الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صورة فائق الشيخ علي بين مؤيديه ورافضيه (وجهة نظر نفسية)

وعد عباس
كاتب وباحث

(Waad Abbas)

2019 / 12 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مقدمة لا بد منها :
اعتدتُ وكثيرٌ من الكُتَّابِ غيري أن أُصدَمَ ببعض القُرَّاء نتيجة فهمهم لما يقرأُون وفقَ بُناهم المعرفية ووجهات نظرهم وخبراتهم السابقة ، وليس وفقاً لما يريده الكاتب ، كما أوَدُّ أن أجددَ التأكيدَ على أني أحاولُ دائماً أن أكونَ موضوعياً فيما أكتب ، ولا علاقة لي بصحة رأي جماعة دون أخرى ، وإنما أكتفي بتحليل الآراء واكتشاف الأسباب الكامنة وراء تبنيها دون غيرها .
فائق الشيخ علي السياسي العراقي المعروف المثير للجدل منذُ فوزه كعضوِ في مجلس النواب ، أصبح اليوم مثيراً أكثر في ظل الأزمة الحالية ، سيما بعد إبراز نفسه كمرشح لرئاسة مجلس الوزراء بعد استقالة حكومة السيد عادل عبدالمهدي ، إذ اختلفت الجماهير بشأنه ، فمنهم من يرفضُ توليه المنصب ، ومنهم من يُصِّرُ على منحه إياه ولو لفترة انتقالية قصيرة .
قد يبدو هذا الاختلافُ بشأن ترشُّحهِ أمراً طبيعياً بالنسبة للبعض ، لكنَّه ليس كذلك بالنسبة للمثقفين ، والسبب بالدرجة الأساس يرجع إلى علمانية هذا الرجل مقابل إصرار الكتل على ترشيح أحد الإسلاميين ، فضلا عن كون الاختلاف الدائر بين الجماهير بصدده ناجماً ليس عن فشله في خدمة الناس عند توليه منصباً سيادياً في السابق كما حدث لغيره من المرشحين في هذه الفترة ((قصي السهيل مثلاً)) ، لأنَّ الرجلَ لم يتولَ أيَّ منصب تنفيذي حتى الآن ، بل إن الاختلاف ناتجٌ عن قلق بعض أفراد الشعب من العلمانيين ، مقابل رغبة الأغلبية بتجربتهم .
ومن أجل التعرف إلى الأسباب التي دفعت الجماهير إلى قبوله أو رفضه أجريتُ استطلاع رأي شمل أصحاب الشهادات الجامعية (الأولية والعليا) ، وكنتُ قد وجَّهتُ في استطلاع الرأي السؤال التالي :
- هل تؤيد اختيار السيد فائق الشيخ علي رئيسا لمجلس الوزراء ؟ وما السبب ؟
بلغت النسبة المئوية للموافقين 76.7% ، بينما بلغت نسبة الرافضين له 23.3% ، وقد بَرَّرَ المؤيدون قبولهم به رئيساً ببقائه معارضاً طيلة الفترتين الديكتاتورية والديمقراطية رغم ما عُرِضَ عليه من مناصب رفيعة في الدولة ، وفضحه الواضح والمستمر لصفقات الفساد المستمرة في الحكومة ، فضلاً عن انعدام ولاءاته لأي دولة أخرى ودعواته لإقامة دولة مدنية ، بدل حكم الأحزاب الإسلامية ، أما الرافضون له فبرروا رفضهم بإدمانه الخمر حسب زعمهم (رغم إنه رفض هذه الإشاعة وقال ما مضمونه : لوكنتُ أحتسي الخمر لأعلنتُ ذلك ولن أستحي) ، وبذاءة لسانه وقلة حيائه ، عدا أنه مشاركٌ في النظام الحالي باعتباره عضواً في مجلس النواب ، ولم يقم حتى الآن بما ينفعهم سوى التهريج .
تعليق :
نقلتُ لكم أعلاه مضمون ما قاله الناسُ الذين عبَّروا عن آرائهم دون أن أتلاعبَ بها ، لكن النظرَ إلى تلك الآراء دون معرفة الدوافع التي جعلتهم يتبنونها يعد نقصاً لا بد من إتمامه .
من المتعارف عليه في علم النفس إن رأيَ أيِّ إنسان يتأثر بطبيعته النفسية وبُناه المعرفية ، وأفكاره وخبراته السابقة ، وما يتبناه من فلسفة حياتية ، ومعايير اجتماعية محددة ، فضلاً عن تأثير وسائل الإعلام المختلفة .
وقد حملتُ هذه المعطيات ورحتُ أبحثُ عن الأسباب الكامنة وراء إطلاق تلك المبررات لرفضه أو قبوله ، ساعدني في ذلك علاقة الصداقة التي تربطني بكثير من المستجيبين على الاستطلاع ، فضلاً عن مقالاتهم المنشورة في حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي .
فكانت النتيجة أن 78% من الرافضين لتسنم فائق الشيخ علي منصب رئيس الوزراء هم من المبالغين في التدين ، الحريصين على إداء الطقوس والعبادات بشكل مستمر ، ولم يبرروا رفضهم له إلا بإدمانه الخمر حسب قولهم ، وبذاءة لسانه ، وهؤلاء يُقسَموُنَ إلى قسمين ::: قسم قلق على المكتسبات الدنيوية التي حصل عليها في ظل الإسلام السياسي من أموال ووظائف ورفاهية ، وقسمٌ آخر قلقٌ على المكتسبات الدينية والروحية كزيارة الأربعين ، وحرية إقامة الشعائر بأشكالها المختلفة ، والتي يخشى ضياعها في ظل الحكم العلماني ، لكن سبباً آخر يجمعُ هؤلاء المتدينين هو رسوخ فكرة إن العلمانية والشيوعية كفرٌ لا يجوزُ مساندته ، أو تأييده أو الدعوة له ، سيما وإنهم يتسمون بمستوى عالٍ من التعصب والانغلاق المعرفي ، ولا يؤمنون كثيراً بالحرية الشخصية .
فيما كان 22% من الرافضين يحملون تفسيرات منطقية لا ردَّ فعل نفسي ضد العلمانية وشخصية الشيخ علي كما كان الأمرُ لدى النسبة الأكبر ، فهم يرونه رجلاً سريع الانفعال ، يبكي بسرعة ويغضب بسرعة ، ولا يستطيع أن يتمالك نفسه ، ولم يترك له من السياسيين صديقاً يمكن أن يسانده في قيادة المرحلة ، بل هو على خلاف حتى مع المدنيين وهم شركاؤه في الفكر والهدف ، فضلاً عن كون هذا المنصب يتطلبُ رجلاً سياسياً لا يتحدث بكل ما يعرف ، وإن تحدَّثَ فلا يستعمل الطريقة المباشرة والحادة التي تؤدي إلى تعقد أبسط المشكلات .
فيما كان دافع 70% الموافقين على توليه المنصب هو دافع نفسي بامتياز ، وقد أوضحوا ذلك في تبريراتهم ، فهم سئموا الأحزاب الإسلامية ، ويرون في العلمانية أملاً في الخلاص من الوضع الراهن ، أما 30% منهم فهم يرونه جديراً لأسباب كثيرة سبق ذكرها ، على أننا يجب ألَّا نتناسى حقيقة أن استعمال السيد فائق الشيخ علي (اللهجة الدارجة) كان قد قرَّبه من الشارع ، وساهم بازدياد جماهيريته .
وفي النهاية أجدد التأكيد على عدم إبداء رأي بهذا الشأن (رفضاً أو قبولاً) ، وأكتفي بتحليل آراء الجمهور .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س