الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعض سمات التحول الجاري بالمغرب

سامر أبوالقاسم

2019 / 12 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


عرف المجتمع المغربي تحولات اجتماعية عميقة، تمثلت في جزء منها في تحولات ديمغرافية كبرى، وتجسدت في تحولات حضرية لا تقل أهمية، وتحولات في مجال الأسرة والقرابة، وتطور تدريجي في مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، وتحولات منبنية على التوجه التدريجي نحو تبني التعليم، سواء في المجال الحضري أو القروي، وتحولات ثقافية من حيث ارتفاع عدد الجامعات والخريجين...
وبموازاة ذلك، هناك عجز على مباشرة العمل في مجالات الصحة والتعليم والسكن والطاقة والماء والنقل والتشغيل وغيرها، وعدم قدرة على إنجاز المهام الكبرى والجسيمة. وينتج عن ذلك غياب التوجه الاجتماعي للسياسة العمومية، وتغييب للحوار مع الفاعلين الاجتماعيين، وتهرب من مسؤولية بلورة تعاقد اجتماعي جديد مع مجموع الشركاء.
وتعاني القطاعات المنتجة من اختلالات تدفع في اتجاه التأخر الاقتصادي للمغرب، وشل قدرات الاستثمار على الإنتاج، ومضاعفة الأخطار المحدقة بالإنتاج الفلاحي والزراعي واستفحال أزمة قطاعي السياحة والعقار، وتردي الأوضاع لمناخ الأعمال، وتعميق اختلال التوازنات الخارجية. علاوة على الاختلالات البنيوية للمالية العمومية، سواء من حيث القصور الذي يشوب المداخيل الجبائية، أو القصور الذي يعتري النفقات العمومية.
وينعكس كل ذلك حتما على الوضعية الاجتماعية، التي أضحت متسمة بفوارق اجتماعية ومجالية لا تطاق، وبضعف مهول في التشغيل، وانتشار مخيف للعطالة، وبأزمة في التربية والتعليم، وبضعف خطير في الرأسمال البشري، وعجز مهول على مستوى تقديم الخدمات الاجتماعية، مما يؤثر سلبا على مجال التمتع بالحقوق والحريات. وهو ما يؤكد مصداقية الدعوة إلى إعادة النظر في النموذج التنموي.
فالنموذج التنموي الذي اعتمده المغرب، أصبح في حاجة إلى إعادة النظر، وذلك باعتراف كل الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين. والاقتصاد في حاجة لإعطائه دفعة، بالنظر إلى العديد من الاختلالات التي يعاني منها، والتي حالت دون تحقيق الأهداف المرجوة. وعلى الحزب أن يشكل عنصرا فاعلا في البحث عن سبل تجاوز هذا الوضع.
فمع بداية القرن الحالي ظهرت ثورة جديدة، تمثلت في توسع نطاق تداول المعلومات وسرعة الحصول عليها. وقد ساهم انتشارها الكثيف والسريع في تكوين وصناعة حركة جديدة للتاريخ. وبقدر ما لهذه الثورة من إيجابيات بالنسبة للدول والأفراد، بقدر ما قد تؤدي إلى العصف بدول وتدمير مجتمعات. خاصة وأن العالم يسير نحو العنف بشدة، وخطاب الكراهية يمضي بسرعة؛ وقد ساهم في ذلك سرعة تداول المعلومات وتراجع تأثير مختلف مؤسسات وإطارات التنشئة الثقافية والسياسية.
فقد توقع الكثيرون للثورة المعلوماتية في بدايتها أنها ستمحو الفوارق وتعزز الفضاء الإنساني، لكن ما حدث خلاف ذلك، فالهرولة نحو الموارد المحدودة ازداد عنفا، والأزمات الاقتصادية أصبحت أكثر أثرا من ذي قبل وبلا حدود، والفضاء الواسع للمعلومة صار مرتعا للكراهية والتمييز العنصري. وبلادنا ليست في منأى عن هذه التأثيرات في ظل وضعها المعطوب تنمويا.
كما أن هناك تقدم هائل في تكنولوجيا الاتصال وصفحات التواصل الاجتماعي، كمنجز حضاري أفرزته العقول المبدعة. وهي مفيدة من حيث تبادل الخبرات الحياتية في مجالات متعددة، واكتساب معلومات هامة من مصادرها ،وتبادل الرأي والنقاش، ورسم اجتهادات فكرية وثقافية وسياسية، واكتساب خبرات إبداعية في مجالات ثقافية متنوعة، واكتساب وعي مناسب بما يدور حول الإنسان من أحداث ومستجدات في مختلف الميادين، واكتساب مهارات متعددة في الحياة وفي شتى المجالات.
لكن في نفس الوقت، لها من الأضرار ما يمكن أن تؤدي إلى الانعزال عن المجتمع، وصعوبات اندماج الأفراد، والانشغال عن أداء الالتزامات، والتخطيط لنشر الجريمة والتطرف، ونشر الإشاعات وترويجها، والتشهير بالناس... وقد برزت على سطح مجتمعنا العديد من هذه التأثيرات السلبية ذات الوقع الخطير على انتظام العلاقات بين الأفراد والجماعات والمؤسسات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في


.. ماذا تضم منظومات الدفاع الجوي الإيرانية؟




.. صواريخ إسرائيلية تضرب موقعًا في إيران.. هل بدأ الرد الإسرائي


.. ضربات إسرائيلية استهدفت موقعاً عسكرياً في جنوب سوريا




.. هل يستمر التعتيم دون تبني الضربات من الجانب الإسرائيلي؟