الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكلب والشاعر....؟!

عبد الستار نورعلي
شاعر وكاتب وناقد ومترجم

(Abdulsattar Noorali)

2019 / 12 / 15
الادب والفن


جارتي الآنسةُ أيفا:
كلبُكِ يهبطُ سُلّمَ هذا البيتِ بصمتٍ وهدوء،
كأنّ الطيرَ على رأسِهْ،
لايرفعُ عينيهِ
في عينيَّ،
يهبطُ
ملتصقاً بالحائطِ .
يبتعدُ
عنْ جسدي!

خجلٌ حيوانيّ؟!
خوفٌ؟!
أم يخشى أنْ ألقيَ شعراً
فوق السُلمِ....
حتى القاع؟

هل يعرفُ أنّي أقرضُ ما سُميَ شعراً ؟

أشعرُ بلهاثهِ يخترقُ جدارَ الغرفةِ
في أعماقِ الظلمةِ.
اسمعُ خربشةَ يديهِ تدقُّ الحائطَ
ما بينَ سريري وسريركِ، يا إيفا!
أنهضُ عن وجهِ الأوراقِ،
أضعُ القلمَ،
يديَّ،
أتأملُ خلفَ النافذةِ:
هل يفهمُ ايقاعَ الشعر العربي؟
هلْ أطربَـهُ همسُ الأبياتْ،
أم أفزعهُ صدى الأصواتْ
داخلَ أروقةِ الأبياتْ،
أم يحتجُّ على الكلماتْ؟
هل يدركُ أني أكتبُ عنه؟

وجهُ الكلبِ مجرّاتٌ
آياتٌ
في ذاكرة الكهفِ،
ووجهُ الشاعرِ أصواتٌ
يتبعها الغاوونْ
في أغوارِ الوديانِ يهيمونْ!

هل يعرفُ عن كلبِ السبعةِ
يبسطُ ذراعيهِ، وينامْ
فوق الرمل الدافئ
وسعير الأحلامْ؟

تنشطرُ الرؤيةُ حينَ يمرُّ الكلبُ الصامتُ
فوق سلالم هذا البيتِ الحجريةِ،
مُنقاداً منْ عنقهْ.
خجلٌ،
خوفٌ،
غضبٌ مكتوم،
عجزٌ في الرُكبةِ،
أم موتٌ قادم؟

لم أسمعْ يوماً كلبَ الآنسةِ أيفا ينبح!
عجبي!
يتصدّعُ هذا الرأسُ
منْ رَجعِ صراخ الصبيةِ في شارعِنا
والنسوةِ في حارتنا،
والعاصفةِ الرمليةِ فوق الأكواخْ،
وصوتِ مذيع فضائيةِ القرنِ،
وشِعر المليونِ صداعْ!

أنسيتمْ أنْ الشعرَ صراخٌ
في وجهِ سكون الغابةِ
والبحرِ
والقهرِ
وأنواءِ الليل؟

أنسيتمْ أنَّ الكلماتِ الكبرى
تعبرُ كلَّ القاراتْ،
لتحطَّ على وجهِ الطفلِ هناكَ
في نيرانِ الكون الأكبر،
في عاصفةِ القرنِ الماضي
والحالي
والقادمِ،
فتثيرُ كلابَ الصيدْ؟

كلبُ الآنسةِ أيفا
أهدأ من ليل الصحراءِ، أرقُّ
منْ كفّ الطفل المولودِ حديثاً،
أكبرُ صوتاً
منْ حكماء القادةِ
في عالم ما بعد الطوفانْ.

خمسٌ من قططٍ صينيةْ
تلاعبهُ
وتداعبهُ
حبّاً، وحميميةْ.

خمسةُ أطفالٍ..
منْ دار السيدةِ الفقرِ هناكَ
خلفَ حدود البلدانِ الشرقيةْ
وبيوت الموتِ الطينيةْ
تتفجّرُ أشلاءً وشظايا
بمفخخةٍ!

إثمُ الشعر العربيِّ الصارخِ
أنَّ طغاةً قد ناموا
في أحضانِهْ،
فأقاموا الدنيا، لم تقعدْ
حتى الساعةْ!

ـ هلو !
هلو !
كلبَ الآنسةِ،
كم أنتَ ودودٌ وجميلْ،
هل تعرفُ أني أقرضُ شعراً
بأسناني،
وكلابُ السفح الثاني
تنهشُ في لحم الأطفالْ
والشعراءْ!؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إعلام إيراني يناقض الرواية العراقية حيال -قاعدة كالسو- وهجما


.. شبّه جمهورها ومحبيها بمتعاطي مخدر الحشيش..علي العميم يحلل أس




.. نبؤته تحققت!! .. ملك التوقعات يثير الجدل ومفاجأة جديدة عن فن


.. كل الزوايا - الكاتب الصحفي د. محمد الباز يتحدث عن كواليس اجت




.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله