الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليسار بين وعي الفرد وثقافة التنظيم

عادل امليلح

2020 / 1 / 27
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


تطرح اليوم أسئلة عدة حول وظيفة اليسار وأدواره الطلائعية في قيادة الجماهير والانتقال بالمجتمع نحو مسار أكثر تقدما.. ولكي يضطلع اليسار بهذا الدور الجوهري لا بد أن يتوفر لديه شرط الوعي، أي ”الوعي بحركة“ التاريخ وكذا الوعي بقيمة التغيير لمسايرة هذا التاريخ في حركته وخطيته.. ومن دون شك فإن عالمنا المعاصر يعيش أزمة يسار بكل ما في الكلمة من معنى، وكأن نهاية التاريخ عند ”فكوياما“ ليس معناه سوى نهاية اليسار العالمي، لقد ابتلع ”السوق“ كل شيء من الإنسان إلى الوعي.. فإذا كان العالم يعيش أزمة يسار بالفعل فإنني أرى أن اليسار بدوره يعيش أزمة وعي وتخلى عن أدواره الطلائعية في قيادة الجماهير ليقبل بدور ثانوي متمثل في التحذير من خطر الرجعيات.. ومن المشروع الحضاري الى المشروع الحزبي، ومن الثورة الى التعاقد..
ولكي نقارب هذا الطرح ينبغي أن نقف عند مسألتين ذا أهمية بالغة؛
لأولى: سواء كان هذا الوعي انعكاسا مباشرا للعلاقات المادية للبنى الاجتماعية أي الوعي الطبقي، أو متمثل في الوعي المستند من مُثلٍ معينة أي الوعي الغائي.. مهما يكن في طبيعته وطينته فهو شرط أساسي لتكوين الخط اليساري..
والمسألة الثانية: أهمية التنظيم، بمعنى وجود إطارات تنظيمية قادرة على الإضطلاع بأدوار القيادة والتوجيه..
وهذين المسألتين مهمتين ومتفاعلتين..
ما وقع اليوم هو حدوث شرخ كبير بين مفهوم التنظيم بما ينطوي عليه من هياكل حزبية وجمعيات مدنية أو اتحادات.. ومفهوم الوعي..
بحيث أصبح الوعي مرادفا للفرد ((المثقف)) هكذا سنجد أفرادا واعون ممثلين في نخب ثقافية.. وإطارات حزبية أصبحت بدورها رهينة للوعي الفردي وربما خالي من كل شكل لهذه الصفة..
ماذا يعني فرد يساري؟ إذا كنت كفرد معبر عني في شخصي أعتبر نفسي يساريا فهذا محض إدعاء..
وإذا كنت كاطار تنظيمي أتصف باليساري وأنا لا أمتلك أي إطار نظري متكامل، واعي بالقضايا الكبرى.. فهذا أيضا محض إدعاء..
هكذا فالفرد لا يمكن أن يتسم باليسارية إلا بوجود إطار تنظيمي يحتويه، وهكذا أيضا لن يتسم إطار تنظيمي معين بدون خط نظري ممثل في الوعي..
لذلك أرى أنه من هنا يمكننا أن نشخص أزمة اليسار، أي وجود أفراد واعون دون تنظيم، ووجود تنظيمات دون وعي، ووجود ثقافية يسارية دون وجود إرادة تصريفها وتشغيلها.. ومن هذا المنطلق تتضح الاشكالية الحقيقة، فمعظم التنظيمات الموجودة حاليا والتي تتصف أو تدعي اليسارية إنما هي في الأساس تمتلك نوع من الثقافة اليسارية تلك الثقافة التي انكشفت نقائصها أمام لينين، بمعنى الاشتغال بالثقافة اليسارية أمر غير كافي بل ضرورة الانتقال للوعي أي الوعي بحدود هذه الثقافة أولا ثم الوعي بالشروط والسياقات العامة وما تقتضيه، لكن للأسف كل ما نجد هناك نوع من «فقهاء اليسار»، لذلك لا يكفي لحزب سياسي يدعي الفكر الماركسي أو الماركسية الينينية.. أن يعد حزبا يساريا فقط لمجرد ذلك، وهذه الثقافة هي ألية من آليات الوعي وليست هي الوعي.. وهذا خطأ وقع فيه اليسار خاصة في الدول العربية..
كذلك ينبغي التمييز بين اليسار والمعارضة، إن اليسار يملك مشروعا متكاملا يهدف إلى خلق الشروط الموضوعية لحدوث تغيير رديكالي عميق يهم كل البنى والنظم الاجتماعية والاقتصادية، في حين لا تمتلك المعارضة سوى رؤية للتغيير من الداخل أو الإصلاح دون إحداث وقع يذكر على حركة التاريخ..
وبالتالي فاليسار هو إعادة ترتيب التاريخ وفق مسارات محددة، والمعارضة هي توظيف هذا الترتيب لخلق توافق مع القوى الجامدة والقائمة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل بدأ العد العكسي لعملية رفح؟ | #التاسعة


.. إيران وإسرائيل .. روسيا تدخل على خط التهدئة | #غرفة_الأخبار




.. فيتو أميركي .. وتنديد وخيبة أمل فلسطينية | #غرفة_الأخبار


.. بعد غلقه بسبب الحرب الإسرائيلية.. مخبز العجور إلى العمل في غ




.. تعرف على أصفهان الإيرانية وأهم مواقعها النووية والعسكرية