الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن انتفاضة تشرين وماينبغي

نسيب عادل حطاب

2019 / 12 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


باغتت الانتفاضة الجميع .. النظام السياسي برمته.. السلطة, احزابها الحاكمة. حواضنها الدولية والاقليمية وحتى اليساريين كان الجميع مصاب بعمى الالوان لم يبصروا جيدا فضنوا ان الحمل كاذب ولم يتوقعوا ان تؤول الامور الى هذا الماّل وان تذهب الانتفاضة هذه المرة بعيدا في شعاراتها واصرارها ودماء ابنائها . تعودت السلطة أن توسع قليلا للناس ليفرغوا غضبهم يومان ..ثلاثة .. سبعة بعد ان يسارع السيد مقتدى الصدر ليقوم بما هو موكل به فيتبنى هذا الحراك مسبقا ليحتويه ويسد عليه الطريق بعد ان يطلق بعضا من بالوناته الخطابية وتمثيلياته الشبيهة بتمثيليات مهرج السيرك التي لاتقنع احدا بالضحك سوى الاطفال .وفي اسوأ الاحوال تعمد السلطة لاطلاق ميليشياتها و مرتزقتها المدججين بالذخيرة والعصي ورشات المياه الساخنه لتفرق المتظاهرين بعد ان تلقي القبض على ابرز ناشطيهم وان تغيبهم او تغتالهم ان اضطرت وبعد ان يخفض السيد مقتدى من صياحه وينسحب هو ورجاله بعد اتمام المهمة بهدوء دون غبار.. هكذا جرت الامور وهكذا تعودت سلطة الاسلام السياسي المدعومة امريكيا وايرانيا ان تتعامل مع الحراك الشعبي طيلة سنوات مابعد السقوط... لم تعرف السلطة قانون التراكمات الكمية ولم تقرأ عنه كانت حمى السرقه واللصوصية وشراهتها وتقاسم الكعكه والنفوذ والاثراء قد سرت في كل مكونات السلطة ومجتمعها واحزابها فتخلت عن شرفها ووطنيتها وانشغلت بالتهام كل مايقع امامها وادارت ظهرها للوطن و لبسطاء الناس .. حتى اليسار بكل تاريخه ونضالاته ونظافة يد ابناءه استطاب ماحصل عليه عرضيا من فتات الكعكه وكأن اقصى ماكان يسعى اليه توظيف بعض كوادره و جريده ومقرات واجتماعات حزبية دون مطاردة واعتقال.. ولدت الانتفاضه هذه المرة مكتملة الحمل ناضجة تحمل كل ملامح غضب المحرومين والبسطاء وتستمد شرعيتها منهم لم يستطع أن يتبناها مقتدى هذه المرة اوينسبها لنفسه او ان يرفع رايته على صاريها... ربما كانت هذه واحدة من اروع سمات هذا الحراك سيما وأن الجماهير بوعيها الوطني والطبقي تجاوزت ايضا حدود القدسية والولاء المذهبي الذي رسمه الموروث الديني وعمقته ولعبت عليه احزاب الاسلام السياسي ردحا طويلا فكفرت به وازاحته جانبا.. لكن هل يكفي كل هذا للوصول بالانتفاضة الى مرماها وغاياتها هل يكفي الاصرار والصدق والبسالة ودماء الشباب والشهداء . لقد علمتنا التجارب ان الجماهير وبالاخص جماهير القاع الفقيرة هي التي تصنع الثوره وتقدح شرارتها وهي التي تدفع فاتورتها عن طيب خاطر لكن هذه الجماهير البسيطة وغير المنظمه بحاجة دائما الى من يوائم خطواته مع خطواتها في سعيها نحو الثورة والانعتاق ان لم يسبقها اصلا و ياخذ بيدها لتنظيم نفسها وبلورة اهدافها وتحديد ماهو ممكن وسقف المطالب والاهداف واليات الوصول والنجاح كل هذا يقع بالاساس على عاتق الاحزاب الوطنية والثورية المؤمنة باهداف هذا الحراك. الانتفاضة السودانية نموذجا... وهو مانفتقده تماما في الحالة العراقية ففيما عدا اليسار الذي التحق بالثورة متأخرا فان الساحة السياسية قفراء مجدبة بالتنظيمات الوطنية الليبرالية والقومية وحتى هذا اليسار كان ضعيفا مترددا بكل اجنحته فهو اما يسارا كان قد ربط نفسه بالنظام وبات منشغلا بتاكيد حسن السيرة والسلوك ومكبلا بتحالفات برلمانية عقيمة ضيقة الافق او يسارا يذهب بعيدا في تحليلاته وشعاراته ليضفي على نشاطه بعدا يساريا خالصا ليرفع و يستعير شعارات لايفهمها الشارع او سابقة لاوانها و خارج دائرة اهتمام الجماهير في الوقت الحاضر . سيرد علينا من يقول ان الجماهير ليست بحاجة الى هذا وهي قادرة من خلال ممارسة النضال والمواجهة ان تتعلم فنون الثورة والانتفاضه والتنظيم وهذا مما لاشك فيه لكن حين تحل المواجهة ليس ثمة وقت لكل هذا. انها بلا ريب مهمة الاحزاب الوطنية والثورية المنظمة ان تقوم بدور الدليل للجماهير المنتفضه وان تتحدث باسمها احيانا وان تختصر الطريق وتقلل الكلفة فلو كان وراء هذه الجماهير المنتفضه احزاب ثورية حاضنه وراعية وموجهه لها لاستطاعت تقليل الخسائر في الارواح او ربما ممارسة الردع الثوري واجبار الميليشيات المسلحة واحزاب سلطة الاسلام السياسي ان تكف يدها عن ممارسة عمليات الاغتيال المنظمه وتصفية النشطاءوالمناضلين... . في التقييم الموضوعي للانتفاضه فانها وبعد اكثر من سبعين يوما على بدايتها وحرارة استمرارها تكون قد رسمت لاول مرة خط الشروع لبناء دولة مواطنة حرة تمتلك ارادتها ومشروع وطني عراقي عابر للطائفية - وربما القومية ايضا -يؤسس لنظام علماني ديمقراطي راسخ يصون ثروة الشعب ويحافظ عليها ويضمن نوعا من العدالة في التوزيع .متى سيتحقق هذا..؟ وهل يأتي كل هذا مرة واحدة..؟ لا اظن ذلك ولن يكون الان لكن الاكيد ان هذه الانتفاضه هي نقطة البداية لطريق طويل......... ورغم كل الايجابيات فان الانتفاضه لاتزال عاجزة لا عن تحقيق اهدافها فحسب بل لاتزال عاجزة عن محاصرة السلطة وارغامها على النظر جديا لتنفيذ مطالبها التي لم يجر تسميتها بوضوح وتحديد سقوفها ..ماهو المقبول وماهو غير المقبول. بحيث ان سلطة الاحزاب الحاكمة حاولت وما زالت تحاول التسلل والالتفاف على مطالب المتظاهرين عبر تكليف البرلمان الفاسد بتشريع قانون جديد للانتخابات هو اي هذا البرلمان غير مؤهل لذلك اصلا او اختصارالامر في نقطه واحده وهي المطالبة بالتغيير الوزاري باستقالة عادل المنتفكي اولا وقد تحققت ومن ثم تسمية رئيس وزراء جديد يحظى بمقبولية من المتظاهرين وحتى هذا المطلب الاخير ولغاية هذه اللحظة فان السلطة تحاول القفز عليه فتطلق بالونات اختبار لاسماء مرشحين بالتكليف الوزاري من داخل منظومة احزاب الاسلام الشيعي لتختبر رد فعل الانتفاضة معللة نفسها باحداث تباين او تصدع او تراخي في مواقف المنتفضين .. على ان هناك من اقنع المنتفضين ان يصرفوا النظر عن مهمة تسمية رئيس الوزراء تلافيا للاختلاف والاكتفاء باستعمال حق النقض على المرشحين الذين لا يحوزون على رضا المنتفضين.. ولكن هذا الموقف يرسل رسالة للحكومة مفادها ان هناك عدم اجماع و تباينا في أراء وأمزجة المنتفضين يمكن استغلاله وتوسيع رقعته واحداث اختراق في جسد الانتفاضه كما انها تعطي الحكومة هامشا مريحا للعب وطرح اسماء مرشحة متعدده بديلة من داخل منظومة الحكم الفاسدة تدرك انها مرفوضه لالهاء الحراك واستخدام عامل الوقت الذي يعمل لصالحها عبر زرع الملل واليأس ومحاصرة المنتفضين معاشيا واقتصاديا بالترافق مع بث الرعب في صفوف المتظاهرين من خلال استمرار مسلسل تصفية واغتيال نشاطاء وقادة الحراك .على ان تسمية رئيس وزراء من خارج منظومة الاحزاب الطائفية رغم اهميته بالنسبة للمنتفضين والشعب على السواء لكنه ليس بأهمية أمر اخر كان على المنتفضين وقادتهم الانتباه اليه وهو ضرورة كتابة وثيقة مباديء وطنية او برنامج تغيير دستوري وسياسي -سمه ماشئت - بحده الادنى يحظى باجماع وطني واجبار السلطة عبر برلمانها لاقراره..ان هذا الامر يتقدم في اهميته على مسالة تسمية رئيس وزراء جديد فما الفائدة من اختيار رئيس وزراء وطني او نزيه وتحميله وحده مسؤولية التغيير وتركه عاريا مكشوف الظهر امام برلمان طائفي مدجج بالفساد والصلاحيات وميليشيات طائفية لاتتورع عن تصفية من يمس سلطانها ووجودها أن اقرارمثل هذه الوثيقة يمثل نوع من الضمان والالزام لتنفيذ خطوات التغيير ويحصن رئيس الوزراء المقبل ضد المساومة والضعف والتهديد وتبقى مسألة تسمية المنتفضين لرئيس وزراء يحظى بثقتهم واحترامهم و يتصدى للعمل على تنفيذ برنامجهم للتغيير خطوة لاحقة لابد منها .. لقد فرضت الانتفاضه وجودها وباتت امرا واقعا رغم انف سلطة الاحزاب والميليشيات الاسلامويه وبرلمانها المزيف وعليها وحدها تقع مسؤولية استكمال بناء جسمها الثوري واختيار قادتها والمتحدثين باسمها وتخويل من تراه جديرا للحديث باسمها واعلان شروطها وتحديد مطالبها وفرض اسم مرشحها لمنصب رئاسة الوزراء .ان سلطة الاحزاب الفاسده غير مهتمة او متحمسه بل ولاتريد تنفيذ مطالب الحراك وفي سبيل ذلك فانها لاتتورع عن عمل المستحيل للاحتفاظ بمراكز القوة والقرار ولهذا الغرض فهي لاتكترث ان حكمت بحكومة تصريف اعمال لسنه واكثر وهي غير معنية بتطبيق دستورها واحترام مواده ولن تتردد او تخجل ان تدوس عليه ان لزم الامر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نازح من غزة ينشئ صيدلية مؤقتة في خيمة برفح


.. غالانت يتعهد باستمرار الحرب ضد حزب الله | #رادار




.. بايدن: القانون الذي صدق عليه الكونغرس يحفظ أمن الولايات المت


.. رويترز نقلا عن مسؤول إسرائيلي: جيشنا يستعد لعملية رفح وينتظر




.. العاهل الأردني وأمير الكويت يشددان على أهمية خفض التوترات في