الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ستستثمر إسرائيل صمت العرب في إعلان قيام مشروع دولتها الكبرى؟

المهدي فكري
كاتب وباحث

(Elmehdi Fikri)

2020 / 1 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


ظلت القضية الفلسطينية ضمن أولويات القضايا العربية والإسلامية منذ نكبة عام 1948، وكان الاهتمام بهما كقضية محورية ومركزية تمثل الهم المشترك للعرب والمسلمين ماثلًا لدهرٍ طويل، ولكن أسباب دولية وإقليمية عربية ومحلية فلسطينية أدت إلى تراجعها بشكل كبير وانحسارها في ميادين الإعلام ومحافل السياسة، وخروجها من دائرة الاهتمام الأولى التي عهدتها على مر 7 عقود. فماهي أسباب هذا الصمت الرسمي العربي الإسلامي في مقابل الدفاع اللامشروط من طرف الدول غير العربية كتركيا وإيران... ؟ و هل سيبصم الصمت العربي على شهادة ميلاد إسرائيل الكبرى مع تصفية حق الفلسطينيين في دولتهم؟

قد عملت إسرائيل منذ أول لحظة من إعلانها قيام دولتها تكميم أفواه المتكلمين العرب سواء عسكريا "من خلال التوسع في حرب1967" أو سياسيا "من خلال اتفاقية كامب ديفيد" أو ، وقد ظلت تكابد السنين في ذلك إلى أن اقتربت من بلوغ مرادها بعد أن عم الصمت جل دول العرب إثر إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب القدس عاصمة إسرائيل.

ومن أسباب هذا الصمت العربي نجد أسبابا داخلية وخارجية:

الأسباب الداخلية

· الربيع العربي: انشغال الدول العربية بأزماتها الداخلية ومن ذلك انتفاضات الربيع العربي، التي كانت الشعوب تراهن على دورها في خدمة القضية الفلسطينية إلا أنها شغلت الدول العربية بانقسامات و حروب طائفية مدمرة مثل؛ الحرب الأهلية في كل من ليبيا بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي و سوريا بعد فشل الانتفاضة الشعبية و دخول أطراف إقليمية مما أدخل البلاد في حرب أهلية طائفية و كذلك مصر بعد إطاحة الجيش بأول رئيس مدني منتخب حيث دخلت في مرحلة قمع الحريات في مقابل تحالف السيسي رئيس مصر ما بعد الانقلاب مع قادة اسرائيل الذين دعموا الانقلاب العسكري في مصر.

الأسباب الخارجية

· التوتر بين دول الخليج وإيران: تخوف معظم بلدان الخليج العربي في مقدمتها المملكة العربية السعودية و الإمارات العربية المتحدة من قوة إيران جعلها تهرول إلى التحالف مع إسرائيل وذلك بإيعاز من الولايات المتحدة الأمريكية.

· تطبيع بعض الدول العربية مع إسرائيل: لم ينكر أحد من ذي قبل أن بعض الدول العربية تتعامل مع إسرائيل في شكل سري، وقد أكد وزير الطاقة الإسرائيلي في تصريح له “لدينا علاقات مع دول إسلامية وعربية جانب منها سري بالفعل ولسنا عادة الطرف الذي يخجل منها، الطرف الآخر هو المهتم بالتكتم على العلاقات. أما بالنسبة لنا فلا توجد مشكلة عادة ولكننا نحترم رغبة الطرف الآخر عندما تتطور العلاقات سواء مع السعودية أو مع دول عربية أو إسلامية أخرى، وهناك (علاقات) أكبر كثيرا...(لكننا) نبقيها سرا” كانت هذه تصريحات وزير الطاقة الإسرائيلي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017 لإذاعة الجيش الإسرائيلي حول اتصالات سرية مع السعودية إثر مخاوف مشتركة بشأن إيران. وهي تصريحات لم يخرج أي رد فعل خليجي تجاهها.ولكن الأمر تجاوز ذلك حين انتقل من السري إلى التطبيع العلني حيث أنشأت دولة الإمارات ما أسمته بـ"بيت العائلة الإبراهيمية"، الأمر الذي وصفه مراقبون بأنه تطبيع علني بين الإمارات والاحتلال الإسرائيلي، كما أن المملكة العربية السعودية لم تبخل بدورها في التطبيع العلني بعد أن صرح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مقابلة له مع جريدة Atlantic The بحق إسرائيل في الوجود وأنها لم تعد العدو الأول للعرب،.

· الضغط الأمريكي على الدول العربية: تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بالضغط على الدول التي تتلقى الدعم المالي السنوي من أجل الرضوخ للشروط الأمريكية، و منها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وحسب تقرير للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) فإن المغرب تراجع حجم المساعدات التي يتلقاها من الولايات المتحدة من 82 مليون دولار سنة 2016 إلى 34 مليون دولار سنة 2017، وهذا يعود لرفض المغرب للقرارات التي اتخذها ترامب اتجاه القدس.

وقد عملت كل هذه الأسباب على تقييد الدول العربية بعد أن أصبح حكامها يفضلون الصمت الذي يحمي عروشهم من التحرك الذي قد يستبدل قوما غيرهم، في المقابل من ذلك نجد دولا إسلامية غير عربية مثل تركيا وإيران اللتان لازالتا تدافعان على أحقية الشعب الفلسطيني و مقدساته الإسلامية ولم تبخل بتحركاتها السياسية والدبلوماسية و الخرجات الإعلامية للمسؤولين الرسميين للدولتين، حيث عقدت تركيا مؤتمرا بإسطنبول حول القدس غداة إعلان ترامب عن القدس عاصمة لإسرائيل شاركت فيه إيران و تخلفت كل من دول التطبيع السعودية و الإمارات وكذلك مصر.

تستغل إسرائيل الصمت العربي في تعزيز نقاط مشروعها الذي يروم إعلان ما يسمى بإسرائيل الكبرى مع نفي وجود حق الفلسطينيين، مستندة في ذلك على سياسيات منها؛ العمليات الاستيطانية و تهويد مدينة القدس بطمس الهوية العربية فيها، و الأخطر من ذلك هو تهيئ الشعوب العربية للقبول بالأمر الواقع والذي يخدم مصالح إسرائيل في التوسع على حساب حق الفلسطينيين في أرضهم.

وهكذا فإن صمت الدول العربية وإن كانت رهينة بأسباب داخلية وخارجية فإنه لا يخدم سوى مصالح إسرائيل بالتوسع فوق أرض الفلسطينيين.


الكلمات المفاتيح:
صمت العرب، فلسطين، إسرائيل، الضغط الأمريكي على الدول العربية، التطبيع مع إسرائيل، إيران وتركيا، السعودية و الإمارات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا تنظر في حصانة ترامب الرئاسية في مواجهة التهم


.. مطالب دولية لإسرائيل بتقديم توضيحات بشأن المقابر الجماعية ال




.. تصعيد كبير ونوعي في العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل|


.. الولايات المتحدة تدعو إسرائيل لتقديم معلومات بشأن المقابر ال




.. صحيفة الإندبندنت: تحذيرات من استخدام إسرائيل للرصيف العائم س