الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفاعى الدين والدنيا

ميشيل نجيب
كاتب نقدى

(Michael Nagib)

2020 / 1 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من المشكلات التى تصيب المجتمعات المتخلفة والتى تنقله من تخلف إلى تخلف أكبر، وعندما نتكلم عن مصر الوطن يذكرها الجميع بكل خير ومحبة وأنها كانت سباقة إلى الإصلاح والنهضة والتطلع إلى مجتمعات الحداثة، لكن كان هناك دائماً محور الشر أو قوى ومحور التخلف القائم على النخبة الثقافية الدينية التى تتحالف مع الأصولية الدينية والذى تجمعهم معاً وتتولى إمدادهم بما يحتاجونه من دينار ودولار تلك الدول التى تحب لمصر الكثير من الشر وينتظرون اللحظة التى تركع على أقدام الفقر والتخلف والماضى التعيس,

أفاعى الدين هى مشكلة كل زمان ومكان لأنها البيضة التى تنتج لهم ذهباً حيث يرتدون ملابس الكهنوت وصولجان الشريعة والحكم وإخضاع المؤمنين لسلطانهم وفتاويهم المختومة بكلمات المقدس، أفاعى الكهنوت يعيشون على جهل وتخلف المواطن الذى لا يقرأ ولا يفكر ولا يستخدم عقله، لأن المواطن أقتنع بأن أفاعى الكهنوت أقامهم الله عليهم وأعطاهم السلطة والتسلط على شعبه حتى لا ينحرفوا عن مسار دينهم وحتى لا يفكروا بأنفسهم لأنهم ويا للأسف عاجزون عن التفكير وجاهلون بكيفية تطبيق وصايا الله، ولأن المؤمنون ولا أفاعى الكهنوت رأوا الله ولا سمعوا هل أعطى توكيلات كهنوتية لرجال بعينهم، فكان خضوع المؤمن عن جهل لهؤلاء الناس بزعم أنهم يفهمون كلام الله أحسن منهم لأنهم أذكياء والمؤمن يقر بغباءه عندما يطلب منهم فتوى أو يسمع منهم كلام الدين أو الكهنوت المرفوض من إله غائب عن الوجود!

قد يغضب البعض من وصف رجال الكهنوت بـ"أفاعى" لكنى لا أتجنى عليهم لأنهم كذلك فى كل الأديان، وضعهم رجال الخلافة والحكم والسلطان ليصدروا فتاويهم وأحكامهم الشرعية التى تناسب الخليفة أو الحاكم بأمره سواء فى ماضى الزمان أو عصرنا الحديث، وأن يعطوا الشرعية للخليفة والحاكم أنه المدافع عن دين الله والغازى والمجاهد فى سبيله، لتمضى الأيام لنجد أنفسنا وجهاً لوجه أفاعى الدنيا الذين يطلقون عليهم النخبة الثقافية والإعلامية والإدارية فى مصر يعيشون جنباً إلى جنب مع الأفاعى الكبار رجال الجيش الحكام الفعليين لشعب مصر المستكين، الذى يخشى ويخاف من الأشباح أن تهجم عليه، فأوكل إلى الجيش الدفاع عنه والحرب من أجله وإقامة المشاريع الزراعية والصناعية والدبلوماسية، وأن يحكمه لواءات الجيش ويتولوا سلطة المحافظين ونواب المحافظين لأن اللواء المحافظ واللواء نائب المحافظ واللواء سكرتير المحافظ واللواء مدير الصحة والعقيد نائب وزير الداخلية ...

هذه هى مصر اليوم وأمس وغداً منذ عبد الناصر حليف الإخوان المسلمين فى الباطن مروراً بالسادات ومبارك والسيسى، الجميع رؤساء جمهورية ورؤساء وزراء ولواءات ورجال أمن يتحالفون مع أفاعى الدنيا والدين، حتى يكون فى مقدرتهم إخضاع من يرتفع صوته بالمعارضة حتى يكون الجميع يدينون بالولاء للرئيس الحاكم بأمر الله، أفاعى النخبة الثقافية لا يقمون بواجبهم الثقافى نحو وطنهم المصرى وشعبه، وتجاهلوا أنهم مثقفين وتحالفوا مع أفاعى الكهنوت وأفاعى النظام الحاكم ليكونوا الصوت النائم الذى يكتب ويتكلم عن الدين أكثر من رجال الكهنوت الذين لا شرعية لهم فى ما يعملون من تخريب لوعى وعقول الشعوب، بل ويتصدرون المشهد الإعلامى مع جهلة من طابور الصحفيين والمذيعين ومقدمى البرامج الذين جندوا كل قواهم الخائرة لتهذيب وتجميل صورة النظام وأركانه الحربية!

أفاعى الدنيا والدين كثر ويشكلون أكثر من ثمانون بالمئة من مجموع الإداريين والرؤساء واللواءات والجنود ورجال الأمن والكهنوت الباطل الذين أدخلوا إلى مصر الحضارة كل شعائر وعقائد وعادات وتقاليد التخلف البدوى الجاهلى، ولم يهنأ لهم بال حتى زرعوا فى عقول الأجيال المصرية أن الحداثة والتقدم والعلوم كلها أشياء صنعها الكفار والشياطين حتى يترك العرب الولاء للدين، وحتى يتركوا الكتب المقدسة التى فيها كل علوم الدين والدنيا، وهكذا تم تزييف وعى العقول المصرية ليعيشوا فى ظلام تراث الماضى الذين قدسوه لتستمر حياة وأفكار التخلف البارعة فى صناعة وإيجاد أعداء من العدم، ليجاهدوهم ويحاربوهم ويغزوهم منتظرين الثواب وحسنات ما بعد الموت فى جنة النعيم الأنثوى.

لم يعد الشعب المصرى وخاصة الذين يعترفون منه بالمواطنة المصرية فى حاجة إلى معرفة أعداء الوطن من الإخوان والسلفيين وحكام الجيش الأبديين وأفاعى الدين والدنيا من دول الخليج وصحراء الوهابيين الذين لن ينسى المصرى يوماً أن حكامهم طلبوا من الأمريكان لو أمكن تدمير مصر بالكامل حتى يخلو لهم الوجود ويتبوأوا مكان الصدارة من العالم العربى، لكن مصر الآن فى حاجة إلى التخلص من الأفاعى جميعاً وأن يتقدم أبناءها ليتصدروا صفوف العمل الحقيقى، وأن يحترسوا من أفاعى الأحزاب والسياسة الماكرة والخادعة التى تناسلت من أفاعى الدين والسلطة.

مصر الآن ليست فى أيدى أبناءها بل فى أيدى دكتاتورية عسكرية تعيش على أوهام الماضى مثل دكتاتورية الدين والكهنوت، فهل آن الآوان أن نستعيد أحلامنا بمصر العظيمة التى تبنيها سواعد أولادها الأحرار من عبودية أفاعى الدين والدنيا؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت


.. #shorts - Baqarah-53




.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح