الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديموغرافية أدب الرحلة في النص الموازي المعنون ب ( الملتقى) للكاتبة / وفاء ابراهيم عرار/ دراسة ديموغرافية طبقًا للمستوى المتحرك في الرؤية الذرائعية تقدمها الناقدة الذرائعية د. عبيرخالد يحيي

عبير خالد يحيي

2019 / 12 / 23
الادب والفن


ديموغرافية أدب الرحلة في النص الموازي المعنون ب ( الملتقى)
للكاتبة / وفاء ابراهيم عرار/
دراسة ديموغرافية طبقًا للمستوى المتحرك في الرؤية الذرائعية
تقدمها الناقدة الذرائعية د. عبيرخالد يحيي



• مقدمة :
تنقسم النصوص المكتوبة بحسب الأسلوب الذي تكتب به إلى قسمين أساسيين, وهما :
الأدب fiction, واللا أدب non fiction أو الأدب الإخباري( التقريري العلمي).
وينقسم الأدب fiction إلى : 1- الشعر 2- السرد
وينقسم الأدب إلى : شعر وسرد
وينقسم السرد إلى الأجناس السردية التالية التالية :
- الرواية
- القصة القصيرة
- القصة المكثفة
- المقامة
- المقالة
- المسرحية
- الخاطرة
- الرسالة
- القص المقالي
- المقطوعة السردية
- الحوارية السردية
- أدب الرحلة

وينقسم أدب الرحلة إلى جنس أدبي روائي ( يحتوي على بناء فني), وإلى مشاهدات ديمغرافية ( عندما يكون خارجًا عن السرد الأدبي).
إغناء:
نعني بالديموغرفيا خروج أدب الرحلة من خيمة العمق الأدبي الخيالي والرمزي باتجاه الإخبار, ويختص بهذه الحالة البينية علم الديموغرافيا.
وعلم الديموغرافيا (علم السكان أو الدراسات السكانية): فرع من علم الاجتماع والجغرافيا البشرية الذي يقوم على دراسة علمية لخصائص السكان من حيث العدد والتوزيع والكثافة والتركيب والأعراق ومكونات النمو( الإنجاب والوفيات والهجرة), نسب الأمراض والحالات الاقتصادية والاجتماعية, ونسب الأعمار والجنس ومستوى الدخل وغير ذلك في إحدى المناطق..... وتمثل الدراسات السكانية الطريقة المبدئية لفهم المجتمع البشري....
وهذا العمل الذي بين أيدينا, والمعنون ب ( الملتقى ) هو نص موازي, لأنه كتاب ( مسلوب الجنس, ينتمي إلى جنس يوازي الجنس الأدبي وأحيانًا يلتقي معه, ليس جنسًا من الأجناس السردية) وليس نصًا(شبيه بالنص وليس نصًّا), فهو مشاهدات عينية تختص بالجماليات اللغوية علينا نقده بشكل علمي, وهو ينتمي إلى مشاهدات ديموغرافية مقارنة لرحلة بين بلدين مختلفين جغرافيًا واجتماعيًّا وعمرانيًّا وجماليًّا, غربي وشرقي, بين الولايات المتحدة ( لوس انجلوس) وبين جمهورية مصر العربية( القاهرة – الأقصر – أسوان- الاسماعيلية- السويس), حيث قامت الكاتبة ( وفاء ابراهيم عرار) الدمشقية المتزوجة من مصري والمقيمة في أمريكا, بتسجيل مشاهداتها الديموغرافية بشكل عيني عن طريق عدسات التصوير بصور مختلفة, وتسجيل حرفي بقلمها الذي يقع بين التقريرية والأدبية.
فإذن هذا العمل جنسه أدب رحلة في إطار مشاهدات ديمغرافية .

• السيرة الذاتية للكاتبة :
وفاء ابراهيم عرار الملقبة ب وفاء لطفي في أميركا, كاتبة مصرية من أصل سوري, درست في جامعة دمشق في كلية الحقوق, تخرجت من جامعة اللونج يتش بكاليفورنيا كاخصائية أطفال في علوم الطفل, ومقيمة في كاليفورنيا, مارست التدريس في المدارس الأمريكية والعربية في الولايات المتحدة الأمريكية, متفرغة للكتابة والترحال حاليًّا.

• الاستراتيجية :
أرادت الكاتبة في مشاهداتها الديمغرافية هذه أن تحقق هدفًا مقارنًا بين محل سكنها الأمريكي ومحل منطلقها العربي, فكانت عيونها كاميرا تلتقط لكل مشهد صورتين مقارنتين ومختلفتين في البيئة والمنحدر الديموغرافي, وهذه الحالة- أقصد الديموغرافية- تميّز أدب الرحلات عن بقية أجناس أدب الروي( الرواية والقصة القصيرة والنوفيللا).
فهي تعقد هذه المقارنات بالسلب والإيجاب منذ أن وطئت أقدامها أرض مصر, والبداية من مطار القاهرة الدولي, من غياب أول صدقة من صدقات الترحيب عن وجوه موظفي الاستقبال المصريين, الابتسامة التي لا يمكن أن تغيب عن وجوه موظفي الاستقبال في موطنها الأمريكي, مع ذكرها للسبب البارادوكسي( المعاناة – الرفاهية), وكأنها تكتب مقالة عن اختلاف السلوكين العربي والغربي, تقول:

" مررنا بحواجز التفتيش على جوازات السفر, وفوجئنا بأن الابتسامة غابت من وجوه الموظفين من كثرة المسؤوليات والمعاناة التي يعيشها هذا الشعب, ومن كثرة التحديات التي تواجهها البلاد.. تحدثت إلى أحد الضباط, فروى لي كيف أنه نُقل إلى المطار بعد أن دمّر الإرهابيون عربته الخاصة, وكيف خرج منها سليمًا.. فقلت في نفسي كم نحن في المهجر مرفهين."

• الموضوع: الديموغرافية:
في المشاهد الديموغرافية في أدب الرحلات, يجب أن يلبس الكاتب هذا النوع من الأدب السردي بثوب علمي يشمل الجغرافية والاجتماع والتاريخ والعمارة والهندسة وما شابه من العلوم الأخرى, يذكرها الكاتب بشكل حقائق علمية, وبمقارنة ديموغرافية بين البيئات المختلفة, مُقِرًّا بوجودها واقعيًّا وبأسلوب أدبي, وتلك محاولة صعبة لا يستطيعها إلا من أتقن الأسلوب الأدبي بعمقه الخيالي وبمباشرته التقريرية, لذلك أجد أن الكاتبة قد جاهدت كثيرًا في ترسيخ تلك الحقيقة المزدوجة بالمزج بين الإخبار والعمق الأدبي بشكل عفوي ينمّ عن موهبة عفوية لبلوغ التشويق بمقبولية مناسبة.
ولكن كاتبتنا في موضوعها هذا لم تمس جانب الرحلة الأدبي ببنائيه الفني والجمالي, حيث سلكت سلوكًا مغايرًا, سطّحت كتاباتها بشكل مذكرات عن مشاهداتها اليومية في تلك الرحلة, وسجلتها بعدسة الكاميرا والمعلوماتية وسنذكر بعض تلك المشاهدات بالتفصيل, ولا أدلّ على ما ذكرته آنفًا من قولها في بداية هذا العمل العبارات التالية:
" كان ذهابي إليها- مصر- لأتعرف على الناس في كل أنحائها, وأعيش معهم, ولأروي ما شاهدته عيناي, ولأحوّل ما أراه من صور- جميلة كانت أم قاسية في بعض الأحيان- إلى شريط ذكريات ينبع من عبق الماضي الجميل, لأنسج منه حكايات رأتها عيناي في كل مكان وطأته قدماي."




• المستوى البصري:

العتبة الأولى - الغلاف :
الغلاف الأمامي: صورة فوتوغرافية للأهرامات, وعنوان العمل ( الملتقى) بالبنط العريض, وتحته اسم الكاتبة ( وفاء إبراهيم عرار) وتحت الإسم تجنيس العمل ( أدب رحلات) وسنة الإصدار ( 2015).
الغلاف الخلفي: صورة لمعبد فيله في جزيرة أجيليكا في أسوان. مع فقرة تلخص وتصف فحوى الكتاب, أقتص منها ما يلي:
" هذا الكتاب يروي كيف أن جذورنا تأخذنا إلى البعيد, إلى أبعد الذكريات, لنعانق الأرض...
وكيف أن حبنا للأرض يحملنا من غربتنا إلى الوطن لأنه مرسوم فينا, في أغانينا حتى لو تبنينا لغة أخرى, وواقعًا آخر, فالحنين يرمينا ويحملنا على العودة إلى الأم والرض التي تركناها لنروي كل الحكايات القديمة والحديثة, من هنا, من أمريكا."

العتبة الثانية- هي العنوان:
( الملتقى) : ويعود إلى عنوان المؤتمر( مؤتمر الملتقى الرابع للشباب المصريين المغتربين) الذي دُعيَت إليه الكاتبة مع ابنتها ضمن الوفد الأمريكي وبمشاركة من قبل وزارة الشباب والرياضة المصرية في والمنعقد في الفترة من 22 ديسمبر 2014 وحتى 2 يناير 2015, حيث تجولت الوفود الشبابية -الآتية من مختلف الدول الغربية- في القاهرة والأقصر وأسوان والاسماعيلية والسويس, ومن خلال تلك الرحلة سجلت الكاتبة مشاهداتها الديموغرافية, فكانت الحصيلة هذا العمل.
يقع العمل في حوالي 122 صفحة من القطع الصغير, حافل بالصور الفوتوغرافية من مشاهدات اجتماعية وطبيعية وعمرانية وتاريخية حضارية للأمكنة المذكورة.

الإهداء : بسيط , خاص وعام :

الإهداء
إلى جميع المصريين المغتربين ..
إلى كل من جاء إلى الملتقى ..
إلى جميع العاملين على نجاح هذا الملتقى..
إلى الشعب المصري الأبي

والاستهلال :
كان تلخيصًا لهدف الكتابة, وتحديدًا للباعث والمحفز الذي كان الاستجابة له كتابة هذا العمل, تقول فيه:
" أردت أن أكتب عن مصر التي أعرفها, فوجدت أن مصر أكبر مما كنت أتصورها, وأني أجهلها.
قبل أن أبدأ الرحلة كنت منشغلة في فكرة السفر لأجتمع مع كل المصريين المغتربين القادمين من جميع أنحاء العالم, لنتعارف على بعضنا البعض, ولنوضح للعالم بأن مصر أأمن مكان يمكن أن يعيش عليه إنسان."

حوى الكتاب على عدد كبير من الصور الفوتوغرافية ( حوالي 67 صورة) تنوعت بين صور اجتماعية, وطبيعية, وعمرانية, وتاريخية حضارية, وصور شخصية للكاتبة مع شخصيات سياسية وثقافية التقت بهم في رحلتها هذه, وصور لشباب الملتقى في أمكنة ومعالم أثرية, وكانت هناك بعض الصور المأخوذة من محرك البحث غوغل لأماكن تم منع الكاتبة زمن معها من التصوير فيها, مثل المعبد عزرا اليهودي في مصر القديمة. وكذلك مقبرة رمسيس الثالث والتي استعاضت الكاتبة عن تصويرها مباشرة بالصور التي كانت تباع على شكل موسوعة في محلات لبيع الآثار المصنعة للسائحين, وأرفقت الكاتبة مع هذه الصور الفوتوغرافية شروحات أدبية, وشروحات معلوماتية, ويعتبر ذلك تكنيك خاص بتلك الكاتبة التي استطاعت التفرّد بابتكار هذا الأسلوب التواصلي مستفيدة من منتوجات التكنولوجية الحديثة, حيث اختلفت مشاهدات الكاتبة عن المشاهدات الكلاسيكية التقريرية, بوجود آلة التصوير, وموسوعة غوغل المعلوماتية.
تحدّثت الكاتبة عن رحلتها التي استغرقت حوالي أسبوعين, بكل أحداثها اليومية ومشاهداتها وانطباعاتها, ثم وجهت رسائل شكر إلى أشخاص بأسمائهم وأوصافهم, ولم تغفل عن ذكر الصعوبات التي واجهتها لاستخراج رقمها القومي, ثم أنهت كتابها بجملة من المدركات والنتائج الواعية التي أوصلتها إليها هذه الرحلة العجيبة التي استولت على لبّها فأبهرته, وعلى عقلها فملأته حكمة وعلمًا ويقينًا, تقول :
" تتعود عيناي كل هذا الصخب ولكن الأماكن في مصر الحبيبة تشدني وتبهرني لشعوري بأن هناك حياة فيها دفء وحب, وتارة فيها قسوة من الفقر.. لكن المدن في جميع أنحاء العالم مليئة بالناس من كل الأجناس فمنهم الفقير ومنهم الغني ومنهم المتوسط الحال, والقاهرة عينها لا تنام كما في لوس أنجلوس, بل تبقى عينها ساهرة على ضفاف النيل , وفي كل مكان.. وأنا ما زلت أعتبر مصر هي أأمن مكان يمكن أن يعيش عليه الإنسان...
وتحيا مصر".


• التكنيك:
قلنا أن الكاتبة ابتكرت تكنيكًا خاصًا بها, وهو إحلال الصورة الفوتوغرافية في مشاهداتها الديموغرافية لتكون بديلًا للوصف الجغرافي في أدب الرحلة الكلاسيكي, وأرفقتها بشروحات أدبية تارة, ومعلوماتية تارة أخرى, تثبيتًا لحقائق علمية ديموغرافية, وبذلك قامت الكاتبة بتسجيل مشاهداتها الديموغرافية بشكل مرئي عن طريق صور عدسات التصوير, وتسجيل حرفي بعدسات القلم, محاولة منها كتجربة عصرية بإدخال الصورة الفوتوغرافية كبينيّة مع الصورة المكتوبة, وسنأخذ بعضًا من تلك الصور بالحالتين لنعيش معها رحلتها:
اخترت أربع صور عن بينيّة هذا التكنيك:

1- مشاهدات طبيعية :

استطاعت صورة نهر النيل في القاهرة التي التقطتها من الطائرة أن تثير فيها جملة من المشاعر سكبتها على بياض الصفحة السابقة لصفحة الصورة, بجمل تقترب إلى الأدبية أكثر من التقريرية:
" ... حلقت الطائرة فوق مدينة القاهرة بشمسها الدافئة المشعة على أراضيها الخصبة الخضراء, وصحرائها الذهبية الملساء, عندئذٍ أدركت بأنني في بلد النيل والأهرامات, زمن تقتُ إلى لقياه.. زمن غير الزمن الذي تعودته عيناي, فيه غبار وتراب السنين المترامية فوق المباني القديمة والشوارع المكسوة بالإسفلت..
كنت أشعر وأنا أنظر من الطائرة بأن النيل عظيم وكبير أكبر مما كنت أتصوره, وكذلك المباني المحيطة على جانبيه التي تكاد تزيده جمالًا وعظمة. كنت أعتقد بأن رائحة الماضي تصل إليّ وأنا من على متن الطائرة."












2- مشاهدات اجتماعية:
حينما وجّهت الكاتبة عدستها باتجاه المستوى الاجتماعي تألّمت, وقارنت ديموغرافيّا بين بلديها, مصر وأمريكا, فكانت مثقلة بتعاسة الواقع الاجتماعي المصري المسكون بالفقر والجهل والمرض, تنشرالصورة التالية وتمدّها بشروحات واقعية تقريرية بإرهاصات لإنسان عربي مخلص لجلدته, ولم تسلخها الغربة مهما تعمّقت فيها, تقول:
" رأيت بيوتًا ومباني غير مكتملة مسكونة من زحمة الناس, كان كل منها يروي حكاية ومعاناة.. الجوع والفقر والجهل.. تلك أكبر مشاكل مصر.
رأيت الغسيل على أسطح المباني أو متدلي من الشرفات , والشوارع تضج بكثرة الأصوات والأغاني المدرجة في أكثر المحلات .. والباعة المتجولون منتشرون في كل مكان فلا يوجد رصيف ليمشي عليه إنسان, فتارة تعلوه السيارات المصطفة, وتارة أخرى حفر وانكسارات في طوب الأرض, أو بائع متجول احتل المكان وفرش بضاعته على الأرض".



3- مشاهدات عمرانية :

وهي من المشاهدات التي لاقت عند الكاتبة إعجابًا شديدًا, وإن كان لها عليها بعض الملاحظات الطفيفة, أبهرتها دقة وسرعة إنجاز هذه المباني التي اختلط فيها الحديث بالقديم تحت مظلة العراقة والفخامة, ودقة البناء وسرعة الإنجاز, تقول:
" كما رأيت مباني عريقة وفخمة تتسم بالفن المعماري الحديث في شوارع متسعة وأحياء نظيفة, وكذلك أبنية قديمة مزركشة لها طابع أثري وفني قديم, فقط تحتاج إلى تحديث, تجمع الحاضر والماضي الجميل.
كما لفت نظري في القاهرة عظمة بناء المنشآت والفنادق المخصصة مثل دار المشاة ودار المدفعية ودار المدرعات ودار الدفاع الجوي, فجميع هذه الدور فنادق رائعة في أصول البناء والفخامة من حيث الإنجاز.


4- مشاهدات تاريخية وحضارية :

عند الحديث عن المشاهدات التاريخية والحضارية استخدمت المعلوماتية التاريخية, مع الشروحات التقريرية, هذا ما أرفقته مع صورة وادي الملوك في مدينة طيبة القديمة (الأقصر):
" .... يقع وادي الملوك في مدينة طيبة القديمة على الضفة الغربية لمدينة الأقصر. وهو عبارة عن مقبرة قديمة فيها مقابر الأشراف, وهي أكثر من 411 مقبرة محفورة في الصخر. دخلنا ممرات ودهاليز طويلة وسلالم مرفوعة عى أعمدة داخل الغرف, وعلى الجدران رسومات وزخارف وصور بأجمل الألوان نقشت بأيدي الفراعنة تحكي حكاياتهم اليومية, وقد عثر على 62 مقبرة وعشرون هوة ولم يتنهِ العمل بها, سبع منها في وادي الملوك الغربي الكبير , وبقيتها في وادي الملوك الشرقي, كما تم اكتشاف مقابر لأولاد الفراعنة...."


• التجربة الإبداعية للكاتبة :
هل هي تجربة متكاملة, أم مختلطة, أم ناقصة؟
هي ليست تجربة متكاملة لأنه لا يوجد فيها بناء فني, لكنها تجربة عصرية لم يمسها أحد من قبل, تفردت فيها الكاتبة بالجمع بين عين العدسة والعين البشرية ةعين القلم لتكوين صورة واحدة تشرح إرهاصات الكاتبة الإنسانية.
عندما نقول عن نص سردي أنه أدب يجب أن يكون متصفًا بصفات الأدب, وأولها :
1- أن يكون جنسًا أدبيًّا, كأن يكون قصًّا أو رويًا أو مقالًا, لأن الأجناس الأدبية تحمل صفة الأدب
2- والمنجز الأدبي يحتوي على عناصر الجنس الأدبي وهي :
- البناء الفني: الذي يحوي الزمكانية والصراع الدرامي والعقدة والانفرج والنهاية إذا كان رويًا أو قصًّا وبجميع أشكاله, سواء أكان أدبَا روائيًّا أو أدب رحلة .
لم يتواجد من هذا البناء في هذا العمل إلا الزمكانية, فهو عمل مسطّح يقع بين المقال والمذكرات, لكنه يجرنا نحو أدب الرحلة بشكله الزمكاني العام, وتكوينه الداخلي, لذلك تبنى الديموغرافية كخيمة يتقي بها الانزلاق الكامل نحو التقريرية.

- والبناء الجمالي : وعناصره هي :
السرد, والأسلوب, الشخصيات , الحوار, والجمال اللغوي وعلم الجمال
3- الأسلوب: يجب أن يحمل العمق الأدبي ( السيمانتيك والبراغماتيك)
كما أنها ليست ناقصة, هي تجربة مختلطة بين التقرير والعمق الأدبي, حيث عملت الكاتبة بين حالتين, بين الأدب والتقرير, ولو مالت نحو التقرير كما فعل ابن بطوطة لأصبحت جغرافية, لكنها مزجت بين الأدب والتاريخ والجغرافية و العلوم البشرية بأسلوب أدبي, لإقرار الحركة التبادلية للأدب مع العلوم المحيطة به, بذريعة أن كل العلوم تُكتب بالأدب كوسيط لغوي لها, وتلك العلوم تحيط بالأدب بشكل تبادلي, استطاعت أن تمزج بين الكلاسيك التقريري والديموغرافية الحديثة بأسلوب أدبي حديث, وهذه نقطة تحسب لها, هي وقفت في منتصف الديموغرافية الأدبية, قدمت من بلد تقيم فيه, ونزلت في بلد تنتمي إليه, أي قسمت بين مساحتين, عليها أن تجد العلاقات الإنسانية والعمرانية والجغرافية والتاريخية والجمالية بينهما, وهذا عمل معقد يجب أن يحمل صاحبه عيونًا كعدسة الكاميرا ليعطي صورًا مختلفة أو متقاربة, ليضع نفسه كمحور مشترك بين بيئتين, البيئة المصرية والبيئة الأمريكية, وأن يظهر درجة انبهاره في أيهما. وقد نجحت الكاتبة -إلى حدّ ما- في ذلك.
• الجانب الأخلاقي :
كانت مفردات الكاتبة وألفاظها مهذبة تنتمي إلى الخلق العربي أكثر منها للأخلاق الغربية, لم تذم عرقًا, أو تتدخل في صراع ديني أو مذهبي أو طائفية, فكانت درجة الأخلاق في نصها عالية في مقياس المنظومة الأخلاقية الإنسانية العالمية.
• الخاتمة:
بعد سفري الطويل في هذه المشاهدات السينيمية, أجدني وضعت رأيي الذرائعي في كل صغيرة وكبيرة من هذا الموضوع البيني الذي يجمع بين العلم والأدب, على قدر مبلغي من العلم, لذا أقدم اعتذاري عن أي هنّة أوغفلة أو هفوة بدرت مني, التقصير مني والكمال لله وحده, وتحية احترام وتقدير وثناء على جهد الكاتبة وفاء ابراهيم عرار في إنجاز هذا الكتاب.
#دعبيرخالديحيي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر


.. فتاة السيرك تروى لحظات الرعـــب أثناء سقوطها و هى تؤدى فقرته




.. بشرى من مهرجان مالمو للسينما العربية بعد تكريم خيري بشارة: ع


.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 22 أبريل 202




.. عوام في بحر الكلام - لقاء مع ليالي ابنة الشاعر الغنائي محمد