الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأهمية التاريخية والغائية لثورة 14 تموز (2-3):

عقيل الناصري

2019 / 12 / 11
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


وهذا ما كشفته محاكمات رجال العهد الملكي من خلال موقعه في حلف بغداد ومن ثم تصاعد حدة الصراع الطبقي على مستوى الإقليمي والدولي. بدليل أن التدخل العسكري الأمريكي في لبنان، والبريطاني في الأردن.. جرى بعد عدة أيام من الثورة. فقد كان أيزنهاور قد أفصح، في مذكراته عن تلك الأهمية التي يعلقونها على عراق المرحلة الملكية. إذ "... أن ثورة 14 تموز أنزلت بالإستعمار أكبر ضربة قاصمة تلقاها بعد الحرب العالمية الأخيرة في المشرق العربي، فأحدث تبدلاً جذرياً عميقاً في الوضع السياسي في هذه المنطقة. وقلبت الخطط الاستعمارية العدوانية رأساً على عقب. ومدت حركة التحرر العربي بروح ثورية جديدة هائلة، أثارت أشد الرعب والفزع في جميع الأوساط الإستعمارية والرجعية في العالم... "، هذا من جهة. ومن جهة ثانية فقد تفاعلت جدلياً، جملة عوامل لإنجاح التغيير الجذري صبيحة يوم 14 تموز وأسقطت ذريعة التدخل الخارجي المتبرقع بـ (الشرعية الدفاعية أو المصالح الحيوية) لدول حلف بغداد والمراكز الرأسمالية، وكبحت جماح تدخلها بالقوة، بالتزامن مع جملة من العوامل التي يمكن إيجازها بعوامل أرأسية ورئيسية وثانوية.. وهي :
- السرية والكفاءة العاليتين في التحضير والإعداد للثورة ؛
- السيطرة على المناطق الحيوية والحساسة في العاصمة بغداد ؛
- المباغتة في التحرك والتنفيذ العملي ؛
- التأييد المطلق للقوى للشعب الحية (المد الشعبي) متمثلةً بإحزاب جبهة الاتحاد الوطني، كإستجابة الاجماعية الفعالة مما أفشل جهاز الحكم ويفقده كل القدرة على المقاومة ؛
- الإجهاض الفوريين للتحركات العسكرية المضادة، التي قامت بها بعض الوحدات العسكرية المتمركزة في كل من: الديوانية والمسيب والناصرية وكركوك ؛
- انعدام وجود شخصية بارزة ومؤثرة من نخب الحكم السابقة، تقود حركة المقاومة (الثورة المضادة) وتطلب التدخل من دول حلف بغداد أو/و الاتحاد الهاشمي ؛
- استدعاء قادة الثورة لبعض كبار الإقطاعيين وشيوخ العشائر الكبرى إلى بغداد، وبخاصة المالكين لقوة مسلحة، بغية إغلاق منافذ تحركاتهم المحتملة المناهضة للثورة ؛
- دور الجمهورية العربية المتحدة في تأييدها المادي والمعنوي للعراق واعترافها الدبلوماسي بالسلطة الجديدة؛
- النشاط الدبلوماسي الهادئ والواعي والسريع، الذي عبرت به الثورة عن ذاتها ومكوناتها، سواءً في البيان الأول أو مقابلاتها لأعمدة السلك الدبلوماسي الغربي وبخاصة دول حلف بغداد ؛
- دور الاتحاد السوفيتي في تأييده للثورة وبقية دول المنظومة الإشتراكية ؛
- عمق تأييد شعوب دول الجوار وبعض حكوماتها، وحركات التحرر في العالم الثالث والذي تجلى في سرعة الاعتراف الدولي بالنظام الجديد (22 دولة اعترفت في اليومين الأولين) ؛
- تأمين الحماية للرعايا الأجانب المقيمين بالعراق مما أغلق منفذ التدخل الخارجي بحجة حماية الرعايا ؛
- الخطاب السياسي الموزون والمتسم بالحذر والحيطة، الذي أكد على أهمية تدفق النفط، مما طمأن المصالح الغربية والدول المستهلكة له وهدأ، إلى حدٍ ما، من بواعث تدخلهم ؛
- تأمين تدفق النفط إلى أوربا وبقية بلدان العالم ؛
- التناقض الثانوي اللاتناحري بين المراكز الرأسمالية ذاتها على منطقة الشرق الأوسط ؛
- تناقض المصالح بين القطبيين الأرأسيين المتناحرين (الاشتراكي والرأسمالي) والتنازع التناحري بينهما ؛
- تأكيد حكومة الثورة على احترام المواثيق والاتفاقات الدولية المبرمة، كميثاق الأمم المتحدة ومؤتمر باندونغ، مما أضفى الطبيعة الحيادية الإيجابية للثورة، وبالتالي نزع فتيل التدخل الغربي ؛
وقد أنطلق التغيير الجذري ( ثورة 14 تموز) يستمد مقوماته السياسية وشرعيتها من فكرتين أرأسيتين هما:
- الانطلاق من الهوية الوطنية العراقية ومن أولوية عراقية العراق في إمتداده الأرحب نحو الأمة العربية ، بإعتبار الفكرة الوطنية ذاتها من الأدوات الثقافية إزاء تحديات الكولونيالية الغربية في تجليتها العامة ؛
- وفكرة المساواة والعدالة (النسبيتين) لأن القانون لا يقوم على أساس على أساس العدالة المطلقة وإنما يشرع بمعايير العدالة النسبية سواءً الاجتماعية بين الطبقات والمكونات الأثنية، والمناطق الجغرافية.
تبنت حكومة الزعيم قاسم، مطالب الطبقات الدنيا والفقيرة ورسمت سياسات لتحقيقها وتجسيدها عملياً، مما أضفى على الحكم صفة (الشعبية) ذات الملامح الجديدة والواقعية المستمدة من ذات مصالح المجتمع العراقي. وأصبحت هذه سمة الأرأسية للدولة في المرحلة التموزية/ القاسمية، وأصبحت هذه الطبقات أحد الجوانب الرئيسية في القاعدة الإجتماعية لنظام الحكم، حتى أن الدولة أبرمت صياغة (عقد اجتماعي) جديد ضمني، تضطلع به وبموجبه بالدور الفعال للتنمية الاجتصادية (الاجتماعية والاقتصادية) والتعليمية وتحقيق الرفاه والعدالة الاجتماعية، النسبيتين، من خلال عدة وسائل منها:
- إعادة توزيع الثروة والدخل الوطني بين الطبقات الاجتماعية نسبياً ؛
- ترسيخ دعائم الوحدة الوطنية العراقية ؛
- والإنطلاق منها بارتباطها المادي مع الأمة العربية وحل إشكاليات تطورها ووحدتها ؛
- تقليل الفوراق منطقياً وبخاصة بين الريف والمدينة رغم صعوبات هذه الصيرورة الاجتماسياسية ؛
- إبرام عقد اجتماعي جديد بين السلطة والجماهير الشعبية، وبخاصة الفقيرة بالأساس.
هذه الفئات الاجتماعية الفقيرة وذات الدخل المحدود، ضمنت لذاتها إمكانية المشاركة الفعالة في الفعل السياسي والاجتماعي، مما جعلها هي والنظام مستهدفين من قبل القوى الماضيوية في الداخل، ومن دول المنطقة والمراكز الرأسمالية العالمية في الخارج.. لقد حكمت سلطة 14 تموز لهم وإن لم تحكم بهم، وهذا ناجم بالأساس عن ثورات الطبقة الوسطى، ذات الطابع المتعرج والمتذبذب وعدم كفاية التجذري.
وبهذا الصدد يقول عبد الفتاح إبراهيم: "... ثورات القرن العشرين في أسيا وأفريقيا على الخصوص، تمثل ثورات وطنية تقوم بها طبقات عديدة ضد الرأسمالية الدولية المتمثلة بالإستعمار... فضلاً عن أن وجود الطبقة العاملة بإعتبارها عاملاً فعالا في هذه الثورات بالنسبة للبرجوازية الوطنية التي قد تميل إلى التخاذل والردة ومساومة الاستعمار، يسدي على ثورات هذا القرن طابعاً يميزها عن ثورات القرن التاسع عشر على وجه التحقيق ... وفي رأيأن الطبقة الوسطى في العراق تختلف عن الطبقة الوسطى المألوف؛ فهي بمحتواها الغالب تتألف من البرجوازية الصغيرة من أصحتل العقار والتجار وأرباب المهن والمثقفين وموظفي الدولة ومستخدميها؛ وشن كبار رجال الصناعة والرأسمالين في تكوينها وطبيعتها محدود جداًلتأخر الصناعة في العراق ولجاسمة رأسمال الدولة من عوائد النفط بالنسبة لما هو في حوزة هذه الفئة الصغيرة... ".
وعليه فــــ"... إن ثورة تموز 1958، قد وضعت سياقاً تأريخياً جديداً ينسجم مع سياق عام يصل ما بين الحوداث والتطورات، وما بين المطامح والمطامع وثورة تموز، لا تقف في مجرى التأريخ وحيدة، وإنما هي جزء من كل وحلقة في سلسلة، ومشهد في قصة، فقد كانت ثورة سياسية واقتصادية واجتماعية في آن واحد ، تحمل رياح التغيير، والصراع بين الجيل القديم للنظام الملكي مع الجيل الذي يروم القيادة والانفتاح نحو المستقبل ومواكبة العصر آنذاك... ". ولهذا تعتبر الثورة أعظم حدث في الشرق الآوسط منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وهي الثورة الوحيدة في العالم العربي، كما حددها المستشرق الفرنسي مكسيم رودنسون.
والاستناج الرئيسي لهذا الحدث التاريخي يكمن في إن رؤية وتوجه الثورة العملي سواء عبر الأصعدة الاجتصادية والسياسية والفكرية، قد فاقت وتجاوزت عمر الثورة، بوحدات الزمن، مقارنة بالمرحلة الملكية أو بعد إعادة تأسيس الدولة خلال الاحتلال الثالث (9 نيسان 2003- 31/ كانون أول 2011)، وبالتالي ستبقى سلطة ثورة 14 تموز كذات وماهية وضرورة موضوعية ونقلة نوعية من حيث التقدم والتطور بحيث وضعت المجتمع العراقي على سكة الحداثة، وأنها حاولت تطبيق الثورتين الاجتصادية والسياسية/ الفكرية في آن واحد، ولهذا تبقى سيرة عبد الكريم قاسم من الشخصيات الأرأسية في تاريخ العراق المعاصر.
وعلاوة على ذلك وأعتقد جازماً بأن هذا التغيير الجذري، كان النافي الطبيعي النوعي والموضوعي لكل توجهات النظام الملكي في العراق ولكل أنظمة دول الجوار الإقليمية وبخاصة دول (العوائل القبلية والعشيرة) في الخليج وفي نظام صدام حسين ، من حيث:
- ماهية المضمون العملي للثورة ؛
- والأبعاد الطبقية ؛
- وغائية السياسيتين الاجتماعية والاقتصادية ؛
- والانفتاح على العوالم الفكرية والتربوية.
بل وقد أثرت حتى على المراكز الراسمالية، لما لعبته من تغييرات في ميزان القوى على النطاقين الاقليمي والعالمي في أخطر منطقة في العالم، أوجزها رجل استخبارات أمريكي بالقول: "... الثورة العراقية قلبت الأوضاع في الشرق الأوسط رأساً على عقب... "، بمعنى "...غيرت ثورة 14 تموز الجو السياسي في المنطقة كلها، إذ أدركت القوى العظمى، المسيطرة على اقتصاد الخليج، خطورة نشوب ثورات مماثلة في كل المنطقة ... ". فكان هذا بحد ذاته بمثابة تهديد وإضعاف للوجود الغربي الرأسمالي لأهم منطقة في العالم، حيث المكامن النفطية وجغرافية المكان والبعد الاستراتيجي. وهذا ما عبرت الايكونومست البريطلنية وهي لسان حال الاوساط المالية الانكليزية حين قالت: " إن هذه اللحظة أسوأ بكثير من أن تجعلنا نفكر في شيء سوى تقدير الاخطار التي ستواجهنا، لأن الموقف لا يمكن أن يزداد سوءاً عما هو عليه بعد إنهيار العراق وتدهور مركز الغرب إلى هذا الحد. وإذا ما وازنا بين التدخل العسكري وعدم التدخل، فإن نتائج عدم التدخل تعتبرا أكثر ضرراً لمصالحنا الاقصادية والسياسية والإستراتيجية من نتائج التدخل... " وتمضي المجلة لتقول : " والآن قد هرب الجواد العراقي، فإن القوات الأمريكية تنزل في بيروت والقوات البريطانية تنزل في عمان على أمل أن لا يترك الأسطبل مفتوحاً بعد ذلك لهروب جياد أخرى..." إلى أن تقول: "... لقد فتحت الجياد باب الآسطبل المغلق وهرب أثمنها، ولابد أن يمنع بأي ثمن هرب أي جواد آخر، بل لابد من إسترداد الهارب الكبير... ".
وبصدد هذا الموضوع بالذات "... أصبح اهتمام الإدارة الأمريكية منصباً على الشرق الأوسط وفي يوم الإنقلاب ( المقصود ثورة 14 تموز- الناصري)، كتب مدير وكالة المخابرات الأمريكية آلن دلاس بعض الملاحظات الإيجازية خلص لإيها إلى : أن انقلاب العراق، إذا تكلل بالنجاح يبدو من المحتوم تقريباً أنه سيطلق تفاعلاً متسلسلاً سيحكم بالموت على الحكومات الموالية للغرب في لبنان والأردن والعربية السعودية، ويخلق مشاكل كثيرة لكل من تركيا وإيران ... ". ولهذا إستعادت الولايات المتحدة نفسها وأجرت تعديلات طفيفة في بنية هذه الأنظمة وشددت من قبضتها بغية إيقاف تأثيرات ثورة 14 تموز على مصالحها في المنطقة.
وتأسيسا على ما حدث من تغيّر بنيوي طال كل أبعاد عراق 14 تموز وسياسته الداخلية، بالإضافة إلى النطاقين الإقليمي، حيث انتشرت وإشتدت حركات الاحتجاج للمطالبة بحقوقها المشروعة في دول الجوار، والدولي التي أنصبت أحداثها وتعَرضت المصالح والمواقع الأرأسية للمراكز الرأسمالية الكبرى إلى الإهتزاز، مما أصابتها صدمة كبيرة شملت عموم العالم الغربي وبالأخص بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وبقية المراكز الأصغر، إذ خرج عراق تموز من نطاق المعسكر الغربي وأحلافه العسكرية، لينظم إلى معسكر القوى التي تبنت الحياد الايجابي، وتجسد ذلك بما خطته الثورة لذاتها بُعداً مستقلاً في العلاقات الدولية، أنطلق من مصالح العراق بالأساس، والابتعاد عن الأحلاف العسكرية والإلتزام بالحياد الإيجابي.
بمعنى أن ثورة 14 تموز قد غيرت من موازين القوى ومن معادلات الصراع الدولي والإقليمي. لقد مارست سلطة 14 تموز عملياً وحددت لنفسها مسارات سبعة وهي بمثابة أهداف لها، في سياسته الخارجية الدولية والأقليمية والعربية، هي:
"... 1- الإخاء الوطني: داخل البلاد تضمها الوحدة العراقية ؛
2- الإخاء العربي: رابطة الأخوة العربية وجمع الشمل وتوحيد الصفوف ؛
3- الإخاء الإسلامي: جمع صفوف الشعوب الإسلامية والدول الإسلامية وتوحيد كلمتها لتدافع عن أمة العرب والمسلمين ؛
4- الإخاء الإنساني: خدمة الإنسانية والمحبة والمساواة ؛
5- محاربة الاستعمار اينما كان سواء في داخل الجمهورية العراقية أو داخل الوطني العربي أو في أرجاء العالم ؛
6- حماية سيادة البلاد وإستقلالها وحماية أرضها وسلامة الأرض المقدسة والدفاع عن أمة العرب ؛
7 - نشر العدالة الاجتماعية بين الناس... ".
الهوامش والمصادر:
- مستل من د. إبراهيم كبة، هذا هو طريق 14 تموز، ص.24، دار الطليعة، بيروت 1969
2- للمزيد راجع للمؤلف، من ماهيات السيرة، 14 تموز - الثورة الثرية، الفصل الثالث، مصدر سابق.
3- ينقل محمد حسنين هيكل، عن لسان خروشوف، بعد انتصار ثورة 14 تموز ما يلي: "... أريد أن أخبركم بما قاله إيدن، عندما كنا، بولغانين وأنا، في لندن عام 1956. قال إيدن: إذا واجهنا أي تهديد لتجهيزات بريطانيا النفطية فإننا سنخوض الحرب. وكان يتكلم بكل جد وما حدث للتو يبين هذا... الآن جاءت الثورة العراقية تهديداً لذلك النفط. وأنا لا أعرف شيئاً عن قادة العراق الجدد، لكن من المهم جداً أن يطمئنوا الغرب إلى عدم انقطاع تجهيزات النفط. يجب أن تلعب أوراقك بكل حذر. ولتعلم إن هذه لعبة أعصاب...". مستل من، نجم محمود، المقايضة برلين - بغداد، ص 59، منشورات الغد، لندن 1991. والشيء بالشيء يذكر، فإن استراتيجية الولايات المتحدة في المنطقة قد تركزت في هذه الناحية الهامة، إذ يقول وزير العدل الأمريكي الأسبق رامزي كلارك مستنداً إلى اعترافات البنتاغون وخططه: " إن هدفنا في الشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا هو البقاء كقوة خارجية مسيطرة في المنطقة والحفاظ على طرق النفط للولايات المتحدة والغرب...". راجع للمزيد، النار هذه المرة، جرائم الحرب الأمريكية في الخليج، ت. مازن حماد، ص. 23، الشركة الأردنية للصحافة، عمان 1993. ولقد تجلت هذه السياسة في الوقت الحالي من خلال الاحتلال الثالث للعراق المعاصر (9 نيسان 2003- 31 كانون أول 2011) من قبل الولايات المتحدة والتي عبر عنها وزير خارجيتها الأسبق هنري كيسنحر بالقول:"...خلاصة سياستنا الحالية في العراق، ان يبقى لسنوات طويلة قادمة تحت سيطرتنا الكاملة (مباشرة وغير مباشرة) سياسيا وعسكريا. والعامل المهم الذي نجحنا بتأسيسه ونعمل على ابقائه، اننا جعلنا الدولة العراقية منقسمة طائفيا وقوميا، بحيث لايمكنها ان تكون دولة مركزية قوية، وهي عرضة سهلة لتفجيرها والتحكم بها. فترانا دائما عندما يستقوي الاكراد ويضعف العرب نبادر الى خلق الخلافات بين الاكراد وتسهيل ضربهم من قبل دول الجوار. وما ان يستقوي العرب حتى نبادر الى تأجيج الصراع الطائفي بينهم ونعطي المجال لبروز الدور الكردي واستخدام ورقة كركوك والمناطق المتنازع عليها ، واذا ما لا حظنا توحد الاطراف العراقية كلها وبروز نوع من الثقة بالدولة والشعور بالاستقرار وبروز ميول الوطنية المعادية للامريكان، حتى نبادر بتحريك عملائنا وتسهيل الامر للارهابيين للقيام بعمليات تدميرية تزعزع هيبة الحكومة وتحيّ الاحقاد الطائفية وتشجع هجرة الشباب والكوادر، وبالتالي تبرير الاعتماد علينا من اجل حمايتهم من الارهابيين هل تعلم، بأننا نحن من يشجع التغلغل الايراني في العراق ونعمل اعلاميا على تضخيمه اضعافا اضعاف، من اجل اخافة الدول العربية وتركيا ودفعها لكي تتصارع في ارض العراق، وايضا اخافة العراقيين ودفعهم للتمسك بنا لحمايتهم من الخطر الايراني...". مستل من صحيفة المراقب العراقي، https://www.almuraqeb-aliraqi.org/ ( التوكيد منا- الناصري)
4 - أشاعت الدول الغربية والمراكز الرأسمالية، عبر أجهزة إعلامها المؤثرة، ما يمكن أن نطلق عليه بالدعاية السوداء، التي مفادها بأن حكومة الثورة سوف تهاجم بعض دول الجوار وتحديدا الأردن، بعد أن تشدد قبضتها على الجيش والوضع الداخلي. رغم قناعتها التامة بأن هذه الفكرة بعيدة الاحتمال، إن لم تكن سخيفة، بغية تأليب دول الجوار العربي وغير العربي ضد الثورة ومن ثم طلبها الحماية منها. "... وفي السياق نفسه طلب الملك سعود رسميا من الحكومة الأمريكية تدخل دول ميثاق بغداد لقمع الثورة العراقية... اما فيما يخص الكويت، فقد زعم آلن (دالاس- وزير الخارجية الأمريكية- الناصري) أن الكويت ستتعرض لغزو العراق، مما يعرض الاستثمارات الفطية والبريطانية للخطر... ومن جانب آخر أبدت إسرائيل قلقها أيضاً من تطورات الأحداث على الساحة العراقية، وأعلنت عن نيتها فرض السيطرة على الضفة الغربية في حال سيطرة جمال عبد الناصر على الأردن... ". د. سنان صادلق الزيدي، سياسة الولايات المتحدة تجاه العراق في عهد عبد الكريم قاسم 1958-1963، صص 58-61، دار أمل الجديدة، دمشق 2013.
5 - للمزيد راجع : عبد الفتاح إبراهيم، معنى الثورة، ص. 17 وما بعدها، مصدر سابق.
6 - المصدر السابق، ص. 63.
7- حيدر زكي عبد الكريم الكردي، الجمهورية العراقية الأولى 1958-1963، دار نينوى، ص. 127، دمشق 2011.
8-"... تمخض عن مساعي صدام حسين أنموذجاً مشوهاً ورثا لدولة العشيرة، غير جدير بالحياة والاستمرار، لأنه يتنافى ومنطق الأشياء. فدولة العقبيلة أو العشيرة- كما يحدثنا التاريخ القديم والمعاصر- تولد من رحم كيان قبلي يختزن قوة دينامكية تؤهله لقهر واخضاع الكيانات القبلية أو العشائرية الأخرى، وهذا مالم يتوفر لصدام حسين، فلجأ إلى أن يلبس دولة المدينة رداء العشيرة، فجاء فضفلضاً جعل الدولة تتعثر في مشيتها حتى سقطت...".د. سليم الوردي، ضوء على ولادة المجتمع العراقي المعاصر، سلسلة جريدة الصباح، رقم 15، بغداد 2009.
9 - مايلز كوبلاند، لعبة الأمم ، ترجمة مروان خير، ص. 249، انترناشنال سنتر، بيروت 1970.
10 - كمال مجيد، الأكراد والنفط،، دراسة العلاقات العراقية- الايرانية- الكويتية، ص 41، دار الحكمة لندن1997. وفي الوقت نفسه كان التغيب القسري لثورة 14 تموز، قد غير ثانيةً من موازين القوى الدولية في المنطقة وأعادها نسبياً كما كانت عليه قبل الثورة مع تغير طيف في الشكل.. إذ بسقوط الجمهورية الأولى في شباط 1963 انحسر النفوذ الدولي للاتحاد السوفيتي السابق فيها.. بفعل عملية الصراع الفكري/السياسي الذي خاضه المعسكرين المتناقضين تناحرياً (الاشتراكي والرأسمالي)، مما أعطى زخماً لكل القوى المعادية لقوى التحرر وبالأخص الحركات الدينية والقومية اليمينية المتطرفتين في نزعتها في العالم العربي وفي مقدمتها حزب البعث، الذي استخدمته بريطانيا والولايات المتحدة ومصر الناصرية في الانقضاض على أية حركة ذات نزعة استقلالية عن المعسكر الغربي في عموم المنطقة الغنية بالنفط، بخاصة في أوج الحرب الباردة بين المعسكرين في ذلك الوقت. وقد كتب آلن دلاس مدير وكالة المابرات الأمريكية ما مفاده: "... إذا تكلل إنقلاب العراق ( عام 1958- الناصري) بالنجاح ، فمن المحتم أنه سيؤدي إلى تداعيات متعاقبة شأنها أن تقبر الحكومات الموالية للغرب في لبنان والأردن والعربية السعودية. ويخلق مشاكل خطيرة لكل من تركيا وإيران...". ستل من ويليام زيمان، التدخل السري للولايات المتحدة في العراق خلال الفترة 1958-1963, ت. عبد الجليل البدري، ص. 40، 2013، دار النشر وكانها بلا.
11- مستل من: عبد الفتاح إبراهيم، معنى الثورة، ص.85، مصدر سابق.
12 -مستل من حسن السعيد، البعث والقطار الأمريكي، أسرار وخفايا انقلاب 8 شباط 1963، ص. 48، مركز النهوض بغداد 2013.
13 -"... ضمن مشروع مكافحة النشاطات الشريرة في الاتحاد السوفيتيوقد بلغت عشرة إجراءات ، فجاءت وكأنها الوصايا العشر للمخابرات الأمريكية المركزية وهي: 1- دعم الحكام الموالين ؛ 2- شراء ذمم الحكام ؛ 3- إسقاط الأنظمة المناهضة ؛ 4- تدبير الإنقلابات ؛ 5- حياكة المؤامرات ؛ 6- افتعال اضطرابات ؛ 7- القيام بالإغتيالات ؛ السلاح الأمضى ؛ 9- البحث عن عاصر المهمات الخاصة ؛ 10- صناعة النخب السياسية ... ". مستل من المصدر السابق، صص24-42.
14 - د. قحطان أحمد سليمان الحمداني، السياسة الخارجية العراقية من 14 تموز 1958 إلى 8 شباط 1963ـ ص, 67، مكتبة مدبولي، القاهرة 2008 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف مستمر على مناطق عدة في قطاع غزة وسط تلويح إسرائيلي بعملي


.. عقب نشر القسام فيديو لمحتجز إسرائيلي.. غضب ومظاهرات أمام منز




.. الخارجية الأمريكية: اطلعنا على التقارير بشأن اكتشاف مقبرة جم


.. مكافأة قدرها 10 ملايين دولار عرضتها واشنطن على رأس 4 هاكرز إ




.. لمنع وقوع -حوادث مأساوية-.. ولاية أميركية تقرّ تسليح المعلمي