الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة شخصية لمسار الانتفاضة الشعبية التشرينية في العراق (الجزء الثاني)....

جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)

2019 / 12 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


مهدت لانطلاق التظاهرات الاخيرة في العراق انباء مقلقة عن تلبية قادة عسكريين لدعوة بزيارة سفارة اجنبية غربية للتباحث بمستقبل العراق رافقتها نداءات، انتشرت على صفحات التواصل الاجتماعي، بعضها لا شك بنواياها الطيبة وأخرى مدفوعة بنوايا لا علاقة لها ببناء عراق جديد مزدهر ومستقل الارادة، دعا مطلقيها لإعتماد الانقلاب العسكري وسيلة وحيدة للتغيير، ثم تطور الامر الى اعلان بيان انقلابي يسمي فيه معلنيه قادة العراق الجدد (وللتمويه تم ادراج اسماء شخصيات وطنية معروفة ضمن قائمة من اختارهم الانقلابيون لادارة البلاد).
كل هذا كان مرفوقا بحملة اعلامية مركزة من قنوات تلفزيونية ووكالات انباء مرتبطة بالدوائر الغربية والسعودية والاماراتية، اضافة الى حملة تحريض اسرائيلية مبرمجة ضد الحشد الشعبي وما اسمته بالتمدد الايراني في المنطقة، داعية لتغيير يجعل من العراق طرفا في استقطابات اقليمية معادية لايران ولمحور المقاومة والحشد الشعبي.
وللاسف، فقد شارك في تلك الحملة الاعلامية زملاء واصدقاء تربطني بهم علاقات طيبة ومشاركات صحفية وفكرية على صفحات التواصل الاجتماعي متأثرين بالكم الهائل من التقويلات والصور والافلام المزوره التي هيمنت على الفضاء الاعلامي الالكتروني فضاع الرشد ليصبح الصديق عدو والعدو صديق ولتشمل حملة الهجوم والتشكيك الحزب الشيوعي العراقي وقادته وممثليه في البرلمان وحتى الصحف الداعمة للفكر المدني، كصحيفة المدى، ونسيت الجماهير همومها الاساسية التي نزلت من اجلها لتتبنى شعارا مركزيا رئيسيا دس عليها، وهو "ايران بره بره.....بغداد صارت حرة" ليصبح فيما بعد كلمة السر لمن يدخل الى المظاهرات مندسا او مخربا.
هذه البدايات اثارت علامات استفهام كثيرة جعلت القوى الديمقراطية المدنية العراقية، اضافة الى التيار الصدري المتحالف مع بعضها تتريث في اتخاذ موقف التأييد المطلق للتظاهرات. ورغم ان حذر القوى المدنية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي والتيار الاجتماعي الديمقراطي كان له ما يبرره، الا ان القراءة الصحيحة لتاريخ الثورات الشعبية منذ القرن الماضي تشير الى ان هنالك قوى، واحيانا دول، تلتقي مصالحها مع التحركات الشعبية ضد انظمة بعينها فتنحاز لصف تلك التحركات، سواء بعد انطلاقتها او حتى قبل اندلاع شرارتها الاولى، الا ان هذا لا يعني بالضرورة ان الجماهير الشعبية المنتفضة لتحقيق العدالة واسترداد الدولة من مختطفيها وسراق ثرواتها سينحازون دون وعي الى تلك القوى او الدول وينفذون مآربها. وقد كتب الكثير عن الدعم الالماني لثورة اوكتوبر في روسيا بداية القرن الماضي، الا ان الحقيقة الوحيدة التي بقيت عن تلك الاحداث هي ان الجماهير الشعبية الروسية قد انطلقت بارادتها تحت قيادة قوة طليعية في المجتمع الروسي. وهناك امثلة كثيرة اخرى لا يتسع المجال هنا لتناولها.
كما ان تجارب الاحزاب التقدمية في المنطقة العربية وخاصة تجربة الحزب الشيوعي السوداني، اثبتت انه بعيدا عن منطق "الشعبوية" كان الحزب حريصا على تطور سليم لحركة الاحتجاج الشعبي في السودان رغم حذره من قوى ساندت الحراك الشعبي السوداني منذ قبل بدايته كحزب الامة بقيادة الصادق المهدي، وقد لعب الشيوعيون السودانيون دورا كبيرا في تصحيح مسار الانتفاضة الشعبية السودانية ولم يترددوا عن انتقاد مخرجات حركة الاحتجاج والتي تمثلت بالوثيقة الدستورية، مصرا على تنفيذ ما جاء في "ميثاق الحرية والتغيير" ومحذرا من مغبة الانحراف عن مسيرة التغيير والخضوع لارادات قوى محلية واقليمية تركب موجة التظاهرات من اجل اجهاض الحراك الشعبي واحتوائه، وقد كتبت على صفحتي في الفيسبوك مقالا مكرسا لتلك التجربة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رداً على روسيا: بولندا تعلن استعدادها لاستضافة نووي الناتو |


.. طهران تهدد بمحو إسرائيل إذا هاجمت الأراضي الإيرانية، فهل يتج




.. «حزب الله» يشن أعمق هجوم داخل إسرائيل بعد مقتل اثنين من عناص


.. 200 يوم على حرب غزة.. ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية | #




.. إسرائيل تخسر وحماس تفشل.. 200 يوم من الدمار والموت والجوع في