الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في اختيار العراق ساحة للرد الايراني

ضياء ثابت السراي

2020 / 1 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


لم يكن مستبعدا في سياق التهديدات المتبادلة عقب حادثة الاغتيال أن يأتي الرد الإيراني على أميركا في احدى الساحات المحتملة والتي تضم قواعدا عسكرية أميركية، لكن ما أثار الجدل هو لماذا تحديدا تم الرد الإيراني في الساحة العراقية. وهنا لابد من الإشارة إلى مستوى الذكاء في الرد وان لم يكن متناسبا مع كم التهديدات التي أطلقها النظام الإيراني، فالعراق كان المكان الذي اختارته أميركا لتصفي حساباتها مع إيران باغتيال سليماني، وعليه فان اختيار أي مكان أخر لتنفيذ الانتقام الإيراني كان ليكون بمثابة فتح جبهة إضافية على إيران هي بغنى عنها في الوقت الحالي. وليس هذا فقط بل إن الهدف الأبرز لإيران هو إخلاء الساحة العراقية من الوجود الأميركي العسكري وهذا الرد الايراني سيعزز القرار البرلماني المتخذ عراقيا لإنهاء التواجد العسكري الأميركي فيه، وعندها يكون ثمن الفعل الأميركي بقتل سليماني باهظا وخسارة أميركية كبيرة. إن ضرب القواعد العسكرية الأميركية في العراق سيدفع كل دول التحالف لسحب ما تبقى من جنودها وسيضيف عبا إلى ترامب وحكومته وضغوطا أميركية لسحب قواتهم والا ستكون قواعدهم محطة استراحة للصواريخ الإيرانية. وتبعا للعقلية الإيرانية فان هذا الانتقام يحمل في طياته اشارات كثيرة اولها للمكون السني والكردي في العراق حيث عارض كل منهما قرار انهاء التواجد العسكري الاميركي في العراق وابديا مواقف صريحة ليس اخرها تصريح برزاني بالامس وعرضه السخي بفتح اراضي اقليم كردستان للقوات العسكرية الاميركية! ومن المؤشرات الاخرى للرد الايراني في الساحة العراقية انه حمل رسائل كثيرة من بينها رسالة قوية الى الدول المحيطة بايران وابرزها دول الخليج لتضغط على اميركا بعدم استخدام قواعدها والا ستكون محطة انتقام الصواريخ الايرانية التالية، مما سيزعزع اقتصاداتها وكافة قطاعتها الحيوية. ورسالة اخرى تضمنها الرد هي ان استهداف الساحة العراقية يمثل ردا بالمثل اذا ما اعترضت اميركا على خرق سيادة العراق فهي قد خرقتها اصلا باستهداف سليماني وبذلك افقدت اميركا حق التحاجج في اروقة الامم المتحدة.
بالنسبة لحكومة العراق فهي لاتملك حق الصمت عن هذا الرد، حيث ستفقد حقها دوليا اذا ما صمتت عن الرد الايراني الذي طال اراضي العراق وبمقدورها ان تقاضي الطرفين دوليا وتحمل اميركا ثمنا كبيرا كتعويضات عن الفعلين، فدوليا المتسبب يتحمل كلفة خرقه سيادة بلد ما ويتحمل عقبات مايلي فعله الاول، لذا فكلا البلدين يتحمل المسؤولية وبنسب معينة والعراق لايملك حق التغاضي عن هذا الفعل لانه سيكون مستباحا من قبل الجميع واولهم تركيا التي بالاصل تنتهك سيادة العراق منذ عام 2003 وحتى الان وبشكل مستمر عبر طلعات جوية او تواجد عسكرها في اراض عراقية بحجة قمع حزب العمال الكردستاني.
هل سيكون الانتقام محددا ام انه بداية الحرب المفتوحة بين الطرفين، هذا هو السؤال الاهم ولا شك ان الطرفين يقيمان المواقف ويعيدان رسم خططهم للساحة العراقية وكيفية التعامل مع متغيرات الاحداث، فايران لن تقتنع بان اميركا راقبت سليماني منذ انطلاق رحلته من لبنان لسوريا والا كان بمقدورها اسقاط الطائرة فوق الاجواء السورية او العراقية فتضيع القصة حالها حال عشرات قصص الطائرات التي اسقطت لاسباب الاغتيال السياسي، ولو كانت اميركا تعلم ان سليماني قد انطلق من سوريا وتعرف الرحلة ورقمها وتوقيتها لكانت هيات لوسيلة اغتيال مختلفة تجنبها وتجنب العالم هذا السيناريو. لكن المعلومات وصلت لاميركا اثناء دخول سليماني مطار بغداد وهذا الامر الذي يفسر مكان الاغتيال الذي يبعد عن مهبط الطائرة حوالي 5 كم تقريبا اي انه كان قريبا جدا من اخر بوابة تفتيش لطريق مطار بغداد الدولي. هذا يكفي لانطلاق حملة تصفيات محلية لكل من يشتبه بضلوعه في التعاون مع اميركا، على الجانب الاخر ستقوم الخلايا المستترة التابعة لاميركا محليا في العراق بحملة تصفيات وتغذية معلومات لجهاز المخابرات الاميركي لتصفية كل من يوالي ايران اضافة الى قادة الفصائل المسلحة في العراق.
وما بين الرد الايراني المعلن لحفظ هيبتها واثبات قدرتها وتهديدات اميركا ومظاهر استعراض قوتها فان الحرب الناعمة فعليا قد بادات منذ لحظة اغتيال سليماني، وهذا ما اعلنه كلا الطرفين بتغيير قواعد الاشتباك وكسر الخطوط الحمراء عبر عمليات نوعية قد لا تتوقف الا باتفاق سياسي بينهما وهذا مستبعد على اقل تقدير في المستقبل القريب.
وبانتظار التقييم الاميركي وكلمة ترامب المؤجلة فان الردود الاميركية ستكون باتجاهين اذا ما قررت الرد وتنفيذ تهديدات ترامب السابقة، الاتجاه الاول سيكون مباشرا لقواعد عسكرية ايرانية والاتجاه الثاني سيكون لاذرع ايران وفي هذا المورد يعد العراق مرشحا ابرز لهذا الرد سيما وانه يحوي الكثير منها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينهي الرد المنسوب لإسرائيل في إيران خطر المواجهة الشاملة؟


.. ما الرسائل التي أرادت إسرائيل توجيهها من خلال هجومها على إير




.. بين -الصبر الإستراتيجي- و-الردع المباشر-.. هل ترد إيران على


.. دائرة التصعيد تتسع.. ضربة إسرائيلية داخل إيران -رداً على الر




.. مراسل الجزيرة: الشرطة الفرنسية تفرض طوقا أمنيا في محيط القنص