الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياحة المستدامة في بعض الدول العربية

عبير متولي مصطفى

2020 / 1 / 21
السياحة والرحلات


غدت السياحة المستدامة منهجاً وأسلوباً تقوم عليه العديد من المؤسسات السياحية العالمية، وعلى غير ما يعتقد الكثير فإن تطبيق مفهوم السياحة المستدامة لا يعد مكلفاً من الناحية المالية، فإن عائده المعنوي والمادي، ويعود بالربح والفائدة على المؤسسات السياحية.

إن تطبيق مفهوم الاستدامة السياحية يعتمد على ثلاثة جوانب هامة، أولاً، العائد المادي لأصحاب المشاريع السياحية، وثانياً البعد الاجتماعي، على اعتبار أن هذه المؤسسات هي جزء من المجتمع المحلي وعليها الاستفادة من الخبرات والكفاءات المحلية ما أمكن، بالإضافة إلى إشراك المجتمع المحلي والأخذ برأيه.

أما البعد الثالث فهو البيئة، حيث تعامل هذه المؤسسات على أنها جزء من البيئة، وبالتالي يجب عليها المحافظة على الموارد الطبيعية من ماء وطاقة ونباتات وأحياء طبيعية لدرء أي خطر من مشاكل التلوث والتدهور.

وعليه فإن الإشكالية الرئيسية التي يعالجها بحثنا يمكن صياغتها على النحو التالي:

ما هي ماهية السياحة المستدامة وكيف تم تطبيقها بالنظر إلى تجارب بعض الدول العربية؟

1-مفاهيم متعلقة بالسياحة

1-مفهوم السياحة وأهميتها

تعتبر السياحة من أكثر الصناعات نمواً في العالم، فقد أصبحت اليوم من أهم القطاعات في التجارة الدولية، حيث بلغت قيمة الصادرات السياحية في عام 1998 نحو 532 بليون دولار، يليها مباشرة إنتاج المركبات بقيمة 522 بليون دولار، إن السياحة من منظور اقتصادي هي قطاع إنتاجي يلعب دوراً مهماً في زيادة الدخل القومي وتحسين ميزان المدفوعات، ومصدراً للعملات الصعبة، وفرصة لتشغيل الأيدي العاملة، وهدفاً لتحقيق برامج التنمية.

ومن منظور اجتماعي وحضاري، فإن السياحة هي حركة ديناميكية ترتبط بالجوانب الثقافية والحضارية للإنسان؛ بمعنى أنها رسالة حضارية وجسر للتواصل بين الثقافات والمعارف الإنسانية للأمم والشعوب، ومحصلة طبيعية لتطور المجتمعات السياحية وارتفاع مستوى معيشة الفرد.

وعلى الصعيد البيئي تعتبر السياحة عاملاً جاذباً للسياح وإشباع رغباتهم من حيث زيارة الأماكن الطبيعية المختلفة والتعرف على تضاريسها وعلى نباتاتها والحياة الفطرية، بالإضافة إلى زيارة المجتمعات المحلية للتعرف على عاداتها وتقاليدها.

2-مكونات السياحة

تتداخل نشاطات السياحة مع العديد من المجالات، وفي ما يلي المكونات الأساسية للسياحة التي يجب أخذها بعين الاعتبار في أي عملية تخطيط:

عوامل وعناصر جذب الزوار: تتضمن العناصر الطبيعية مثل المناخ والتضاريس والشواطئ والبحار والأنهار والغابات والمحميات، والدوافع البشرية مثل المواقع التاريخية والحضارية والأثرية والدينية ومدن الملاهي والألعاب.
مرافق وخدمات الإيواء والضيافة: مثل الفنادق والنزل وبيوت الضيافة والمطاعم والاستراحات.
خدمات مختلفة: مثل مراكز المعلومات السياحية ووكالات السياحة والسفر، ومراكز صناعة وبيع الحرف اليدوية والبنوك والمراكز الطبية والبريد والشرطة والإدلاء السياحيين.
خدمات النقل: تشمل وسائل النقل، على اختلاف أنواعها إلى المنطقة السياحية.
خدمات البنية التحتية: تشمل توفير المياه الصالحة للشرب والطاقة الكهربائية والتخلص من المياه العادمة والفضلات الصلبة، وتوفير شبكة من الطرق والاتصالات.
عناصر مؤسسية: تتضمن خطط التسويق وبرامج الترويج للسياحة، مثل سن التشريعات والقوانين والهياكل التنظيمية العامة، ودوافع جذب الاستثمار في القطاع السياحي، وبرامج تعليم وتدريب الموظفين في القطاع السياحي.
3-الاستثمار السياحي:

الاستثمار هو المجال الذي يسمح بخلق ثروة جديدة وتجديد الثروات القائمة، وهو أحد المراحل الرئيسية في الدورة الاقتصادية التي تتمثل في الإنتاج، التوزيع، الاستهلاك، الادخار والاستثمار، وتؤكد الدراسات الاقتصادية بأن ارتفاع معدلات الادخار تساعد على ارتفاع معدلات الاستثمار، والذي يؤدي إلى معدل نمو أكبر والعكس بالعكس.(1)

ويعتبر الاستثمار السياحي جزءاً من الاستثمارات الإجمالية للدول، وهو ما يخصص من رؤوس الأموال لتمويل مشاريع القطاع السياحي.

ويعد الاستثمار السياحي من الأنشطة الواعدة التي تتيح فرصاً استثمارية قادرة على المنافسة في سوق السياحة العالمية، ذلك أن رواج صناعة السياحة يؤثر بشكل مباشر على اقتصاديات الدول، ونمو الصناعات والأنشطة المرتبطة بصناعتها.

وكان لتطور حجم الاستثمارات السياحية تأثيراً واضحاً على تطور صناعة السياحة على المستوى العالمي. ويتجلى ذلك في الزيادة الملحوظة في تدفق الاستثمار الأجنبي على المستوى العالمي منذ العقد الأخير من القرن الماضي. وتؤكد البيانات أن حوالي 85% كانت استثمارات متبادلة بين الدول الرأسمالية الصناعية المتقدمة، كالولايات المتحدة الأمريكية وكندا والاتحاد الأوروبي واليابان، أما الجزء الباقي للدول النامية يتركز على عدد محدود منها لا يزيد إلا قليلاً على عدد أصابع اليد الواحدة. (2)

4-علاقات صناعة السياحة مع البيئة والمجتمع والاقتصاد:

تعتمد مواقع السياحة الأكثر نجاحاً في الوقت الحاضر على المحيط المادي النظيف، والبيئات المحمية والأنماط الثقافية المميزة للمجتمعات المحلية، أما المناطق التي لا تقدم هذه المميزات فتعاني من تناقص في الأعداد ونوعية السياح، وهو ما يؤدي بالتالي إلى تناقص الفوائد الاقتصادية للمجتمعات المحلية.

ومن الجائز أن تكون السياحة عاملاً بارزاً في حماية البيئة عندما يتم تكييفها مع البيئة المحلية، والمجتمع المحلي، وذلك من خلال التخطيط والإدارة السليمة، ويتوفر هذا عند وجود بيئة ذات جمال طبيعي وتضاريس مثيرة للاهتمام، وحياة نباتية برية وافرة وهواء نقي وماء نظيف، مما يساعد على اجتذاب السياح.

ويتساوى كل من التخطيط والتنمية السياحية في الأهمية من أجل حماية التراث الثقافي لمنطقة ما. وتشكل المناطق الأثرية والتاريخية، وتصاميم العمارة المميزة وأساليب الرقص الشعبي، والموسيقى، والدراما والفنون والحرف التقليدية والملابس الشعبية والعادات والتقاليد وثقافة وتراث المنطقة عوامل تجذب الزوار، خاصة إذا كانت على شكل محمية يرتادها السياح بانتظام، فتتعزز مكانتها أو تبقى ذات أهمية أقل، وكل ذلك يرجع للطريقة التي يتم بها تنمية السياحة وإدارتها.

5-بعض الأمثلة على آثار السياحة السلبية على البيئة:

فيما يلي بعض الآثار السيئة للسياحة على البيئة وهذا بأخذ أمثلة من الواقع المعاش في بعض الدول:

في نيبال يستهلك السائح نحو ستة كيلو غرامات من الحطب يومياً من أجل التدفئة، في بلد يفتقر إلى مصادر الطاقة؛
في مصر يستهلك فندقاً كبيراً من الطاقة الكهربائية بمقدار يعادل ما تستهلكه نحو 3600 أسرة متوسطة الدخل.
في جزر البحر الكاريبي تقوم السفن السياحية بإلقاء نحو 70.000 طن من المخلفات سنوياً في البحر؛
في الأردن يستهلك فندقاً كبيراً من الماء بمقدار ما تستهلكه نحو 300 أسرة متوسطة الحجم والدخل، في بلد يعاني من شح في موارده المائية؛
في المناطق السياحية والمطارات يساعد النقل الجوي على رفع درجة حرارة الهواء بنسبة 4%؛
في منطقة عسير بالسعودية تناقصت أعداد النمور نتيجة الصيد وازدياد أعداد الزائرين للمنطقة، مما أدى إلى تزايد أعداد القردة والسعادين في المنطقة.
11-مفاهيم متعلقة بالسياحة البيئية أو المستدامة

قبل التطرف إلى كل ما يتعلق بالسياحة المستدامة لابد من عرض القواعد التي تبنى عليها.

1-قواعد السياحة المستدامة: يمكن عرضها في النقاط التالية: (3)

تقليل الآثار السلبية للسياحة على الموارد الطبيعية والثقافية والاجتماعية في المناطق السياحية؛
تثقيف السياح بأهمية المحافظة على المناطق الطبيعية؛
التأكيد على أهمية الاستثمار المسؤول، والذي يركز على التعاون مع السلطات المحلية من أجل تلبية احتياجات السكان المحليين والمحافظة على عاداتهم وتقاليدهم؛
إجراء البحوث الاجتماعية والبيئية في المناطق السياحية والبيئية لتقليل الآثار السليبة؛
العمل على مضاعفة الجهود لتحقيق أعلى مردود مادي للبلد المضيف من خلال استخدام الموارد المحلية الطبيعية والإمكانيات البشرية؛
أن يسير التطور السياحي جنباً إلى جنباً مع التطور الاجتماعي والبيئي، بمعنى أن تتزامن التطورات في كافة المجالات لكي لا يشعر المجتمع بتغيير مفاجئ؛
الاعتماد على البنية التحتية التي تنسجم مع ظروف البيئة، وتقليل استخدام الأشجار في التدفئة، والمحافظة على الحياة الفطرية والثقافية.
وعليه، يجب على السياحة المستدامة أن: (4)

تحقق الاستخدام الأمثل للموارد البيئية: التي تشكل عنصراً أساسياً في التنمية السياحية، والمحافظة على العمليات البيئية الرئيسية، والمساعدة في الحفاظ على التراث الطبيعي والتنوع الحيوي؛
تحترم الأصالة الاجتماعية والثقافية للمجتمعات المحلية المضيفة؛ والحفاظ على الموروث الثقافي المشيد والحي والقيم التقليدية، والمساهمة في التفاهم والتسامح بين الثقافات؛
ضمان عمليات اقتصادية قابلة للاستمرار على المدى الطويل، توفر منافع اجتماعية – اقتصادية لجميع المعنيين وأصحاب المصلحة بحيث تكون موزعة بشكل عادل، بما في ذلك العمالة الثابتة وفرص كسب الرزق، والخدمات الاجتماعية في المجتمعات المضيفة، وتسهم في القضاء على الفقر.
تتطلب التنمية السياحية المستدامة المشاركة الواعية من المعنيين أصحاب المصلحة، فضلاً عن قيادة سياسية قوية لضمان المشاركة الواسعة وبناء أراء توفقيه.

إن تحقيق السياحة المستدامة هي عملية مستمرة وتتطلب رصداً مستمراً للتأثيرات المحتملة، تقدم التدابير الوقائية و/ أو التصحيحية اللازمة كلما استدعت الضرورة.

كما يترتب على السياحة المستدامة الحفاظ على مستوى عال من الرضا السياحي، وضمان حصول السائحين على تجربة ذات معنى، في الوقت الذي تتم فيه رفع توعيتهم حول موضوع الاستدامة وتعزيز ممارسات السياحة المستدامة فيما بينهم.

2-مفهوم السياحة البيئية والاستدامة:

إن السياحة البيئية هي عملية تعلم وثقافة وتربية بمكونات البيئة، وبذلك فهي وسيلة لتعريف السياح بالبيئة والانخراط بها، أما السياحة المستدامة فهي الاستغلال الأمثل للمواقع السياحية من حيث دخول السياح بأعداد متوازنة للمواقع السياحية على أن يكونوا على علم مسبق ومعرفة بأهمية المناطق السياحية والتعامل معها بشكل ودي، وذلك للحيلولة دون وقوع الأضرار على الطرفين.

وتلبي السياحة المستدامة احتياجات السياح مثلما تعمل على الحفاظ على المناطق السياحية وزيادة فرص العمل للمجتمع المحلي، وهي تعمل على إدارة كل الموارد المتاحة سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو جمالية أو طبيعية في التعامل مع المعطيات التراثية والثقافية، بالإضافة إلى ضرورة المحافظة على التوازن البيئي والتنوع الحيوي.

وقد ركزت المنظمة العالمية للسياحة WTO على مفهوم السياحة المستدامة في إعلان مانيلا 1980، وفي اكوبولكو 1982، وفي صوفيا 1985، وفي القاهرة 1995.
المصدر :
https://www.marielauremeyer.com/2020/01/blog-post_12.html
https://www.makalcloud.com/post/6uhrxs9nm








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الهدف وراء الضربة الإسرائيلية المحدودة في إيران؟|#عاجل


.. مصادر: إسرائيل أخطرت أميركا بالرد على إيران قبلها بثلاثة أيا




.. قبيل الضربة على إيران إسرائيل تستهدف كتيبة الرادارات بجنوب س


.. لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟




.. هل وصلت رسالة إسرائيل بأنها قادرة على استهداف الداخل الإيران