الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بول البعير وبول الشيطان

طارق الهوا

2019 / 12 / 12
كتابات ساخرة


"محمد الشمراني: ما الذي نعرفه عن السعودي المشتبه به بشن هجوم في قاعدة أميركية؟" بي.. بي.. سي". "لا أستطيع الجزم، في هذه المرحلة، بأن إطلاق النار في القاعدة الأميركية عملا إرهابيا". وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر.
عنوانان مستفِزان قرأتهما مع عناوين سخيفة أخرى، بعد اطلاق النار في القاعدة الاميركية في فلوريدا، الذي قام به الجهادي محمد الشمراني، وصوره زملاء له لنشره على وسائل التواصل الاجتماعي.
الامر بسبب تكراره المُستفز القذر واضح للغاية لأي مواطن عادي، فالمستهدف ليس ما يطلقق الجهاديون الرصاص عليه، بل الحضارة الغربية، وقد عبّر الجهاديون مرات ومرات عن هذا الامر، وأيده الامام يوسف القرضاوي رئيس اتحاد علماء المسلمين سابقا والاب الروحي للأخوان المسلمين في العالم، لكن يبدو أن الجهاديين الذين يروجون لفلسفة التداوي ببول البعير، سيجنون ثمارها إن آجلا أو عاجلا بزعزعة أسس الحضارة العلمانية، في الوقت الذي يشرب المسؤولون الغربيون بول الشيطان، وهو البترول حسب ما وصفه رئيس وزراء فنزويلي سابق.
صدرت هذه العبارات المترهلة التي تقول مرة أن المجاهد الشمراني مشتبه به رغم أنه قتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين! بينما وزير دفاع أكبر قوة في العالم يقول: لا أستطيع الجزم بأن العمل إرهابي.
هل يمكن إلتماس العذر لبي..بي..سي؟ ربما. لكن كيف لم يعلم وزير دفاع أقوى جيوش العالم أن موقع "SITE Intelligence Group" المختص في متابعة أنشطة الحركات المتطرفة في الإنترنت ووسائل الإعلام، نشر معلومات عن الشمراني مع صورة بطاقة دخوله إلى القاعدة، تشير إلى ميوله المتطرف، كما أورد الموقع أن الشمراني نشر، قبيل تنفيذ الهجوم ومقتله، بيانا قصيرا على تويتر قال فيه: "أنا ضد الشر، وأمريكا عموما تحولت إلى دولة شر". ونشر الموقع بيانا نسب إلى الشمراني يقول فيه: "أنا لست ضدكم لأنكم أمريكيون، ولا أكرهكم بسبب حرياتكم، بل لأنكم تدعمون وتمولون وترتكبون جرائم ليس فقط ضد المسلمين بل ضد الإنسانية، أنا ضد الشر، وأمريكا عموما تحولت إلى دولة شر". وقال الموقع أن هذه العبارات اقتباس من تصريحات أسامة بن لادن.
- قه.. قه.. قه.. سيداتي آنساتي سادتي: الشمراني باختصار ضحية تمييز عنصري وهو ضد الشر وينتمي إلى جمعية إنسانية غير ربحية، تدعو بالرفق والموعظة الحسنة لهداية الناس، تماماً مثل أبرار 11 سبتمبر والقاعدة وطالبان وداعش وأبو سياف، لكن العلمانيين والشعبويين أشرار.
يُعتبر الامام يوسف القرضاوي أحد الابرار الذين يجاهدون العلمانية، إذ قال عشرات المرات: أوروبا ستسقط ليس بالسلاح لكن بالتبشير وزيادة عدد المسلمين فيها، ولم يعترض أحد، لكن عندما حذر البابا بنديكتوس من الامر نفسه، قامت قيامة جمعيات حقوق الانسان والازهر وأصحاب فقه النكاح ومواقع الجهاديين، وبلغ الضغط غير المرئي للعامة على البابا ذروته، بارسال مجموعة فتيات من "فيمن" عرّين أثدائهن أمامه ظهر يوم أحد وهو يعظ الناس من شرفته بالفاتيكان، ما جعله يستقيل "لأسباب صحية" بعد أسابيع معدودة.
للتاريخ نقول لمدمني شرب بول الشيطان أن السكرتير الخاص للبابا بنديكتوس السادس عشر كان شعبويا خطيرا أيضا، فقد حذّر سنة 2007 من "أسلمة أوروبا" وإحلالها محل العلمانية، واعتبر خطاب البابا في راتيسبون الذي أثار ضجة كبيرة في العالم الاسلامي كان بمثابة رؤية "تنبؤية"، تهدف في الواقع إلى مناهضة نوع معين من السذاجة".
ومما قاله الشعبوي يورغ غانسفاين في هذا الصدد في حديث نشرته صحيفة "سودوتش تسيتونغ" الأسبوعية الالمانية "ينبغي ألا نستهين بمحاولات أسلمة أوروبا، وألا نتجاهل خطرها على هوية أوروبا بذريعة مجاملة تُفهم بشكل خاطئ". ورغم ذلك ماما ميركل وغيرها تجاهلوا هذا الامر، واستوردوا بين من استوردوا لاجئين أبرياء من داعش لإعمار ألمانيا وأوروبا.
قال الرسول: "بُعثت بين يدي الساعة بالسيف، حتى يُعبد الله وحده لا شريك له، وجُعل رزقي تحت ظل رمحي، وجُعل الذل والصَغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم".
الحديث يذخر بتسامح واضح ويجب تقبّله بالروحانية نفسها لأنه صدر عن نبي معصوم، وقد بررت عشرات التفسيرات إنسانية الحديث الذي تسبب في تدمير حضارات منذ أكثر من 1400 سنة، في سبيل الدعوة لله الذي يحب سفك الدماء رحمة وهدى للعالمين من أجل الايمان به، لكن البابا بنديكتوس السادس عشر لم يكن على نفس درجة الروحانية، فتحدث عن العلاقة بين الاسلام وبين العنف والعقل في محاضرة، أثارت ثائرة المسلمين وخرجت مظاهرات احتجاج عارمة في العالم أجمع، تحتج على عنف البابا اللفظي ضد الاسلام، مما أرغم الفاتيكان على القيام بحملة دفاعية دبلوماسية واسعة.
ألم يلاحظ الغرب منذ المُلا جيمي كاتر الذي أوجد نظام الخميني، ثم بارك في تسعينات عمره كمبعوث المُلا باراك حسين أوباما حكم الاخوان في مصر، وبشرهم بفوز مرشهحم إن شاء الله في أول انتخابات حرة نزيهة منذ عهد الفراعنة الكفرة، حتى ماما ميركل والفهلوي الكندي جاستن ترودو، ماذا حل بالدول والحضارات التي حكمتها فلسفة وروحانيات بول البعير، وكيف أصبحت عبئا على الانسانية بظلاميتها وتأخرها وعدوانيتها.
لماذا يريد الغرب هذا المصير له؟ الجواب واضح تماماً، لكن حكومات الغرب لا تريد مواجهات حتى ينتهي عصر بول الشيطان. تفكير سطحي فالهوية العلمانية لو بدأ شارعها شرب بول البعير، لن يصلحه الاطباء الناظرون من شبابيك عِلية القوم على المستهلكين.
بالمناسبة: القيامة لم تقم كما ورد التهديد بقربها عشرات المرات، فهل توقفت ساعة سُدرة المنتهى في انتظار مُصلح ساعات صيني؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا