الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عزل ترامب

حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)

2019 / 12 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


لم تشهد امريكا لحالة الاستقطاب التي تعيشها في ظل حكم رجل الأعمال والملياردير بالوراثة دونالد ترامب مثيلا في تاريخها، اللهم الا ابان الحرب الأهلية الأمريكية التي عايشتها البلاد ما بين عامي 1861 و 1865 حين حاولت الولايات الجنوبية الانفصال ما اشعل فتيل الحرب.
وما بين محافظين متعصبين يؤمنون بتفوق العرق الأبيض، وبين ليبراليين يؤمنون بالتعدد والمساواة بين البشر، يصبح لترامب اما مؤيدين مخلصين مهما فعل، أو معارضين بشدة لسياساته الاقصائية الانعزالية التي تحترف بناء الجدر والغاء المعاهدات.
الا أن ما يميز الولايات المتحدة الأمريكية كونها دولة مؤسسات، ويعني ذلك أنه من الممكن دائما تدارك الخطأ وعلاجه والوقوف في وجهه من قبل المؤسسات المستقلة، والتي تتمتع بالسلطة والسطوة بدعم شعبي مثل الكونجرس الذي قرر الشعب بعد انتخاب ترامب أن يكون الأغلبية فيه ديمقراطية لضبط موازين القوة في البلاد.
ولذلك أيضا يصبح من الطبيعي أن يقف رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بكل قوته وجبروته أمام ممثلي الشعب للمسائلة عن أفعاله التي تهدد الديمقراطية وتهدد القيم الأمريكية القائمة على التنوع وقبول الأخر واتاحة الفرصة للموهوب والمؤهل للتقدم والترقي من كل جنس وجنسية ومعتقد.
الرئيس الأمريكي في قفص الاتهام لأنه حاول التأثير على رئيس اوكرانيا لاعادة فتح التحقيقات في قضية تمس بمرشح منافس محتمل في الانتخابات القادمة ليهز موقفه خلال الانتخابات، وهو ما اعتبره الكونجرس تدخلا غير مقبولا من رئيس الدولة!
دولة البزرميط
أما في دولة البزرميط فيمكن للرئيس أن يحبس منافسيه في الانتخابات وحتى ولو كان أحدهم قائده العسكري، ويغير نصوص دستورية محصنة تخص مدد الرئاسة، ويأمر اتباعه اصحاب الشركات والمتاجر وحتى أكشاك السجائر ليقوموا بتعليق لافتات التأييد والحب والا ...
في دولة البزرميط يمكن للرئيس أن يبني 90 قصر ويمتلك أكبر اسطول طائرات رئاسية في بلد وصفه هو نفسه بالفقير قوي .. على الرغم من أن 80% من قرى هذا البلد لم تعرف بعد الصرف الصحي!
في دولة البزرميط لا صوت يعلو على صوت الرئيس، بل أنه يقول بكل فخر أنه ليس لدينا مؤسسات بالمعنى المتعارف عليه، فالكل يعمل سكرتارية لطويل العمروالبلد كلها ملك يمينه باعلامها باراضيها بآثارها بمصانعها.
في دولة البزرميط يجرؤ الوزير على السخرية من مواطن لأنه طلب زيت طعام نظيف له ولأولاده، ولا يمكن لوزيرة القراءة بشكل سليم من ورقة مكتوبة.
في دولة البزرميط لا يوجد برلمان يعبر عن الشعب فهو برلمان صوري وظيفته الموافقة على أي فرمان صادر من طويل العمر واعضائه يحملون على اقفيتهم توقيع أمن الدولة ظاهرا لا يحاولون اخفائه.
في دولة البزرميط لا يجرؤ اعلامي واحد على قول كلمة خارج النص الذي يلقنه اياه أشرف بيه ولا توجد صحيفة أو قناة مستقلة ولا يوجد مكان لأي موهوب أو دارس فالأماكن كلها محجوزة لمن ينال ختم الأجهزة ألأمنية ولو كان يمشي على أربع ويتم التحكم فيه بواسطة "بردعة ولجام" .
في دولة البزرميط لا يملك المواطن المسكين مثلي سوى البكاء أمام جلسات الكونجرس والحلم بأن يكون لدينا في يوم من الأيام نانسي بيلوسي، أو محافظ حتى وليس رئيس دولة يتم محاكمته على فساده محاكمة شفافة وحقيقية.
في دولة البزرميط يموت الناس قهرا وينتحرون شنقا وحرقا وأمام القطارات ومن فوق البرج ولا يهتز لأحد جفن.
فالكل في دولة البزرميط ميت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را


.. قيادي في حماس: الوساطة القطرية نجحت بالإفراج عن 115 أسير من




.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام