الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نانسي بيلوسي وأخوتها ينعون سليماني

طارق الهوا

2020 / 1 / 17
كتابات ساخرة


بلغت حدود المناكدات والمناكفات بين نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأميركي والرئيس ترامب حدوداً تنذر بعواقب وخيمة على الولايات المتحدة، فلم يحدث في تاريخ هذه الإمبراطورية ما نشهده من تسفيه واعتراض على أي قرار يتخذه الرئيس، ومنها قرارات تخص أمن وحدود وسلامة البلاد ومواطنيها، وهي من صلب اختصاصات أي رئيس، سواء أحببته أو كرهته.
من المؤكد أن نانسي بيلوسي لا تحب الرئيس، وإذا وضعت اسمها واسم الرئيس على "صور غوغل" سترى صورة عجيبة تصفق له فيها، تماما مثل بعض نساء حواري مصر الأميّات عندما يدخلن في "وصلة ردح" مع امرأة أخرى.
بشكل عام، بدأت حملة شرسة من الديمقراطيين ضد المرشح دونالد ترامب دشنها الرئيس السابق حسين أوباما بقوله إن ترامب لا يصلح سوى لإدارة كازينو أو تنظيم مسابقات ملكات الجمال. رأي شخصي جدا لا يجوز أن يقال علانية من رئيس أكبر قوة في العالم.
استمرت هذه الحملة وزادت شراسة، لأن ترامب أتى من خارج كادر الدولة العميقة التي تحكم أميركا سياسياً، وأنفق على حملته الانتخابية، ورغم أنه من أصحاب الأعمال فهو بعيد عن عالم المصارف، ما يضعه خارج الدولة العميقة الاقتصادية التي تحكم أميركا وتطبع عملتها أيضا.
بعد فوز ترامب في الانتخابات وقبل تسلمه الحكم، بدأت وسائل اعلام اميركية ممولة من الدولة الأميركية العميقة تسفهه، لدرجة أن مجلة مثل "نيويوركر" وضعت رسما كاريكاتوريا له وهو يجلس على سيارة أطفال مثبته على الأرض، في تلميح سخيف أنه غير قادر على عمل شيء، وشككوا ولم يزالوا في تدخل روسي في الانتخابات الرئاسية لصالحه، في وقت أشرفت فيه حكومة أوباما على هذه الانتخابات وكان يجب توجيه شبهة الاتهام لها، وقد أُعيد تصويت ناخبي الولايات مرة ثانية بناء على هذا التشكيك وفاز ترامب بثلاثة أصوات أكثر، ثم قالوا أن زوجته عميلة روسية ولم يثبتوا هذه العِمالة المزعومة حتى الان.
عندما بدأ ترامب مشروع بناء سور يحمي حدود بلاده الجنوبية من الهجرة غير الشرعية من أميركا اللاتينية، خصوصا المجرمين وتجّار البشر والمخدرات، قالوا عنه أنه شعبوي عنصري، وعندما أضاف دولتين إلى القائمة التي وضعتها ادارة حسين أوباما للحد من هجرة مواطني بعض الدول، قالوا أنه ضد المهاجرين في بلد قام أساساً على الهجرة.
بدأ الرئيس ترامب يتخذ قرارات سيادية سياسية مؤثرة بدلا من فلسفة الإدارة من الخلف التي سادت طوال حقبتي حسين أوباما، ما عدا مساندته السافرة لتمكين الاخوان المسلمين من حكم الشرق الاوسط، وفرض الفوضى في ليبيا.
كانت قرارات ترامب انسحاب أميركا من حروب عبثية، كانت نتيجتها خروج الارهابيين من الجحور والاوكار في الجبال وانتشارهم في أوروبا، فقالوا إنه يصنع فوضى في العالم ويسمح للروس بالتدخل وعودتهم كدولة عظمى في الشرق الاوسط.
كان الوقوف بالمرصاد لكل قرارت ترامب وتحركاته من الديموقراطيين، التي بلغت حد الوقاحة أحيانا، حين عقبّت النائب المحجبة إلهان عمر على سياسة ترامب للحد من الهجرة غير الشرعية: إبن شرموطة mother fucker ولم تعتذر، لأنها كما يبدو تحجّب نفسها خوفا من فتنة الرجال وتطلق لسانها بالوقاحة جذباً للإنتباه، فهي نائب فاشلة لا مشروع سياسيا لها كما هو واضح سوى اللعب على وتر العنصرية ضد المسلمين.
حضيض المناكفة
حاولت وكالة المخابرات المركزية اغتيال كاسترو أكثر من 300 مرة، كما اغتالت بالفعل شخصيات أميريكية ودولية، وأصدر حسين أوباما قرارا باغتيال مواطن أميركي من أصول يمنية هو أنور العولقي، وشيخ المجاهدين بن لادن لأنهما عملا ضد المصالح الاميركية، ولم يتهم أحد وكالة المخابرات أو حسين أوباما بالاغتيال، أو بتخطي صلاحيات مجلس النواب، كما لم يصوّت المجلس نفسه لتحجيم قراراتهم باستهداف أعداء أميركا، أو باتهامهم بأنهم اتخذوا قرارات منفردة لم يستشيروا فيها مجلس النواب أو الكونغرس.
لكن عندما أصدر الرئيس ترامب امرا بتصفية الإرهابي قاسم سليماني، الذي يدير أكثر من ميليسشا داخل وخارج إيران تزعزع دول الشرق الأوسط وتهدد سفارات الولايات المتحدة، قامت قيامة الديموقراطيين ودفعوا نانسي بيلوسي إلى الواجهة لتصرح أن ما حدث مع سليماني "اغتيال" وليس "تصفية" شخص يعمل ضد مصالح أميركا أو يحاول احتلال سفارتها في العراق، وكان يجب مناقشة الامر أولا في مجلس النواب، ونسيت قبل ترديد ما لقنوها أن العمليات الخاصة الامنية التي تقوم بها الدول سرية، ويستحيل مناقشتها علانية على فناجين قهوة وحلويات في مجالس النواب، ثم تنتهي الدردشات معلنة عدم الوصول لقرار.
بصراحة، كنت أتوقع سفر نانسي بيلوسي ورشيدة طليب وإلهان عمر وهن يرتيدن شادورات مع شيف آدم رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب إلى إيران لتقديم واجب العزاء في المغفور له والمقتول بإذن الله قاسم سليماني، وتقديم الاعتذار لنائب الولي الفقيه على الارض علي خامنئي، عما اقترفه ترامب بحق الرجل الذي مزّق العراق وقوّض لبنان، اضافة إلى حث جمعيات حقوق الانسان على تبني قضية التصفية، لعدم تناسبها بتاتاً مع تحريض سليماني لميليشياته على جيوش دول، وتسببه في مقتل عشرات الألوف منذ توليه منصبه، ومحاولته أسر عاملين واحتلال سفارة دولة أميركا في منطقة "خضراء".
هل هناك أغبى من قرار يحّجم صلاحيات رئيس في وقت تتحداه وتتحدى العالم دولة مارقة لها تاريخ دموي في التعامل مع دول المنطقة ما عدا إسرائيل؟
نانسي بيلوسي دخلت تاريخ الكوميديا السياسية السوداء بهذا القرار، مع عدم اغفال اعتبارها مع الديمقراطيين لأول مرة في تاريخ الكوميديا السياسية السوداء أن الفشل السياسي والعنصرية والشعبوية تتضمن حماية حدود الوطن ومنع دخول المجرمين من دخوله وضبط الامن وتصفية من يتجاوزن الخطوط الحمراء والاهتمام بالاقتصاد على حساب جشع المصارف ومحاولة تخفيض أسعار الوحدات السكنية وإعادة الصناعة الوطنية مرة ثانية إلى الوطن وتحسين الاقتصاد.
ويبدو أن اللامعقول الذي نراه طبيعي ومرشح لكي يطول لعقود في عصر يتطور فيه الذكاء الاصطناعي ويتدهور ذكاء البشر.
قاع الحماقة
هل هناك انحطاط في الذكاء أدنى من أسف رئيسة مجلس نواب وأكبر حزب في بلد على اغتيال إرهابي نكّل وقتل مواطنيهم وسخر من دولتهم؟ هل هناك أسخف من ملاحقة رئيس طلب التحقيق في فساد نائب رئيس سابق في دولة أجنبية حقق منه مع ابنه كما قال هو شخصيا مليار دولار، وعدم مساءلة النائب وهو يخوض حملة انتخابية يمكن أن تجعله أول رئيس أميركي سارق باعترافه علانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا