الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل سيتحول العراق الى ساحة حرب اميركية ايرانية

ضياء ثابت السراي

2020 / 1 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


هل سيتحول العراق الى ساحة صراع بالوساطة بين اميركا وايران؟ سؤال مهم جدا يُطرح اليوم من قبل الجميع حول مستقبل العراق في ظل تداعيات مشهد اغتيال قاسم سليماني وابو مهدي المهندس، ومما لا شك فيه ان ايران هي الجهة التي بيدها اشعال الفتيل واطلاق الحرب وبيدها ايضا منع الانزلاق الى حرب واسعة بين طرفين يملك احدهما عامل تميز كبير في مستوى التسليح والقدرات، فيما يملك الاخر قدرة الضرب من اماكن عدة لبنك مصالح امريكي وعالمي واسع وبيده اشعال اسعار السوق العالمي وقطع امدادات الطاقة عن خصومه وحلفائهم.
ان العقلية الايرانية ليست بمستوى التهور والغباء الذي قد يدفعها الى الانتحار عبر الرد المباشر والذهاب الى المواجهة العسكرية المعلنة وفي ساحتها اي في ايران، ويقينا ان النظام الايراني يقف اليوم امام موازنة معقدة جدا مابين كبرياء مكسور بقتل ابرز واقوى قادته والذي دوخ المخابرات الدولية وأرَق زعماء الانظمة العربية وتحديدا الخليجية بالاضافة الى اسرائيل، وبين المنافع القومية الايرانية التي تحققت مع انطلاق صواريخ المسيرة الاميركية لتقتل سليماني، وهي بطبيعة الحال منافع جمة اولها انهيار الزخم الدولي الاميركي المُمارس على النظام الايراني لوقف مشاريعه النووية، فلن يستطيع لا ترامب ولا غيره من زعماء الدول الاوربية اليوم من مطالبة ايران بالعودة لمفاوضات وقف مشاريعها النووية وكذلك الامر باتجاه الضغط الاقتصادي القاتل عبر عقوبات اميركا التي ارهقت ايران شعبا وحكومة فهذه الاداة انهارت اليوم تقريبا وقد تستثمرها ايران في وساطات التهدئة لتحصل على تنازلات من هذا القبيل. ولا ننسى ايضا ان هذه الحادثة قد تدفع الى اخراج اميركا من العراق وهو حلم ايراني قد يتحقق سيما وان المتخاصمين من شيعة العراق قد وحدتهم الى حد ما عملية اغتيال سليماني والمهندس وانارت لهم الزاوية المظلمة المتمثلة بان اميركا قد تفتك بهم ان اقتضت مصالحها وهي بطبيعة الحال حليف مصيري مع خصمهم المذهبي وان ساندتهم منذ 2003 الى الان فهو لايعدو كونه اسناد تكتيكي الغاية منه حصر نفوذ ايران وهذا مطلب لم ينجح بطبيعة الحال.
لن تنسى ايران ثأر سليماني ابدا وهذه طبيعة الشخصية الفارسية فهي وان صبرت لكنها لا تنسى ثارها ابدا، وهو امر يعلمه المعسكر الاميركي الغربي جيدا، ولعل السيناريو الابرز هو استثمار جريمة اغتيال سليماني والمهندس بافضل وجه ممكن مع ترتيب اوراق الانتقام عبر الحرب بالوساطة في ساحات هي بالاصل مشتعلة كالعراق وسوريا ولبنان وفلسطين واليمن وافغانستان ومناطق اخرى تشكل تهديدا كبيرا لمصالح اميركا، وهنالك ساحات اخرى ستستثمر فيها ايران قوتها لتحقيق الانتقام تتمثل في مصالح اميركا في الخليج العربي ودوله، وبناء على تصريحات ابرز قادة ايران السياسيين والعسكريين يمكن القول انهم لن يذهبوا باتجاه التصعيد العسكري مع اميركا في الوقت الحالي.
لكننا لا نستطيع القول بان الساحة العراقية ستكون امنة او مستقرة مع كثرة الخصوم المنتفعين من تصعيد المشهد بين اميركا وايران وحلفاء كل منهما في العراق، اذ سيلجا خصوم الشيعة في العراق الى استخدام ما بحوزتهم من وسائل استفزاز لاميركا عبر عمليات نوعية تنسب الى الفصائل المسلحة العراقية والمرتبطة بعلاقات سياسية وعسكرية مع ايران او مايطلق عليهم الموالين لايران، وان لم يقوم هؤلاء اي الفصائل الشيعية المسلحة بهذه العمليات كاطلاق صواريخ على القواعد العسكرية المشتركة مع الاميركان. وهي حجة جاهزة تتمناها اميركا لتقوم بتسديد ضربات ضد معسكرات الحشد وقادة الفصائل تلك او مناطق نفوذهم ومخازن اعتدتهم. ومع ادراك اميركي كامل لمشهد الساحة العراقية لما بعد تنفيذ عملية اغتيال الجنرال سليماني وانهم مجبرون على اخلاء العراق من وجودهم المدني وتحديدا العسكري، فقد يتخذون قرارهم بتقوية الفصائل السنية المسلحة وفتح المجال للمتطرفين كداعش وغيرهم ليندفعوا نحو الوسط والجنوب ويتولوا مهمة تصفية خصومهم من الفصائل الشيعية وهذا ايضا خيار متاح لاميركا لتحرق الساحة العراقية بصراع سني شيعي بين الجماعات المسلحة لدى الطرفين وهي تتفرج وتقدم الاسناد عبر طائرتها المسيرة او غير المسيرة لتوجه ضربات كمية ونوعية ضد ما تصفهم بالاذرع الايرانية.
وبكل تاكيد فان اميركا تعلم ان المكون الشيعي اذا ما اتفق داخل البرلمان فانه سيحقق اجماعا كفيلا بانهاء اتفاقية الاطار الاستراتيجي الاميركية العراقية التي ستجعلها خارج العراق او على اقل تقدير بعيدة عن مركز العمليات التي تريده قريبا من عدوتها ايران، وبلا ادنى شك فان اميركا لديها خطتها البديلة اذا ما حصل واقر قانونا يلغي الاتفاقية المبرمة بين الطرفين فستشعل الساحة العراقية عبر اذرعها، وما بين اذرع ايران واذرع اميركا فان الجنوب والوسط سيكون محطة الدمار المقبلة. وهنا لابد ان يتحرك قادة الوسط والجنوب في العراق نحو تحالفات بديلة تعطيهم حصانة من المخطط الاميركي او الانتقام الايراني، والصين هي الورقة الرابحة اذا ما احسن العراق استغلالها مع التعويل على الشريك الاوربي الذي يبحث عن مُنقذٍ من ازمة الغاز والطاقة التي تخنقه وكذلك روسيا قادرة على لعب دورا مميز وكبير في العراق ولا ننسى بريطانيا التي تنظر للعراق نظرة تاريخية مقترنة بطموحها الاستعماري السابق واملها بالبقاء ضمن اللاعبين الكبار.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة تمد أوكرانيا بصواريخ متطورة بعيدة المدى | ا


.. من دبي.. إطلاق مكتبة للتأثيرات الصوتية تساعد المصابين باضطرا




.. نشاط دبلوماسي مصري مكثف في ظل تراجع الدور القطري في الوساطة


.. عبدالملك الحوثي يشعل البحر الأحمر والمحيط الهندي وواشنطن تقد




.. أعضاء الحملة الانتخابية لبايدن يؤكدون تمسكهم باستخدام تطبيق