الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منهج عمر بن عبد العزيز في الإصلاح الاقتصادي

احمد حسن عمر
(Dr.ahmed Hassan Omar)

2019 / 12 / 18
الادارة و الاقتصاد


اعداد
د.أحمد حسن ابراهيم - خبير اقتصادى
شهد التاريخ الإسلامي فترات ذهبية عاشتها الأمة الإسلامية بتحقق الرفاه الاقتصادي والتقارب الاجتماعي وإذابة الفوارق الاجتماعية بين الطبقات، حسب قرب تلك الفترة من المنهج الإسلامي أو بعدها، ومن أنصعها فترة عمر بن عبدالعزيز خامس الخلفاء الراشدين.
تولى عمر بن عبدالعزيز الخلافة والمجتع حوله يعج بالاضطرابات السياسية، والانقسامات الاجتماعية، وحيثما حلت الفوضى السياسية عاصرها انهيار اقتصادي، بالاضافة الى سوء الإدارة وانحلال القيم الناهش في جسم الاقتصاد الوطني، الذي ترك حجماً هائلاً وعبئاً ثقيلاً على حركة الاقتصاد وغيرها.
وفي زمن قياسي وضع عمر بن عبد العزيز خطة مفتوحة لبناء نظام اقتصادي متكامل، كفيل بترتيب الأوضاع الاقتصادية ويتجاوز كل العقبات، ويحقق اكتفاءً ذاتياً ووفراً مالياً ثابتاً، بالاعتماد على المكتسبات الثابتة والممكنات المتغيرة، وخلال عامين ونصف، فترة ولايته، حقق تقدماً اقتصادياً في المجتمع الإسلامي الممتد من الصين شرقاً إلى الأندلس غرباً، فكان عامه الأول عام إصلاح وترميم، وما بعد ذلك جاء الاستقرار الاقتصادي الشامل، علاوة إلى الاستقرار السياسي والاجتماعي.
وعندما تسلم عمر بن عبدالعزيز سلطات الخلافة شرع في الإصلاح الاقتصادي الشامل، حيث قرر بعض المبادئ التي استند إليها في تحقيق العدالة الاجتماعية، من خلال إعادة توزيع الثروة بشكل عادل وشامل وازالة الفوارق بين الطبقات حتى لاتصبح القلة تملك كل شيء والكثرة تموت تحت وطأة الفقر والحاجة، حيث استخدم منهج المساواة بين الرعية في توزيع الدخل، وشملت عملية إعادة توزيع الثروة جميع طبقات المجتمع المسجلين في الديوان وغير المسجلين، حتى الأطفال والمعاقين شملتهم إعادة توزيع الثروة،وقام بدفع عجلة التنمية الاقتصادية، لتحقيق الرفاه الاجتماعي مؤمنا بأن مظاهر حياة الرفاه في الإسلام هي مراعاة تقوى الله، مع وفرة الإنتاج، وعدالة التوزيع، بتحقيق الكفاية لكل فرد، إلى جانب سيادة الأمن في المجتمع، وقضى على احتكار القله بإصدار تعليمات بأن من اشترى شيئا بعد سنة مائة فإن بيعه مردود، حتى لا تتجمع الأرض بأيدي فئة من الأغنياء، وحتى لا يتعطل توزيع مصادر الدخل، وتتوقف مشروعات التنمية والاستثمار.
ولتحقيق الاصلاح الاقتصادى اعتمد عمر بن عبد العزيز المبادئ الإسلامية للإصلاح والتى تتمثل فى الآتى:
• العدل: حيث أن إقامة العدل أهم من إقامة البناء، لأنه مع العدل سعة، ومع الظلم ضيق ومشقة
• رفع الظلم: وذلك لأن رفع الظلم يجعل المجتمع مشاركاً في المحافظة على المقدرات، ويدفع عجلة البناء بكل فعالية، حيث تم مراجعة الأحكام الظالمة والتي ترتب عليها حقوق للناس، أو الفصل فيها إذا ما أثيرت من جديد وأخرج المساجين، ولم يتوقف رفع الظلم الذى قام به عمر بن عبدالعزيز عند المسلمين، بل شمل غير المسلمين، لأنهم وحدة إيجابية في عملية التكافل والبناء الاجتماعي، وبعد ذلك لم يحتج عمر إلى هذه السجون ولم يدخلها أحد، بل قيل لم يعاقب أحداً في عهده إلا رجلا كان يزور الدنانير، كما قام بمراجعة القضايا الكبرى والعالقة من حيث قانونيتها أو عدمها والفصل فيها، وإعادة الأموال التي أخذت من أصحابها ظلماً، لأنها تحول دون مشاركة الأفراد في مشروعات التنمية وتطوير الأوضاع الاقتصادية، وأن هذه الأموال تبقى في ذاكرة المجتمع مؤشراً سلبياً على زعزعه ثقة الناس، وذلك لأن رفع شعار الإصلاح الاقتصادي يتعارض مع إبقاء الظلم.
• رفع الضرر عن العامة وضمان ما أتلف من أموالهم إذا ما تعارضت المصلحة العامة مع الخاصة حال اقامة مشروعات قوميه، وهذا التعويض بمثابة دافع إلى الأفراد بالاستمرار في المشاركة والتفاعل مع النهج الإصلاحي، وأنهم ينتمون إلى مجتمع يقدر الجهد المبذول.
• الاستفادة من الخبرات والتجارب السابقة، حيث قام باقتفاء سيرة الخلفاء الراشدين وخاصة عمر بن الخطاب.
• اتخاذ البطانة الصالحة والإيجابية والفعالة في البناء الإصلاحي، حيث اوصى من حوله برده الى الحق اذا مال عنه، مؤكدا أن لقائل الحق سلطاناً.
• محاربة الرشوة وإغلاق مداخلها باسماء وهميه كالهدية، حيث رفض الهدايا وكان يقول انها كانت للنبي صلى الله عليه وسلم هدية وهي لنا رشوة.
• المحافظة على الأمن السياسي والاجتماعي، حيث كان عمر بن عبد العزيز يشرف بنفسه على الأمن في البلاد لان قرة عين الملوك في استتباب الأمن، كما ان الأمن الاقتصادي مرتبط بالأمن السياسي والاجتماعي.
• العمل المتواصل وعدم التقاعص او التكاسل، لأن العمل وزيادة الإنتاج له أثر مباشر على الإصلاح الاقتصادى.
• المرجعية الثابتة للولاة في الإصلاح ، عندما "كتب الجراح بن عبدالله إلى عمر بن عبدالعزيز إن أهل خراسان قوم ساءت رعيتهم، وإنه لا يصلحهم إلا السيف والسوط، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لي في ذلك"، فكتب إليه عمر بن عبد العزيز "أما بعد فقد بلغني كتابك تذكر أن أهل خراسان قد ساءت رعيتهم وأنه لا يصلحهم إلا السيف والسوط، فقد كذبت بل يصلحهم العدل والحق فابسط ذلك فيهم والسلام" وذلك لأن الشخصية المقهورة أو المهانة لا تصلح في مشروعات التنمية والإصلاح أو تكون صالحة الانتماء.
• قمع محاولات التزوير أو العمل على التضخم المالي: وذلك لعمل توازن بين الأموال النقدية وحاجة السوق، ولحفظ القيمة الشرائية لعملة البلد، وعندما أتو برجل إلى عمر بن عبدالعزيز يضرب على غير سكة السلطان فعاقبه وسجنه وأخذ حديده فطرحه في النار"
• حرر الموازنة العامة من الأعباء غبر الضرورية، وفى سبيل ذلك تم مراجعة الاستحقاقات المالية لذوى الامتيازات الخاصة للأشخاص الذين لهم صلة بالخلافة ووقفها لأن ذلك اهدار للمال العام، وترشيد نفقات قطاع الخدمات، وحدد الكلفة المترتبة على الجانب الخدمي، الذي يعد في جانب النفقات السلبية في حركة الأموال، وامر ببيع المراكب واستخدام البغال طالما تؤدى المطلوب وأعطى بذلك بعداً في حركة التصحيح، وقام بمصادرة الأموال التي حصل عليها بعض الأفراد بغير وجه حق وإعادتها إلى بيت مال المسلمين، كما قام بضبط النفقات الخاصة فلم يسرف فى النفقات ولم يسمح باستغلال السلطة وبذلك وكان نموذجا للفصل بين العمل العام والعمل الخاص، وكان إذا أسرج سراجاً في حاجة المسلمين يكتب كتاباً أو غيره أسرج من بيت مال المسلمين، وإذا أراد أن يكتب في حوائجه أو في غيرها أسرج من ماله"، كما عالج الفساد الإداري، فعمد إلى الإصلاح الوظيفي حيث بدأ بتخفيض رواتب الحرس الخاص وعددهم،
• كما قام عمر بن عبدالعزيز بالكثير من الابتكارات في مشروع الإصلاحات الاقتصادية مثل تنمية القيادات الإدارية، لأنهم العنصر الفعال في عجلة التنمية، ومراحل التطوير، وتنميتهم ضرورة ملحة لضمان نجاح العمل، ورفع كفاءته الإنتاجية، كما قام ببناء المشروعات التنموية المستمرة بالعطاء، وتسهيل مهمة المستثمرين وتقديم القروض لهم، لضمان استمرار هذه المشروعات، حيث كلف الولاة بإعطاء القروض التي ترفع من سوية الإنتاج عند أفراد المجتمع.
وبذلك نجح عمر بن عبد العزيز فى ترسيخ عوامل الثقة في الإصلاح الاقتصادي على مستوى الراعي والرعية وحل مشكلة العجز المالي والمديونية التي كانت تعاني منها الدولة في عهد عبدالملك بن مروان ، ونجح في تعزيز الالتزام الطوعي لقوانين الدولة وعالج مديونية الأفراد من الوفر المالي في الموازنة، ورفع مستوى الدخل للأفراد وحقق الرفاه الاجتماعي للمجتمع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بركان ثائر في القطب الجنوبي ينفث 80 غراما من الذهب يوميا


.. كل يوم - د. مدحت العدل: مصر مصنع لاينتهي إنتاجه من المواهب و




.. موجز أخبار السابعة مساءً- اقتصادية قناة السويس تشهد مراسم اف


.. موازنة 2024/25.. تمهد لانطلاقة قوية للاقتصاد المصرى




.. أسعار الذهب اليوم تعاود الانخفاض وعيار 21 يسجل 3110