الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عزلة ..

عبد الرحيم الرزقي

2020 / 1 / 21
الادب والفن


--عزلة ...
------------------


...أنا في عمر صغير ..ومتكيء على "دربوز " !تلافح مشاهداتي البريئة بهو دار واسعة ..وتنقش نظراتي زركشة محكمة ذات ألوان لزليج البلاط .
أسمع " اللاباني " مترنمة أغنية ما ..ثم توقفت .. أسمع كشط صندالتها " الميكا " *1 مع بلاط البهو ..ثم تظهر في الصورة ..تلك التي عانقتني قبل قليل ..بعد أن سلمتني إليها أمي وديعة إلى حين .
كثيرا ما يسلمني أهلي إلى الناس ؟!غالبا مرد ذلك إلى جسارتي وأسواء تصرفاتي !.
عانقتني " اللاباني " ..وطرزت فمي ووجنتي بقبلات مسموعة ..مترادفة ..ولدت لدي كثيرا من الأسئلة !؟.
ظهرت في الصورة " اللاباني" ب " تشاميرها" *2الأحمر ..امرأة فارعة الطول ..لحيمة البدن .. تقترب من الثلاثين ..جميلة جدا .. وكنت أفرح كثيرا حين يودعونني عند "اللاباي " !.
تتحرك هنا وهناك ..تترنم قليلا ثم تصمت تحمل هذا الإناء إلى هنا ..تحرك الأشياء إلى هناك !!وأنا متكيء على الدربوز لا أحرك ساكنا ..وحدها النظرات تلتقط ..
تقترب " اللاباني " من الطفل الرضيع الموضوع بعناية في " كونا " *3.. رضيعا يحرك يديه .. داعبته لحظة .ودخلت الحجرة ثم عادت حاملة معها سجادة صلاة ..موضعتها بالقرب من طفلها ..غطت رأسها بخرقة مزركشة ..فأنزلت " التشامير" ..وأنا أراقب متكئا على " الدربوز " ..انحنت ..وأنزلت سروالها المشدود بلاستيك " ..طوته بعناية ..ووضعته قرب الرضيع فانهمكت في الصلاة ..هي تصلي ..وأنا غارق وسط عاصفة من الأسئلة .كثير من النساء تنزعن سراويلهن قبل الصلاة !..ولماذا " اللاباني " لاتلبس " البيكيني " ..ولمذا كثيرات منهن يدخلن الحمام العمومي عاريات كما خلقن الله ..رأيت ذلك بأم عيني !!..كان ذلك ياحسرة قبل أن تطردنني وتنهرن أمي مسؤولات الحمام . ثم ..ماهذا الطقس الذي تفعله " اللاباني " قرب الرضيع ؟ هل تسليه ؟ إنه يحرك يديه ..ويبدو لي انه مطمئن .
أخرجت " اللاباني " الطفل من الكونا ..تفحصته قليلا ..نزعت عنه "التسرويلة "..جلست على وسادة ..نزعت صندالتها ..موضعت سوءة الطفل على مشطي قدميها ..وضعت قدميها على الزليج ..والطفل مستسلم ..ومرح لاهتمام والدته به ..يخرج بعض الأصوات واضعا بعضا من ظاهر يده في فمه ..انحنت هي صوبه كالهامسة ..ثم قصفت رشاشا من حرف العين ..بالتشديد المنصوب في أذنه ..وأنا متكيء على " الدربوز " أتابع مايجري خارج فضائي !!...تراجعت إلى الوراء قليلا وهي حاملة قرة عينها ..فانكشف الحجاب على ربوة صغيرة من البراز .. مسحت مؤخرة الطفل " بجفاف " قريب ..ثم غابت وهي تحمله ..غالبا لتنظيفه بالماء . أنا متأكد ..لأن أمي كانت تفعل هذا بي !.
..انفتحت عيناي على شباك الدربوز وصوت " اللاباني "..نها توقضني ..
ستنهال على فمي ووجنتي بوابل من القبلات المسموعة ..إنهم أهلي يستردون سلعتهم .



-- عبد الرحيم الرزقي - مراكش الحمراء -- المغرب .

** الميكا : البلاستيك .
** تشامير : لباس نسائي تقليدي مغربي .
** الكونا : المهد الذي يوضع فيه الرضيع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا