الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حركة النهضة بين سنديان التنازل ومطرقة التآمر

الأسعد بنرحومة

2020 / 1 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


اليوم ليس حديثي عن مشروع حركة النهضة ولا عن أهدافها ، ولا هو عن مضمون تنازلات الحركة خلال هذه السنوات، ولكن سيكون كلامي عن تجربة حركة النهضة مع الحكم ومع وسطها السياسي من أحزاب وسياسيين.
فكما هو معلوم فازت حركة النهضة بالانتخابات التشريعية الاخيرة لسنة 2019 ، لكنها فشلت في تكليف شخصية سياسية من داخلها لتشكيل الحكومة بسبب رفض كامل الوسط السياسي لذلك - ورغم كون ذلك حق دستوري لها - . وحتى رضوخها لهم بقبولها تكليف شخصية مستقلة لتشكيل الحكومة وهو الحبيب الجملي الا نفس الوسط ومن داخل البرلمان أسقطها بعد شهرين من التفاوضات والجهود.
فهذا الوسط السياسي الذي امتزج فيما بينه تحت قبة البرلمان فاختلطت بهذا الامتزاج سنون الفساد مع سنون الاجرام والاضطهاد مع سنون المتاجرة بقضايا الشعوب باسم السياسة ، هذا الوسط السياسي المتعفن كما عهدناه دوما هو مستعدّ دائما للتحالف حتى مع الشيطان ومع العفاريت من أجل أن لا تحكم حركة النهضة ، وهو تحالف سابقا مع الارهاب ومع الجريمة من أجل اسقاط حكوماتها بين 2012و2014 ، وملابسات اعلان جبهة الانقاذ بين حزب نداء تونس والجبهة الشعبية في 2013 مازال دليلا قائما.
في الواقع ، وأيضا في الحقيقة ، حركة النهضة لم تفز بانتخابات 2019 فقط، بل هي فازت بجميع الانتخابات السابقة بما فيها انتخابات 2014 رغم حصولها على المركز الثاني، وهي ستبقى تفوز بجميع الانتخابات القادمة، ولكن هل ستستطيع أن تحكم؟ بل هل تقدر حتى على تكليف تشكيل الحكومة؟
لا ، هي لن تستطيع ذلك، فهي ستبقى حركة تفوز ولا تحكم ، وغيرها من الأحزاب الكرتونية ودكاكين السياسة سيخسرون دائما لكنهم سيحكمون.
حركة النهضة ورغم تنازلاتها ، بل رغم انسلاخها عن شعارات المشروع الاسلامي منذ زمن ودخولها بيت العنكبوت خاصّتهم ، ورغم ارتمائها في أحضان عدوّها وعدوّ الشعب وتحالفها مع الفاسدين والمجرمين وسماسرة السياسة لكنها ستبقى الحركة التي لا تحكم الا من وراء جُدر رغم فوزها بالانتخاب . والسبب أنّ محيطها السياسي حولها لا يحمل من السياسة الّا المكر والحقد والعداء، ومن شعارات الديمقراطية الا الاقصاء والالغاء ، محيط سياسي جمع بين الفاسدين والمجرمين والقمعيين والاستبداديين سواء باسم رجال الاعمال او باسم بقايا الحزب الحاكم ، وبين الانتهازيين وصنّاع الابتزاز من أقوام جاؤوا للبرلمان صدفة او في غفلة من الزمن ويتخذون من السياسة وسيلة لكسب حصانة تحميهم وتحمي فسادهم، وهذا المحيط السياسي الذي يختفي وراء شعارات الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة تربّى على احتقار القيمة والدين وعلى العداء للتاريخ ، وعلى نكران الذات والجميل معا ، الى جانب تلطّخه بالفساد ، هؤلاء يمنعهم حقدهم وفسادهم من القبول بحركة النهضة في الحكم تحكم حتى لو شهدت العلمانية نفسها بعلمانية مشروع الحركة ، والحركة التي تساهلت قبلا مع المجرمين بحق الشعب من الذين حكموه بالحديد وبالنار فقمعوه واضطهدوه ونهبوا ثرواته وتحالفت معهم في الحكم تحت عنواين "المصلحة الوطنية" ، وهي ايضا التي تحالفت مع المجرمين والفاسدين وشاركتهم الحكم ، فلم تحاسب مجرما ولا عاقبت ظالما ولا أوقفت فاسدا ، وهي تهديهم هذه التنازلات المشينة تحت عناوين كاذبة مثل " المصالحة " سياسية كانت او اقتصادية ، هي اليوم تجني ثمار تسع سنوات من التنازلات المشينة والمساومات الرخيصة ، ومن تحالفت معهم بالأمس ينصبون لها اليوم كل خيوط المؤامرات والخدع ، وان هم أفشلوا حكومتها بالامس القريب ، فاليوم يتحالفون لاقصاء شيخها من رئاسة البرلمان ، ويعلّقون لوحات تزيّن مقاعدهم ومن داخل البرلمان نفسه " ازالة الغنوشي واجب وطني ".
بيت العنكبوت هذه ، وبمؤامراتها أفشلت نتائج انتخابات 2011 وأسقطت حكومات كثيرة 2014 وهي تعمل اليوم لافشال نتائج انتخابات 2019 ، وهي اذ تفعل ذلك ليس كرها مجردا لحركة النهضة ، بل كرها وحقدا للدين وعداء للقيم وللتاريخ لكنه يظهر من خلال العداء لحركة النهضة حتى وان كانت علمانية والدين منها براء.
فهل فهمت الحركة هذا؟ وهل وقفت على خطورة ما أقدمت عليه من تنازلات مشينة لم تضرّ بها وحدها ، بل أضرت بشعب كامل وبلحظة فارقة من الزمن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يستعرض رؤية فرنسا لأوروبا -القوة- قبيل الانتخابات الأ


.. تصعيد غير مسبوق على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية مع تزايد




.. ذا غارديان.. حشد القوات الإسرائيلية ونصب خيام الإيواء يشير إ


.. الأردن.. حقوقيون يطالبون بالإفراج عن موقوفين شاركوا في احتجا




.. القناة 12 الإسرائيلية: الاتفاق على صفقة جديدة مع حماس قد يؤد