الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حصارات أمريكا والنتائج العكسية

طاهر مسلم البكاء

2020 / 1 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


الحصار سلاح فتاك من الواجب ان يكون محرما ً دوليا ً ، كونه سلاح قمعي ينال الحاجات الاساسية للانسان فيؤدي بصحته وسعادته وثقافته وأنسانيته وحقه بالعيش بحياة كريمة،وهو ينال الجنين و الطفل والمرأة والشيخ والعاجز والمريض ،كما ينال من الأرض والمعدات والمنشآت والفعاليات المهمة للبلد، وعلى الأعم الأغلب هو لايضر بالمسؤولين في ذلك البلد المفروض انهم هم المستهدفون أصلا ً ! ..انه بحق أرذل سلاح اسـتخدمه الأنسـان عبر تاريخه، وهو عـار ووصمة سـوداء في جبين مسـتخدميه .
وعلى الرغم من ان الولايات المتحدة الأمريكية تدعي التقدم والتمدن وحماية حقوق الأنسان ،فأنها من أشهر الدول المنفذة للحصارات وخاصة بعد تسيدها العالم عقب أنهيار الأتحاد السوفيتي عام 1990 ،فقد ألبت دول العالم لمحاصرة العديد من الدول التي ترى أنها غير متماشية مع سياساتها، وبحجج مختلفة ،بدت واهية كما في حجة أسلحة الدمار الشامل التي اتهمت العراق بأمتلاكها ،ثم كشف الزمن زيف هذه الأدعاءات .
ومن الأمثلة على الشعوب التي تعرضت لحصارات أمريكا ،وبعضها لاتزال تحت الحصار :
شعوب العراق وكوبا وكوريا الشمالية والسودان والفلسطينيين ولبنان وليبيا وسوريا واليمن وايران وفنزويلا وروسيا والصين بشكل حروب ٍ تجارية وغيرهما !
فاذا كانت هذه هي اخلاق القائمين على أمن العالم ،الذين يدعون التمدن والتحضر ،فلماذا نتقول على الجياع ،المنقطعين عن المدنية عندما يقطعون الطرق ويعتدون على الآخرين وعلى ممتلكاتهم ؟
اسطوانة حصار العراق :
واليوم نستمع من جديد الى اسطوانة الحصار على العراق، تعود على فم ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، فقد نشرت وكالة الصحافة الفرنسية، اليوم الإثنين تقريراً تحدثت فيه عن تهديدات واشنطن التي لوحت بفرضها على تدفق الاموال إلى العراق، بينها تجميد حسابات مصرفية في الولايات المتحدة تحتفظ فيها بغداد بعائدات النفط ، وذلك بعد تصويت البرلمان العراقي في 5 (كانون الثاني) الجاري، على إخراج القوات الأجنبية من البلاد ومن ضمنهم نحو 5200 جندي أمريكي .
والعراق هو ثاني أكبر منتج للنفط الخام في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، غير ان الفساد المستشري في منظومته السياسية تركته يعتمد في أكثر من 90% من ميزانية الدولة التي بلغت 112 مليار دولار في 2019 ،على عائدات النفط، وحتى يومنا هذا تُدفع العائدات بالدولار في حساب الاحتياطي الفدرالي يومياً، ويبلغ الرصيد الآن حوالي 35 مليار دولار، بحسب ما أكد مسؤولون عراقيون.
وكان حساب البنك المركزي العراقي في الاحتياطي الفدرالي قد تأسس في العام 2003، في أعقاب الغزو الأمريكي الذي أطاح بالنظام العراقي السابق .
وكأن أمريكا لم يكفها ثلاثة عشر سنة من الحصار الشديد على العراق ،ادى الى وفات الملايين ،وهجرة كبيرة للعراقيين،وتدمير البنى التحتية للبلاد .
الحصارات بداية انهيار أمريكا :
يحصل هذا في الوقت الذي بات فيه تهديد المكانة العالمية للدولار أقرب من أي وقت مضى ،بفعل الخطوات العملية التي قامت بها الدول المقتدرة كالصين وروسيا وغيرها ،وان دل هذا على شئ فأنه يدل على تصرف ذو نظر قصير من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ،فمثل هذا الأجراء وان فعل فعله السريع مع دول ليست من عداد أمريكا ،ولكنه يؤدي أغراضا ً ليست في الصالح الأمريكي أبدا ً تجاه خصومها الفعليين ،ويؤثر في مكانة أمريكا العالمية ، وأهمها :
- فقدان الثقة في بنك الأحتياطي الفيدرالي عالميا ً ،كونه اصبح أداة تهديد لمستقبل واستقلال الدول المشتركة فيه ، والمفترض أن يكون الاحتياطي الفدرالي مستقلاً عن السياسة الخارجية ، ولكنه يبدو اليوم أداة سياسية بيد أمريكا ورئيسها .وبالتأكيد أن "محاولة تسييس شحنات الدولارات تثير قلق المصرف لأنها تؤثر على مكانته ونزاهته في التعامل مع العملاء"،
- تقديم خدمة كبرى للدول التي تعمل اليوم بندية ودأب كبير لأزاحة هيمنة الدولار على مبيعات النفط العالمية وعلى الأقتصاد العالمي ،وتحقيق موازنة نقدية ،بطرح عملات أخرى كاليورو واليوان الصيني وغيرهما ، وخصوصا ً ان الدولار الأمريكي غير مغطى بالكامل بالذهب ،وهذا يؤدي الى يسهل زعزعة المكانة الدولية لأمريكا في صدارة العالم ويعجل انهيارها .
- فقدان الدول التي فرضت أمريكا حصاراتها عليها ، فأيران كان يمكن ان تكون دولة ذات علاقات أقتصادية وتبادلات تجارية مع امريكا لولا الأنسحاب الأمريكي من الأتفاق النووي ،وشن الحصارات عليها وعلى أقتصادها وبذلك ستتجه كلية ً، وهي مجبرة الى المحور الروسي الصيني . والعرا ق الذي أنفقت أمريكا في غزوهه أكثر من سبعة ترليونات من الدولارات ،لم تحسن أمريكا التصرف معه، وتركته خرائب وأزبال بيد عصابات الفساد ونهبا ً للدول الطامعة ، وجعلت شعبه يلعن اليوم الذي دخلت فيه أمريكا البلاد فأحالتها خرائب تعيش على واردات النفط فقط ،وترامب بتهديده الأخير بشن حصار قاس ٍ فأنما يفعل معه كما فعل مع أيران ويجبره على الأتجاه كلية ً الى المحور الروسي - الصيني ،لابل انه يعيده الى المربع الأول كعدو لأمريكا .
- ان الحصارات هي حروب اقتصادية ، والحروب الاقتصادية والحدّ من حرية التجارة سوف توجه للاقتصاد الأمريكي ضربة قاصمة، بل ومن الممكن أن تتسبب في أزمة اقتصادية طاحنة جديدة،تؤدي بالنتيجة الى كساد كبير شبيه بالذي عانت منه الولايات المتحدة الأمريكية في ثلاثينات القرن الماضي .
لماذا لاتجيد أمريكا العلاقات الدولية الحسنة ،الخالية من العسكرة والحروب والقتل والخراب ، والتي لاتؤدي إلا ّ الى المزيد من انهيار اقتصادها وقتل جنودها ، لقد كان ترامب ينتقد بشدة من سبقوه من الرؤساء لخوضهم حروب مكلفة فعلت فعلها في اقتصاد البلاد ، ولكنه شيئا ً فشيئا ً سار على خطاهم وأخذ يفرض الحصارات ،ويوزع الوعيد يمينا ً وشمالا ً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة القميص بين المغرب والجزائر


.. شمال غزة إلى واجهة الحرب مجددا مع بدء عمليات إخلاء جديدة




.. غضب في تل أبيب من تسريب واشنطن بأن إسرائيل تقف وراء ضربة أصف


.. نائب الأمين العام للجهاد الإسلامي: بعد 200 يوم إسرائيل فشلت




.. قوات الاحتلال تتعمد منع مرابطين من دخول الأقصى