الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطريق الى أمستردام / رواية -الفصل الثالث عشر

ذياب فهد الطائي

2019 / 12 / 13
الادب والفن


قبل أن نصل الباب الزجاجي الكبير والمظلل في نهاية الممر، وصلتنا أصوات متداخلة كأنها لغط غير واضح ،كانت الشرطية تتقدمنا وكنت وصفيه خلفها مباشرة تتبعنا المجموعة ، الجميع صامتون عدا مجموعة المفاتيح المربوطة الى حزام الشرطية فقد كانت تصدر صوتا مكتوما ورتيبا ،فيما كان مسيرنا على أرضية الممر المفروش أشبه بالذهاب الى سرادق العزاء، صامتا مترقبا بانتظار الإنطباع على وجوه مستقبلي المعزين ،وما بدا لي غريبا هو صمت الطفل السوداني وهو يستسلم لقبضة أمه القوية .
حين إنفتح الباب فوجئت بأعداد الاشخاص الذين كانوا يتحركون بكل الإتجاهات بعضهم يسحب حقيبة وراءه وبعضهم يضعها على ظهره ، كان الكل يتحدث وكانت اللغات متباينة ،عشرات الأكشاك وراءها فتيات يبتسمن بحكم الواجب ، بعض الأشخاص كانوا منزعجين يتكلمون بعصبية وهم يلوحون بأيديهم ،كانت الإضاءة مبهرة فيما كانت رائحة القهوة والمعطرات تنتشر في فضاء المكان .
تقدمت الشرطية نحو سلم الى الطابق الاسفل حيث موقف القطارات عند المطار
-هذا العنوان مع محطات تبديل القطار حيث تتجهون، لا بد من تغيير القطار مرتين الاولى في محطة امستردام المركزية والثانية في محطة بريدا ،في الورقة ذكرنا هذا ، عند نزولكم في محطة( بوكس مير) تتصل بهذا الرقم لطلب تاكسي ، لا ،تنسى ان تخبرهم إنكم سبعة أشخاص ولا تنسى أيضا أن تعطيهم رقم الكود.
سلمتني سبع تذاكر، كانت تقف تتطلع الى القطار القادم ثم ساعدتنا على الصعود وتمنت لنا رحلة سهلة .
حين جلست على الكرسي الجلدي شعرت إني ابتعد عن عالمي في بغداد على نحو بدا لي انه ذكريات قديمة علي أن لا أعاود التفكير بها الان على الأقل ،
التصقت صفية بي وهي تمسك ذراعي بقوة
-الحمد لله
وضعت يدي على كتفها
-الان الموضوع برمته مسألة وقت ، ربما تكون بعض مقاطعه صعبة أو متعبة ولكنه وقت سرعان ما يمر .
كان قاطع التذاكر بلباسه الرسمي يضع حقيبة صغيرة على جنبه وفي يده دفترا صغيرا ربط اليه قلما ،
-التذاكر
قالها باللغة الهولندية ولكني عرفت ما يريد لأنها تنطق كما هي في الانكليزية، تطلع الى المجموعة
-لاجئون
-نعم
ثقب التذاكر وأعادها
-اشتوبليف
كانت الكلمة ثقيلة وصعبة ، تطلعت اليه
-تفضل .قالها بالانكليزية
كانت المجموعة التي معي صامتة و السودانية كانت تدندن لإبنها الذي كان يتظاهر بالنوم في حضنها ،حين التفت اليها ابتسمت بدت اكثر حدة وجدية
-هذه زوجتك . قالتها بانكليزية بالكاد فهمتها
-نعم
- انها جميلة
-شكرا.... أنت من الخرطوم.
تطلعت بشيء من الإستنكار
- من جوبا ،أنا كاثوليكية وسيكون رياك كذلك ،
تغيرت نبرة صوتها لتكون أكثر عمقا وصفاء ونظرت إلي بفضول وأنتما مسلمون مثل هولاء الافغان
-مثل هؤلاء الافغان ،
قلتها بلهجة ساخرة ومحتجة لأني لم أسألها عن دينها ،فكرت انها تدافع مسبقا عن هويتها كما يفعل عادة أ بناء الأقليات بفعل حسهم القومي ،صمتت وعادت تدندن بلغة أقرب لنداء الادغال في افريقيا .
كانت محطة امستردام مزدحمة وعلى الجانبين مواقف لعشرات القطارت المتوجهة الى كافة المدن الهولندية ،حاولت أن أستطلع عن قطارنا الى بريدا في الجدول الإكتروني وسط المحطة ،ولكني فشلت لسرعة التبديلات ، سألت شرطيا كان على مقربة ،تطلع نحو الجدول الالكتروني وقال- الرصيف رقم 6 سيكون مهيئا بعد نصف ساعة .
قالت صفية – ارغب بالذهاب الى المرافق لأغسل وجهي .
انتبهت الى أنها لم تضع اي من المساحيق التي تأخذ بعض الوقت كل صباح واكتفت برشة عطر ذهبت رائحته ، شعرت برغبة ناعمة وحميمية ان اقبلها، كان على الرصيف المقابل شابان يتعانقان وكأنهما خارج حدود الزمان والمكان ،لم يكن أحد من حولهما مهتما عدا عجوزبيدها عكازة حديدية ، نظرت اليهما وابتسمت وهي تجلس على المصطبة الخشبية تتطلع الى القطار القادم و هو يطلق صفارة طويلة .
بدأت حركة أنشط تسود في المكان بعد توقف عشر قطارات دفعة واحدة تحت شاشات تلفزيزنية تحدد مسار القطار ومحطات التوقف ،
قالت صفية –هكذا هي الحياة قطار يتوقف في محطات لينزل منه ركاب ويصعد اليه آخرون ،تجدد في كل ساعة والحياة تستمر
-حين ترتاح الأنفس فهي تتجه إما الى الغناء أو الفلسفة
-ولأن الغناء مستحيل فالفلسفة أقرب !
بدأ( رياك ) يتمرد ،اندفع الى الرصيف يتطلع نحو خطي السكة الحديد،انتفظت أمه لتصرخ بصوتها المجلجل محذرة:رياك
ركض نحو ماكنة معبأة بالمشروبات والشكولاته
كانت السودانية تتكلم بلغة لم أتبينها وهي تتحدث الى إبنها الذي بدأ بالصراخ رافضا الانصياع لدعوتها بالعودة الى المصطبة ،توقفت أمه عند ابنها لقلب جيب سترتها ،
حين وصل القطار النازل الى بريدا جنوبا كانت الساعة الحادية عشر صباحا، تأكدت من صعود المجموعة فقد كنت أعتبر نفسي مسؤولا عن وصولهم، تعلق الطفل بيدي وهو يصعد وحاول أن يجلس بجانبي ولكن أمه سحبته وهي تردد انها آسفة لسلوك إبنها .
كانت الرحلة مريحة ومثيرة فقد كان العشرات يتركون القطار ليصعد غيرهم،البعض شباب يغنون وبعضهم يضحك بصوت صاخب فيما تحاول الفتيات أن يتظاهرن بأنهن غير متحمسات للمشاركة بهذا المرح العلني والجماعي.
في بريدا تركنا القطار نبحث عن الرصيف الذي توقف عنده القطار المتجه الى بوكسمير ،قال موظف يتجول على امتداد الرصيف ،
-رصيف 3 وسيتحرك القطار بعد عشرة دقائق
حين صعدنا الى القطار لحظت ان عرباته قديمة قياسا بعربات قطار بريدا، كما ان موظف قطع التذاكر فتش العربات مرتين وكان هناك بعض المخالفين الذين سلمهم ايصالات بدفع الغرامة ومن الملفت انهم لا يحملون سمات هولندية وقد فهمت من امرأة كانت في الكرسي المجاور أنهم من اللاجئين بالمخيم القريب ،كانت قد تجاوزت الثمانين شعرها الابيض مرتب بعناية بقصة قصيرة وترتدي سترة بيضاء تحتها كنزة صوفية ثقيلة وبنطالا بزهور غريبة بلونين،
-انتم ايضا لاجئون ..
.لم تنتظر جوابي وتابعت-لقد ازداد عدد اللاجئين ...العالم يفرغ نفايته في اوربا
كانت لغتها الانكليزية واضحة وربما تجد لذة في إنها تجيدها ولهذا كانت تنطق كلماتها بهدوء وكأنها تريد أن تتأكد إنها أوصلت ما تفكر به ،
قالت صفية ،لا ترد عليها
-اوربا بحاجة لأن تجدد نفسها وإلا ستنتهي الى خارج التاريخ
التفتت نحوي بدهشة تبدت في اتساع حدقتي عينيها وكأنها تكتشف أمرا غاب عنها
-انت رجل مثقف وأنا أحترم الثقافة في العالم ، لقد زرت الصين والهند وذهبت الى القاهرة لاشاهد عن قرب ثقافات العالم
-يسرني التعرف بك ،أنا عمر
- شكرا وأنا (خوردة )
قرصتني صافية وهي تكتم ضحكة كانت ستحرجنا ....خردة .. !!منذ خروجنا من العراق لم تحدث امرأة ...وتتعرف الان على خوردة ....مبروك يمكن أن تهتم بتجميعها .
كان رياك يقف الى جانبي حينما توقف القطار في محطة بوكسمير ،تمسّك بي ونحن نغادر القطار ،كان لدى صفية قطع شيكولاته دستها في يده ،سألت الشرطي عند بوابة الخروج عن هاتف عمومي .
على الجانب الاخر كانت أمرأة تتحدث بتكاسل ، عرفّتها بنفسي وأعطيتها الكود الذي استلمته من مركز التسليم في المطار ،قلت لها اننا سبعة أشخاص ، قالت عليكم أن تنتظروا نصف ساعة .
قالت ا لسودانية – كم تبقى على الوصول للمخيم
-حوالي الساعة
-ياإلهي ... أشعر بالجوع
قالت صفية –يبدو انا سنفتح مطعما كلنا جائعون
أمام البوابة الرئيسة كان هناك كرفان مفتوح ،في الداخل امرأة ممتلئة شعرها أشعث وسحنتها شرسة فقد كان الانطباع على وجهها متجهما وكأنها تبحث عمن تتشاجر معه ،كانت تضع في مقلاة كبيرة امامها كرات بنيّة اللون ترميها في المقلاة لدقيقتين ،حين سألتها بالانكليزية عن السعر ردت بالهولندية وحركت يدها وكإنها تقول اغرب عن وجهي !، شاب كان ينتظر الكرات البنية لتبرد ، قال –هل تريد من هذه الكرات؟
-اولا ما هي هذه الكرات
-عجين وخضار والعنب اليابس وبعض البهارات التي لا أعرفها ...ولكنها الطعام الأكثر شهرة في هولندا .
رجوته ان يطلب من البائعة ان تحضّر سبع صحون ورقية في كل منها ثلاث كرات ،دعوت المجموعة الى الكرفان ، لم تكن الكرات مشجعة ، كانت أمي تعمل شيئا مشابها ونحن صغار ولكن كان ذلك مغايرا في طعمه لأنه يحتوي على السكر وينقع في محلول السكر المغلي ,
الباص الصغير الذي وصلنا لم يحتاج سائقه الى البحث عنا ،كنا آخر من تبقى في المحطة الصغيرة ، ترجّل وفتح الباب ،كان نحيلا بلحية مشذبة ووجه أسمر بملامح مغربية ،كرر ذات الكلمة التي قالها قاطع التذاكر وهو يعيد تذاكرنا بعد تثقيبها ،كان وقعها غريبا ومميزا ولهذا رسخت في ذاكرتي رغم اني لم أكن قادرا على النطق بها .
الطريق الى المخيم ذكرني بالطريق الزراعي الى التون كبري في الربيع ، زهور الشقيق الحمراء تتفتح للشمس وللندى وزهور برية بيضاء وصفراء تتناوب في المساحات الصاعدة الى قمم الهضاب على الجانبين ،كان طريقنا قصيرا ولكن مزارع الذرة كانت تنشر رائحة طرية ، رائحة العشب حين يتم القيام بحشّه ،تتناوب مساحات مفتوحة تفصلها سواق رقراقة لتمنع الابقار الهولندية من العبور الى الشارع،الشمس التى تغمر الكون باشعة ذهبية كانت تختفي في تشابك كثيف لأوراق نبات الذرة وهو ينهض بزهو أخضر .
عند بوابة عريضة توقف السائق يتبادل حديثا حول الدخول ، فتحت البوابة ، بعض ساكني المخيم كانوا يتطلعون الى القادمين الجدد بفضول ،تقدم موظف بيده ورقة ...نادى باسمائنا وطلب الدخول الى غرفة الادارة ، مكتب عريض عليه جهاز كومبوتر وكنبات على الجانبين وبضع كراس بلاستيكية،بعد التأكد من شخصياتنا تم اعطائنا ارقام الغرف المخصصة ،كنت وصفية في غرفة واسعة في اخر الممر لمبنى قديم كان معسكرا للقوات الألمانية التي احتلت هولندا في الحرب العالمية الثانية ،كان المبنى منعزلا في منطقة زراعية واسعة ، البيوت المجاورة على بعد أكثر من خمسمئة متر ،وقد وجدت إن السكان من الأسر الهولندية الميسورة فقد كانت البيوت داخل مساحات خضراء واسعة ومسيجة بالاسلاك الشائكة تمرح خلفها كلاب حراسة مقاتلة ، فضلا عن ثلاثة او أربعة من الخيول التي تتطلع الى المارين في الشارع المجاور بفضول، أما الكلاب فقد كانت متخفزة باستمرار للقتال وفي عيونها نظرات استغراب من أ ية ريح حملت هؤلاء الى هذه المناطق الهادئة .
قال السائق الذي أوصلنا الى غرفتنا بعد أن فتح بابها
-يمكن التأكد من كفاية الأغطية والشراشف وعمل أجهزة التدفئة ...الماء هنا من الصنبور مباشرة ولا حاجة لشراء قناني الماء
ولتطميننا قام بشرب الماء من الصنبور في الغرفة ،كما قام بتشغيل جهاز التلفاز وشرح لنا كيف يمكن استقبال بعض القنوات العربية
قالت صفية –نحن الان في بداية طريق أكثر أمانا ....أريد أن أستلقي على الفراش للراحة
كانت الشراشف نظيفة انتشرت منها رائحة خفيفة ،قالت صفية –انها رائحة الفلاندرز
في المطعم نتناول ثلاث وجبات يوميا وبعد كل وجبة نتوزع على شكل مجموعات عشوائية في بداية تواجدنا ، ولكنها سرعان ما أصبحت معلومة لتوافق الرؤى والثقافة .
كانت صالة المطعم تتسع لأكثر من خمسمئة شخص في آن واحد وكان العدد مكتملا فقط أيام توزيع الدجاج وقت العشاء ، كانوا يدفعون لنا مبلغا بسيطا مصروف جيب ،بعد إسبوع ابتدأ يتصل بنا محام كلفته وزارة العدل ،كان معه اوراق التحقيق الذي أجري معنا في المطار وكذلك في المخيم ثاني يوم وصولنا ، قال يمكنني الجزم بأني استطيع أن أحصل لكما على لجوء انساني ، ولكن الامر لم يكن بهذه البساطة ،فقد رفض الطلب.
قال أبوعلي وهو مهندس نفط – يمكنكم طلب تغيير المحامي ، المحامية التي أعرفها على كفاءة عالية وهي متخصصة في اللجوء
كان ا بوعلي الذي سألته صفيه عن اتجاه القبلة لتحدد توجهها عند الصلاة مسيحيا ، لم يقل هو ذلك ،عرفته من رسالة وردت اليه من زوجته في بريطانيا.
كان ابو علي شخصا حاضر النكته و يعلن الحاده حين يدور الحديث عن الدين، الامر الذي كان يتكرر كل يوم بحكم تنوع سكان المخيم والذين كان معظمهم من الجماعات الدينية المعارضة للنظام في العراق ، كما كان على استعداد لمساعدة الجميع .
كانت المحامية شابة بادية الجد ودقيقة في بحثها عن منافذ لإقناع وزارة العدل، بعد أسبوع اتصلت بي لتقول –سيد عمر هل تقبلان باللجوء الانساني ؟
-نعم . أجبتها على عجل
-حسنا دعني أسمع ذلك من زوجتك
قالت صفية –نعم كما قال زوجي
ضحكت المحامية-لا.... ماذا تقولين أنت ، سيدتي أنت في هولندا ، إنها مملكة المرأة ،أرجو أن يكون رأيك بقناعتك
عند البوابة الرئيسة كانت ثلاث سيارات للشرطة تقف بالتتابع أمام البوابة غالقة المدخل فيما أضويتها الحمراء تعطي انطباعا بان أمرا في غاية الخطورة يحدث في الداخل ، انكمشت متشبثة بعمر ، توقف السائق وترجل ليستطلع ، عدد من رجال الشرطة بملابس سوداء وخوذ عسكرية وفي احزمتهم مسدسات وقيود حديدية وفي أيديهم أجهزة اتصال ، كان المنظر كأن حربا وشيكة ستقع ،
شعرت بخوف شديد ورغم إني دفنت رأسي بصدر عمر إلا أن الفضول كان يدفعني لمتابعة المنظر ، خرجت سيارة مما يستخدم في نقل المجرمين جانبها الأيمن مشبك حديدي ، كان خلف المشبك أبو جعفر وثلاثة من أولاده ،كان الجميع صامتون بحكم الخوف والرهبة ، في عيونهم هلع وعلى وجوههم رعب ثبت نظراتهم على الشارع ، ,و راء السيارة كانت ام جعفر بعباءتها السوداء وبدون غطاء الرأس الذي تلبسه عادة وهي في المطعم أو في الممر الصغير أمام سكنهم في المخيم ، كانت تبكي وتصرخ بحرقة وهي تقسم ان ابي جعفر بريء وانه لم يكن يقصد ما قاله ، انطلق الجميع وفتحت البوابة ،
قال السائق- هذا الرجل مجنون ....كان الشرطي يبلغه برفض طلبه اللجوء ومن حقه أن يستأنف كما جاء بقرار المحكمة لكنه أقسم انه سيحرق المخيم، أمام سكن أبو جعفر كان عددا من اللاجئين متجمعين ، بعضهم كان يتأسف لأم جعفر وعدد منهم كان يعتبر إن ما شاهده مشهدا كوميديا يدعو الى الضحك فقد كانوا يتابعون المطارة بين الشرطة وأبي جعفر وأولاده ،
قالت موظفة تقف مع المتفرجين وهي تدخن –هناك دائما خطر في المزاح مع الشرطة ، سيعيدوه مساء
كان أولاد أبي جعفر اربعة ،
قالت فتاة كانت تقف على مبعدة –هرب الرابع
كان أبو جعفر يفرض وصايته على المدخل ، وحين تقدم بعض الجمعيات الخيرية هدايا لمساعدة اللاجئين كان ابو جعفر يستلمها ويتعهد بتوزيعا وفي الحقيقة كان يوزعها على نحو يعكس علاقاته بنزلاء المخيم
قال عمر –لا أرتاح لهذا الشخص
في المساء عاد أبو جعفر وأولاده الثلاثة أما الرابع فقد قرر أن يستقر في المانيا .
كانت إدارة المخيم تقيم نشاطات متنوعة بعد وجبة الغداء عادة ، تتوزع هذه النشاطات على حفلات موسيقية وتمثيلية وأحيانا تنسق مع الموهوبين من النزلاء فتقيم حفلة غنائية ، وعادة ما تكون بعد العشاء ،كان المخيم يضج بالحركة ويفور بالأحلأم والأماني، الجميع يفكر بالحصول على الموافقة ببقائه والانتقال الى سكن خاص،
في الاسبوع الثاني لإعلامنا باللجوء الانساني استدعتنا الادارة لتسلمنا كتاب نقلنا الى مدينة لاهاي كما ابلغونا أن نحزم حاجياتنا بانتظار السيارة التي ستقلنا الى العنوان الجديد
فور انتشار الخبر في المخيم قرر مغن كردي أن يقيم لنا حفل توديع في قاعة المطعم ، كان عمر يتحدث معه عن كردستان والطموح الكوردي بالدولة وبالوطن ، كان يضرب على الدف وهو يغني ، وكتحية حب غنّى بالعربي أيضا ، وقد استطاع ان يستقطب معظم النزلاء ، وفي ساعة متأخرة قدم لنا أبو علي هدية صغيرة تذكارا عن أيامنا في المخيم
صباحا غادرنا المخيم ،كان نهارا مشمسا يحمل النسيم رائحة عذبة ، ،وهو يمسح الحقول،
قلت لعمر-نحن في بداية الطريق
قال-نحن الان نسير بإرا دتنا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي


.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع




.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج