الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسرى عميروش .... أو قانون العينُ بالعين .

الطيب آيت حمودة

2019 / 12 / 9
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


يحرصُ الكولونيل عميروش على إعطاء أمر السجناء بُعدا دوليا عبر إشراك منظمات دولية (1) في أمر تبادلهم مع سجناء وطنيين لدى الجيش الفرنسي ، وهو ما ترفضه فرنسا حتى يبقى شأن جبهة التحرير شأنا داخليا خاص بفرنسا وحدها تتصرف فيه بهواها ، وكأن الثوار فئة ضالة خارجة عن القانون ، لا يجب أن يطلع العالم الخارجي على حجم الإضهاد الذي يتعرض له المقاوم الجزائري بالنظر إليه وكأنه مجرم ، وهو ما صرح به العقيد بوصوف لجريدة united- press بتونس في 23 جوان 1958 قائلا [ ... على فرنسا أن تعاملنا كخصوم عسكريين عاديين ، وليس كخارجين عن القانون يجوز قتلهم وتصفيتهم كالكلاب ، فلتتوقف فرنسا عن تعذيب السجناء للحصول على معلومات وقتل المجاهدين وكأنهم من مجرمي الحق العام .] (2) .
°° كثير ما ينتج العمل الحربي بخدعه سجناءٌ من الطرفين ، وهو ما حدث في كثير من الواقعات ، كمعركة محرس الحوران poste miltaire d’EL HORANE
يوم 4 فيفري 1958 .
°° محرس ( الحواران ) هو قاعدة فرنسية لحراسة وتخزين السلاح والعتاد الحربي لتوزيعه على نقاط المراقبة في تلك الجهة ، يقع ليس بعيدا عن حمام الضلعة وبعيدا عن مدينة المسيلة ب25 كلم نحو غربها ، وهو يقع ضمن أقليم الولاية الثالثة التاريخية ، محروس بقوة كبيرة مشكلة من ست مجنزرات مصفحة مزودة برشاشات 12/7 ومخازن للسلاح و المؤن ، يتولى أمر الحراسة فيه قوة عسكرية من السبايس SPAHIS قوامها 33 جندي بقيادة اليوتنان [ دوبوس le lieutnant DUBOS]
°° خطورة الموقع وتأثيراته على حركية جيش التحرير حفز العقيد عميروش على أمر الهجوم عليه ، حيث نفذت العملية بنجاح كبير وتم قتل عساكر فرنسا في الموقع وأسر 17 عسكريا فرنسيا على رأسهم اليوطنان دوبوس dubos ، ونقلت الأسلحة والذخيرة المستولى عليها على ظهور الدواب في اتجاه الشمال حيث أخفي الكثيرمنها في مخابيء معدة مسبقا لستغلالها فيما بعد ، خاصة في (غابات بني وقاق ) جهة بن داود وحرازة ، ونقل السجناء إلى مقر القيادة بأكفادو .
هذه الحادثة أحدثت هلعا كبيرا في وسط الجيس الفرنسي .
°° سجناؤنا وسجناؤهم ....

كثرة السجناء الفرنسيين في المناطق المحررة الذين هم في قبضة الجبهة كان حافزا لعميروش لتبادلهم بسجناء مجاهدين تم القبض عليهم ، فكان عميروش يصرُّ ويدعوا إلى تبادل أسرى الحرب مستغلا وسائل الإعلام الفرنسية نفسها ، شرطه الوحيد هو أن يكون التبادل علنيا وعبر منظمات دولية حسب ما تمليه بنود اتفاقية جنيف بشأن أسرى الحرب ، وهو ما لا تريده فرنسا ، لأن ذلك يعني إقرار لها واعتراف بجبهة التحرير وقوتها .
أمام هذا الإصرار الفرنسي راسل عميروش أسرة القبطان دوبوس ، في رسالة نشرتها وسائل الإعلام أنذاك نصها :
[ ... نعلمكم بأن إبنكم اليوتنان دوبوس DUBOS وقع أسيرا بين أيدينا منذ 4 فيفري 1958 ، نتمنى أن تساهموا في تحريره وإنهاء سجنه لأننا على استعداد لإطلاق سراحه مقابل تحرير سجناء لنا ، واجبكم إعطاء الأهمية القصوى لمراسلتنا لكم .
ابنكم حاليا يُعامل معاملة جيدة ، لكن لا نخفيكم حقيقة أن لصبرنا حدودا ، وأن حياة ابنكم والذين معه لها علاقة بحالة سجنائنا وحالة أختنا المجاهدة جميلة بوحيرد الذين يعاملون بقسوة والتصفية عند جنودكم .
هذه الرسالة عبارة عن صرخة وتنبيه لكم ، واجبكم الإستماع إليها حتى لا تفقدوا ابنكم .
الكومندان عميروش . ]
رسالة عميروش فيها إعذار صريح النبرة للسلطات العسكرية الفرنسية ، بأحقية الجبهة في تطبيق الإتفاق الدولي بشأن اسرى الحرب ، فكان عميروش يريد تبادل الأسير دوبوس بالمجاهد حسين ساحلي (3) لكن السلطات العسرية بتعنتها سارعت إلى إعدام المجاهد حسين ساحلي في بلدته ( القصر) يوم 5ماي ، فما كان من عميروش سوى أن أمر إعدام اليوتنان دوبوس في نفس المكان الذي أعدم فيه المجاهد حسين ساحلي ووضعت على جثه ورقة مكتوب عليها :
( العين بالعين ، والسن بالسن ، والجروح قصاص
العقيد عميروش ).

وبعدها أبرق رسالة مفتوحة لوالدي اليوتنان دوبوس المقتول قائلا فيها :


( .. من عميروش قائد الولاية الثالثة
إلى
السيدة والسيد دوبوس DUBOS
65 بو دي أنفاليد باريس 7
سيدتي .. سيدي .

[ يؤسفنا أن نعلمكم وفاة إبنكم الذي نفذنا فيه حكم الإعدام على يد وحداتنا المسلحة ردًّا على إعدام واحد من ضباطنا من قبل جيشكم .
تأكدوا بأن ما قمنا به ليس له علاقة بالقصاص المكلوب ، وإنما جاء على تصرفات جندكم اللانسانية تجاه مقاومينا ومجاهدينا النظاميين المسجونين المقبوض عليهم أثناء المعارك بيننا ، مثلما وقع لضابط جيش التحرير حسين صالحي المسجون منذ 4 فيفري 58 ، تاريخ القبض عليه .
إبنكم يحظى عندنا - من قبل قواتنا- بمعاملة حسنة ، سُمح له بمراسلتكم مرارا ، نتمنى أن تكون مراسلاته قد بلغتكم، لعلها ستزيل الغشاوة وتحكمون على حسن معاملاتنا له وللأسرى الذين كانوا معه .
وبالمقابل فإن ضابطنا ( حسين صالحي ) قد تعرض لصنوف من التعذيب والإهانة توجت بإعدامه بلا رحمة وبكل برودة دم لأنه رفض الإستسلام .
الإختلاف في التعامل مع الأسرى أملته القيم التي نتحلى بها ، وفي المستقبل نحن مجبرون على معاملة أسراكم بمثل ما تعاملونا أسرانا ] .
جمعية الولانية
(عنهم / العقيد عميروش) .

°°معضلة تبادل الأسرى بين عميروش و ضباط فرنسا شابها الكثير من العراقيل أملتها روح الدعاية التي رافقت أخبار السجناء ، فعميروش اتخذ من أمر السجناء نضالا لإعطاء بعد دولي لثورة الجزائر عبر منظمات دولية لحقوق مساجين الحرب .
__________________________________________

(1) تطبيق قرارات اتفاقية جنيف بشأن أسرى الحرب ـ وتبادل الأسرى عبر قنوات الصليب ألأحمر الدولي .
(2) منشور في جريدة temoignage chretien بتارخ 31 أوت 1858 ,
(3) صالحي حسين salhi hocine [ 1928/1958 ] ابن القصر (بجاية)، بدأ مشواره النضالي مبكرا ، رفيقا ( لمحمد بوقرة ) الذي غدا رئيسا للولاية الرابعة ، مشارك في الكشافة الإسلامية ، كان قائدا في صفوف الجيش مكلف بجلب المنخرطين وتنظيم صفوفهم ، يقدره عميروش كثيرا ، دبرت له مكيدة وقبض عليه القبطان ( بول ألان ليجي ) في كمين في الناحية الرابعة من تراب الولاية الثالثة نفذه كومندوس من الحركى و عساكر فرنسا بدعوى أنهم يريدون الإنتقال لتونس . أعدمته فرنسا في مسقط رأسه في 5ماي 1958 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شولتز: المساعدات الأميركية لا تعفي الدول الأوروبية من الاستم


.. رغم التهديدات.. حراك طلابي متصاعد في جامعات أمريكية رفضا للح




.. لدفاعه عن إسرائيل.. ناشطة مؤيدة لفلسطين توبّخ عمدة نيويورك ع


.. فايز الدويري: كتيبة بيت حانون مازالت قادرة على القتال شمال ق




.. التصعيد الإقليمي.. شبح حرب يوليو 2006 | #التاسعة