الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
حكومة العثماني: بين حلم الادعاء وواقع الإخفاق
سامر أبوالقاسم
2019 / 12 / 11مواضيع وابحاث سياسية
لن يلزمنا الكثير من الجهد كي نعدد عيوب الحكومة الحالية وعجزها البنيوي عن بلوغ الأهداف المسطرة في برنامجها الحكومي. ولن نحتاج إلى الكثير من الوقت كي نقف على عدم قدرتها على المساهمة الملموسة في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للبلاد، خاصة فيما يتعلق بتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية والتنمية البشرية.
فهل يحتاج المغاربة تذكيرهم بقرب انتهاء ولاية هذه الحكومة، خاصة من حيث احتساب الزمن المتبقي لتنفيذ ما سطرته في برنامجها عند التشكيل، ومن حيث السياق الدولي والجهوي والوطني البالغ التعقيد والمتعدد الرهانات والتحديات، والنزوع الشعبي العام إلى رفض مخرجات سياساتها العمومية والاحتجاج عليها؟
إن المؤكد اليوم، هو أن الحزب الذي يقود الأغلبية لم يكن في مستوى الالتزام السياسي والأخلاقي مع الشعب المغربي، ولو في الحدود الدنيا، مما كان يقدمه من وعود في الحملات الانتخابية، وما كان يقترحه من أطر لتدبير شؤون الدولة والمجتمع، وما كان يحلم به من أرقام مغرقة في التفاؤل بخصوص الرفع من نسبة النمو، والحد من نسبة العجز، والتشجيع على الاستثمار، وخلق فرص الشغل، وتقديم خدمات اجتماعية تشكل حاجات أساسية لأغلب فئات المجتمع المغربي.
والأدهى من ذلك، الجميع يتساءل عن علاقة قوانين المالية ببرنامج هذه الحكومة، خاصة مع استحضار معطى غياب أي تغير، سواء على مستوى بنائها المنهجي أو على مستوى صياغة فرضياتها وتوقعاتها، أو على مستوى مضمون توجهاتها وغاياتها وأهدافها، وهو ما يثبت بالملموس أنها نتاج عمل مستمر للأطر الإدارية والتقنية المتوفرة داخل القطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية، دون أية لمسة سياسية تضفي عليها طابع الرؤية والاختيارات السياسية للحزب الذي يقودها.
خاصة وأنه في الوقت الذي تعتبر الحكومة مبدئيا ملزمة بالتزام السلوك النموذجي والانخراط في عمليات القطع مع هدر وتبذير المال العام، وتقليص النفقات غير الضرورية، لم تتمكن من تنفيذ شعار محاربة الفساد والقطع مع سياسة الريع المالي، الذي خصص لعدد كبير من الشخصيات، من بينهم رؤساء حكومات ووزراء سابقون وكبار مسؤولين وبعض من ينتمي إلى عالم الرياضة والفن...
بل لم تكن لهذه الحكومة الجرأة في الإعلان عن خلفيات عدم الكشف عن قوائم المستفيدين من ريع المالية العمومية سنويا بدعوى عدم "التشهير"، علما بأن هذا الإجراء لا يدخل سوى في باب العبث بمالية الدولة والمس بجيوب المواطنين دافعي الضرائب. إضافة إلى توزيع أراضي الدولة بالمجان، أو بأسعار الأراضي الفلاحية، وبالتحايل على القانون واستغلال ثغراته، وتحويل مئات الهكتارات المخصصة للمناطق الصناعية إلى مناطق للتجزئات السكنية، في غياب أية محاسبة.
دون الحديث طبعا عن العديد من المسؤولين والموظفين الذين استفادوا من التعويضات الخيالية للمغادرة الطوعية، وعادوا مع وزراء هذه الحكومة إلى "تحمل المسؤولية" عن طريق عقود للاستفادة من ريع المال العام.
لذلك، وفي ظل تنامي حجم الفساد، وبروز أثره في مختلف المشاريع والبرامج العمومية المنجزة، لا المواطنون ولا الفاعلون الاقتصاديون والاجتماعيون والسياسيون رأوا في الواقع أثرا للاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التي تهلل الحكومة بإنجازها. بل إن ما يتم تداوله على نطاق واسع، هو اللجوء إلى إنشاء شركات بأسماء مقربين من وزراء ورؤساء ومدراء كبار للاستفادة من الصفقات، وارتفاع منسوب الرشوة على مستويات عليا، وهو ما يجعل المتورطين في منأى عن أية محاسبة.
بل وهو ما يجعل منسوب الثقة في العمل السياسي وفي تدبير الشأن العام في ارتفاع متزايد، ويهدد المحطات السياسية والانتخابية القادمة. خاصة مع وقوف الجميع على حقيقة التشبث بعدم إحالة تقارير المجلس الأعلى للحسابات على محاكم جرائم الأموال، وتركها على الرفوف.
وبدل التوجه نحو اتخاذ إجراءات من شأنها كفالة نوع من العدالة الجبائية والإصلاح الضريبي، بإحداث توازن بين الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات والضريبة على الاستهلاك، تقوم الحكومة اليوم بالسماح بعودة الأموال المهربة دون معاقبة أصحابها، على غرار عملية العفو الأولى خلال سنة 2014 مع حكومة بنكيران.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. تمييز وعنصرية...هل تتحول ألمانيا لبلد طارد للكفاءات الأجنبية
.. غزة - مصر: ما تداعيات -استبدال- معبر رفح على النفوذ المصري؟
.. الرئيس الأوكراني يطالب حلفاءه بتسريع تسليم بلاده مقاتلات إف-
.. انتخابات بلدية في تركيا.. لماذا قد يغير الناخب خياراته؟
.. النيجر تؤكد أن الولايات المتحدة ستقدم -مشروعا- بشأن -ترتيب ا