الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ندوة المتغيرات السياسية والاقتصادية في العالم فى القرن 21

الحزب الاشتراكى المصرى

2020 / 1 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


(القسم الأول)
في لقاء فكرى من ِطراز رفيع ، قدّم ثلاثة من كبار المثقفين التقدميين المصريين هم الأستاذ "سمير مرقس"، والدكتور "محمد حسن خليل"، والمهندس "منير عيّاد"، استعراضاً مُكثفاً وشديد العمق، لعدد من الأفكار والنظريات السياسية والاجتماعية الجديدة، التي يموج بها العالم من حولنا، والتي كان لها، وسيكون، بالحتم في المستقبل، انعكاسات مُباشرة هامة، علي المسيرة الإنسانية، وعلي واقع مجتمعاتنا ومستقبلها.
مداخلة الأستاذ "سمير مرقس":
والأستاذ سمير مرقص، كاتب ومفكر بارز، ورئيس مجلس إدارة جريدة "القاهرة" الثقافية الأسبوعية، وله العديد من الكتب المهمة، من أبرزها: "الأصولية البروتستانتية والسياسة الخارجية الأمريكية"، و"الأمبراطورية الأمريكية: ثلاثية الثروة والدين والقوة"، و"المواطنة والتغيير"، و"الآخر ـ الحوار ـ المواطنة"، وغيرها، وقد شغل عدداً من المراكز التنفيذية، وموقع مقررلجنة "المواطنة" بالمجلس الأعلي للثقافة، كما يكتب بانتظام في صحيفتى "الأهرام" و"المصرى اليوم".
وقد نشر "أ. سمير مرقس" تحت عنوان "المواطنية الجديدة" سلسلة مقالات صحفية مهمة في الفترة الماضية. وهو أول من ألقي الضوء علي هذه الظاهرة المهمة وتابع مُنَظِّريها ومظاهرها، وأبرز تجلياتها كحركة "السترات الصفر" في فرنسا، والحركة الاحتجاجية الأخيرة في لبنان وتشيلي وغيرها.
وكما يذكر "أ. سمير مرقس" في إحدى مقالاته، فإن "أزمة 2008 الاقتصادية قد أطلقت «سخطاً جماهيرياً»، أوروبياً، غير مسبوق. وبحسب أحد المفكرين: «متى احتدم السخط الجماهيرى، تتجدد الحاجة إلى بداية جديدة»... لذا فإن المتابعين يتوافقون على أن ما يحدث فى أوروبا منذ عام 2009 هو («عصر جديد من الاحتجاج والتنظيم»، «New Age of Protest & Organization»؛ سعياً إلى «تأسيس لزمن جديد» بفعل تحولات مجتمعية شاملة غير مقروءة من قبل النخبة/ المؤسسة السياسية التقليدية التى صارت مع مرور الوقت «مغلقة» على نفسها وضيقة على استيعاب قيادات وأجيال بازغة... ومن هنا ذكرنا ذات مرة، قبل سنوات، بأن أوروبا، وليس فرنسا، مقبلة على زلزال سياسى وحزبى)... وأتذكر هنا المقولة المهمة التى أطلقتها صحيفة «الجارديان» بأن «الحركات المواطنية الجديدة» تنجز «قطيعة جريئة» مع «تقاليد الماضى السياسية»، سواء عن طريق الاحتجاج أو الانتخاب. ويكرسون لعملية سياسية جديدة من خارج «المؤسسية الحزبية» القائمة، سواء بتأسيس حركات أو أحزاب جديدة من جهة. أو الاحتجاج الميدانى من جهة أخرى... لذا هى لحظة «مخاض» لأوروبا بامتياز... أو لنقل لحظة «تجُّدد قارة».
إن القضية التي تشغل الناس، كما رأي المحاضر، وتحفزهم وتحركهم، هى فكرة "اللا مساواه"، والمخاطر الكبيرة للفجوة التى تتسع باضطراد بين الأغلبية الفقيرة والأقليّة التي تملك الثروة والنفوذ، (في دراسة حديثة نشرتها جريدة "الأوبزرفر" البريطانية، ذكرت أن تقرير الثروة العالمية لعام 2017، الصادر عن بنك "كريدي سويس"، أقرَّ إن 1% من أثرياء العالم يمتلكون أكثر من 50% من ثروات العالم. وأكدت المجلة أن الخبراء يقدرون أن استمرار مُعدلات تكديس الثروة لدى الأغنياء، الذي يشهده العالم منذ الأزمة المالية التي حدثت في عام 2008، سيؤول في النهاية إلى استحواذ 1% من السكان على 64% من ثروة العالم بحلول عام 2030!).وقد انشغل المفكرون في أوروبا باستفحال هذا الواقع وانعكاساته، ومنهم الاقتصادي الفرنسى "توماس بيكيتي"، في كتابه المعنون "رأسمالية القرن الـ 21"، الذى أفاد بأن أهم ظواهر القرن الماضى كان التفاوت الهائل في الدخول، وسوء التوزيع، والصراع بحثاً عن العدالة.
وطرح الأستاذ "سمير مرقس" رؤية العديد من علماء الاجتماع والمفكرين الاقتصاديين الغربيين للكتل الشعبية الجديدة والتي نمت بفعل طبيعة الثورة التكنولوجية، والإزاحات المضطردة نتيجة استفحال الأزمة الاقتصادية وتركيز الثروة المستمرين، والتي عكست تغييراً ملحوظاً في شكل الطبقات والشرائح الاجتماعية التقليدية، لصالح فئات اجتماعية وشرائح جديدة، غير تقليدية، عابرة للطبقات والأديان والجنس والجنسية، مثل "العمالة الرقمية والتقنية الجديدة"، والتي تمثل نحو 15% من مجمل العاملين في انجلترا، و"البركاريات" (المنبوذون أو المنسيون، والمُهددون وجودياً)، وتمثل 15%، وغيرهم. ونتيجة لذلك فإن "ديناميكية جديدة" كما يقول أ. سمير مرقس، نشأت في العالم، لا تنهض الحركة فيها علي أساس الطبقة (حسب التعريف التقليدى)، وإنما تضم "مروحة واسعة" من "الكتل البشرية" النشطة، وفي خضم حركتها، يتشكل "يسار جديد، وليبرالية جديدة، تعيد تنظيم نفسها من خارج ماهو قائم من أحزاب وتشكيلات سياسية تنتمي لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية"، يحركها رفض الواقع المأزوم، ورفض الاستبعاد عن المشاركة الفعلية، ومواجهة "الاحتجاز السلطوى والثروى".
ولا تؤمن هذه "الحركات المواطنية الجديدة"، كما يذكر "أ. سمير مرقس"، بـ "االديمقراطية التمثيلية"، علي النحو القائم في العالم الآن، ليقينها بأن هذه (الديمقراطية المزعومة) يتحكّم في مدخلاتها ومخرجاتها من يحتكر السلطة والثروة، وإنما يدعون لـ "ديمقراطية تشاركية" فاعلة تتيح الفرصة أمام المهمَّشين والمنبوذين والفقراء المطرودين من جنة الثروة والمبعدين عن نعيم السلطة، وهم أكثرية الشعب المحروم من حق الحياة اللائقة بالبشر.وأخيراً يذكر المحاضر، أن السبب الأساسى لتشكيل هذه "الحركات المواطنية الجديدة"، يعود إلي اكتشاف خيانة الأحزاب التقليدية الأوروبية لبرامجها ووعودها، والاندماج في الوضع الراهن، والمؤسَّس علي تقاسم السلطة مع البرجوازية، في إطار المنظومة النيو ليبرالية القائمة، وقد اجتمعت إرادة هذه الكتل علي ألّا حل لتفكيك "شبكة الامتيازات المغلقة"، التي تحتكر السلطة وتستأثر بالثروة، وتهيمن علي كل شيئ، حتي في أوروبا الغربية التي قطعت شوطاً بعيداً في التقاليد الديمقراطية ولا يمكن كسر هذه الشبكة إلا بهذه النوعية من التحركات الواسعة والمرنة والمستمرة.
ويبقي أن نشير إلي أهمية التماس مع هذه الأفكار الجديدة، وانعكاساتها المباشرة في أوطاننا، والتي تثير العديد من الأسئلة والإشكالات التي توجب التعامل معها بوعي، وفهم أبعادها ونتائجها بعمق، وإدراك الكيفية المُثلي للتفاعل مع مقوماتها لصالح تطويرأداء القوى الوطنية التقدمية، وعلاج نقائصها وتحسين وتفعيل أدائها وتأثيرها في المجتمع، وخاصة ً أن لهذه الحركات مشكلاتها أيضاً، ومنها أنها حركات بلا قيادة أو تنظيم أو برنامج، وهو ما أثار، في نهاية الحوار العديد من التساؤلات، سنعرض لها في حينه.
القسم الثاني: مداخلة د. محمد حسن خليل
احتوى القسم الثاني من الندوة التي تمت في مقر "الحزب الاشتراكي المصرى" مداخلة الدكتور محمد حسن خليل، عضو السكرتارية المركزية للحزب الاشتراكي المصرى، ومؤلف مجموعة من الكتب والدراسات منها : "ثورة 25 يناير في عامها الثاني"، "العدالة الاجتماعية ومستقبل التنمية في مصر"، والثورات العربية والوضع الدولي والأقليمي"، و" مصر وست سنوات علي ثورة 25 يناير"، وقدمت كلمته تصوراً عميقاً ووافياُ للتطور الذي لحق بالرأسمالية في القرن الحادي والعشرين، والتحولات التي جرت علي مضامينها ومواقفها الاجتماعية والاقتصادية، وانحيازاتها السياسية والأيديولوجية، وخاصةً مع صعود ظاهرة العولمة، وبانهيار القطب السوفييتي المنافس، وانفراد الولايات المتحدة، بتقرير مصير العالم، مع إلقاء الضوء علي نُقاد الرأسمالية من أجل تطوير أداءها وتحسين صورتها، أى نقد الرأسمالية من داخل معسكرها.
تناول استعراض د. محمد حسن خليل، لواقع التطور العلمي والتكنولوجي الراهن، شرحاً مُركزاً لتعاقب العصور: من عصر الذرة إلي عصر الفضاء فعصر المعلومات فى الثمانينات (الإنترنت - الكمبيوتر الشخصى والتليفون المحمول والإرسال التلفزيونى عبر الأقمار الصناعية)، مُتسائلاً: هل هناك مبرر للتبشير بمرحلة جديدة للرأسمالية فى القرن الواحد والعشرين؟، ثم أردف متحدثاً وشارحاً لأهم المُتغيرات الرأسمالية فى القرن الواحد والعشرين، ومُركِّزاً علي ملمحين أساسيين، هما:
أولاً: تطور الإنتاج: تحول مجتمع المعلومات إلى ثورة ما بعد الصناعة. الميكروتشيبس، وملامحها الرئيسية الذكاء الصناعى، وثورة النانوتكنولوجى، والهندسة الوراثية، وغيرها.
وثانياً: تطور الأزمة الاقتصادية الرأسمالية وملامحها، وصعود الليبرالية الجديدة ونتائجها، ومُبرزاً خطورة ودلالات الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008، ومبيناً أبرز ملامح ونتائج هذه الأزمة العميقة
نقد الرأسمالية:
وتحت هذا العنوان استعرضت مُداخلة د. محمد حسن خليل مظاهر الأزمة الرأسمالية العالمية، وأهمها: تفاقم المشاكل الاجتماعية كالفقر، والبطالة، والاستبعاد الاجتماعى للفئات المُهَمَّشة، مثل الأطفال وكبار السن والمرأة والأقليات. مُستنداً إلي تقرير منظمة "أوكسفام"، والذى أعلنت فيه أنه: "فى يناير 2018 استحوذ أغنى 1% من سكان العالم على 82% من الثروة التى تم خلقها العام السابق"!
ورسم المتحدث صورة دقيقة لواقع تمركز الثروة والسلطة في العالم، عبر خمس حقائق صادمة، حول انعدام المساواة فى الدخل فى العالم علي النحو التالي:
"ثروة بليونيرات العالم ازدادت بمقدار 900 بليون دولار العام الماضى (2018) وحده، 26 بليونيراً امتلكوا فى العام الأخير ما يمتلكه 3.8 مليار إنسان فقير يعادلون 50% من سكان الأرض، خلال عشر سنوات من الأزمة الاقتصادية العالمية تضاعف عدد بليونيرات العالم تقريباً، وفي المُقابل فإن حوالى نصف سكان البشرية قد تجاوزوا بالكاد حد الفقر المطلق، ويعيشون على أقل من 5.5 -$-.
حجم الضرائب على الثروة (التي يدفعها أثرى الأثرياء)، تمثل 4% فقط من حصيلة الضرائب، فى كل مكان تقريباً تزداد الضرائب على الفقراء بينما تقل نسبتها على الأغنياء، مما يُقلل من الإنفاق على التعليم والرعاية الصحية وباقي الخدمات الأساسية، وبموجب هذا الوضع لن يتمكن أكثر من ربع مليار طفل من الذهاب إلى المدرسة.
كما أشار د. خليل إلي مؤشر هام آخر، وهو نسبة البطالة فى أمريكا، والتي كانت 5% عام 2015، بينما فى ظلّت، في المتوسط، أكثر من 10 % فى أوروبا، وفى أسبانيا مثلا انخفضت البطالة بين عامىّ 2007 و2015 من 26% إلى 20%!
• وقد أدى هذا الوضع، كما ذكر المتحدّث إلي تصاعد النقد للممارسات الرأسمالية من منطلق "الكينزية"، ودفع ــ لمواجهة الأزمة المتفاقمة والتي بلغت ذروتها عام 1929 ــ إلي تدخُّل "الدولة الكينزية" من منتصف الثلاثينات حتى السبعينات من القرن العشرين، مستعرضاً التطورات الاقتصادية علي الصعيد العالمي، وصولاً لنيوليبرالية سبعينات القرن العشرين حتى الآن، ومُتناولاً أبرز آراء نُقاد الرأسمالية وممارساتها في "الحقبة النيوليبرالية"، وأهمهم:
ـ مُنظمة (أوكسفام)، وتوماس بيكيتى (كتاب رأسمالية القرن الواحد والعشرين)،
ـ جوزيف ستيجليتز: الحائز علي جائزة نوبل في الاقتصاد،
ـ النقد من خلال "التطبيق السياسى": ثلاثى "بيرنى ساندرز (أمريكا)، جيرمى كوربن (بريطانيا)، جان لوك ميلنشون (فرنسا)". وكلهم يُضمّنون برامجهم نقد أسس الرأسمالية والتبشير بالاشتراكية، وأسسها لديهم: التعليم الجامعى المجانى، والرعاية الصحية التأمينية الشاملة، والضرائب التصاعدية. أي كل ما يصب فى النهاية فى نقد علاقات التوزيع غير العادلة.
النقد الراديكالى:
غير أن النقد للرأسمالية المتوحشة في عصر العولمة والنيوليبرالية، لم يتوقف علي رؤية النُقاد من داخل الدائرة الرأسمالية، والذين يسعون إلي "إصلاح" ممارساتها، وتقويم مسلكياتها، لضمان استمراريتها، وإنما برز، كما أشار د. محمد حسن خليل، نُقاد آخرين من خارج منظومة الاستغلال الرأسمالي، ومنهم: سلافوى جيجيك، الفيلسوف والناقد الثقافي والسياسى والاجتماعي السلوفينى (والداعي إلي "بتر خصيتي الرأسمالية لصالح نظام جديد أكثر عدلاً") ، ودافيد هارفى، العالم الإنجليزى الماركسى، وغيرهم.
وفي إطار ما تقدّم، يختم المتحدث مداخلته المهمة، بطرح سؤال بالغ الأهمية: هل ما زال للاشتراكية أنصار؟. والإجابة واضحة، فإن الرأسمالية الراهنة لم تقدم للبشرية إلا المزيد من المعاناة والإفقار والاستغلال والتخريب للبيئة وللحياة الإنسانية، علي حدٍ سواء
القسم الثالث والأخير: مداخلة المهندس "منير عيّاد":
كان مسك الختام في مداخلات ندوة "المتغيرات السياسية والاقتصادية في العالم"، للزميل المهندس "منير عيّاد"، المناضل والمثقف المتميز، والعضو القيادى والمؤسس بـ "الحزب الاشتراكي المصرى"، والذى طالما نبّهنا إلي ضرورة أن يكون اليسار المصرى علي اطلاع بما يجرى في العالم من تطورات فكرية وسياسية، لا لتقليدها ونسخها، وإنما للاستفادة من دروسها وخبراتها، والتحصن بوعيها وملاحظاتها. واختصّت مداخلته باستعراض "النقد الجذرى للسياسات النيوليبرالية"، علي نحو ما يجرى فى التيارات التقدمية في الولايات المتحدة والغرب والشرق أيضاً.
لقد لعبت الرأسمالية دوراً تقدمياً وطليعياً في فترتها الأولي، وهي تخوض المعركة ضد جمود الإقطاع واستبداده، وضد التسلّط الديني، ومن أجل انتزاع إرادة الإنسان وتحريره من سيطرة الأفكار الميتافيزيقية والتقاليد اللاهوتية الجامدة، ومن سلطة المؤسسات والأفكار البالية، لكنها في مراحلها التالية أصبحت قوة باطشة ومعيقة لتطور الحياة الإنسانية المتوازنة والعادلة، وتحولت إلي أداة قمع ونهب لمليارات البشر، وعملت علي تكريس الاستغلال والتسلّط والحروب والاستنزاف غير الأخلاقي لموارد الكون التي تخص الإنسانية جمعاء.
وعرض "م. منير عيّاد"، كنموذج لمواقف وأدوار هؤلاء "النُقّاد الراديكاليين" للرأسمالية المتوحشة فى حقبتها "النيوليبرالية"، لمجموعة من الدراسات والكتب الرائدة في هذا السياق، صدرت مع بدايات القرن الواحد والعشربن، وقدمت نقداً موضوعياً وجذرياً لخطايا الرأسمالية، وكذلك للبني البيروقراطية لممارسات التجارب (الاشتراكية) القديمة، والتي تحتاج إلي تجديد وتطوير، وهذه الكتب هي: "الفيروس الليبرالي" للمفكر الكبير، "د. سمير أمين"، وكتاب "تراجيديا في البداية ومهزلة في النهاية" للمفكر السلوفاني الأصل "سلافوى جيجك"، وكتاب البروفيسور " ديفيد هارفي" المعنون بـ "السبعة عشر تناقضاً ونهاية الرأسمالية"، وكتاب "باتريك دينين": "لماذا سقطت النيوليبرالية"، وأخيراً الكتاب الذى أثار ضجة واسعة النطاق في العالم كله: "رأسمالية القرن الحادي والعشرين" لـ "توماس بيكييتي"، وإن كان لا ينتمي إلي الكتب الأربعة السابقة، المكتوبة بأقلام تنتمي إلي الأيديولوجيا الاشتراكية الماركسية.
إن التطورات الحادثة في مسار العالم، علي النحو الذى نعايشه، ووجوب التصدي لتغّول الرأسمالية المتوحشة في تجسُّدها "النيوليبرالي" يستلزم طرح بديل مقنع للناس، وهنا يثور التساؤل الضرورى، كما يُشير م. منير: "هل ما زالت الفكرة الشيوعية ملائمة لواقع اليوم؟!، وهل لا زالت قادرة علي ان تؤدي دورها الرئيسى كأداة تحليل وتوجيه للممارسة السياسية والاجتماعية؟!
إن الدرس المستخلص من هذه الاجتهادات الجادة للبحث عن خلاص حقيقي للفكاك من أسر الرأسمالية المتوحشة في نسختها الأخيرة الأكثر ضراوة: "النيوليبرالية"، هو وجوب التعامل مع الماركسية باعتبارها منهج فكر وأداة للتفكير والتغيير، لا بمفاهيم "الكلية الهيجلية" الساكنة التي تفترض أنها مفاهيم "خالدة"، بمعنى أنها سلسلة من "النماذج" الثابتة والتطبيقات الصالحة ـ أوتوماتيكياً ـ لكل زمان ومكان، إنها "خالدة" بمعني أنها قابلة لإعادة ابتكارها من جديد في كل موقف تاريخى، وهو ما يساعد علي تبين ملامح طريق الجماهير البديل لليبرالية المتوحشة، إذ كما يقول "جيجك": "إن زمان الابتزاز الأخلاقي الديمقراطي الليبرالي قد انتهي، وولّي، وانقضى" وحان وقت تصحيح المسار الإنساني، لأن " الديمقراطيىة الليبرالية فقدت شرعيتها وأفسحت السبيل لتقدم جحافل التيارات اليمينية المتطرفة"، بوعودها المعادية للشعوب ولتطلعاتها المشروعة في السلم والأمن والحياة الكريمة.
إن "الفرض الشيوعي" الذى حان أوانه الآن، كما يُنهي المهندس "منير عياد" مداخلته، حسب تعبير المفكر الفرنسى "آلان باديو"، هو أن نُخضع كل شيئ للتفكير فيه، وأن نبدأ من نقطة الصفر. أى من البدايات الأولي، حتي نتبين مواقع أقدامنا، ولا نضل ملامح الطريق!
المداخلات:
وقد أعقب المداخلات الرئيسية حواراً مهماً للغاية حول ما طُرح فيها من أفكار وتصورات، شارك فيه: الأستاذ "إلهامي الميرغنى"، الباحث السياسى والاقتصادي المتميز، والقيادى بـ "حزب التحالف الشعبي الاشتراكي"، والأستاذ "صلاح عدلي"، السكرتير العام لـ "الحزب الشيوعي المصرى"، والأستاذ "حسن بدوى" الصحفي والقيادى بـ "الحزب الشيوعي المصرى"، والأستاذة "دعاء العجوز" المحامية، والدكتور "محمد رؤوف حامد" المفكر الكبير وصاحب الدراسات المستقبلية المهمة، والأستاذة "سعاد عبد الرحمن" الكاتبة والقيادية بالحزب الناصرى، والمناضل السياسى الكبير الأستاذ "كمال عارف"، والأستاذة "هدي توفيق"، والدكتور"علي شوشان" القيادي بـ "الحزب الشيوعي المصرى"، وغيرهم من المثقفين، ومن أعضاء الحزب وأصدقائه.
وقد دارت حواراتهم حول الأفكار التي طرحها السادة المتحدثون، وعن حدود دور "حركات المواطنية الجديدة" وأهليتها للحلول محل الأشكال التنظيمية التاريخية، وجاهزيتها لقيادة النضال الضاري ضد الرأسمالية المعولمة المتوحشة، فيما لا تملك برنامجاً كاملاً للتغيير، أو قيادة مُنظمّه مناسبة، وأيضاً حول صلاحية دور الحزب السياسى وشروط أدائه لدوره في بلادنا وفي العالم، وغيرها من القضايا الهامة، والتي رد عليها، في ختام تعليقاتهم، الأساتذة الثلاثة، مؤكدين علي ضرورة الانفتاح الفكرى لليسار المصرى علي مايموج به العالم من أفكار ورؤى، والاجتهاد من أجل تمصير ما يصلح من أفكار يمكن أن تكون مناسبة لواقعنا، وقادرة علي إلهامنا، في المسيرة الصعبة لتحرير الإنسان المصرى من واقع القهر والفقر والتخلًّف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هجوم إسرائيل -المحدود- داخل إيران.. هل يأتي مقابل سماح واشنط


.. الرد والرد المضاد.. كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟ و




.. روايات متضاربة حول مصدر الضربة الإسرائيلية لإيران تتحول لماد


.. بودكاست تك كاست | تسريبات وشائعات المنتجات.. الشركات تجس الن




.. إسرائيل تستهدف إيران…فماذا يوجد في اصفهان؟ | #التاسعة