الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العصفور ، عادة الحياة وليس حياة العادة

خالد الصلعي

2019 / 12 / 16
حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير


لا أحب الصيد ، ولم أرب شغفي على هواية الصيد وانتظار انطلاقة طائر حر يحوم السماوات ، يجوب الفضاءات لأقنصه ببندقية محايدة لا تدري ما يصنع بها . وحين تصدر صوتا يكون صوتا مخيفا ومفزعا ومريعا .
لذلك لم تأنس نفسي يوما هواية الصيد ، لذلك كانت أولى قصائدي للناس ، حر مني ، لذلك قرأت مروية الصديق والأستاذ عبد الله الزايدي بعيدا عن اسلاك القفص ولو كان ذهبيا ،فكيف اذا كان عليه لوغو "صنع بالمغرب " ؟

عندما قرأت بعض نصوص المروية الجميلة ، ادركت منذ حروف البداية وعبارات الوصف الموجع أن العصفور ضل حرا برغم الجدران ، وكم عصفور سجين وهو خارج أسوار السجن . ربما كان لابد من عبور الجسر قبل أن يدمر تماما ، جسر عبور التعميد ، جسر المعايشة الحقيقية ، سنة ، سنتان ، 27 سنة ، كما نيلسون مانديلا ، المهم أن يمتلئ بك الكون يوما ، أو تملأه برغم فردانيتك وتجربتك الشخصية .
القهوة مرة ، القهوة حلوة ، فنجان فارغ ، فنجان ممتلئ ، تلك عادة الحياة ، وليس حياة العادة . تلك هي طزاجة الحكي والسرد والرواية . كأن الثلاثون سنة وأكثر قليلا هي بنت اللحظة .
تلك هي كيمياء المعايشة ، كيمياء الاشباع الكلي بطقوس اللحظة ، بوهج الوعي المتقد . صعب ان تكوي وعي مناضل امتد به طريق النضال أربعة عقود ويزيد .في بؤرة تخلى فيها كثير عن نعالهم وسحناتهم ليلبسوا آخر الموضات ويملأوا خدودهم بمساحيق التجميل الرديئة .
عبد الله الزايدي لم يغير ثوبه ، لكنه غير رؤيته ، لأم يغير مواقفه ، لكنه عدل منها ، لم يخرج عن جلباب عشيرته ، لكنه طور تصميمه .
وككل طير لابد وأن يتكيف مع مناخ جديد دون ان يتحول الى دودة كما صنع الكثيرون .
ربما وأحيانا قليلة ، يكون السجن مدرسة رائعة لطيران أبعد ، لتحليق اعلى . لولا السجن ما خبر دوستويفسكي معادن الناس ، ولا أبحر عميقا في فن دراما الانسان . لولا السجن ما صار ريجيس دوبري مناضلا في البراري وعلى دروب الحرف . ولولا السجن ما أعاد ألبير كاموس ترتيب اوراقه للدفاع عن الجزائر وعن الانسان . الكتابة تحليق ، طيران ، خفقان وسط الحجر . وقد حررت الكتابة عبد الله الزايدي من روتينية وعادة الجدران الأربعة المتحالفة مع الصمت والموت . فكان الارتجاج ، كانت الاحتجاج ، كانت الحياة في شكل حروف تنطلق طيرا على هيأة انسان .
تلك هي عادة الطير ، والتحليق ايمانه الأزلي .
محبتي صديقي واستاذي عبد الله الزايدي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قصف مستمر على مناطق عدة في قطاع غزة وسط تلويح إسرائيلي بعملي


.. عقب نشر القسام فيديو لمحتجز إسرائيلي.. غضب ومظاهرات أمام منز




.. الخارجية الأمريكية: اطلعنا على التقارير بشأن اكتشاف مقبرة جم


.. مكافأة قدرها 10 ملايين دولار عرضتها واشنطن على رأس 4 هاكرز إ




.. لمنع وقوع -حوادث مأساوية-.. ولاية أميركية تقرّ تسليح المعلمي