الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات البريطانية العامة وشيكة!

منذر علي

2019 / 12 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


يمكنني القول بدون عجرفة، أو تعالٍ شوفيني مقيت، أنا فخور للغاية بهويتي الوطنية اليمنية والعربية والإنسانية. ولأنني كنتُ ومازلت أرفض بقوة الظلم أينما كان ، وأمقت كل من يعادي الإنسانية والحرية والعدالة والسلام ، فأنني لا أحمل ذرة من بغض تجاه أية أمة في العالم . ولذلك فأنَّ موقفي السياسي التقدمي تجاه الشأن السياسي في وطني لا يتجزأ جغرافيًا أو أخلاقيا ، وهو لا يختلف كثيرًا عن موقفي السياسي العام تجاه ما يدور في العالم. فأنا مناهض للظلم ومساند للفقراء والمتطلعين للسلام و الحرية والعدالة والتقدم.


ومن هذا المنطلق فأنني لو كنتُ بريطانياً ، لاخترتُ ، دون تردد، حزب العمال البريطاني ، خاصة تحت الزعامة الاستثنائية للقائد اليساري البارز جيريمي كوربين لأنه ، كما أرى ، مناهض شديد البأس للعنصرية بكل أشكالها، ومكافح عنيد ضد كل أوجه العداء للسامية، Anti-Semitism.
كما أنه يسعى، بدأب لا يكل ، من أجل تعزيز مكانة دولة الرفاه ، ًWelfare State ، قي بريطانيا، عَبْر توسيع دائرة التدريب المهني و تعزيز التعليم على كل المستويات ، و تطوير العلوم ، و تحسين الإسكان و توفير العمالة ، وتخفيض البطالة ، وتحسين الرعاية الصحية للشعب ، وبشكل خاص لكبار السن، ومكافحة الأمراض المستعصية ، كالسرطان ، والسكري ، Diabetes ، والتهاب المفاصل ، Arthritis ، والزهايمر ، Alzheimer ، والاضطرابات الجينية ، Genetic Disease ، والشيخوخة المبكرة، وغير ذلك من الأمراض.


و بشكل أعم، فأن حزب العمال، كما يتجلى بوضوح في برنامجه السياسي، يسعى لأنْ يجسد في توجهاته السياسة، مصالح الطلاب ، والمرأة والأقليات المهمشة ، فضلًا عن مصالح الطبقة العاملة والشرائح الدنيا من الطبقة الوسطى. وفي ذات الوقت، فأنَّ حزب العمال يسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال إعادة تأميم المنشآت الصناعية والخدمية الكبرى، و رفع الضرائب، على كل من يزيد دخله السنوي عن ثمانين ألف جنيه في السنة ، أي أنَّ الضرائب ستكون بشكل تصاعدي ، وستشمل الطبقة البرجوازية، والشرائح العليا في المجتمع البريطاني، بغية تمكين الحكومة من الأنفاق على الخدمات الحيوية المختلفة.


وعلى الصعيد العالمي فأنَّ حزب العمال البريطاني ، تحت القيادة اليسارية الحالية لجيريمي كوربيين ، يحمل رؤى تقدمية تجاه القضايا العالمية الكبرى، المتصلة بالسلام العالمي ، وتخفيض الأسلحة النووية ، وقضية فلسطين وحرب اليمن ، والمسائل البيئية والعلاقات الدولية العادلة بين الدول الفقيرة والغنية ، وغير ذلك من القضايا التي تعكس توجها إنسانيًا نبيلًا ، يصب في خدمة الإنسانية كلها.


ولكن علينا أنْ ندرك أنَّ لهذه التوجهات السياسية التقدمية ثمنها الكبير، فالرأسمالية لم تفرط بمصالحها في الماضي، وهي لن تفرط بمصالحها في المستقبل. لذلك فأننا نرى، بأم العين، أنَّ القوى اليمينية في بريطانيا وأوربا والعالم الغربي بشكل عام ، وبشكل خاص في الولايات المتحدة الأمريكية ، تحت القيادة البغيضة لرونالد ترامب ، تعلن تحيزها بوضوح للقوى اليمينية، و تناهض بقوة توجهات حزب العمال البريطاني اليسارية، وتسعى بكل ما أوتيت من قوة ، وبوسائل مختلفة وماكرة، لتشويه زعامته الاستثنائية والافتراء عليها.


ولذلك فأنني، ومن منطلق وطني تقدمي إنساني ، أحثُ بإخلاص كل الأصدقاء العرب في بريطانيا لانتخاب حزب العمال البريطاني يوم الخميس المقبل ، الموافق 12 ديسمبر 2019 ، وتجنب الوقوع فريسة سهلة لإغواء و إغراءات ومكر الأحزاب اليمينية ، كحزب المحافظين وحزب الأحرار، والأحزاب الفاشية ، كحزب حزب "بريكست"، بزعامة نايجل فاراج ، وحزب الاستقلال البريطاني ، UKIP، وغيرها من الأحزاب اليمينية والفاشية.

إنَّ انتصار حزب العمال في بريطانيا، بتوجهه التقدمي الجديد، من شأنه أن يحدث انقلابا مهمًا في العلاقات الدولية لصالح المشروع التقدمي. و لكن هل هذا الانتصار المأمول سيتحقق للشعب البريطاني؟ ولِمَ لا ، من الممكن أن يتحقق إذا تخلص الناس من وعيهم الزائف ، وأدركوا ماذا تعني هزيمة الرأسمالية في وكرها للبريطانيين وللإنسانية.

هل أفرطتُ في تفاؤلي؟ ربما ، ولكن من يدري، ربما يتحقق انتصار حزب العمال البريطاني، ويكون انتصاره إيذاناً بقدوم ربيع الإنسانية الحق ، وتحقيق الاشتراكية في بلد الثورة الصناعية الأولى في العالم الرأسمالي ، كما تنبأ أحد المفكرين العظام ، وهو يخط بدم القلب كتابه العظيم ، "رأس المال"، في المكتبة الوطنية البريطانية في لندن في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، ويحلم بإلغاء استغلال الإنسان لأخيه الإنسان.


في الأخير، أرى من الواجب أن يكون هناك تناغمًا حقيقيًا بين الموقف السياسي التقدمي لأهلنا في بريطانيا وأمريكا وألمانيا وتركيا وهولندا وغيرها من البلدان في الخارج ، وبين مواقفهم السياسية تجاه ما يجري في وطنهم الأم في الداخل . إذْ لا يعقل أن يكون الموقف في الخارج تقدمي وذات طابع إنساني نبيل، ويكون الموقف في الوطن رجعي وذات طابع قبلي أو طائفي أو جهوي عليل ، ويحمل توجهات معادية للقيم الوطنية المشتركة ، ويسعى لإقامة كيانات قبلية وسلطنات ومشيخات متخلفة!

انتخبوا حزب العمال!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يوقع حزم المساعدات الخارجية.. فهل ستمثل دفعة سياسية له


.. شهيد برصاص الاحتلال الإسرائيلي بعد اقتحامها مدينة رام الله ف




.. بايدن يسخر من ترمب ومن -صبغ شعره- خلال حفل انتخابي


.. أب يبكي بحرقة في وداع طفلته التي قتلها القصف الإسرائيلي




.. -الأسوأ في العالم-.. مرض مهاجم أتليتيكو مدريد ألفارو موراتا