الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انهيار سلطة الصدفة الكارتونية في العراق

عبدالقادربشيربيرداود

2019 / 12 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


وزَّعت السلطة في العراق لـ(غاية في نفس يعقوب) الحصص ومراكز النفوذ؛ ما بين الطوائف والمذاهب، وكَرَّست لكل طائفة أو مذهب قسماً من السلطة؛ يتصرف القائمون عليه تصرف المالك بملكه، بينما هو حق للدولة والشعب والوطن؛ ككل واحد موحد لا يتجزأ، وما هذا الإجراء التعسفي؛ غير الدستوري، إلا أهانة للسيادة الوطنية، وتجاوزاً صريحاً على القوانين المرعية لإدارة البلاد والعباد.
هذا التجاوز المقصود ينم عن غباء سياسي، وخواء في السلطة؛ بحجة التسوية الدستورية التي وضعتها هذه السلطة الكارتونية، والتي جاءت بصدفة غبية من عمر العراقيين بعد العام 2003، تزامناً مع الاحتلال الأمريكي للعراق، ووضعه تحت البند السابع؛ والذي نتوقع حدوثه في القادم من الأيام بحسب معطيات الوضع.
لذلك كُرِّست هذه السلطة للمحاصصة الطائفية؛ بحجة دعم الاستقرار عن طريق ضمان مناصب لجميع الفئات المتنافسة، من شيعة، سنة وكورد، وقد أدى هذا التقسيم غير العقلاني إلى تفشي الفساد المستشري الآن في البلاد، فتسبب في إعاقة بالغة للاقتصاد، وإدخال البلاد في نفق المحاصصة والطائفية المقيتة؛ ما أدى إلى خفض شديد في الخدمات العامة من ماء، كهرباء، صحة ووظائف للشباب العاطلين عن العمل.
حتى أوصلوا البلاد إلى الانهيار؛ فنجمت عن ذلك حالة من عدم الرضى العميق بين الشباب؛ إثر التراكم النضالي التقدمي، والحس الوطني؛ فقرروا التغيير والانقلاب على هذا الواقع المزري بشكل سلمي حضاري مدني مرددين (نازل آخذ حقي) و (نريد وطن)، وشعارات إنسانية أخرى؛ حتى تحول هذا التظاهر السلمي إلى انتفاضة شعبية عارمة في الأول من تشرين الأول 2019، في العاصمة بغداد، في وجه كل فاسد مستبد، وفي وجه كل الأحزاب المتنفذة، حتى الدينية منها؛ لأنها كانت جزء من المشكلة حين أوصلت البلاد والعباد إلى هذا النفق المظلم.
خرج الشباب رافضين تلك الألعاب الرخيصة، والتدخلات الخارجية من الذين اختاروا تحريك خيوط اللعبة من وراء الستار حين أشركوا بعض العناصر المندسة لتحريف سلمية المظاهرات، وإحداث فتنة كبيرة كادت تعصف بالبلاد، وتنزلق به نحو المجهول، حين لجؤوا إلى الترهيب والترويع والقتل العمد، فخلّفوا خسائر كبيرة في الأرواح، وعلى مرآى من الناس، فصار العراق موضع تفريغ أحقادهم الدفينة؛ منطلقين - أولئك المندسين - من ثقافة هجينة ورثوها من أسيادهم؛ كونهم مجندين وبامتياز؛ لأن ولاءهم وانتماءهم لا زال لتلك الدول المعادية التي تريد الشر للعراق.
برغم كل تلك التداعيات نجحت الانتفاضة الشعبية، حين أربكت أطراف السلطة، وأرغمت رأس الهرم في السلطة (رئيس الوزراء) على الاستقالة، وما زالت القائمة تطول لتشمل بقية الرؤوس الخاوية في السلطة (قلع شلع)، لتنتهي تلك الحقبة المظلمة من التاريخ السياسي العراقي.
وبحسب الاستطلاعات المحلية والعربية والدولية، وكل المقاييس السياسية، صارت هذه الانتفاضة الشعبية المباركة ضربة قاسية لكل رموز السلطة؛ السياسية منها والعسكرية، وتجاوز إنساني جميل لكل النداءات الطائفية، وهزيمة للطائفية والطائفيين - عابرة للطائفية - وتأكيد على إخفاق التقسيم الطائفي لأنه قرار جمعي غير مسبوق، مِن قبل كل الطوائف والمذاهب والإثنيات العراقية، ممن لا زالوا في ساحات الاعتصام حتى تحقيق آخر مطلب للشعب العراقي (المكرود).
قال تعالى: (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا). وللحديث بقية...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد