الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بهاء الله في القرآن -وعد مخفي تحقق فجأة (2)

راندا شوقى الحمامصى

2019 / 12 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في الانجيل
وحينئذ يبصرون ابن الانسان آتيا في سحاب بقوة كثيرة ومجد ... واما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الإبن الّا الأب. انظروا اسهروا وصلّوا لأنكم لا تعلمون متى يكون الوقت … لأنكم لا تعلمون متى يأتي ربّ البيت … لئلا يأتي بغتة فيجدكم نياماً. انجيل مرقس - اصحاح 13 – الآيات 26 –36

في القرآن
يسألونك عن الساعة ايّان مرساها قل إنّما علمها عند ربي… لا تأتيكم الّا بغتة. سورة الاعراف - الآية 187
الكلمات والعبارات المشتركة بين الانجيل والقرآن
الانجيل القرآن
الساعة الساعة
ولا الإبن الّا الأب إنما علمها عند ربي
لئلا يأتي بغتة لا تأتيكم الا بغتة

ان تشابه وتوافق ما جاء على لسان رسولي الاسلام والمسيحية واضح. دعونا نتأمل البيانين التاليين، ففي كلاهما يعدُّ الناس بالثواب والعقاب. في الآية القرآنية تمت الاستفادة من كلمة"عذاب"و"الساعة" و"بغتة" وفي آية الانجيل استخدمت كلمة "الجزاء" مرادفة مع "الوعد":

الانجيل: لأن هذه أيام انتقام ليتم كلُّ ما هو مكتوب. لوقا – اصحاح 21 – آية 22
القرآن: (أفأمنوا ان تأتيهم غاشيةٌ من عذاب الله او تأتيهُم الساعةُ بغتةً وهم لا يشعرون.) سورة يوسف - آية 107

الكلمات والعبارات المشتركة بين الانجيل والقرآن

الانجيل القرآن
الجزاء العذاب
وقت تحقق الوعود الساعة
يمكن الاستنباط من الآيات السابقة بأن هناك "واقعه"أو"وعد" ولكن الناس غير مطّلعين على حقيقتها أو ذاتها. ان هذه الواقعة مخفيّة لدرجة ان حتى الأنبياء والرسل يدعون عدم اطلاعهم على أسرارها. وخلف هذه الواقعة هناك خطة غير معلومة ولكن الله الواحد الأحد وحده المطّلع عليها.
سؤال: ما سبب اخفاء هذه الخطة ؟
السبب الأول، هو لامتحان ومعرفة المؤمنين: "ان الساعة آتية أكاد اخفيها لتجزي كل نفس بما تسعى." سورة طه -15
السبب الثاني، له علاقة بتحقق الوعد. ان ظهور هذه الواقعة الكبيرة سيزلزل نظام وثوابت المجتمع المعمول بها ويؤدي الى خوف واضطراب أصحاب القدرة. إن أصحاب الجاه ولحفظ مقامهم ومناصبهم يسعون لوقف تحقق الوعد الالهي. ان اطلاع الأعداء الأقوياء من خطة الله سيعرض تنفيذ الخطة الى خطر. ان اطلاع الناس عن الخطة المخفية بعد ادائها لا مانع منه. ان هذا "الوعد"او"الواقعة" لها من الأهمية بمكان بحيث لا يحتمل أي تأخير في تنفيذه، ثم فجأة ودون معرفة الناس يأتي وقت "الساعة" وتتحقق خطة الله المخفية.
سؤال: لماذا يؤدي تحقق هذا الوعد أوالواقعة الى عقاب أوعذاب مجموعة من الناس؟ لماذا العذاب ؟
تعلمنا الآيات القرآنية والكتب السماوية الاخرى بأن اليوم الموعود هو يوم سعادة وسرور للذين علموا عن طلوع وسطوع الشمس الالهية، حيث استيقظوا من نوم الغفلة واحتفلوا بطلوع الشمس، لأنهم عرفوا بأنه حان وقت تحق الوعود الالهية. كما تعلّمنا تلك الآثار السماوية بان ذلك اليوم الكبير هو يوم غم وعذاب معنوي للنائمين في فراش الغفلة الذين لا علم لهم بطلوع وسطوع الشمس الالهية. هل هناك بلاء أشد من أن يَحرم الانسان نفسه من سطوع شمس كهذه؟ هل من مصيبة أعظم من أن لا يقبل الانسان دعوة الرحمن ؟ وهل من عذاب أشد أن يحجب الانسان نفسه عن نور الرحمن يبقى في ظلمة الغفلة والنوم والخيال ويمضي يومه ثم تنتهي حياته ؟ وما أسوأ من أن يعتقد الانسان بأن الربيع اصبح شتاء ويحرم نفسه من جمال وجلال وسرور ذلك الزمن البهيج والمنعش.
يقول حضرة بهاءالله بأن الأنبياء هم واسطة للفيض الالهي للبشرية. ان الانسان العاقل لا يقبل ان تظل ابواب الفضل والرحمة الالهية مغلقة، نظراً لعدم فهمه لبعض الكلمات والعبارات أو ظناّ منه بأن "سطوع أنوارشمس المعرفة قد انتهى ولا يمكن ان تسطع على العالم مرة اخرى." لقد قال الله تعالى عدة مرّات بان ظهور الموعود هو "خبر سعيد" لفئة من الناس و"خبر سئ" لفئة اخرى:
انا أرسلناك بالحق بشيراً ونذيراً. سورة فاطر - 24
وما ارسلناك الا كافة للناس بشيراً ونذيراً. سورة سبأ - 28 وايضاً في سورة فرقان - 58
روح السيد الربّ علىّ لأن الربّ مسحني لأبشّر المساكين، ..... لأنادي بسنة مقبولة للرب وبيوم انتقام لالهنا لأعزي كل النائحين. أشعيا - اصحاح61 - آيات 1- 2
اليوم يوم الجزاء ويوم العطاء. حضرة بهاءالله - مترجم
ينبغي لي أن أبشّر المدن الأُخَر ايضاً بملكوت الله لأني لهذا قد ارسلت. انجيل لوقا - اصحاح 4 – اية 43
تنزيل من الرحمن الرحيم … بشيراً ونذيراً. سورة فصلت - اية 2و4
اليوم يوم الثواب والعقاب. ان الحكيم العادل قد استوى على عرش الأمر. نطلب من الحق ان لا يحرم عباده واماءه من هذا النبأ العظيم. حضرة بهاءالله – مترجم
يجب أن نعلم بأنّ الناس غير مطّلعة على وجود "غشاء العذاب" في هذا العالم نتيجة انكارهم لموعود الرحمن وهو عذاب قد احاط وجودنا من كل الجهات. وكما شاهدنا فان الله العلي القدير يخاطب المنكرين "للوعد" ويسألهم:" فآمنوا ان تأتيهم غاشيةٌ من عذاب الله … وهم لا يشعرون" سورة يوسف - 107
ان عدم الاطلاع هذا ليس دليلاً على خلاصنا من هذا الغشاء. يبدو ان هناك أفراداً سالمين ظاهرياً ويظنون انهم لا يموتون، ولكن هناك مرضاً خطيراً قد أحاط وجودهم.
لا يوجد شخص يريد أن يعصي الله بل يعتقد انه لله ولكن في الحقيقة انه لدون الله. حضرة الباب – مترجم
يزعمون انهم يعملون من أجله، ولكن يعملون ما يحلو لهم. حضرة الباب - مترجم
في ذلك اليوم تعتقد بأنك من أهل الجنة .... ولكن في الأصل فإن النار مقرّك وانت لا تدري. حضرة الباب – مترجم
شجّع حضرة الباب اتباعه بأن يستجيبوا الى نداء الموعود حضرة بهاءالله بعد ظهوره:
لا تصبرّن فيه فإن صبرتم لم يكن الاّ على النار وانتم يومئذ لا تعلمون. حضرة الباب - مترجم
جاءت كلمة نار في العديد من الآيات الالهية بشكل مجازي. المقصود من النار بُعد الانسان عن ربّه، ولكن ما نتيجة بُعد الانسان عن ربه؟ كلما اقتربنا من الله يزداد سرورُنا وكلما ابتعدنا تزداد همومنا. وحسب ما جاء في القرآن الكريم فان "الجهنّم" هي "الحياة الصعبة" أي "معيشةً ضنكاً" (سورة طه – آيه 124) أما السعادة الأبدية فهي القرب من الله. الهم والغم هما البُعد عن الله. هذا هو تصوّر رب العالمين، سواء رضينا به أم أبينا. وهذا ما قدّره لنا الخالق العليم وليس لنا سوى التسليم والرضاء.
وحسب ما ذكره الأنبياء والرسل، فان الذين ينكرون "الوعد" يعرفون وجود "غشاء العذاب" والنار المشتعله في روحهم عندما يذهبون الى العالم الباقي، لأن حالة ومقام روح كل انسان غير معلوم في هذا العالم. وعند السفر من هذا العالم إلى العالم الآخر يسقط الغشاء فجأة وتنكشف الأسرار. هذا الموضوع تكرّر ذكره في الآثار السماوية:
فسوف يعلمون. سورة الحجر – آية 96
سيعلمون ثم كلّا سيعلمون. سورة النبأ - 4 – 5
قريباً سيطلعون على أعمالهم وينوحون على انفسهم. حضرة بهاءالله – مترجم
ان الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم ناراً. سورة النساء - 65
قريبا ستخرق حجبات الناس ويشاهدون نتائج اعمالهم وينوحون ويندبون على انفسهم. حضرة بهاءالله – مترجم
هو سريعُ الحساب. سورة رعد - 41
علينا أن نعرف بأن "غشاء العذاب" من نوعين. نوع يأخذ المنكرين الواحد بعد الآخر والنوع الآخر يأخذ مجتمعهم. نوع يسيطر على الروح ونوع يسيطر على الجسم. الأول غير معلوم والآخر ظاهر وواضح، الأول سبّب البُعد عن الله، والثاني سبّب الحرب والبلاء في هذا العالم. الأول سبّب الفقر المعنوي والثاني سبّب الفقر الدنيوي. الأول سبّب المرض وفساد الروح والثاني سبب المرض وفساد المجتمع.
أخطرنا ويُخطرنا دوماً الله العلي القدير ان نتّعظ من دروس الأجيال الماضية، فكلما انكر الناس موعودهم ابتلوا بعذاب وبلاء هذه الدنيا. ان إنكارهم يعني ابتعادهم عن الله وتلوّثهم بالذنب، وهذا الانكار والتلوّث بالذنب أفسد حياتهم في هذا العالم:
أولم يسيروا في الأرض فينظُروا كيف كان عاقبة الذين من قبلِهم … وجاءتهم رسُلهم بالبيّنات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا انفسهم يظلمون ثم كان عاقبة الذين اساؤوا السوء أي ان كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزؤون. سورة الروم - 9 – 10
وكلا نقصّ عليك من انباء الرسل … وموعظة وذكرى للمؤمنين. سورة هود - 120
لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الالباب. سورة يوسف - 111
وما كنّا معذّبين حتى نبعث رسولاً. سورة بني اسرائيل - آية 15
ان الله لا يظلمُ الناسَ شيئا ولكن الناس انفسهم يظلمون. سورة يونس - 44
يا أحباءالله اسمعوا نداء الله الواحد الأحد بسمع الروح حتى يحرركم من المشاكل وظلمة الظلام ويوصلكم الى النور الدائم. حضرة بهاءالله - مترجم
يقول الغني المتعال بصوت عال: ظهر عالم جيد، لا تحزنوا. لقد كشف عن السر المكنون لا تضطربوا، اذا عرفتم عظمة هذا اليوم لنبذتم الدنيا وما فيها واسرعتم الى شطر الرحمن. حضرة بهاءالله – مترجم
إنّا أمرنا البشر بالصلح الأكبر ليستريح به العالم، والناس نبذوا أمرالله عن ورائهم واتبعوا سُبل المفسدين. حضرة بهاءالله
وهذه الآيات موجّهة للمسلمين:
ولقد اهلكنا القرونَ من قبلكم لمّا ظلموا وجاءتهم رُسُلُهم بالبيّنات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين. ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون. سورة يونس - 13 - 14
فهل ينتظرون الاّ مثلَ أيامِ الذين خلوا من قبلِهم قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين. سورة يونس - 102
هناك العديد من الناس لا يقدرون هدية الايمان حتى يبتلوا ببلاء أو مشقّة ويجب ان نعلم بأن الله لا يظلمنا وكل بلاء يحيطنا هو "منّا وعلينا". ان منبع هذه البلايا هو انكار مبعوثي الله جلّ وعلا:
ألم يأتهم نبأ الذين من قبلِهم قومِ نوحٍ وعادٍ وثمودٍ وقومِ ابراهيمَ واصحابِ مديَنَ والمؤتفكات أتتهم رسُلُهم بالبيّنات فما كان الله ليظلِمَهُم ولكن كانوا انفُسَهم يظلمون. سورة التوبة - آية 70
الله لم يكُ مغيِّرا نعمةً انعَمَها على قومٍ حتى يغيّروا ما بأنفسهم. سورة انفال - آية 53
ان آيات القرآن الكريم وقصص ظهور الأنبياء والرسل تدلّان على ان المحن والبلايا هما وسائل لايقاظ الناس. ان عصرنا ليس مستثنياً من هذا القانون:
وما أرسلنا في قريةٍ من نبّي الا أخذنا أهلها بالبأساء والضرّاء لعلّهم يضرعون. سورة الاعراف - آية 94

ونتابع الجزء الثالث...............................................








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القبض على شاب هاجم أحد الأساقفة بسكين خلال الصلاة في كنيسة أ


.. المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهدافها هدفا حيويا بإيلا




.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز


.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب




.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل