الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الداخل مفقود و الخارج مولود ؟ - انجازات- الداخل السوري , - فضائح - الخارج الغربي

فراس سعد

2006 / 5 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


في السجن السوري الكبير الذي اسمه وطن لا يصح سوى القول في كلام وجودي يعيّن الوجود أن الداخل مفقود و الخارج مولود , أجل فالوطن حينما يتحول إلى سجن لا يستحق الموجود فيه سوى أن يكون مفقوداً غائباً عن الوجود ليكون الهارب الخارج من هذا الوطن مولوداً .
ماذا عن الخارج بالمطلق ؟ ما يعنينا هنا , الخارج كمكان و كقوى و كهاربين من السجن السوري
لا يوجد الخارج إلا بالنسبة لداخل , و لا يتحدّد الخارج في النص السياسي و الفكري السوري إلا انطلاقاً من هذا الداخل للأسف , لكأن الخارج لا ماهية له سوى ما نسبغه عليه من وعي ارتهن للسجن الذي نسميه وطن أو داخل , مع أن أحداً من أهل الداخل تجرأ على تحديد الداخل منطلقاً من الخارج الذي هو الأعظم و الكل إلا قليلاً , لن نقع في فخ تعيين الآخر الخارج انطلاقاً من الذات الداخل– مع أنه أمر مشروع- و لن نعيّن الداخل انطلاقاً من الخارج –وهو أمر له شرعيته الواقعية- لكننا سوف نحاول تعيين كلا الكيانين انطلاقاً من نظرة تلحظ الواقع الزمان و المكان العالمي .
على هذا الأساس لا يكون الداخل – سورية- سوى جزء صغير ناشئ إلى حد قليل تابع بشكل متنام
من المنظور المكاني لا يتجاوز مساحة سورية
من المنظور السكاني لا يتجاوز عدد سكان سورية 18 مليون بينما عدد سكان العالم خمس مليارات أي أن الداخل ككم بشري يساوي الى الكم البشري العالمي ,6 3 بالألف , ماذا يفعل الأربعة بالألف مع الألف ؟ لا شيء ربما يصرخون و يبعبعون فحسب لكنهم لا يستطيعون هزيمة أحد .
من المنظور الأقتصادي : بلغ الدخل القومي لسورية العام الماضي 2005 ما مقداره بحسب تقديرات شبه حكومية 20 مليار دولار بينما بلغ دخل دولة أوروبية صغيرة مثل التشيك أو البرتغال 500مليار دولار لنفس العام 2005 فما بالك إذا عرضنا أرقام الدخل القومي للولايات المتحدة و أوروبا مجتمعة , ماذا يعني الداخل اقتصادياً مقابل الخارج ؟ لا شيء أو بالأصح يعادل برغشة أمام فيل , طبعاً الدخل القومي السوري كان يجب أن يكون أكثر من ذلك بكثير , لكن حكّام الداخل يصبون أضعاف الدخل القومي سنوياً في بنوك الخارج .
من المنظورالأجتماعي : في الداخل طوائف و مذاهب و مناطق و جهات عديدة و غنية بتقاليدها الأجتماعية و تراثها , لكن حكام الداخل مرة أخرى حكموا على الداخل أن يبقى مشلولاً ضمن كانتونات و منع أي علاقات أجتماعية حقيقة لاسيما الزواج بين هذه الكانتونات بحجج طائفية و مذهبية و قومية عربية و غير عربية , كما منع هذه التنوعات الأجتماعية الثقافية من التعبير عن ذاتها و ممارسة تقاليدها العريقة بحجة الصراع العربي الأسرائيلي و بحجة أننا مجتمع عربي موحّد و كلنا مسلمين أو مؤمنين فلا حاجة للتمايز و التعبير عن المكنونات , بحيث يصبح كل من يحاول الكشف عن الكنوز الثقافية و الدينية المخبّأة لطائفة أو متحد سوري ما مثيراً للفتنة و متجاوزاً للخطوط الحمراء و متآمراً على استقرار و سيادة و أمن البلاد لا بد من عقابه بدليل اعتقال ميشيل كيلو لمجرد مقال كتبه حول أهل المدينة و أهل الريف , هكذا تحّول الداخل إلى سجن كبير يختنق فيه البشر و أصيب الجميع لاسيما الأجيال الشابة لمختلف تلك التكوينات و التلوينات بشتى أنواع الأنحرافات الأجتماعية و الثقافية و السلوكية و أصبحوا مستهلكين أشاوس لكل منتجات الخارج السمعية البصرية المبتذلة و مقلدين بارعين لكل ما هو خارجي , ثم يأتي فصحاء نظام الداخل ليحذروا من الغزو الثقافي القيمي الخارجي ؟؟؟ . أما هذا الخارج فهو يفتخر بتنوعاته و مكوناته الأجتماعية المختلفة و المتضاربة أحياناً , لدرجة أن أحد البلدان الأسكندنافية تعمل لجلب بشر من كل الأعراق و الثقافات و الألوان و اللغات لتعزّز بها التنوع الأجتماعي و الثقافي في بلادها , هكذا نجد أن الداخل عندنا يخاف من الداخل نفسه بينما الداخل عندهم يعمل على الأندماج مع الخارج بل و يعمل على جلب الخارج إليه ليتوحد مع الداخل , فيصبح الداخل عندهم معبراً عن الخارج أو صورة مصغّرة عنه , هذا يعني أننا لا نخاف من الخارج فحسب بل نحن نخاف من الداخل أيضاً , المسألة ليست خارج و داخل إذاً , لكنها مسألة خوف من مواجهة الذات و والعالم معاً , و هي حالة ترقى إلى الفصام بامتياز و لا بد من علاجها سريرياً بحسب تعابير علماء النفس .
من المنظورالعلمي : في الداخل يتم تحطيم ممنهج لكل المبدعين و العلماء بحيث يطردوا أو يجبروا إلى الهجرة إلى الخارج أو الألتحاق بسجون الداخل , أما قادة العمل الجامعي و العلمي في سورية فهم المحسوبين على الحزب القائد و المدعومين من مراكز النفوز مهما كانت درجتهم و مستواهم العلمي أو الأخلاقي متدن , من سمع بنقيب أطباء في محافظة مهمة نال شهادته من أوروبا الشرقية و من بين ضحاياه طفل نتيجة خطأ طبي أو قضاء و قدراً , ألم نسمع بطالب متفوق سافر إلى موسكو ليدرس الطب فإذ به يجبر على دراسة الهندسة لأن ابن فاشل لمسؤول سوري ناجح جداً سرق مقعده في تلك الجامعة , و في اعتراف متأخر و نادر لرئيس وزراء سورية السيد عطري يشكوا فيه من أنحطاط الجامعات السورية يقول أن بعض أساتذة الجامعات يعتدون على طالباتهم , و هو مالم يحاسب عليه أي معتد , و هو ما صار يعرف باسم الرشوى الجنسية التي تلجأ إليه بعض الطالبات مكرهات , و لو حصل هذا الأمر في الخارج لتم طرد الأستاذ من التعليم الجامعي مدى الحياة , و الوضع الجامعي مرعب في بعض الجامعات السورية كما في جامعة تشرين في اللاذقية حيث يتفشى الشذوذ الجنسي بين الطلاب كما أخبرني بذلك أحد طلاب تلك الجامعة , أما الجامعات الخاصة فقد منحت تراخيصها لبعض مراكز السلطة و الجامعات غير المحسوبة على أحد يتم التضييق عليها باتجاه أيقافها عن العمل كما حصل مع جامعة المأمون الخاصة و سواها بحجج عديدة , و الداخل الذي كان الثاني أو الثالث عربياً في التعليم بعد لبنان و مصر أصبح ذنب العرب بعد السودان و موريتانيا و الصومال و اليمن , بماذا سوف يحارب علماء البعث و المخابرات في الداخل و كالة الناسا و جامعات شيكاغو و أكسفورد و نيويورك و هارفارد و السوربون ؟
المعاشي : تعترف حكومة الداخل بان ستين بالمئة من شعب الداخل يعيش تحت خط الفقر أو بقربه , و الأسعار في تصاعد يواكب صعود أسعار الذهب و البترول عالمياً , و بينما يعيش موظفوا الداخل من قلّة الموت يعيش عاطلوا الخارج الأوروبي و الأمريكي على الضمان الأجتماعي و بحماية الضمان الصحي .
من المنظورالسياسي : الجميع يعرف وضع الداخل السياسي و الفرق هنا بين الداخل و الخارج مريع و مبكي و مضحك معاً. نكتفي بهذا المثال الحديث 23 ايار 2006 : " ونقلت "سانا" عن بلال ( وزير الإعلام محسن بلال) خلال لقائه بالسفير الدنماركي؛ ان "سورية كانت وما زالت ترعى حقوق مواطنيها وتحافظ عليها ويتجلى ذلك في الإخاء بين جميع ابنائها والذي يشكل أنموذجاً يحتذى به" .

- في حال وجد الداخل فهو تقريباً غير موجود إذا اعتبرنا الوجود معادلاً للقوة و الفاعلية و الحركة , الخارج بنفس المقياس وحده الموجود , لا تنتظروا من شعب الداخل أن يتعلق بهذا الوضع الداخلي بحجة الوطنية و القومية , فلو فعل فهو شعب يكفر بالعقل و بالوجود و الحركة و القانون الطبيعي الذي غرزه الخالق بالمخلوق , و بمقولة علي بن أبي طالب" الفقر في الوطن غربة , و الغنى في الغربة وطن" , و يقول المثل الداخلي" محل بترزق ألزق"
- في هذا السجن و المعتقل الذي اسمه داخل لا تستطيع كل الشعارات الكبيرة و المقولات الأكبر لاسيما مقولة الوطن و الأمة و مسقط الرأس و الروح و ملعب الطفولة و مدارج الصبا ..... و الأنتماء و الجذور أن تمنع مواطناً واحداً تتوفر فيه كل تلك المقولات و يؤمن بكل تلك الشعارات و المفاهيم أن يفضل الداخل على الخارج بشكل عملي كما يفضله بشكل لساني قولي شعاراتي , حينما يتعلق الأمر بلقمة العيش أو بتعليم الأولاد أو بسلامة الأنسان و حريته و كرامته , من أجل ذلك نرى زيادة في طوابير الواقفين أمام سفارات الخارج في شوارع عاصمة الداخل , كلما ازدادت وتيرة التشبّث و العناد و الصمود من قيادة الداخل في وجه الخارج و ضغوطه و استهدافاته و " المؤامرة الأمبريالية الأمريكية الصهيونية الرجعية.... " ؟؟؟؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تظاهرات في جامعات أميركية على وقع الحرب في غزة | #مراسلو_سكا


.. طلبوا منه ماء فأحضر لهم طعاما.. غزي يقدم الطعام لصحفيين




.. اختتام اليوم الثاني من محاكمة ترمب بشأن قضية تزوير مستندات م


.. مجلس الشيوخ الأميركي يقر مساعدات بـ95 مليار دولار لإسرائيل و




.. شقيقة زعيم كوريا الشمالية: سنبني قوة عسكرية ساحقة