الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو برنامج بيانات موحد للموارد البشرية بالحكومة

حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)

2020 / 1 / 9
الادارة و الاقتصاد


من أجل نجاح مشروع العاصمة الإدارية الجديدة؛ هناك عدة معايير ومحددات حاكمة يجب الالتزام بها، انطلاقا من واقع التجربة المصرية ومفاهيم الضبط والحوكمة في العموم، سأتناولها كلما تيسرت لي الفرصة بين التزاماتي البحثية واستحقاقاتها في الفترة القادمة.
من أهم مفاهيم الضبط تلك هو إعداد برنامج إلكتروني موحد للتعامل مع بيانات العاملين في الحكومة المصرية، وأسميته برنامج وليس قاعدة بيانات عن قصد، في واقع الأمر حين أعد القانون الجديد للعاملين بالدولة أعد على عجل، ويفتقد للكثير من آليات الشفافية والعدالة ويمنح سلطة أقرب للسلطة غير المحددة للمسئول التنفيذي عن المنشأة أو المؤسسة الحكومية؛ وكانت النتيجة غياب العدالة في الكثير من قواعد الاستحقاقات للقرناء الوظيفيين، فيتم تطبيق القانون وفق الهوى الشخصي للبعض بحيث تطبق قواعد الترقية الجديدة مثلا (وفق الكفاءة ومعاييرها لا المدة الزمنية) على غير مستحقيها، وكذلك يتم تجاهل مجموعة الخبرات المهنية لدى البعض لصالح الدفع بآخرين ليسوا على مستوى الخبرة والكفاءة، كما أن التوصيف الوظيفي – وهذا في حاجة لإفراد موضوع خاص به لأهميته- يتم الضرب بمعاييره عرض الحائط.
طرحي لمشروع برنامج إلكتروني موحد للتعامل مع بيانات العاملين بالدولة؛ الغرض منه تطوير برنامج إلكتروني وفق معايير قانون العاملين في الدولة الجديدة (المسمى بالخدمة المدنية)، بحيث يكون إدخال أي بيان جديد خاص بسجل الموظف الحكومي عن طريقه فقط، ووفقا لتوصيفات القانون الجديد، على ان يتم برمجة البرنامج وفق معايير القانون، لتكون كافة مستحقات العامل وترقياته مُخرج آلي بعد تغذية البرنامج بالمدخلات ذات الصلة.
كما سيمكن للبرنامج عقد مقارانات مسبقة بين الشاغلين لـ"مجموعة وظيفية" ما، أو المسجلين على "درجة تخصصية" ما، وفق حزمة ومحصلة المهارات الخاصة بالموظف المُدخلة عليه، مثلا إذا كنا في منشأة تتعلق بقطاع العلاقات الخارجية وإدارته، فلا يجوز مثلا ان يكون عندي في مؤسسة ما مورد بشري (موظف) يملك إجازة فلسفة الدكتوراة مثلا في قواعد البروتوكول الدولي، ويملك خبرة في تطوير مشاريع التعاون البروتوكولي في عدة منظمات حكومية وخاصة، وعلى دراية بالاتفاقيات الدولية التي تخص مصر، مثلا في مسار مشروع طريق الحرير، ومسار التعاون الإفريقي، ومسار الشراكة الأوربية، ويملك هذا "المورد البشري" مهارات لغوية وحاسوبية وبحثية موثقة، وعلى صلة بالشأن العام والثقافة والاطلاع والندوات والمؤتمرات وورش العمل وما إلى ذلك..
وفي نهاية المطاف عند تعرض مؤسسة حكومية ما للعمل ضمن بروتوكول اتفاقية الشراكة الأوربية مثلا، أو ضمن مشروع طريق الحرير وبنيته التحتية ومحطاته الرئيسية، أو في ملف على صلة بالاتحاد الأفريقي، يتم تجاهل وجود هذا المورد البشري الهام فقط لأن المسئول التنفيذي أو رئيس المؤسسة لا يريد أن يبدو في صورة العاجز عند حضور هذا المورد البشري المفترض منه أصلا فغي حالة السواء النفسي والمهنية أن يقدم مثله ويدفع به للواجهة، ويتم هدر الموارد البشرية وتضيع فرص استثمارية بالجملة على مصر، لأن القانون بشكله الحالي يتيح التعمية وحجب المعلومات على السلطة المركزية في الوزارة التابعة لها تلك المؤسسة، وبالتالي يتم إسناد الأمر لغير أصحاب الخبرة والكفاءة نتيجة لغياب المعلومة ويتم إهدار المورد البشري الذي تملكه الدولة المصرية، لمجرد ان القانون أعطى المسئول التنفيذي الصلاحية لحجب المعلومة.
من هنا ستكون أهمية البرنامج الإلكتروني الموحد للتعامل مع بيانات العاملين ( أو الموارد البشرية) في الحكومة المصرية؛ من الناحية النظرية سيتعامل مع الموظف الحكومي بوصفه موردا من موارد الدولة، وسيتم وضع مؤشرات أداء لقياس مدى الاستفادة من تلك الموارد أو هدرها، وتكون تلك المؤشرات إحدى وسائل تقييم رئيس المؤسسة واهتمامه بتطوير قدرات الموارد البشرية المتاحة عنده، من خلال عمله على مجموعة من الخطط التدريبية التفاعلية المعدة خصيصا وفق ظروف المنشأة وكوادرها البشرية، لا مجرد التزامه بخطط التدريب القياسية والنمطية التي تأتيه مركزيا، عن طريق الوزارة أو غيرها من المؤسسات الحكومية.
والأهم أن بيانات العاملين ستكون متاحة بمدخلاتها الكاملة أمام السلطة المركزية للحكومة في العاصمة الإدارية الجديدة، فهناك مهمات المرة الواحدة التي تتطلب تشكيل فرق من مؤسسات متعددة، هذا البرنامج الموحد سيتيح لسلطة الإدارة المركزية الأعلى في العاصمة الإدارية؛ الاختيار وفق المهارات الحقيقية لمجمل الموارد البشرية، المتاحة في بيانات العاملين بالدولة، حرصا على تحقيق المهمة وحرصا على تمثيل مصر، وللأخيرة هذه وقفة.
فلا يصح مثلا أن يتم تمثيل المؤسسات الحكومية في المؤتمرات والمشاريع وورش العمل الدولية والإقليمية، وفق مفهوم العلاقة الشخصية برئيس المؤسسة ومدى القرب والبعد عنه، ولا يكون هناك مؤشر ببرنامج البيانات الموحد، عن نشاط كل مورد بشري (موظف) وهل تم وفق مصفوفة أهداف فعلية مستهدفة، أم كان التسكين على الفعاليات تلك وفق سياسة الدور والترضية والهوى.
سيكون برنامج البيانات الموحد لإدارة الموارد البشرية للعاملين بالدولة المصرية مناطا لوضع الكثير من مؤشرات الأداء الغائبة الآن، ويمكن تطويره ليشمل كافة أنشطة المؤسسة الحكومية وفق برمجة أخرى ليخرج مؤشرات الأداء تلك بشكل آلي ودوري، دون مشقة أو اجتهاد شخصي يخطأ ويصيب من البعض.
والأكثر أهمية أن مشروع برنامج البيانات الموحد لإدارة الموارد البشرية بالجهاز الإداري للدولة المصرية؛ سيحقق معيار العدالة والجزاء وفق المنجز الفعلي، بحيث يتم برمجته ليستوعب مدخلات تشمل: شهادات الخبرة الحاسوبية واللغوية والمتنوعة- الدورات المهنية المتخصصة – المشاركات الدولية والمحلية – الجوائز وشهادات التقدير ذات الصلة- المنجز صاحب الصلة بنطاق العمل- شهادات التعليم المختلفة- مقترحات التطوير – المشاريع المنفذة، بحيث تستخدم تلك المدخلات للوصول لمخرجات قياسية تحكم ترقي المورد البشري العامل في الحكومة، وتمنحه الثقة في فعالية الجهاز الإداري وأنه وفق قدرته على العطاء والعمل سيتم مجازاته وترقيته.
بهذا البرنامج سيتمكن فريق عمل مركزي في العاصمة الإدارية مكلف باختيار فريق عمل حكومي لأداء مهمة بعينها، من استعراض حزمة المهارات النوعية المتاحة عند مجمل الموارد المسجلة على البرنامج الموحد، وسيستطيع بسهولة مراسلة الوزارة والمؤسسة التابع لها المورد البشري الذي تتفق مهاراته الفعلية مع المهمة المطلوب القيام بها، ستصبح المعلومة الحقيقية متاحة أمام متخذ القرار، بما يتفق مع طموح مصر والتزاماتها الدولية في المشاريع التنموية الحاضرة في جدول أعمالها وما تتطلبه من حزمة مهارات نوعية ؛ التي تشمل عدة مجالات حيوية تضم: اتفاقيات التنمية المستدامة- اتفاقيات الأمم المتحدة- بروتوكولات اليونسكو واتفاقياتها- مشروع طريق الحرير وبروتوكولاته- اتفاقية الشراكة الأوربية وتطبيقاتها- الاتحاد الأفريقي ونطاقات عمله-.....، ألخ.
مفهوم إدارة الدولة الحديثة أصبح بالفعل على صلة بمجموعة البروتوكولات الدولية الي تشارك فيها تلك الدولة، وإذا لم تستطع مصر تجهيز الموارد البشرية القادرة على التعامل مع تلك البروتوكولات، وحصر العناصر ذات الكفاءة في تلك المجالات، ستخسر مصر عددا من المشاريع والمبالغ السنوية قد تفوق رقما كبيرا من ميزانيتها المخصصة، من هنا تكمن أهمية مشروع برنامج البيانات الموحد لإدارة الموارد البشرية بالجهاز الإداري للدولة المصرية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الذهب يفقد 180 جنيها فى يومين .. واستمرار انخفاض الدولار أم


.. قاض بالمحكمة العليا البريطانية يحدد شهر أكتوبر للنظر في دعوى




.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 23 أبريل 2024


.. بايدن يعتزم تجميد الأصول الروسية في البنوك الأمريكية.. ما ال




.. توفر 45% من احتياجات السودان النفطية.. تعرف على قدرات مصفاة