الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات في الإنتحار ... ٢

ماجد الحداد

2019 / 12 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تكلم عالم الإجتماع #اميل_دروكهايم في محاولته لدراسة الإنتحار وهي محاولة محمودة لكنه غفل عن بعض أمور برأيي ...
لكن تقسيمه لأنواع الانتحار الأربعة دقيق لحد ما وأكثر ما لمسه من الناحية الميدانية حتى التي نسمع عنها اعلاميا هو الإنتحار الأناني ...
وأعتقد أن أن هذا يصدق على انتشار معدل الانتحار في الدول الاسكندنافية كالسويد والنرويج وفنلندا وكل الدول التي فيها معدل الرفاهية مرتفع حيث تنتشر الفردية والأنانية وغياب الدفء الاجتماعي وكذلك فرط الرفاهية وتحقيق كل شئ يؤدي للملل وفقدان هدف للحياة كما سنشرح الآن ...
أما عن تفسيري الشخصي عن انتشار الظاهرة في المجتمعات #المدنية واختفائها تقريبا عن المجتمعات الريفية فيعود لأكثر من سبب ...
اول شئ البنية الاقتصادية والإجتماعية حيث أن الشكل اقتصادي للمجتمع المدني استهلاكي أكثر منه انتاجي وبالتالي تتدخل المغريات ومداعبة غريزة امتلاك الجديد حتى لو فارغ المحتوى شيئا دافعا للصراع المحموم لمحاولة الحصول عليها من ضغط الدعاية وبذل مجهود أكبر بالحصول على المال فقط من اجل امتلاك ذاك المنتج الذي بالتالي خلق بذرة لنمطية علاقات واخلاق اجتماعية تنافسية جديدة وتفاخرية بين أفراد المجتمع ومن ثم التباهي فيمن يحصل على الأغلى ثمناً وأكثر عددا وهذا يصنع نوع من الغل والإحباط ... لكنه لا يستطيع الحصول عليها مما يزعزع السلام النفسي ويثير شعور اليأس في غير القادر ... ويظل ذلك الأمر حتى تتحول الكماليات الغير ضرورية لأساسيات ومقومات الحياة فيفقد انسان شغفه مع الوقت من فراغ جريه المحموم للحصول على شئ عن عديم المحتوى ولا يمس إحساسه بوجوده الحقيقي وهدفه كإنسان متناغم مع الكون المحيط حوله ...
وقد يؤدي الإشباع المفرط أيضا لتفريغ حياته من المعنى والهدف وكل ذلك يعلي من احتمالات الإنتحار لفقد الحياة من معناها ...
وهو ما نلاحظه في ارتفاع نسبة الإنتحار لدى الدول ذات الدخل المرتفع والرفاهية المتطرفة كالدول الإسكندافية مثل #السويد و #فنلندا و #الدانمارك وغيرهم للحصول عل كل المتاح حتى تفقد الحياة محتواها لإشباع الغرائز وجوع العاطفة والروح الاشباع ... كما أن البيئة الباردة الثلجية الموحشة وغياب الشمس يساعد على اغتراب وبالتالي الاكتئاب والتشجيع على الموت كما يوحي فصل الشتاء الذي هو اغلب العام تقريبا ...
ويتحول نمط الحياة المادي هذا في المدينة إلى اغتراب الفرد من حاجاته الروحية والعاطفية التي قد ترتبط بالدين عن طريق امل وتدخل ربه في حياته ومساعدته ومساندته فهو لا يرى الله بشكل مباشر في نمط تلك الحياة بل يرى الإدارة البشرية المتسلطة والنظم الرأسمالية الصارمة الهرمية وكثير من الوثائق وأزرار يتحكم فيها البشر ...
تقريبا شعور الإنسان بالحميمية الربوية باهت وغير موجود ...
هذا عامل مساعد مهم جدا على انتحار في غياب الأمل ...

كل هذا بعكس #الريف تماما ...
فالريف ذو ثقافة إنتاجية من زراعة وإنتاج داجن وخلافه فيرى مجهوده تباركه الطبيعة بطريقة تملأ محتواه الروحي والنفسي في تناغم مع محيطه البيئي بشكل مباشر ويشعر بانسجام والتجدد المستمر للآمل مثل الطبيعة التي يتعامل معها ...
كما أن المجتمع الريفي متكافل لدرجة التطفل والفردية فيه تقريبا معدومة ... فهو يعيش بالناس ومعهم وبالتالي يطارح مشاكلهم وافراحهم واتراحهم اولا بأول وهذه المشاغل لا تعطي له الفرصة في أن يقع فريسه في أحزانه الخاصة دون مؤازرة من الآخرين ولن يسمحوا له بفقد حياته لأنه أيضا عنصر فعال مهم في جسدهم الاجتماعي ...
تلك الظروف والاقتراب من الطبيعة واللُحمة الاجتماعية تجعل العاطفة قريبة من تدخل الرب بشكل مباشر في روح وعاطفة الفرد والجماعة بداية من رؤية نماء الزرع والمحصول ويعزونه ببركة الله بشكل مباشر أو لتأكيد الانتماء الديني عن طريق المراقبة الدورية للممارسات الطقوس بشكل جماعي سواء الديني والاجتماعي منها ...
بعكس فردية المدينة تماما والشعور بالاغتراب الاجتماعي بين أفرادها للأسباب التي ذكرناها آنفا ...
#انسان_يفكر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. زراعة الحبوب القديمة للتكيف مع الجفاف والتغير المناخي


.. احتجاجات متزايدة مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية




.. المسافرون يتنقسون الصعداء.. عدول المراقبين الجويين في فرنسا


.. اجتياح رفح يقترب.. والعمليات العسكرية تعود إلى شمالي قطاع غز




.. الأردن يتعهد بالتصدي لأي محاولات تسعى إلى النيل من أمنه واست