الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل كان الماغوط حقاً شاعراً كبيراً

أديب حسن محمد

2006 / 6 / 1
الادب والفن


قد يبدو هذا المقال نافراً وغريباً بين رزمة هائلة من المدائح التي كيلت للكاتب الراحل محمد الماغوط،ففي السنوات الأخيرة من عمره اعتدنا على قراءة الكثير من المقالات التي تتغنى بشاعرية الماغوط الفذة،وكرمته العديد من الجهات وكانت جائزة العويس آخرها،وفي خضم كل هذه الضجة تحولت شاعرية محمد الماغوط الفذة إلى نوع من المسلّمات،ولم تراجع مراجعة جدية لأسباب مجهولة،ولعل تنوع نتاج الكاتب بين المقالة الساخرة والمسرحيات واليوميات خلط المفاهيم لدى القراء بين الشاعر والكاتب الساخر والمسرحي،وغيّب الكثير من الحقائق التي أبرزت الماغوط كشاعر،وقدمته إلى شريحة واسعة من القراء على أنه رائد قصيدة النثر الشفوية أو اليومية.
ففي سياق الظرف التاريخي نجد أن هناك الكثير من الظروف التي خدمت محمد الماغوط وساهمت في رفع أسهمه في عالم الشعر..

السجن
ـــــــــــــ
ولعل فترة السجن القصيرة التي قضاها الماغوط في سجن المزة كانت الضارة النافعة حيث لا يكاد يخلو لقاء للماغوط من ذكرياته في السجن،وتهريبه للقصائد في ثيابه الداخلية،مع أن الفترة التي قضاها لا تتيح تبلور تجربة شعرية متسمة بمناخات السجن والاعتقال،إلا أن الماغوط استثمر فترة سجنه القصيرة تلك بحيث خرج من السجن بطلاً مضطهداً،ومبدعاً مقموعاً وممنوعاً،وهكذا راجت قصيدته المشهورة"القتل" التي كتبها عن يومياته في السجن نشرها فيما بعد في مجموعته الأولى "حزن في ضوء القمر"واستخدم الماغوط في قصيدته الطويلة هذه أسلوب الاتجاه من الخارج إلى الداخل أي من مشاهد البؤس الإنساني في العالم آنذاك ووصولاً إلى عالم السجن:
(غرفتي مطفأة بين الجبال
القطيع يرفع قوائمه الحافيه
والأوراق المبعثرة تنتظر عندليبها
وندلف وراء بعضنا إلى المغاسل’
كجذوع الأشجار يجب أن نكون
جواميس نتأمل أظلافها حتى يفرقع السوط
نمشي ونحن نيام
غفاة على البلاط المكسو بالبصاق والمحارم
نرقد على بطوننا المضروبة بأسلاك الحديد
ونشرب الشاي القاحل في هدوء لعين
وتمضي ذبابة الوجود الشقراء
تخفق على طرف الحنجرة).....ص61
تعمدت إيراد هذا المقطع كاملاً دون اجتزاء لأحاول التقاط إشارة الاختلاف في ثناياه..
فما الذي يميّز هذا المقطع عن الكلام الوصفي التقريري العادي؟؟
وما الذي يقنعنا أننا إزاء لغة مختلفة جانحة عن سكة المعنى الأحادي للمفردة؟؟
وهل خلقت تجربة السجن وأفرزت خصوصية ما في ثنايا نصوص الماغوط؟؟
لا أعتقد أن الأجوبة ميسرة إلى الحد الذي يقنعنا بأننا إزاء شاعر كبير وفاتح عظيم لقلاع الكلاسيكية والنمطية في الشعر العربي الحديث.

أدونيس ومجلة شعر
ـــــــــــــ
نأتي إلى النقطة الثانية أو الانعطاف الثاني في مسيرة الماغوط الشعرية،وهي محطة مجلة شعر عندما قدمه(عديله) أدونيس في إحدى أخاميس مجلة شعر بالطريقة التي صارت معروفة للجميع...
حيث قرأ بعض أشعار الماغوط دون أن يذكر كاتبها بالاسم،ثم سأل الحاضرين عن كاتب تلك الأشعار فأخذوا بالتخمين:بودلير،رامبو...الخ
فأشار أدونيس إلى الماغوط قائلاً:إنها لهذا الشاب القادم من السلمية.
هذه الحادثة ظلت توظّف لصالح الماغوط وللتدليل على عبقريته الشعرية وتفرد أسلوبه،وهي في حقيقة الأمر مثلبة أكثر منها مدحاً،فمجرد تشبيه شعر الماغوط بالشعر المترجم الفاقد لروح وتوتر اللغة الأصلية التي كتب بها،لهو دليل كبير على انتفاء سمات ومزايا اللغة الأصلية التي كتب بها قصائده،وعندما تفقد اللغة سحرها،يغدو الشعر محاولة للركض خلف مفردات باهتة ومنقوصة الدلالات،الأمر الذي يفقد النصوص حلاوة اللغة،ويجعلها أقل قدرة على الخلب والجذب والبقاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا