الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأهمية التاريخية والغائية لثورة 14 تموز (1-3)

عقيل الناصري

2019 / 12 / 9
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


1.1- الأهمية التاريخية والغائية لثورة 14 تموز (1-3):
"... أنطوى إنشاء العراق على عنصرين متكاملين ومتداخلين: تكوين الدولة وبناء الأمة. وكثيراً ما يخلط ما بين هذين العنصرين ويقع لالتباس. فتكوين الدولة ، كما اشرنا، يتصل بعملية إيجاد منظومة المؤسسات التي تشكل النظام السياسي، وتحديد المجال الإقليمي للكيان السياسي الجديد، نظامه القانوني وغيره من الأنظمة وهيكليات السلطة والعملة والعلم والعاصمة، وما إلى ذلك . أما بناء الأمة، فهو ينطوي على عكس من ذلك، على الآليات الضرورية لضمان رضا ومشاركة مختلف الجماعات الإثنية والدينية والثقافية المبعثرة التي تقع داخل حدود الرقعة الجغرافية في مؤسسات الدولة... ".
ويُعد التغيير الجذري في يوم 14 تموز، أحد أهم معالم عراق القرن العشرين، بعد تأسيس الدولة العراقية في آب من عام 1921 من الناحية التاريخية فحسب، لكنه الأكثر أهميةً من الناحية النوعية لما أثارته من تغييرات بنيوية مستقبلية طالت أبعاد المجتمع العراقي قاطبةً. لهذا فإنه يُعد المحاولة الأولى لبناء الدولة/ الأمة في العراق المعاصر. وعليه فأن التغير الجذري (الثورة ) تميز "... بمجيء حكم وطبقات جديدة، نقيضة للطبقات القديمة، بطبيعتها وسياستها وأهدافها، هو بمثابة الدليل الحاسم على إتسام المرحلة الجيدة بسمات وطنية ديمقراطية، فثورة تموز التي تمخضت عن أحداث وإنتفاضات بعيدة الأثر، قد غيرت هيكل السياسات العراقية إلى حدٍ بعيد، ولم يقتصر الأمر على انبثاق قيادة جديدة –أنطلقت في أساسها من جيل جديد- تسيطر على المسرح السياسي، بل تجاوز ذلك الأمر إلى ألجوهر، حيث بدأت الثورة في وضع خطط والمشاريع للتنمية وتحديث المفاهيم الاجتماعية وفق النظرة الثورية... ".
ويصف حنا بطاطو ما حدث يوم 14 تموز بالقول:"... فإنه لا بد من الموافقة على أن ما حصل يوم 14تموز/ يوليو كان عملاً من تخطيط جماعة صغيرة بمعزل وسرية عن الشعب, وهكذا كان الأمر فعلاً، وبشكل جزئي. ولكننا نكرر لأن على المرء أن ينظر نظرة أوسع آفقاً إلى الأشياء. وعلى المرء كذلك، وعلى الأقل، أن يضع أحداث 14 تموز/ يوليو في إطارها التاريخي الطبيعي. وبهذا المنظور، تبدو هذه الأحداث كأنها ذروة نضال جيل كامل من الطبقات الوسطى والوسطى الدنيا والعاملة، وأوج ميل ثوري كامل ومتشرب في الأعماق وكانت له تعبيراته التي تمثلت بإنقلاب 1936 ( العراقوي النزعة- الناصري) والحركة العسكرية 1941 (العروبي النزعة- الناصري) والوثبة 1948 والانتفاضة 1952ثم انتفضات 1956. وكان الضباط الأحرار، بخيوطهم المرئية وغير المرئية، مقتنصين في هذا الميل. وكانت معرفتهم جزئياً- كما يتضح من أحاديثهم- بأن العمل على المستوى الشعبي وحده لا يمكنه أن يطيح بالنظام القديم هي التي قادتهم إلى الإمساك بزمام المبادرة. ولكن لا يكفينا أن ننظر إلى الوراء. ويجب ألا يقتصر حقل الرؤية عندنا على ما سبق أحداث 14 تموز/ يوليو، بل أن يشمل ايضاً ما تلاها. والواقع أن إلقاء نظرة سريعة على الآثار اللاحقة يكفي لجعلنا نعرف أننا أمام ثورة أصيلة.
ولم يكن لظاهرة سطحية أن تطلق كل تلك المشاعر بهذا العنف، أو لتثير المخاوف أو الآمال بهذه الجدية التي غزت سنتي 1958-1959، والواقع أن 14 تموز / يوليو أتى معه بأكثر من مجرد تغيير الحكم. فهو لم يدمر الملكية أو يضعف كل الموقع الغربي في المشرق العربي بطريقة جذرية وحسب، بل إن مستقبل طبقات بإسرها ومصيرها تأثر بعمق. ولقد دمرت إلى حد كبير السلطة الاجتماعية لأكابر المشايخ ملاكي الأرض ولكبار ملاكي المدن. وتعزز نوعياً موقع العمال المدينيين والشرائح الوسطى والوسطى الدنيا في المجتمع. وتغير كذلك نمط حياة القلاحين نتيجة الانتقال الملكية من ناحية ولإلغاء أنظمة النزاعات القبلية وإدخال الريف في صلب القانون الوطني من ناحية أخرى. وصحيح لم تتجذر الثورة بالعمق بما يكفي، ولكن هذا ما يميل إلى تميز كل الثورات التي تلعب فيها عناصر الطبقة الوسطى دوراً تقريرياً تقريباً. وصحيح كذلك أن التيه ميز مسار الثورة وأنها كانت لها تعاقبات صعود وهبوط ، ولكن هذا ناجم عن عدم انسجام الطبقى الوسطى وعن الاشقاقات في صفوفها وصفوف سلك الضباط، الذي هو ذراعها المسلحة والشرعية القائدة لها... ".(التوكيد منا - الناصري).
وطالما نحن في رحاب المفاهيم المجردة النظرية، في لابد من التفريق والتميز بين عدة مصطلحات التي لها علاقة بالتغيير الجذري في المضمون والماهية والشكل، يقول عبد الفتاح إبراهيم مميزاً بين الثورة والانقلاب، والفتنة والعصيان أن: "... الثورة غير(الإنقلاب) الذي يعني قلب الحكومة القائمة، إستبدال الجماعة التي في الحكم بجماعة أخرى لا تستدف تبديلاً أساسياً في محتوى النظام القائم، وإنما تريد تطبيق أصول هذا النظام بشكل آخر وعلى يد جماعة غير التي تقوم في الحكم. والثورة غير (الفتنة) التي ينشق جانب من المجتمع على الحكومة القائمة ويلجأ إلى استعمال السلاح في محاولة فرض مطاليبه أو إعلان إنفصاله. وقد تتسع الفتنة حتى تنقلب إلى ما يشبه (الحرب الأهلية)؛ لكنها مهما أتسعت لا تكون ثورة، لأنها تدور حول خلاف محدود وتريد تحويراً جزئياً أو كلياً في ناحية واحدة دينية كانت أم اقتصادياً أم سياسية.
وأقل من الفتنة شأناً في علم السياسة ما يعبر عنه بـ ( العصيان أو التمرد) وهو قيام جماعة في جزء محدود من البلاد، تشق عصا الطاعة على الحكومة الشرعية وتخرج على القانون. والعصيان في جوهره عمل سلبي يعتمد على استعمال السلاح وأضيق نطاقاً من الفتة، إلا أنه قد يتسع حتى يصبح فتنة، إذا استلزم في تصفيته استعمال جزء كبير من القوات المسلحة... ان الثورة في مدلولها تبدل أيجابي وإنشائي، جذري وشامل في محتوى النظام الاجتماعي وفي أهدافه وفي من يحكم فيه... وأن الثورة تستهدف تبديلاً جذرياً في أصول الحياة العامة، لا يمكن أن تحقق أهدافها بضربة واحدة أو في فترة قصيرة... ". لكن في حلقات متتابعة ذات منطق جدلي مترابط، وحسب الأهمية المنتظرة.( التوكيد منا- الناصري).
ومن الناحية السيسولوجية فعند دراسة من يصدر القرار المركزي للدول، لوحظ أن"... تركيبة نخب الدولة في الفترة الزمنية الممتدة من عام 1958- 1979، يلاحظ ثلاثة اتجاهات رئيسية: صعود دور الضباط المحترفين ؛ إنحسار تمثيل القطاعات الشيعية والكردية ؛ أخيراً التحول من نخب تنحدر من الشرائح العليا الحضرية للطبقات الوسطى إلى فئات قروية (أو بلدات طرفية) من الشرائح الدنيا للطبقات الوسطى... ". أما دور الضباط فقد لوحظ أن السمة اللافتة قد "... لعبوا بوعي أو بدونه دوراً في قطع وإرباك مسار التظور الذي دام قرناً من الزمان منذ السلطة العثمانية إلى إنشاء الدولة الوطنية العراقية، وتجلى في أضطراب إيقاع التغيير المتفاوت، المنقلب. ففي أية لحظة من هذا المسار كان هناك في موضع ما ، وعلى نحو ما، كيان ما ( الدولة أو المجتمع) أسرع تطوراً من بقية العوامل أو أبطأ منها، وكان التدخل العسكري – السياسي واحدا من عوامل التخلخل... ". وهذا ينطبق حتى على تأسيس الدولة العراقية حيث سيطر الضباط على المفاصل الأرأسية للدولة العراقية ، وبخاصة الشريفيون ، ما بالك على ثورة 14 تموز وما بعدها ومن حدوث أنقلابات قادها العسكر المغامرين، وبصورة خاصة أثناء الجمهورية الأولى. إذ كونت جمهوريات عسكرية، في الأولى (14 تموز1958- 9 شباط 1963)، وفي الثانية ( 9 شباط 1963- 9 نيسان 2003) حكمت في جزئها الأخير جمهورية تسلطية توتاليتارية .
لكن ثورة 14 تموز بعكس الانقلابات الفوقية، اذ أحدثت تأثيرات نوعية فاقت كل التغييرات ال الجوهرية للعراق المعاصر، بما فيه تأسيس الدولة العراقية. ما بالك المرحلة العثمانية كإمبراطورية سنية مقدسة . وهذه للمرة الثانية في عراق الخمسينيات تحرك الجيش من خارج نخبة الحكم الأوليغاركية، حيث سبقها التحرك العراقوي من عام 1936.
واستنتاجنا الأرأس المستنبط من ماهيات أن هذا التغيير الجذري (الثورة) قد سبق وأن تمخضت عنه أصطفاف جملة من الغائيات الاجتصادية والسياسية والفكرية والتربوية، التي تحقق منها الكثير في الواقع العراقي، رغم قصرها الزمني، بحيث طردت كل من طبقة الاقطاع وفئة الكمبرادور التجارية والنخب السياسية الأولغاركية التي حكمت العراق منذ تأسيس الدولة العراقية في العام 1921، وأبدلت فلسفة الحياة وغائيتها بحيث بالمجمل وضعت المجتمع على سكة الحداثة، وإن لم تكتمل بحكم هجوم الجراد على طلع النخيل في انقلاب 8 شباط عام 1963.. ومن هذه الغائيات، ترتبت ليس حسب الأهمية:
- الغاء الطائفية السياسية في الحكم وإبرام عقد الاجتماعي جديد يعتمد على ترسيخ الهوية الوطنية العراقية؛
- مبدأ التوجيه الاقتصادي وتحرير الاقتصاد من التبعية الاستعمارية ؛
- طرد طبقات اجتماعية (الاقطاع وفئتي الكمباردور والضباط العثمانيين)غير المتلائمة مع روح العصر ؛
- الاعتراف الدستوري بحقوق الأكراد بإعتبارهم شركاء في الوطن بموجب المادة 3 من الدستور المؤقت ؛
- تطبيق قانون الاصلاح الزراعي، وهو جوهر كل ثورة وطنية تحررية، وتحقيق أهدافه الأربعة المتمثلة: القضاء على الاقطاع ؛ إقامة النظام التعاوني في الزراعة ؛ السماح بإقامة قطاع خاص متوسط على أن يوجه من قبل الدولة ؛ انشاء قطاع دولة من خلال المزارع الحكومية ؛
- العمل على تقوية الطبقة الوسطى بكل فئاتها، الدنيا والعليا، سياسياً وفكريا وإجتصادياً، ولم تكتفي الطبقة الوسطى برسم القرار الحكومي، بل أُوكل لها بالننفيذ عملياً مقارنة بالمرحلة الملكية إذ كانت فئات الطبقة الوسطى، بخاصة حدودها العليا ترسم القرار فحسب أما تنفيذه فكان بيد النخبة السياسية الأوليغاركية ؛
- إعادة التوازن الاجتماعي للمجتمع بين مكوناته الاجتماعية الدينية والمذهبية والقومية واللغوية ؛
- التحقيق المادي لأسس الهوية الوطنية من خلال الابعاد الاجتصادية والانطلاق منها لتطوير الوعي الاجتماعي بماهياته وتجلياته السياسية والجمالية والفلسفية والحقوقية وحتى الدينية ؛
- الابتعاد عن الأحلاف العسكرية بصورة مطلقة والإلتزام بالحياد الإيجابي ؛
- الانطلاق من أولوية مصالح العراق، ومن أولوية عراقية العراق بإمتدادها ألارحب نحو الأمة العربية ؛
- الإستفاد من واقع جغرافية المكان، الطبيعية والبشرية والسياسية، وتوظيفها لمصلحة الشعب العراقي وعلى رأسها السياسة النفطية ؛
- تطوير واقع السياسة التربوية والتعليمية وانتشارهما وبالاخص الجامعية وتوسع القبول بالدراسات العليا وإزدياد البعثات الدراسية وبخاصة إلى الدول الاشتراكية والدول الغربية ؛
- جملة الغائيات التي رُفعت من المستويات الاجتصادية والتعليمية للطبقات للفقيرة وذات الدخل المحدود ؛
- استكمل بناء مؤسسات الدولة وتسخيرها لخدمة ابناء الشعب بكل طبقاته وبالأخص الطبقات الفقيرة ؛
- إعادة الهيكلية الإقتصادية وتغيير في الأولويات وذلك من خلال بناء المصانع والاعتناء بالزراعة وتطوير البنى التحتية بغية الاستقلال الاقتصادي ؛
- الإرتقاء بالتجارة وإلغاء فئة الكمبرادور عملياً والمساعدة على تطوير الصادرات ؛
- السياسة التنموية والتخطيط لها ضمن تعددية الأنماط الاقتصادية المتتوئمة مع ألافاق المستقبلية المستنبطة من واقع الظروف المادية ومعطياته الاجتصادية ؛
- تحقيق فكرة المساواة بين الجنسين وأعادت للمرأة حقوقها الطبيعية والمكتسبة التي تم تجسيدها المادي والقانوني في قانون الأحوال الشخصية لعام 1959 ؛
- تطوير الشبكات الحديثة للإتصالات والمواصلات (بناء الطرق، سكك الحديد، بناء المستشفيات ودور السكن للطبقات الفقيرة وإنتشار المدارس للقرى النائية ) بغية "... تقليص العزلة السرمدية بين المجموعات الحضرية والريفية وخروج المدن المنغلقة على ذاتها من عزلتها السابقة لكي تنشط وتتفاعل في فضاء وطني مشترك... "، قياساً بالمرحلة الملكية وربط الريف بالمدينة كي ترفع من مستويات العلاقة الاجتماعية لكليهما، وبالنتيجة الحد من سريان مفعول قانون التفاوت بين القرية والمدينة سواء من خلال الاصلاح الزراعي أو/ و الجمعيات الفلاحية التعاونية و رفع مستويات الوعي الاجتماعي للفلاحين ونبذ القيم العشائرية السلبية وشيوع التعليم الذي أمتد إلى هذه المناطق ؛
- أن ثورة 14 تموز أحدثت رجات في العلاقات الدولية وتغيير موازين القوى في العالم بخاصة في المنطقة العربية، لأن العراق كان نقطة الانطلاق في سياسة المراكز الرأسمالية وبخاصة البريطانية والأمريكية.
- مساعدة حركات التحرر العربية وبخاصة في الجزائر وفلسطين وعُمان وفي بقية أنحاء العالم ؛

الهوامش والمصادر:

- د. فالح عبد الجبار، دولة - الأمة، النزعة القومية وحق تقرير المصير مفاهيم أساسية، الحوار المتمدن نشر بتاريخ 4/10/ 2017 :"...هناك مقاربتان لمفهوم الامة وبناء الامم، هما: المقاربة الألمانية والمقاربة الفرنسية.
المقاربة الألمانية التي وضعها الفيلسوف الألماني يوهان فيخته (١٧٦٢١٨١٤) في نص يُعرف باسم "خطابات الى الامة الألمانية" (١٨٠٧)، حدد فيه مفهوم الامة على اساس اللغة، واواصر الدم، بل شبهها بـ"القبيلة"، لجهة قرابة الدم، والجماعة المغلقة بثقافتها ولغتها.منذ ذلك الحين وصيغة فيخته لمفهوم الامة كجماعة ثقافية ذات لغة مشتركة، وصلة رحم سادت، مع بعض التعديلات، تحت اسم النموذج الألماني. فالثقافة حددت اما باللغة، او بالدين، او بالعرق. اليابان تحوي كل هذه العناصر، والهند مثلاً لا تحوي أي عنصر مشترك من هذه. مع هذا، النزعة القومية اليابانية لا تقل قوة عن نظيرتها الهندية.
النموذج الفرنسي لا يعتبر أواصر الدم، ولا اللغة اساساً لبناء الامة. واضع هذا المفهوم المفكر الفرنسي ارنست رينان، في محاضرته الشهيرة في السوربون (١٨٨٢) بعنوان: ما هي الامة! كان رينان ينظر الى تجربة اميركا الشمالية وتجربة اميركا اللاتينية في الاستقلال عن إنكلترا وعن اسبانيا رغم وحدة اللغة والثقافة. في رأيه الامم تقوم على عنصرين: وحدة المصالح المشتركة لأعضائها، ونسيان الماضي (الاقطاعي) المحترب. بدون نشوء مصالح مشتركة، وبدون نسيان احقاد الماضي، لا يمكن بناء الامة. وله قولة شهيرة: "الامة استفتاء دائم".اغلب الحركات القومية والدول القومية اعتمدت النموذج الألماني، رغم وجود تنوع في بلدانها ما يقتضي المرونة، واعتماد النموذج الفرنسي. .. ".( التوكيد منا- الناصري).
2 - يقول د. فالح عبد الجبار/ العالم السيسيولجي: ".. يوم قرأت في أحد الكتب اليسارية الرصينة تعبير (الثورة الفاشية) و (الثورة النازية)، ظننت أن ثمة غاطاً طباعياً، فأحطت كلمة ( الثورة) بدائرة قلم أحمر مع علامات استفهام كما كنت أعلن احتجاجي، فكلمة ثورة إيجابية، تفيد التغيير نحو يوتوبيا أمثل وأعلى شأناً من الحاضر المزري. وأدركت حينها أن اللفظ: ينطوي على معنيين بالسلب والإيجاب... ". كأن نقول الثورة المضادة أو ثورة الردة على سبيل المثال. مستل من: كتاب الدولة - اللوياثان الجديد، ترجمة فرق عمل،هامش ص. 141، منشورات الجمل، بغداد- بيروت، 2017
3- مجيد خدوري، العراق الجمهوري، ص. 5، مترجم، الدار المتحدة للنشر، بيروت 1974.
4- الطبقة الوسطى مفهوم"... يدين بظهوره إلى الفيلسوف والاقتصادي جيمس ميل نحو عام 1824، الفكرة العامة آنذاك أن الطبقة الوسطى هي شريحة اجتماعية – اقتصادية تقع في موقع وسط بين الطبقات العليا الموسرة ( من المالكين للأصول : الأرض والعقار أو الملكين لرأس المال) والطبقة الدنيا معدومة الملكية. وهذه التسمية middle classes ابتكرها جيمس ستيورات ميل، تعويضاً عن المرادف الفرنسي الأصل: البرجوازية والبرجوازية اصغيرة، التي كانت تعني في سياق القرن التاسع عشر والعشرين، الطبقة الحضرية المالكة، الكبرى والصغرى. والتركيز هنا على أن الطبقات الوسطى مرفهة، تعيش في حالة وسط بين كبار المالكين( لوردات الأرضوكبار الرأسمالين) والطبقة العاملة ( العمل اليدوي). وقد أستخدم ماركس المفهوم بصيغتيه الفرنسية والانكليزية، فهو يستعمل تعبير البرجوازية الصغيرة petty bourgeois وتعبير صغار الطبقة الوسطى Kleiner Mittelklasse. المعيار الأساسي للطبقة هنا هو المُلكية من عدمها وحجم الملكية في إطار بنية اجتماعية محددة. ولم يكن ثمة تمييز آخر بعد التفكيك الفيبري تحولت الأدبيات السيسيولوجية إلى إستخدام مفهوم الطبقات الوسطى بمعنى واسع يضم الطبقات العليا والوسطى والدنيا من أصحاب الملكية و{اس المال والراتب. ااعتبار المفهوم برمته خطاً يفصل بين المالكين من هنا والمعدمين والهامشين من هناك..." فالح عبد الجبار، كتتاب الدولة، ص. 310، مصدر سابق. أما التمييز النوعي/ الوظيفي فهناك شرائح منتجة وأخرى خدمية لا تملك أصولاً إنتاجية فهي تبيع المعرفة والمعلوماتية.
5- حنا بطاطو، الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية من العهد العثماني حتى قيام الجمهورية، ت. عفيف الرزاز،الكتاب الثالث، ص. 116ط. 2، مؤسسة الابحاث العربية، بيروت 1999.
6-عبد الفتاح إبراهيم، معنى الثورة، أضواء على ثورة 14 تموز1958، صص. 5، 6، 11، مركز الجمهورية للبحوث والدراسات بغداد 2016.
7- د. فالح عبد الجبار كتاب الدولة، ص. 135.
8- المصدر السابق، ص. 136
9 - للمزيد راجع كتابنا، الجيش والسلطة في العراقي الملكي 1921-1958، ط. 2، دائرة الشؤون الثقافية، بغداد 2005.
10 - الضباط الشريفيون: هم من شارك مع بريطانية عند احتلالها للعراق في عام 1914، وهم ضباط في الجيش العثماني ، وقد خدموا اثناء ( ثورة ) الشريف حسين وعملوا تحت قيادة الملك فيصل في (تحرير) بقية الجزيزة العربية وسوريا الكبرى وطرد العثمانيين منها.. وقد قدموا للعراق مع ترشيح ( إستيراد) فيصل الأول ملكاً على العراق. علماً بأن اغلبيتهم عراقيين.
11-وبإجتهاداً معرفي قمت بتقسيم الزمن الجمهوري إلى ثلاثة أقسام، وقد إتخذت معيار الوطنية العراقية (العراقوية)، مقياساً لمدى درجة ارتباط الحكم بالهوية الوطنية بإمتدادها نحو الأرحب العربي: فالجمهورية الأولى من( 14 تموز1958 إلى 9 شباط 1963 ) ؛ والثانية ( من 9 شباط 1963 إلى 9 نيسان 2003) ؛ والثالثة ( من 9 نيسان - ولحد الآن).
12 - "... يحدد نويمان التوتاليتارية في الحقبة الصناعية التي طورت آليات متكاملة شديدة التركيب لاتعمل إلا في نظام تراتب هرمي، متراصف شديد التنظيم..." ولهذا يحدد ثمانية سمات متكاملة: "... 1- التحول من دولة تستند على القانون (دولة القانون) إلى دولة بوليسية ؛ 2- التحول من تقسيم السلطات إلى تركيزها ؛ 3- وجود نظام دولة الحزب الواحد المحتكرة للسلطة والمنبثق من مجتمع جماهيري... 4-العنصر الرابع هو التحول من الرقابة الإجتمماعية المتعددة إلى الرقابة التوتاليتارية حي كيف المجتمع عن التميز عن الدولة ؛ 5- عبادة الزعيم وتصيع الكاريزما ؛ 6- الأمبريالية العرقية ؛ 7- الاقتصاد الاحتكاري التوتاليتاري ؛ 8- إعتماد التوتاليتارية على الإرهاب ولكنها لا تستطيع الاستمرار من دون أن تتماهى الجماهير تماهياً كبيراً مع حكامها... أنا أنظر إلى التوتاليتارية بإعتبارها ظلهرة متعددة المستويات: فهي أولاً حركة اجتماعية لتعبئة الجماهير ؛ وهي ثانيةً خطاب نخبوي وعبادة cult ثقافية ؛ وهي أخيراً شكل معيّن من أشكال النظام السياسي يلغي تقسيم السلطات، ويرسي تقنيات للسيطرة والهندسة الاجتماعية خاصة بعصر المجتمعات الحضرية الجماهيرية، هي نظام يحاول إنهاء الفصل بين المجتمع السياسي والمجتمع المدني، ومركزة السلطة السياسية عبر تدمير استقلالية المجتمع المدني. وإن إزالةالفصل المؤسساتي بين السلطات وخلق لوياثان حديث مطلق السلطة، بإسم سردية يوتوببية عظمى عن الدولةأو الشعب أو الفردوس اللاطبقي، ينتهي إلى تجسيم الفكرة في فرد وعبادن هذا الفرد ذاته...". " د. فالح عبد الجبار، كتاب الدولة، ص. 44، 54، مصدر سابق. ( التوكيد منا- الناصري)
13- يحلل د. فالح عبد الجبار من الناحية السسيولوجية طبيعة المرحلة العثمانية "... كانت السلطنة العثمانية إمبرطورية إسلامية سنية مقدسة ما قبل حديثة، التي حكمت أكثر من أربعة قرون على أرض شاسعة ضمت عدداً كبيراً من الجماعات الأثنية والدينية والثقافية. وفي القرن التاسع عشر كانت واحدة من قلة من نماذج الحكم السلالي الإستبدادي، أي السلطاني، ما قبل الحديث... ". كتاب الدولة، ص.92، مصدر سابق.
14 - للمزيد راجع : إبراهيم كبة، هذا هو طريق 14 تموز، ص. 64، دار الطليعة بيروت،1969.
15 -"... وفي رأي، أن الطبقة الوسطى في العراق تختلف عن الطبقة الوسطى بالمعنى المألوف؛ فهي بمحتواها الغالب تتألف من لبرجوازية الصغيرة ، من أصحاب العقار والتجار وأرباب المهن والمثقفين وموظيفي الدولة ومستخدميها ؛ وِأن كبار رجال الصناعة والرأسمالين في تكوينها وطبيعتها محدود جداً، لتأخر الصناعة في العراق..." في المرحلة الملكية. عبد الفتاح إبراهيم، معنى الثورة، ص.65، مصدر سابق.
16- "... إن مجموع البعثات حسب سجلات البعثات منذ سنة 1921 وإلى حتى 1958 بلغت 2021، فكان لهذا البعثات بعد الثورة قد وصلت إلى 2400 أو حتى 2600 بعثة في الوقت الحاضر، وفي خلال هذه السنة ( 1959) تم أرسال أكثر من 3 آلاف طالب وطالبة للدراسات العليا والتعليم العلمي فضلا على ألف منهم على نفاقتهم الخاصة..."، مستل من شهادة طالب حامد قاسم، ورواية عبد العباس عبد الجاسم، عبد الكريم قاسم حقيقة التاريخ وتاريخ الحقيقة، ص. 102، دار النشر الكتاب العربي، بغداد، سنة الإصدار بلا.
17 - تم تطوير البناء التحتي وقد أنجزت السلطة الوطنية لثورة 14 تموز في غضون 4 سنوات و6 أشهر، وهذا غيض من فيض، وقد تم بناءً: 25 مستشفى و160 ألف مستوصفاً و22 جسراً وأنشاء 10 مدن سكينة بما فيها مدينتي الثورة والشعلة، و2334 مدرسة و44 مصنعاً، وبنى ميناء أم قصر، ومطار بغداد الدولي، وملعب الشعب، ورئاسة جامعة بغداد وغيرها.
18- د. فالح عبد الجبار، كتاب الدولة، ص. 116، مصدر سابق.
19- أول ما ألغت ثورة 14 تموز هو قانون دعاوى العشائر المدنية الجزائية، وذلك بعد اسبوعين من قيام الثورة وبالتحديد في 27 تموز 1958، وبهذا فقد سادت السلطة القضائية على العراق برمته، حيث أن هذا القانون فرض التفرقة في معاملة القضاء والمحاكم بين المدينة والريف وعلاقاته الزراعية. وأجاز هذه القانون ان يكون رئيس الوحدة الإدارية بمثابة الحَكَمْ, وغالباً ما يجاف الفلاح ويساير الاقطاعي بسبب الطبيعية الطبقية للسلطة وإنحيازها للطبقات الثرية والمالكة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن تفرض عقوبات جديدة على طهران بعد الهجوم الإيراني الأخي


.. مصادر : إسرائيل نفذت ضربة محدودة في إيران |#عاجل




.. مسؤول أمريكي للجزيرة : نحن على علم بأنباء عن توجيه إسرائيل ض


.. شركة المطارات والملاحة الجوية الإيرانية: تعليق الرحلات الجوي




.. التلفزيون الإيراني: الدفاع الجوي يستهدف عدة مسيرات مجهولة في