الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة الغضب وثورة العقل

محمد طه حسين
أكاديمي وكاتب

(Mohammad Taha Hussein)

2019 / 11 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


ثورة الغضب وثورة العقل!
قراءة نفسسياسية قصيرة لتظاهرات العراق الحالية.
هل العقل يثور أم شيئٌ آخر؟ هل الثوري هو عاقل أم شيئٌ آخر؟ هل الثورة تنطلق من العقل وتنتهي عنده، أم تبدأ من العقل وتنتهي بشيئٍ آخر؟.
السلوك العقلاني يختفي وسط الكلّ الغاضب والمنفعل، هذا هو رأي علماء النفس ونتيجة دراساتهم المحسومة النتائج والهدف. العقل الكلّي لا يدفعه سوى العاطفة الجياشة التي ينتجها الكلّ، هذه هي معادلة طبيعية قبل مدنية تحركها نزعة المسايرة وليست مبدأ الصراع والجدلية.
الذي يثور هو الكائن المتوتر، هو الشاعر بالنقص، هو الباحث عن حاجة، القاصد للتوازن. عند إزالة التوتر ودفع النقص وإشباع الحاجة وإستعادة التوازن، تعود حالته على المستوى الفردي الى الإستقرار والطمأنينة البيوسيكولوجية.
هنا موطنٌ يهطل عليه الغضب منذ الأزل وتصبح قطرات هذا الغضب حروفاً وكلماتاً وأسطراً في خطابات وحكايات كبرى لا ينتهي سردها على أفواه الكهنة، وتنبت منه وعليه كائنات الهوى والموت، لا تهمها سوى أن تبقى محصول حصاد الأقوى والأكثر غضباً والأعنف سلوكاً.
لا يملك الغاضب في مملكته دستوراً ولا تحميه قوانين، فالقانون يُعزف على أوتار الغضبِ والغاضبُ الأقوى هو المايسترو الأوحد الذي ينظم الصرخات في أنشودة الموت للآخر المغضوب عليه.
الغضب العراقي الشامل الآن تدفعه عنفوان الفشل والإحباط المزمن: فشل الوطنية الزائفة التي مثلتها القومجيين البدائيين المعدّلين أيديولوجياً منذ تأسيس الدولة وإنتهاءً بنظام البعث، وفشل المذهبيين المعدّلين وراثياً ومرجعياً والممثّلة بالأحزاب والمجموعات الأوليغارشية التي لا تشبع أبداً.
غضبٌ ناتج من إحباطات متكررة صارخةً لبناء حياة سعيدة ولهذا ترى الغضب شاملاً، تراه لا يسكن ولا يخمد، ولو إنه يفتقر الى الهارمونية والعزف المنظم بقيادة مايسترو واعي، الّا إنه يضع آثاراً دامغة على مرافق الحياة العراقية بأسرها.
سلوكٌ جمعي متحوِّل، شعورٌ كلّيٌّ مدرَك، ولكن غير راصد لوجهة معينة وهدف محدد، عقلنة السلوك الجماهيري تضمنها إستمراريتها، وعند وصول هذا النوع من السلوك الى ما يريد ينظمها القانون الأعلى المؤطر في ايقونة الدستور والبديلة لكلاسيكيات الإنتماء الغابرة.
ظاهرة سلوكية ثورية إجتماعية وثقافية وسياسية هذه التي تحدث في العراق، انها تراكمات قرن وليست حقبة معينة، ولهذا لا تمثلها تيارات الهوى الديني أو المذهبي وكهنة القومية. قد تنحرف وجهتها وهذا وارد كونها جموعٌ لا تفكر بقدر ما هي تتهيج، ولكن ظاهرة تفرز ماتنعكس منها في شريان أسلوب آخر لحياة سياسية أخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي


.. فايز الدويري: الهجوم رسالة إسرائيلية أنها تستطيع الوصول إلى




.. عبوة ناسفة تباغت آلية للاحتلال في مخيم نور شمس


.. صحيفة لوموند: نتيجة التصويت بمجلس الأمن تعكس حجم الدعم لإقام




.. جزر المالديف تمنع دخول الإسرائيليين احتجاجًا على العدوان على