الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين كنظام إجتماعي ...

ماهر رزوق

2020 / 1 / 22
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


غالباً ما يُهاجم الدين من خلال الفجوات الخرافية الكثيرة التي يحتوي عليها ، و يتجاهل منتقديه أن الدين أيضاً هو نظام تعايش اجتماعي ، أو أنه مرتبط ارتباطاً وثيقاً بعادات اجتماعية و نظام تعايش معين !!
سقطت الكثير من قلاع الدين في الغرب (و حتى لدينا) على إثر ضربات العلم المتتالية ، و يعود ذلك إلى جهل الطرفين المتناحرين بمفهوم الدين و علاقته بالحياة الإجتماعية ، و تركيزهم على الجانب الميتافيزيقي فقط !!
المدافعين عن الدين لازالوا يظنون أنهم يستطيعون أن ينتصروا في الحرب مع العلم ، بحيث أن كتبهم السماوية تستطيع أن تفسر الظواهر الطبيعية كما يفعل العلم ، و هذه نقطة ضعفهم الكبرى التي يستغلها أعداء الدين و مناصري العلم ، الذين ينتصرون طبعاً في كل معركة تجري على أرضهم و بين جمهورهم و بحسب شروطهم : و أقصد هنا معركة فيزيقية (طبيعية) تخضع لقوانين فيزيائية و كيميائية و حيوية مفهومة و معروفة !!

غالباً ما يُغفل العنصر الاجتماعي الهام ، عندما نناقش موضوع الدين : كيف سيتعامل الناس مع بعضهم البعض !؟
هل الجميع لديهم القدرة الكافية لتحكيم العقل و الضمير و الالتزام بالأخلاقيات المتفق عليها !!؟
هل الجميع يدرك حدوده و حدود غيره !!؟
هل يتساوى جميع الناس بمعدلات الذكاء و الوعي الحضاري !!؟

يقول البعض : أصبح لدينا قوانين بشرية وضعية يمكن أن تحكم بيننا ، بحيث لم نعد بحاجة لذلك الرادع الأخلاقي ، فرادع العقوبة أقوى بكثير !!

هل فعلا رادع العقوبة أقوى من الرادع الأخلاقي !!؟
هل فعلا أن القوانين الوضعية يمكنها أن تضبط جميع السلوكيات السلبية !!؟
ألا يمكن التحايل على القوانين بسهولة !!؟

يقول آخر : حتى التعاليم الدينية يمكن التحايل عليها ... في المسيحية لدينا الاعتراف للقس الذي يطهر المرء من خطيئته ، كما في الاسلام لدينا الاستغفار و الكفارة !!

لكن المشكلة ليست في التهرُّب من العقوبة بذات نفسه ، و لكن في سهولة التهرُّب !!
التهرُّب من العقوبة في الحالتين ممكن ، لكن في الحالة الثانية (في حالة الدين) هناك تبعات سيكولوجية هامة يجد أخذها بعين الاعتبار ، حيث أن الدين يزرع كثمرة في العقل اللاواعي منذ الطفولة بحيث يصبح للخطيئة _ بعد البلوغ _ آثار سيكولوجية هدامة على الفرد ، لا يمكن تفاديها بسهولة ...
يستشعر ذلك كل من أتى من مجتمع متدين و أصبح ملحداً ، فهو لا يستطيع بسهولة أن يتخلص من مخاوفه الميتافيزيقية ، أي الخوف من العقاب الإلهي أو عقاب القدر أو الكارما أو سمّه ما شئت !!

لذلك يكون السؤال الأهم : هل التخلص من الأديان هو الحل الأمثل ، أم تهذيب و تقليص دور الجانب الخرافي فيها !!؟
بماذا يمكننا أن نملأ الفراغ النفسي الذي سينتج عن إقصاء الدين تماما من علاقاتنا الإجتماعية !!؟

تطوّر دور الأديان عبر الزمن بحيث أصبحت تشغل مساحات هامة جداً في حياتنا الإجتماعية و كذلك في إصطلاحاتنا اللغوية و تعبيراتنا العاطفية و النفسية ، فهل يمكن بهذه البساطة التخلص من كل ذلك !!؟ و ما هو البديل القادر على ملئ هذا الفراغ الهائل الناتج عن إقصاء الدين !!؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية توقف رجلاً هدد بتفجير نفسه في القنصلية الإير


.. نتنياهو يرفع صوته ضد وزيرة الخارجية الألمانية




.. مراسلنا: دمار كبير في موقع عسكري تابع لفصائل مسلحة في منطقة


.. إيران تقلل من شأن الهجوم الذي تعرضت له وتتجاهل الإشارة لمسؤو




.. أصوات انفجارات في محافظة بابل العراقية وسط تقارير عن هجوم بط