الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنا لا أعبد موتى

وديع العبيدي

2020 / 1 / 10
الادب والفن


أنا لا أعبد موتى..
(1)
أمي ماتت..
أبي مات..
أخي مات..
كلّ من دعوته أخاً مات..
رفقتي وأصجابي ماتوا..
لم يعد ثمة سبب للحزن..
ما ن ضرورة للرثاء..
فالميت لا يعود..
العالم اليوم أكثر وحشة..
أكثر قرفا وفظاظة..
من غير حب وجمال..
أنا حزين من أجل الناس..
الأطفال والنساء والعجائز..
وأعرف أن الموت..
ليس منصفا أبداً..
وليس جميلاً أبداً..
وأن حياتنا نحن..
أعداء النظام العالمي القديم والجديد..
لسنا سعداء أبداً..
وحيدون.. وحيدون.. وحيدون..
وغرباء جدا.. حتى عن أنفسنا.
(2)
الأخوّة أنقرضت..
العائلة انتهت..
الصحبة وهم..
الروح الرفاقية ..
عبودية وتآمر..
مصادر فكر وموقت وإرادة..
الاقطاع هم الذين انتصروا أخيرا..
هم المنتصرون عبر التاريخ..
ولا أعنيك تماما..
ليس قصدي الشماتة أيضا..
فكلنا انهزمنا..
كلّ حسب طريقته..
كلّ يداري/ يواري هزيمته
بشكل أو آخر..
جسب طريقته تماما..
شيء من خداع..
شيء من رياء..
شيء من بغاء..
شيء من سمسرة..
في سوق محلية أو دولية..
داخل او خارج ذاته..
كل حسب مفهومه للحياء
والايديولوجيا..
كل حسب فهمه للمدنية والإرادة..
ولا أعنيك تماما..
فليس لي شأن بالشماتة.
(3)
أمسِ لم يحزن لنا أحد..
لم يحزن معنا أحد..
كثيرون نكشفوا عن عداوة..
عن شماتة..
ولا أقول عداوة أو لؤم..
وحدنا تلقينا الطعنات والشماتة..
صمدنا رغم النكاية والشماتة..
حتى تحولنا إلى جراح صامدة وشاهقة..
لماذا تنكسرون هكذا بخفة..
والطعنات لم تتجه أليكم..
أنتم لستم الضحايا..
أنتم ضحايا الضحايا الجاثمين على كواهلكم..
كان عليك أن تفرحوا..
لتحرير كواهلكم..
من جثامين الموتى..
الجاثمين على وجودكم..
وليس الخوف من الفراغ..
أنتم أيها الباكون.. لسقوط الاقطاع..
ألا تشعرون بسقوط المبدأ والوطن.
(4)
الحزين فعلا..
يحزن لأجل الأحياء..
العميان بلا طريق ولا بصيرة..
يتخبطون بالجدران والحواجز الاسمنتية..
يتعلقون بالايديولوجيا الفاسدة وخيوط اللحى المسرحية..
صبيان بلا أمهات..
أمهات بلا رجال..
آباء بلا أبناء..
صبايا يحلمن بأزواج..
الجميع يحلم بالكرامة..
يحلم بالسيادة..
ولكن أين هو الوطن؟..
الوطن هو أغلى ما يملكه انسان..
وأول ما يوهب للعدو..
ولا..
لست حزينا.. لأجل المغرر بهم..
بعد ربع قرن أو نصف قرن من الخيانة..
لا معنى للاعتذار والاعتراف والتوبة..
ثمة دماء كثيرة..
سقكتها يداك..
ثمة أفواه كثيرة..
تلاحقك وتلاحقك وترحقك..
فلكل إنسان كرامة وحرمة..
ولا يتساوى قاتل ومقتولا..
جلاد وضحية..
لص ومواطن..
العدل.. ليس غطاء للقاتل..
أعداء البشرية هم أعداء الحياة..
ليس من يقطع الشجرة..
مثل من يزرع الأشجار.
(5)
لماذا نعيش في الغربة..
لماذا نكون بلا أهل ..
من هم الذين أحالوا العالم إلى غابة..
هؤلاء السماسرة واللصوص والمرتزقة..
لماذا تحولت أوطاننا إلى موائد قمار..
يرتزق منها لاعبون محليون..
باسم المظلومية والأيديولوجيا الفارغة..
كيف تحول الوطن والانسان إلى رهينة..
مجرد رقم في صندوق النقد الدولي..
أنتم أيها السعداء.. بالسرقة والتزوير والتحشيش..
أيها المؤمنون بالرجعة والقدر والخرافة المؤدلجة..
لا تستبدلوا ثيابكم ولا تحلقوا لحاكم..
ولا تتاجروا بأفكار مختلفة..
من دعارة الطائفية إلى تجارة الالحاد والمنابزو بجون لوك..
المسرحية انتهت..
والجمهور استيقظ..
جيل الأطفال الذي راهنتم عليه..
ينتمي للمستقبل والحياة النظيفة..
لا يعبد الموتى ويرفض الخرافات..
اغزلوا لحاكم بطاطين تحميكم من لظى الجحيم..
اجمعوا أكاذيبكم وخرافاتكم وغنائمكم..
ولا تخرجوا من سراديب العفن.
(كفاكم جيلان...)..
ولا تستحقون فرصة ثالثة..
العبد لا يكون سيدا..
ولا يفهم السيادة..
لا كرامة لعبد..
والمغرر به في الأرض..
مغرر به عند الله أيضا.
لا حزن اليوم ..
ولا رجاء غدا.
العاشر من يناير 2020م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا