الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة شخصية لمسار الانتفاضة الشعبية التشرينية في العراق (الجزء الاول)

جاسم ألصفار
كاتب ومحلل سياسي

(Jassim Al-saffar)

2019 / 12 / 20
ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية



توقفت عن الكتابة، سواء على صفحات التواصل الاجتماعي او في الصحافة العراقية، منذ شهر ايلول الماضي بعد تعرض ابني لحادث مؤسف ادى الى تدهور صحته وانشغالي بمتابعة علاجه اضافة الى تبعات ذلك النفسية. على اني رغم عدم الكتابة كنت اتابع عن كثب ما يجري في العراق وأقرأ ما يكتبه اصدقائي على صفحاتهم في الفيسبوك واشارك هنا في موسكو، على مستويات ضيقة، بحوارات حول نفس الموضوع.
ولكي اكون صريحا معكم فان ظروفي الشخصية لم تكن العائق الوحيد الذي منعني من الكتابة ولكن حالة الهيجان الاعلامي التي رافقت التظاهرات الشعبية في مدن العراق الوسطى والجنوبية والتي شابهت حفلات التراويح التي يمارسها اتباع بعض المذاهب الاسلامية والتي تطلق فيها المشاعر لتطغي على صوت العقل ومنطقه. وعندما يتوقف المنطق العقلي عن العمل يصبح سهلا على الذباب الالكتروني تمرير اكاذيبه ودعايته المغرضه.
في مثل هذه الاجواء يصبح لا معنى للحوار الهادئ المسؤول. فحتى أولئك الذين كان يعول على حسن قراءتهم للاحداث اصبحوا كما في قصيدة "نهج البردة" : لَقَد أَنَلتُكَ أُذناً غَيرَ واعِيَةٍ وَرُبَّ مُستمع وَالقَلبُ في صَمَمِ.
وعلى أي حال فان كل ذلك لا يعفيني من كتابة رأيي المتواضع في الاحداث الاخيرة حتى وان كان مصير هذا الرأي كمصير اوراق شعر عبد الامير الحصيري التي رماها الشاعر في مياه دجلة ليأسه من جدواها لقاريء اغلق ابواب مشاعره عنها، فالمهم ليس لمن نكتب او كيف نكسب ود القارئ، كما يفعل الكثيرون اليوم، بل المهم هو ان نكون صادقون مع انفسنا عندما نشرع بالكتابة.
اشرت اعلاه الى منطق التفكير العقلي، وهنا لابد من توضيح ان منطق التفكير العقلي قد يكون شكليا، يهتم بمظاهر الاحداث ويقرأها منفصلة عن بعضها ولا يهتم بملابساتها، وهو بالتالي على الضد من التفكير العقلي الديالكتيكي الذي يتعامل مع الاحداث بعمق اكبر، كاشفا عن ارتباطاتها وتشابكاتها وعلاقاتها بلاعبين خارج مسرحها. وهذا التباين في نمطي التفكير هو ما يميز كتابات الاستهلاك الاني عن كتابات تتطلع لمستقبل افضل يولد من رحم الحاضر.
بعد هذه المقدمة التي ارجو القاريء، أن يعذرني اضطراري لذكرها، انتقل الى الموضوع الرئيسي الذي أنا بصدد توضيح موقفي منه، كناشط سياسي مدني، وهو موضوع التظاهرات التي اندلعت في تشرين الماضي.
تظاهرات تشرين التي اندلعت في مدن وسط وجنوب العراق والتي تطورت الى انتفاضة شعبية لم تكن مفاجئة لا بحجمها وقوة تأثيرها ولا بتوقيتها، فالاحزاب القابضة على السلطة لم تثبت فشلها في ادارة الدولة فقط بل واثبتت مسؤوليتها عن كل الدمار والظلم الاجتماعي الذي تعرض له الشعب العراقي بكل اطيافه طيلة الفترة التي ادارت فيها السلطة، وهذا موضوع اصبح معروف للجميع فلا حاجة بي لتناوله بالتفصيل، وما من ريب في ان النتيجة كانت زيادة الاحتقان الاجتماعي وبلوغه درجة الانفجار الذي ما عاد من الممكن احتوائه.
الانتفاضة الشعبية الاخيرة، وفقا لذلك، لها ما يبررها وتنطلق من واقع عراقي سياسي واجتماعي واقتصادي مأساوي وان مطالبها، في جلها، عادلة، كما أن الهدف الذي وضعته امامها برفض جميع الاحزاب القابضة على السلطة والغاء نظام المحاصصة الاثنية والطائفية، دليل على نضج سياسي لأغلبية المشاركين بالانتفاضة، هذا رغم ان سماء الانتفاضة لم تكن صافية تماما، خاصة في انطلاقتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القادة الأوروبيون يبحثون في بروكسل الهجوم الإيراني على إسرائ


.. حراك تركي في ملف الوساطة الهادفة الى وقف اطلاق النار في غزة




.. رغم الحرب.. شاطئ بحر غزة يكتظ بالمواطنين الهاربين من الحر


.. شهادات نازحين استهدفهم الاحتلال شرق مدينة رفح




.. متظاهرون يتهمون بايدن بالإبادة الجماعية في بنسلفانيا