الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نادي الأحزاب العراقية المغلق

سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)

2019 / 12 / 22
السياسة والعلاقات الدولية


منذ تقديم رئيس الوزراء العراقي، عادل عبدالمهدي، لإستقالة حكومته، دخلت أحزاب السلطة، التي كانت تشكل تلك الوزارة، في نفق إختيار بديل له، رغم رفض المنتفضين لأي مرشح يأتي من نادي هذه الأحزاب المغلق، لأنه يرفض هذه الأحزاب ذاتها وهي المستهدف الأول من قبل المتظاهرين.
المنتفضون، ومنذ اليوم الأول لإنتفاضتهم، أعلنوا، وبصريح العبارة، عن مطلبهم في حكومة إنقاذ وطني (تكنوقراط)، من خارج نادي الأحزاب، الذي يغلقوه على أنفسهم، وتكون مهمتها وضع دستور وقانون إنتخابات جديدين، إضافة إلى مفوضية إنتخابات مستقلة وتخضع لمراقبة دولية، مع مطلبهم الأهم والرئيسي والصريح، بحل الأحزاب السياسية جميعها، (وإغلاق ناديها الليلي) وتقديم قياداتها وعناصرها الحكومية للقضاء.
ولأن هذه المطالب، وكما هو واضح، تعني تصفية الطبقة السياسية الحاكمة ، تصفية نهائية، وعلى خلاف ما تريد وبالضد من مصالح إيران في العراق، إختار الإثنان، الطبقة السياسية وإيران، إدخال أنفسهم والعراق في نفق المماطلات والتسويف، من أجل كسب الوقت الذي يتيح للجهتين تصفية التظاهرات وشبابها بكل الوسائل التي يمتلكون، والتي كان أولها قنابل الغاز، وأوسطها الرصاص الحي، وآخرها سكاكين الغدر في الظهر.
ومن خلال ردود أفعال أحزاب السلطة ومليشياتها، وبتوجيه من قاسم سليماني، مسؤول فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، نلاحظ أن هذه الأطراف، وبعد أن تسرب اليأس إليها من عودة المتظاهرين عن مطالبهم، تركز جهودها الأخيرة على سياسة الأرض المحروقة وجر المتظاهرين إلى مواجهة عنيفة، لا يمتلكون أدواتها، لأنهم لم ينخدعوا بإصلاحات الحكومة والأحزاب الترقيعية، وهذا ما عمدت إليه الطبقة السياسية بأشكال تحرشاتها وتحرشات مليشياتها بالمتظاهرين، والتي طورتها إلى الشكل الأخير من مجازرها الوحشية في الناصرية والنجف، وكذلك مجزرة ساحة الخلاني الأخيرة وسط بغداد، والتي، ورغم وحشيتها، لم تفلح بإخراج المتظاهرين عن سلميتهم ولا بجرهم إلى مربع المواجهة المسلحة.
ومن خلال الحلول الترقيعية التي أعلنتها الطبقة السياسية، كوضع قانون جديد للإنتخابات وتشكيل مفوضية جديدة لهذه الإنتخابات، بيدها هي، لا بيد حكومة الإنقاذ الوطني التي يطالب بها المتظاهرون، يتضح لنا أن هذه الطبقة ليس فقط لا تفكر بترك السلطة، كما يطالب شباب الإنتفاضة، بل هي ليست حتى على إستعداد لإجراء أي إصلاح حقيقي في رؤيتها وسياساتها تجاه الشعب، وتفضل بالمقابل الإستمرار على صم آذانها والعيش في عزلتها، في ناديها المحصن، وعلى الشعب ومتظاهريه الرضوخ والإذعان، وإلا إقتصت منهم بالمزيد من المجازر وأعمال الخطف والإعتقال.
الطبقة السياسية العراقية ترى أنها تحكم بالحق الإلهي، لأنها مرضي عنها من قبل الولي الفقيه الإيراني ومن قبل وكيله في حوزة النجف، علي السستاني، وعليه فإنها لا ترى في المنتفضين سوى مجموعة من الغوغاء المغرر بهم والخارجين على القانون الذين لابد من ردعهم بكل الوسائل، لأنهم باتوا يشكلون خطراً حقيقياً على إمتيازاتهم والبحبوحة التي يعيشون فيها، ولهذا لجأت مؤخراً إلى العزف على موال خطر الفوضى الذي سينتجه إضعاف الحكومة، وبالتزامن مع أعمال العنف التي مارستها مليشيات الأحزاب ضد المتظاهرين، في محاولة لجرهم لرد فعل عنيف من اجل القضاء عليهم بأسلحتها الفتاكة، تحت دعوى السيطرة على الفوضى وإعادة النظام.
حالة اليأس التي تعيشها الطبقة السياسية جعلتها تفكر بالخيار الوحيد الذي تجيده وتفهمه، دفاعاً عن مصالحها وإمتيازاتها، وهو جر العراق إلى مربع العنف، الذي تجيده وتجيد الحسم فيه مليشياتها المتعطشة للدم، كما أثبتت مداهماتها الأخيرة لساحات الإعتصام في ساحة التحرير وجسر السنك وساحة الخلاني، وما خلفته كواتم وسكاكين غدرها من ضحايا بين صفوف المتظاهرين العزل، هذ الخيار الذي يصر الشباب المنتفض والسلمي، على رفضه بوعي تام ومذهل، وهو ما يستفز الحكومة ومليشياتها، ويشعرها بالخذلان وضياع خيط السيطرة من يدها، وهذا ما يجرها للتخبط والمزيد منه بدل المعالجة العقلانية، لأنها لا ترى غير مصالحها وإمتيازات مواقعها في مراكز السلطة.
الغريب ان الحكومة العراقية وأحزابها مصرتان على رؤية مشكلة الحراك الشعبي، عبر ثقب مفتاح باب ناديها المغلق، وإنه لا يعدو أن يكون أكثر من ضجة عابرة ستخمدها أسلحة مليشياتها، بينما تنهمك هي في برجها العاجي للتوافق على إسم رئيس الوزراء الذي يخلف عبدالمهدي، بنفس آلية المماطلات والجر والعر التي سبقت توافقها على عادل عبدالمهدي ذاته، في تشكيله لحكومته التي أجبرت على الإستقالة قبل عشرين يوما، وكأنها فعلاً تصر على تجاهل ما يحدث خارج جدران ناديها، رغم انها لم تجد إلى الآن من يمنع ضوضاء صراخه عنها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السعودية.. شخص يطعم ناقته المال! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الادعاء الأمريكي يتهم ترامب بالانخراط في -مؤامرة إجرامية-




.. هذا ما قاله سكان مقابر رفح عن مقبرة خان يونس الجماعية وعن اس


.. ترامب يخالف تعليمات المحكمة وينتقد القضاء| #مراسلو_سكاي




.. آخر ابتكارات أوكرانيا ضد الجيش الروسي: شوكولا مفخخة