار في القرآن.
دعني سيدي الكاتب أن أقرر لك بداية أن التكرار وجه من وجوه الإعجاز في القرآن، كونه أمرا لم يألفه العرب من قبل وعجزوا عنه من بعد. جاء به القرآن لما فيه من جمع اللفظ والمعنى دون تناقض، واتّساع المقام للأخبار والقصص، وفيه أصل الفصاحة في تنويع الأساليب وأشكال التعبير. فلا تجد في القرآن تكرار المعنى بأسلوب واحد بل تلمس الجديد في طريقة التقديم والتصوير..


2 - تكرار القرآن إعجاز بلاغي من الله
علي عباس الموسوي ( 2019 / 12 / 3 - 15:47 )
وقد كان المشركون في عصر النبي صلى الله عليه وسلم يعجَبون من اتساع الأمر في تكرير هذه القصص والأنباء مع تغاير أنواع النظم وبيان وجوه التأليف، فعرَّفهم الله سبحانه أن الأمر بما يتعجبون منه مردودٌ إلى قدرة مَن لا يلحقه نهايةٌ، ولا يقَعُ على كلامه عددٌ؛ لقوله تعالى: ( قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا )، وكقوله: ( وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ).
فالتكرار القرآني إعجاز بلاغي لإيراده القصة الواحدة في صور شتى وفواصل مختلفة. ويكثر في إيراد القصص والأنباء، وحكمته التصرف قي الكلام وإتيانه على ضروب؛ ليعلم العرب عجزهم عن جميع طرق ذلك: مبتدأ به ومتكرر.


3 - تكرار القرآن إعجاز بلاغي من الله
علي عباس الموسوي ( 2019 / 12 / 3 - 15:49 )
وللتكرار أغراض إن غابت عن ذهنك سيدي الكاتب فإني أوردها لك موجزة فيما يلي:
1- التحدي والإعجاز وذلك بالتصرف في البلاغة علي أعلي مرتبة لأن كل قصة كررت حصل في ألفاظها زيادة ونقصان، وتقديم وتأخير وإجمال وبيان، في مواضع مختلفة وأتت بأسلوب غير أسلوب الأخري .
ولو سلك القرآن الكريم طريقا واحدا في إيراد القصص لقال الكفار نحن نقدر علي غير هذا النوع فقطع الله عليهم كل سبيل للاعتراض وذكر في القرآن أنواعا مختلفة وترك لهم حرية اختيار ما يشاؤون منها، لكنهم عجزوا فدل عجزهم على صدق القرآن وأنه وحي منزل من الله


4 - تكرار القرآن إعجاز بلاغي من الله
علي عباس الموسوي ( 2019 / 12 / 3 - 15:50 )
2- جذب النفوس إلي سماع القصة بالمغايرة بين أساليب القصة الواحدة وبذلك تظهر خاصة للقرآن الكريم لم تكن في غيره من الكلام، وهي أنه بتكرار المعني الواحد منه بأساليب مختلفة، لا يزداد عند السامع إلا قبولا ولا يعتري قائله ملل ولا سآمة، بخلاف غيره إذا كرر مهما تنوعت أساليبه سئمته الأسماع وملته الأفواه .
وهذا من إعجاز القرآن الكريم وتأثيره في النفس الإنسانية، وذلك أن النفوس تميل إلي التنوع في الأساليب من تقديم وتأخير وزيادة ونقصان وتتعدد بذلك الصور التي تستلذها النفس ويميل إليها القلب فلا يحدث الملل من أسلوب واحد. وفي هذا التنويع تجديد للكلام وتطريته.


5 - تكرار القرآن إعجاز بلاغي من الله
علي عباس الموسوي ( 2019 / 12 / 3 - 15:51 )
3- تمكين العظة والعبرة وإيقاظ الهمم. إذ بالتكرار ينتبه غير المنتبه ويزداد إدراكا وتعمقا من أدرك. وذلك لأن بعض القلوب لا تنتبه إلا إذا كرر عليها الخبر أكثر من مرة. والعقول والضمائر تتفاوت من سرعة التنبيه والاستفادة. فإن الله تبارك وتعالي يكرر القصة حتي يستفيد في المرة الثانية والثالثة من لم يمكنه الاستفادة في المرة الأولي وفي ذلك تعميق للعظة والعبرة.


6 - تكرار القرآن إعجاز بلاغي من الله
علي عباس الموسوي ( 2019 / 12 / 3 - 15:51 )
3- تمكين العظة والعبرة وإيقاظ الهمم. إذ بالتكرار ينتبه غير المنتبه ويزداد إدراكا وتعمقا من أدرك. وذلك لأن بعض القلوب لا تنتبه إلا إذا كرر عليها الخبر أكثر من مرة. والعقول والضمائر تتفاوت من سرعة التنبيه والاستفادة. فإن الله تبارك وتعالي يكرر القصة حتي يستفيد في المرة الثانية والثالثة من لم يمكنه الاستفادة في المرة الأولي وفي ذلك تعميق للعظة والعبرة.


7 - تكرار القرآن إعجاز بلاغي من الله
علي عباس الموسوي ( 2019 / 12 / 3 - 15:52 )
4- كذلك فإن تكرار القصة تسلية للنبي وتثبيت لقلبه، وقلوب أصحابه رضوان الله عليهم، وذلك ليري الرسول والمؤمنون ما لاقي الأنبياء وأتباعهم من أذي أقوامهم، وثباتهم علي الحق، ومصابرتهم ومجاهدتهم في سبيل الله حتي كانت العاقبة لهم والدائرة علي أعدائهم، فيصبروا على أذى المشركين كما صبر غيرهم من الرسل .
فتكرار القصة في عدة سور بأساليب مختلفة إنما يهدف إلي تمكين هذه السنن في النفس وتثبيتها في القلب حتي تقوي داعية الإصلاح عند المصلح، فلا يجد اليأس سبيلا إليه . وقد كان من تربية الله لنبيه أن قص عليه من سير الأنبياء ما يسليه، لأن نفوس المفسدين في كل زمان متقاربة ووسائلهم في محاربة الحق متشابهة. قال تعالى ) مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ ).


8 - تكرار القرآن إعجاز بلاغي من الله
علي عباس الموسوي ( 2019 / 12 / 3 - 15:54 )
5- شدة عناية الحق تبارك وتعالي بشأن القصة أو الجانب المكرر إما لدلالتها علي التوحيد كقصة سيدنا إبراهيم عليه السلام ومعاداته للأصنام وأهلها. وإما لدلالتها علي نصرة الله تعالى لأنبيائه على أعدائه كقصة سيدنا موسى عليه السلام مع فرعون وإما لغير ذلك كما يعلم من تتبع قصص القرآن .
6- أن القصة قد تطول وهي ذات جوانب كثيرة، فالله سبحانه وتعالى يذكر جانبا منها في موضع يناسبه، ويذكر جانبا آخر أو جوانب أخرى في موضع آخر يناسبه لتتم الصورة الكلية للقصة ويتبين معالم الهدف المقصود منها


9 - تكرار القرآن إعجاز بلاغي من الله
علي عباس الموسوي ( 2019 / 12 / 3 - 15:55 )
7- ومن مقاصد تكرار القصة في القرآن كذلك ترهيب الجاحدين وإنذارهم بما جرت عليه سنن الله بعقاب المكذبين لرسله، ولا أدل على صدق السنن الإلهية من حدوثها مرارا وفي ظروف مماثلة وأزمان متباعدة.
وبهذا ترى سيدي الكاتب أن للتكرار أهدافا متعددة تبدو واضحة من خلال سياق القصة التي ذكرت أكثر من مرة بتعابير مختلفة


10 - تكرار القرآن إعجاز بلاغي من الله
علي عباس الموسوي ( 2019 / 12 / 3 - 15:56 )
إن ما تكرر من قصص القرآن ليس من التكرار الآلي الممل، الذي يخل بالفن ويعيبه النقاد، لأن الحقيقة الواحدة يطالعنا بها القرآن في مواطن مختلفة، ولكن في أثواب جديدة، مع تصرف بارع في صيغة التعبير وطرق الأداء . وإعادة الكلام في الموضوع الواحد من التنويع والطرافة والتجديد من بلاغة القرآن وإعجازه.
وفي الختام دعني أهمس في أذنك سيدي عبدالإلاه أن القرآن يخلو من تكرار يماثل تكرارك المقزز للفظة ( تأمل ).
فتأمل.

اخر الافلام

.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام 


.. انفجارات وإصابات جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب




.. مسعفون في طولكرم: جنود الاحتلال هاجمونا ومنعونا من مساعدة ال


.. القيادة الوسطى الأمريكية: لم تقم الولايات المتحدة اليوم بشن




.. اعتصام في مدينة يوتبوري السويدية ضد شركة صناعات عسكرية نصرة