الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكذابون

محمد أبو قمر

2019 / 12 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


لا أحد يقبل الاضطهاد والعنصرية إلا إذا كان منزوع الإنسانية محشو عقله بأفكار إرهابية دموية وعنصرية بائدة ، لكن الضجيج المشبوه الذي يثيره البعض سواء في مصر أو خارجها يستحق التأمل فيه مليا ، لأن الانجرار تحت زعم المبادي والقيم والعواطف الدينية سيجعلنا مثل هؤلاء الذين ينطبق عليهم المثل المصري الذي يصفهم بكدابين الزفة ، وبالفعل كثيرون إنجروا كالخراف وساهموا في تضخيم الدعايات الخبيثة المشوهة إما بحسن نية لا تخلو من الغباء والحمق وعماء البصيرة نتيجة انسحاقهم تحت وطأة ثقافة فرغت العقول من القدرة علي التمحيص والفرز ، وللأسف الشديد فإن كثيرا ممن ينتمون لهذا القطيع الأعمي حسن النية مثقفون إسما ونخبويون زيفا وأدباء ( ربع لبّة ) وأساتذة بالصدفة أو بالتزوير فضلا عن بعض الصبية والغلمان الذين حشرتهم الظروف حشرا في واقع الحياة تحت مصطلح النشطاء أو المصطلح الحقوقيين ، وإما بسوء نية وبالطبع نعرف جميعا من هم هؤلاء الذين يرددون بشكل تآمري بغيض كل ما تبثه قنوات الارهاب سواء من قطر أو تركيا أو من لندن.
كان من الممكن أن نصدق هذا الضجيج المثار حول اضطهاد أقلية الأيجور أو أقلية الروهينجا لو أن من أثاروه كان لهم ذات الموقف مما تفعله تركيا بالأكراد ، وكان من الممكن أن نشاركهم في هذا الضجيج لو أنهم اعترفوا بالمذابح الرهيبة التي تعرض لها الأرمن تحت حكم الخلافة الاسلامية العثمانية .
هل سمعنا هؤلاء يصرخون ويولولون بذات الطريقة عندما فجّر الارهاب الأسود الكنيسة البطرسية في القاهرة وحول من فيها من نساء وأطفال إلي نتف وأشلاء ممزقة ؟؟!!.
هل سمعنا أحدا منهم يعلن موقفه بنفس الأسي والحزن وانكسار القلب الذي يبديه الآن حزنا علي ما يحدث للروهينجا أو الايجور حين تعرت السيدة العجوز علي يد السلفيين في صعيد مصر ؟؟!، إن من يصرخون الآن لنجدة الروهينجا أو الايجور هم أنفسهم الذين يمنعون المسيحيين في مصر من الصلاة حتي في بيوتهم ، وهم أنفسهم الذين أفتوا بعدم ود الجار المسيحي ، وهم أنفسهم الذين يبدون كالألواح الخشبية الصماء أمام أي حادثة خطف أو اعتداء أو تفجير أو قتل يتعرض لها المصريون لا لشيء إلا لأنهم لا يدينون بالاسلام.
النظام التركي لا يضطهد الأكراد فقط بل إنه يخطط لإبادتهم ، ولم يكن عدوانه الأخير علي سوريا لتأمين حدوده كما يدعي أردوغان ، وإنما حشد كل آلته العسكرية بهدف التخلص نهائيا من الأكراد لولا أن الظروف الدولية حالت بينه وبين استكمال جريمة أجداده التي ارتكبوها بكل بشاعة ضد الأرمن ، وسيكشف التاريخ لاحقا حجم ونوعية الجرائم التي ارتكبها الجنود الأتراك ومعهم الارهابيون الذين جندهم أردوغان من كل مستنقعات العالم ضد من وقع في أيديهم من النساء والأطفال الأكراد أثناء اعتدائهم علي الأراضي السورية.
من يصرخون الآن لنجدة الإيجور من بطش السلطات الصينية هللوا وصفقوا لأردوغان واعتبروه بطلا اسطوريا لأنه يحاول إبادة الأكراد السوريين .
إنك لتعجب أشد العجب من الدعاية المركزة حول كراهية العالم واضطهاده للمسلمين ومحاربته للاسلام ومحاولته محو الاسلام والقضاء عليه قضاء مبرما ، هذه الدعاية التي تحاول التشويش علي الحقيقة المرة البائسة الموثقة التي تفيد بأن 95% من الذين تم قتلهم في حوادث إرهابية حول العالم هم مسلمون وأن الذين قتلوهم هم مسلمون أيضا !!.
إنك حين تتساءل لماذا يكرهني فلان؟ّ! ، لابد لك - لكي يكون سؤالك مبررا وواقعيا ولكي لا تكون مدعيا ومغرضا وتحاول إثارة الغبار في وجه الناس لكي تواري سوءاتك – لابد لك أن تسأل نفسك أولا: ما الذي يراه الآخر فيّ لكي يتحسب مني أو يكرهني ، فقد تكون معبأ بثقافة ومعارف تجبرك علي اتخاذ مواقف عدائية تجاه هذا الآخر ، فلا مبرر لك مهما كانت مرجعيتك أن تحاول إجبار الآخر علي الدخول في دينك ، أو حتي أن تصف حضارته بأنها مادية تعادي القيم الروحية التي تدعي امتثالك لها في الوقت الذي لا أحد يسمع منك كلمة واحدة حين تخطف بوكو حرام البنات من المدارس وتغتصبهن وتقتلهن ، ولا مبرر لصمتك أمام ما يفعله الارهابيون الذين أتوا من خرابات العلم لكي يدمروا سوريا ويزيلوا بكل قسوة كل ارتباط لها بالتاريخ ، ولا مبرر لك ولا سند من أي نص إلهي مقدس بأنك مكلف إما إجبار الآخر علي الدخول في الاسلام أو تقتله.
قبل أن تنخرط في دعايتك المشبوهة عن اضطهاد بعض الأقليات المسلمة في الصين أو غيرها والتي تحاول بها أن تشغل الرأي العام عما تحاول أن تفعله تركيا في ليبيا كوسيلة لإرباك الأوضاع في مصر ، قبل أن تفعل ذلك عليك أن تعلم أن في الروهينجا وفي الأيجور من يشبهونك ، يكرهون الحضارة مثلك ، وينكرون العقل مثلما أنت تنكره ، وينبذون العلم كما تنبذه أنت ، ويحتقرون المرأة بنفس درجة احتقارك لها ، ويتآمرون علي بلدانهم التي تأويهم وتنفق علي تعليمهم وترعاهم صحيا مثلما تتآمر أنت علي وطنك الذي تتلقي منه الدعم مثلك مثل أي مواطن آخر.
نحن ضد ما يجري من اضطهاد لأي مستضعف في العالم بغض النظر عن دينه أو لونه أو جنسه ، لكننا لا ننساق خلف الدعايات المشوهة المشبوهة التي يكيل مروجوها بمكيالين ، ونجد أنفسنا مضطرين لكشف الأنساق المعرفية والثقافية التي تشكل وعيهم وتجعلهم في موقف مناقض للإنسانية وللزمن وللتاريخ.
وفي هذا الصدد أحيل القاريء العزيز إلي فيديو للشيخ الشعراوي يضع فيه الآخر أمام إما دفع الجزية أو القتل ، وفيديو آخر للحويني يري فيه أن حل المشكلات الاقتصادية للمسلمين لن تتم إلا بالغزو والاستيلاء علي ما في الدول الأخري من خير وبشر وتقسيمها علي المقاتلين المسلمين وإنشاء سوق للنخاسة لكي يتمكن المسلم من بيع من لايريده من نساء أو أطفال أو رجال ، وشراء ما يحتاج إليه منهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم إسرائيل -المحدود- داخل إيران.. هل يأتي مقابل سماح واشنط


.. الرد والرد المضاد.. كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟ و




.. روايات متضاربة حول مصدر الضربة الإسرائيلية لإيران تتحول لماد


.. بودكاست تك كاست | تسريبات وشائعات المنتجات.. الشركات تجس الن




.. إسرائيل تستهدف إيران…فماذا يوجد في اصفهان؟ | #التاسعة