الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما حدث في بوليفيا.. انقلاب أمريكي

فهد المضحكي

2019 / 12 / 7
العولمة وتطورات العالم المعاصر


استقال الرئيس البوليفي، ايفو موراليس، تحت تهديد السلاح، بعدما طالبه جنرالات الجيش علانية، بالاستقالة رغم فوزه المنطقي بالانتخابات قبل أسابيع.

وضجت الأيام الـ21 التي تلت يوم الانتخابات بمظاهرات عنيفة وأخرى مضادة لها، بين معارض ومؤيد ومناصر لموراليس، علمًا بأنه في الانتخابات الرئاسية التي جرت 20 أكتوبر الماضي، نجح موراليس بتأمين عدد كافٍ من الأصوات ليفوز دون الحاجة إلى جولة ثانية ضد أشد منافسيه كارلوس ميسا.

ومع ذلك زعم ميسا إن الانتخابات زُورت، مدعيًا أن موراليس لم يحصل على حصة التصويت المطلوبة لضمان فوزه، ورددت منظمة «الدول الأمريكية» (او إيه إس)، والإدارة الأمريكية هذا الادعاء، رغم إن كلتاهما لم تقدما أي دلائل على التزوير المزعوم.

ودعا موراليس «او إيه إس» لمراجعة الانتخابات لثقته التامة بقانونيتها، وبالفعل، أظهر تقرير أصدره «مركز السياسات الاقتصادية» ومقره واشنطن إن مجموع الأصوات «يتسق» مع تلك المعلن عنها، ولم توجد أية أدلة تجزم بحصول مخالفات على الإطلاق، لكن على الرغم من ذلك، قامت المعارضة المحلية المدعومة من الولايات المتحدة بالهجوم على الرئيس وحكومته، هذا ما جاء في مقال مترجم نشره موقع «عرب 48» بتصرف للكاتب «آلان ماكلويد - نوفمبر 2019».

وأشار إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أصدرت بلاغًا رسميًا، ليس فقط لتأييد الانقلاب، ولكن لقول جملة واحدة: «لقد فعلناها»، ويوضح نص البيان إن «استقالة الرئيس البوليفي، ايفو موراليس تُعد لحظة مهمة للديمقراطية في نصف الكرة الأرضية الغربي» بزعم أن الأحداث في بوليفيا (في إشارة إلى الانقلاب) «تحافظ على الديمقراطية».

وبالإضافة إلى أن البيان الرسمي الصادر عن الإدارة الأمريكية، أرسل تهديدًا واضحًا بضرورة إسقاط المزيد من الأنظمة، والتي حددتها الولايات المتحدة مسبقًا!.

وفي هذا السياق، قال المؤرخ والموظف السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، وليام بلوم، إن الولايات المتحدة أطاحت بأكثر من 50 حكومة منذ عام 1945 معظمها في المنطقة التي تعتبرها «فناءها الخلفي».

وعلى سبيل المثال، دعمت الولايات المتحدة الانقلاب على حكومة هندوراس اليسارية برئاسة مانويل زيلايا في العام 2009، ومنعت صدور أي رد فعل إقليمي أو دولي، وتباهت هيلاري كلينتون في وقت لاحق، بأنه خلال عملها وزيرة للخارجية، قامت بإنهاء مسألة زيلايا إلى الأبد.

وفي عام 2002 رعت الولايات المتحدة وشاركت بالانقلاب على رئيس فنزويلا هيوغو تشافيز الذي نجح لفترة قصيرة، ليفشل في مواجهة الدعم الجماهيري الواسع الذي قدمه الشعب الفنزويلي للرئيس، رافضين تقبل ما آلت إليه أحوال البلاد، مشجعين الوحدات العسكرية المؤيدة لتشافيز بإعادة الاستيلاء على القصر الرئاسي، لكن هاييتي لم تكن محظوظة كنفزويلا، فقد أطيح بالرئيس جان براتران أريستيد، مرتين بانقلابين عسكريين مدعومين من الولايات المتحدة، عامي 1991 و2004، ليحصل شعبه على حكومة عميلة فاسدة، حولت البلاد إلى مصنع ضخم للعمالة الرخيصة للشركات الغربية حتى اليوم.

وأدى هذا التدخل المستمر إلى انتشار الجملة الساخرة الدارجة في أمريكا اللاتينية، بأن «الولايات المتحدة أكثر الأماكن أمانًا في العالم، لأنها الدولة الوحيدة التي لا توجد فيها سفارة أمريكية».

خلال الأعوام الـ13 التي أمضتها حركة «نحو الاشتراكية» التي يمثلها مواليس - في حكم بوليفيا، نجحت بدفع البلاد نحو التقدم، حيث قامت بتأميم الموارد الرئيسية وضخ العائدات في البرامج الاجتماعية التي تعالج أكثر القضايا إلحاحًا بالنسبة للسكان.

وخفض الفقر بنسبة 42 في المئة، والفقر المدقع بنسبة 60 في المئة، إضافة إلى خفض البطالة إلى النصف، كما ازداد الالتحاق بالمدارس، وتم توفير الكهرباء على نطاق واسع، وبنت الحكومة أكثر من 150 ألف وحدة سكنية مخصصة للإسكان العام، وأسست معاشًا حكوميًا مجانيًا لجميع من تجاوزت أعمارهم الـ60 عامًا، كمخصصات للشيخوخة.

وعلى صعيد استنكار الانقلاب، وصف الباحثان السياسيان الشهيران نوعم تشومسكي، وفيجاي براشاد، الأحداث في بوليفيا بأنها انقلاب آخر في أمريكا اللاتينية، مدعوم من الولايات المتحدة وكتبا في بيان مشترك: «إن الانقلاب تقوده الاوليغارشيه – حكم الأقلية – البوليفية، التي غضبت بسبب الخسارة الانتخابية الرابعة لإخراجها من حركة نحو الاشتراكية والاليغارشيه مدعومة بالكامل من قبل الإدارة الأمريكية، التي كانت حريصة منذ زمن طويل على طرد موارليس وحركته من السلطة او لأكثر من عقد من الزمن أوضح مركز العمليات بالسفارة الأمريكية في لاباز بوضوح، إنه يملك خطتين، الأولى الانقلاب والثانية اغتيال موراليس، هذا انتهاك خطير لميثاق الأمم المتحدة وجميع الالتزامات الدولية».

يذكر أن موراليس الذي جاء إلى السلطة عبر انتخابات ديمقراطية عام 2006، هو أول رئيس إصلاني لشعب بوليفيا الذي يتكون من أغلبية إصلانية ساحقة، بعد أن حكمت البلاد على يد الأوروبيين أسلافهم منذ الاستعمار الاسباني.

نهب الثروات كانت وما تزال محاور رئيسية لسياسة الولايات المتحدة الخارجية، تقول وكالة سانا السورية: ليس ما يحدث في سورية من نهب القوات الأمريكية للنفط السوري إلا غيض من فيض، فأطماع واشنطن لا تقف عند أي أحد وإحدى وسائلها المفضلة لتحقيق هذه الأطماع، هي تدبير انقلاب على الحكومات الشرعية كالذي شهدته بوليفيا مؤخرًا، والهدف الأكبر منه الوصول إلى أغنى الرواسب المعدنية في هذا البلد وهو الليثيوم.

الانقلاب الأخير الذي أعدته الولايات المتحدة في بوليفيا ونفذته تحت شعارات حقوق الإنسان والديمقراطية التي تستخدمها لتضليل الرأي العام الأمريكي والعالمي أكد إصرار واشنطن على وضع يدها بشكل كامل على الثروات الطبيعية البوليفية بأي ثمن ودون مواربه، ويمثل الليثيوم الذي يستخدم في صنع بطاريات الهواتف المحمولة وأجهزة الحواسيب وغيرها من الأدوات الإلكترونية جوهرة المعادن التي تحاول الولايات المتحدة الاستيلاء عليها، إذ تملك بوليفيا ما بين 50 و70 بالمئة من احتياطات هذا المعدن العالمية، لكن الوصول إليها لم يكن ممكنًا في ظل إدارة الرئيس موراليس.

وكما يقف التاريخ شاهدًا على المؤامرات التي حاكتها الولايات المتحدة للتخلص من دول وحكومات ترفض الانصياع لإملاءاتها، تشكل الاضطرابات في أمريكا اللاتينية والانقلابات المتكررة فيها أكثر الأمثلة وضوحًا وحداثة على ذلك، فعلى غرار الرئيس مادورو وقف الرئيس موراليس كما رأى موقع «كومون دريمز» الأمريكي المستقل في وجه المخططات الأمريكية وحاول الاستثمار في تطوير مناجم الليثيوم بطريقة يمكن أن تحقق أرباحًا للبلد وسكانها ما جعله هدفًا رئيسيًا لدى واشنطن ومن ورائها شركات التعدين العالمية الكبرى التي نهبت ثروات بوليفيا وغيرها من دول امريكا اللاتينية على مدى عقود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهاجمة وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير وانقاذه بأعجوبة


.. باريس سان جيرمان على بعد خطوة من إحرازه لقب الدوري الفرنسي ل




.. الدوري الإنكليزي: آمال ليفربول باللقب تصاب بنكسة بعد خسارته


.. شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال




.. مظاهرة أمام شركة أسلحة في السويد تصدر معدات لإسرائيل