الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
هل سينقذ الأزهر جماعة الإخوان ؟
سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي
2020 / 1 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
بالنسبة لدفاع الإخوان عن شيخ الأزهر،قلت أنهم يورطون الرجل مع مؤسسات الدولة السيادية، ويضعون الأزهر فعليا كخصم للدولة، ولا أظن أن من الحصافة استدعاء صورة "عمر مكرم" من التاريخ الذي بطش به محمد علي بسهولة..
لكن الشيخ الطيب..ليس هو عمر مكرم، فالأخير كان زعيما شعبيا حقيقيا قاد المصريين في ثورات القاهرة ضد الفرنسيين، أما الطيب فهو صنيعة حالة بنظام عدو عدوي صديقي، فالإخوان توهموا أن الرجل خصم للسيسي ومدافع عن الإسلام فأيدوه وحشدوا له كل طاقاتهم الإعلامية..وفي الحقيقة أن الرجل موظف يؤدي دوره كما هو مرسوم، ولا أظن أن تجاوزه السياسي في مؤتمره الأخير بالتحقير من رؤساء العرب سيحفز ضده المسئولين حاليا..لكنه باختصار يمشي في سكة اللي يروح مايرجعش..أي لن تقف طموحاته واندفاعاته عند هذا التحقير..بل سيتجاوز مستقبلا ليعطي المبرر للإطاحة به.
شيخ الأزهر لا يملك الكاريزما والحضور الشعبي لكنه يمتلك سلاح رهيب في التأثير وهو (العاطفة الدينية) وقد استعمله ضد رئيس جامعة القاهرة الدكتور"الخشت"، كذلك لا يملك تاريخ مناسب يليق بالعظماء..فهو عضو مخلص للحزب الوطني الفاسد وسكرتير ديني لكل سلطة سياسية تحكم مصر منذ عصر مبارك إلى طنطاوي ومرسي ومنصور وأخيرا السيسي.
بمعنى أن الرجل فعليا لا يملك رصيد مقاومة ونضال ضد السلطات لكي يحبه الناس، بل محسوب دائما على الحكومة..واليوم عندما يرفعه الإخوان لمصاف الزعماء فالمؤكد أنه وجدوا فيه القشة التي قد تنقذهم وتساعدهم للعودة مرة أخرى تحت ستار الدين..
وقد سائتني طريقة د عصام حجي – العالِم بوكالة ناسا - في الدفاع عن الأزهر حين قال: "أن شيخ الأزهر ينشر المعرفة والهجوم عليه غير مقبول"..انتهى ، والجواب: شيخ الأزهر يقول بأن القمر انشق والتحم مرة أخرى، وأن من تصبح ب ٧ تمرات لا يموت بالسم، وأنه لا عدوى في الأمراض وأن الزلازل و البراكين والفيضانات غضب من الله..فهل علماء ناسا يقولون بذلك؟، وهل المعرفة أن تغزو البلاد وتسبي وتقتل أهلها وتسرق أملاكهم ثم تقول أن ذلك فتحا وحضارة وعلم؟..وهل عصام حجي يتحدث بصفته معارض أم عالم؟ وهل المعرفة أن تحكم على مخالفيك بالكفر وتطعن في ذوي الرأي لمجرد المصلحة والميول؟..وهل المعارضة تكون بدعم التخلف والظلم والجهل نكاية في الحكومة يا دكتورعصام؟ أنت معارض للسيسي نعم..كثيرون يعارضون بعض سياساته وأنا منهم..لكن تصل المهزلة لاعتبار الأزهر ينشر العلم فهذا إما جهلا بالعلم نفسه أو كذب وتربح سياسي مقصود..!
شعرت بالقرف والاشمئزاز عندما سمعت منابر إخوانية وحليفة لها تقول أن شيخ الأزهر أفحم رئيس جامعة القاهرة مع وصلات سبّ للعلمانية وتحقير لها مما يقودني لبعض التوضيحات:
أولا: الدكتور الخشت رجل أكاديمي وليس متحدثا فصيحا، وبدا عليه الخوف على منصبه ومنزلته بعدم التورط إعلاميا..فأكثر من استعمال مصطلحات علمية لا يفهمها الناس، وبالتالي غاب عنه الوضوح الكافي للإلجام..ومعنى ذلك أن شابا علمانيا يفهم قضيته ومكتسب للحد الأدنى من الوضوح كان سيفحم شيخ الأزهر..أقلها أن يسأله: عن حد الردة وعصمة البخاري ..من الآخر (يطلّع له بلاوي التراث) اللي يفتخر الشيخ الطيب إنه فتح بيه الأندلس والصين..!!
ثانيا: الشيخ الطيب تورط في مهاترات حوارية ومغالطات منطقية كثيرة تثير حفيظة أي عقلاني، كقوله لخصمه: "إذا كان اعتقادك مطلقا فلا يوجد مطلق حسب قولك وإذا كنت تشك فلا تحدثني قبل أن تتأكد" لأن نفس الجملة كانت ستوجه للشيخ الذي يعتقد أن قدسية التراث مطلقة من حيث الطبيعة والذات وأحاديث الصحاح وحيا من الله..وبالتالي سقط الاستدلال بالمغالطة الدائرية التي جعلت الشيخ يعتقد بقدسية التراث بنصوص منه وليس بأدلة عقلية وقرآنية أعلى..إضافة لتعمد الشيخ إثارة عواطف الناس بالنقد السياسي للرؤساء والتحقير منهم في سابقة تاريخية ،مما يعني أنه بلغ مرحلة من الضغوط لم يعد يتحمل فيها المزيد وكأنه يهدد بسلاحه الأخير.
ثالثا: شيخ الأزهر هو رجل دولة بامتياز أي يعرف من أين تؤكل الكتف ولديه القدرة على كسب ثقة أي حكومة حتى لو كانت داعشية، لكنه على المستوى الفكري (أشعري في العقيدة – شافعي الفقه – وهّابي السياسة) مما يعني بأن كل ما يتعلق بالشأن السياسي وبالآخر عموما هو وهّابي المعتقد..أما في باب العقائد والكلام فهو أشعري قرأت له عشرات المقالات منذ توليه المنصب، وفي الفقه يأخذ بالمذاهب الأربعة مع ترجيح رأي الشافعية..وهذا معتاد من شيوخ الأشعرية بالعموم ميلهم للفقه الشافعي..
وبالتالي وارد أن يستخدم موهبته الكلامية ضد خصومه السياسيين والأيدلوجيين للتلبيس، لكن أن يتحدث في صلب القضية فلا قدرة فكرية له ويضطر إما إلى الدفاع أو المزايدة والتبرير، فما يحمله من معتقدات (فات زمانها) خصوصا موقفه التكفيري من الآخر.
رابعا: وهو الأهم..أن المؤتمر كان عن تجديد الخطاب الديني وهو إنجاز سواء حدث هذا التجديد أم لا..لكنه يطرح ماهية التجديد كرأي عام وشكوك حول التزام الأزهر به، مما يعني وضع الشيوخ برمتهم – أزهريين وسلفيين – موضع الدفاع والحاجة للتبرير والتوضيح، وهو موقف ضعيف بشكل عام يتعرض له الأزهر حاليا ويخصم من شعبيته.
قلت سابقا أن الأزهر لا يرغب في التجديد فعليا وليست لديه القدرة، فلو كان يرغب لأنجز موسوعات فقهية وعقدية وحديثية (موحدة) خاصة به، لكنه لن يستطيع ذلك مما يعني بقاء النص عرضة للتأويل وظهور الجماعات من جديد، وعدم قدرته منشأها كُفره بالحداثة وشيطنته للعلمانيين مما يعني أنه يعادي كل قيم الإنسان المعاصر من النقد والتطور والنسبية والتكامل والاستدلال..إلخ
يكفي أن حجية الاستدلال الحداثية تنسف الادعاء الأزهري بتفاضله، بمعنى إذا قال أنه الأفضل والأحق بالحديث الديني (قلنا له أين الدليل) فمن ميزات التفكير الحداثي أن الادعاء وحده لم يعد له قيمة، وبالتالي منطق حدثنا وأخبرنا من باب الإلزام أصبح منطقا سخيفا لا يتوافق مع الحضارة المعاصرة ولا يعتد به في أي مقام علمي، ولا أفهم كيف لشيخ يؤمن بأن الخطاب الديني قديم غير صالح ولا زال يستعمل حدثنا فلان وأجمع الفقهاء كدليل له ضد خصومه..
ولشرح أزمة الأزهريين مع العلم فلي توضيح آخر، ففي الإسلام يوجد ما يسمى (السنة) وهي مجموع متون أحاديث ٩ كتب كالبخاري ومسلم إضافة للشروح زي فتح الباري وعمدة القاري والتمهيد وغيرها، هذه الكتب هي عماد دين فقهاء السنة، فمنها يفتون ومنها يخطبون ومنها يشرحون ويحشدون العامة، كذلك في اليهودية يوجد ما يسمى (التلمود) وهو مجموع متون كتب (المشناه) إضافة للشروح تسمى (الجمارا) وهي كتب صنفها أحبار يهود منذ الأسر البابلي، هذه الكتب أيضا هي عماد دين أحبار اليهود، فمنها يفتون ومنها يخطبون ومنها يشرحون ويحشدون العامة، وبالتالي التلمود ليس كتابا واحدا كالسنة هذه كتب كثيرة صنفها أحبار مقدسون كما صنف السنة فقهاء مقدسون..
مصلحو اليهودية وفلاسفتها الأوائل عندما أقدموا على نقد مجتمعاتهم ذاتيا واجهتهم معضلة كتب التلمود هذه التي كانت حاجزا ضد فهم اليهودي لدينه دون تدخل الكهنوت وهو نفس الحاجز الذي واجهه مصلحي وعقلاء المسلمين قديما وإلى اليوم، مما يعني أن الأزهر والسلفيين في الحقيقة يقومون بنفس الدور الذي قام به أحبار اليهود قديما في دفاعهم عن التلمود، والشيخ أحمد الطيب يقوم بنفس دور رئيس المجلس الملي اليهودي في محاكمة سبينوزا ورفض التجديد واتهام أصحابه بالهرطقة، لاسيما أن أكبر خطر يهدد فقهاء المسلمين اليوم أن يزول الحاجز بين العامة والقرآن، فيهددون الناس بالعذاب والكفر، ويكثرون من تخويفهم وإرهابهم نفسيا كي لا يفكروا في كسر هذا الحاجز..وهموا الناس أن مجرد الشك في الحديث يعني إنكار القرآن والكفر، وهموا الناس أنه وبمجرد نقد الأئمة يعني المروق من الدين..فأكثروا عليهم ألفاظ كلحوم العلماء مسمومة وغيرها في سياق تقديس الكهنة..
الفارق أن عصر الأنوار الأوروبي لم تكن فيه المعلومة متاحة، والمواصلات صعبة والتكنولوجيا بدائية..فكان مجرد تفكير اليهود في نقد التلمود مسألة صعبة جدا حتى على المثقفين لندرة المعلومات، لكن ساعدهم أن هذا العصر كان فيه العقل مهيمن على قطاع كبير من النخبة..فبدأ عصر الشك واستمر 200 سنة تقريبا لنهاية القرن 19 ، أما الآن فقد أصبح كل ذلك متوفر..المعلومات والمواصلات والتكنولوجيا.. وما أنجزه الأوربيون في 200 عام حدث عندنا في 10 سنوات فقط، فلم يعد مجرد إنكار حديث في البخاري يستدعي الكفر كما يوهمنا شيخ الأزهر بأن السنة 3/4 الدين، وأذكركم كيف أنه وقبل 15 عاما بمجرد الشك في حُرمة الموسيقى فيعني ذلك الكفر والانحراف وأما سماع الغناء فيخرق الوقار والهيبة..الآن الموسيقى في كل بيت وعلى كل تليفون..حتى المشايخ بدأوا يتحايلون بأغانى وألحان بآلات محددة..
ما يفعله الشيخ أحمد الطيب ليس في مصلحته كفقيه، ولا في مصلحة الأزهر، الرجل يريد الزعامة ويتحدث كرئيس دولة لكسب عواطف الإسلاميين..حتى أنه استعار طريقة السيسي في الحديث للناس بظهره، ويخطب كأنه زعيم جماعة ومتحدث رسمي باسم السنة ومحامي البخاري وكتب التراث..بينما هذه الكتب تشهد عليه وعلى مذهبه الأشعري وفقهه الشافعي، ومن تجارب التاريخ أرى أنه ربما يصبه أذى من المسئولين الذين لا يريدون زعماء دينيين منافسين، فالرجل لو حصل على تلك الزعامة فيمكنه تولية من يشاء ورفض من يشاء..هكذا ببساطة، وللأزهريين اعقلوا فصراعكم مع النخبة المفكرة هو (ناعم) وسيظل ناعما، لكن لو حدث صراع بينكم وبين الساسة والمسئولين فلن يكون ناعما، بل خشنا..وأنتم فاقدي الشعبية..ومثلما صفق البعض للطيب سيصفقون للحاكم إذا أراد البطش به..
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - كل مائة سنة
هاني شاكر
(
2020 / 2 / 1 - 20:23
)
كل مائة سنة
_______
روى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها.
و مجدد هذا الزمان هو دونالد بن ترامب رضوان الله عليه ... ركب على انفاس بن سلمان فاهداه إلى الموسيقى و الامر بسياقة الإناث للسيارات ، و الإحتفال برأس السنة ، و عمل عجين الفلاحة إذا لزم الأمر
ركبت الأمة حافلة الإسلام السنى و الشيعى و الوهابى ... فحق عليها ان تشرب بول البعير و تستنجى بالثلاث حجرات و ان تنفى نصفها وراء أوامر بن باز و الدكتورة ملك فى النقاب و الإسدال و القبول بزواج الاربعة و أحكام ملكات اليمين
هانت الأمة و اصبحت مزبلة العالم ... فحكمنا رعاع العسكر و ألأزهر ... ثم طلع البدر (دونالد بن ترامب رضوان الله عليه ) علينا ... وهو يبول على امة الإسلام و يسقيها رحاب صفقة القرن ..
لا خلاص ولا مناص لمصر ( و الشرق الأتعس ) دون هلاك العسكر و الأزهر و الإخوان و الشيعة و السلفيين ..
....
.. صحيفة هآرتس: صفعة من المستشارة القضائية لنتنياهو بشأن قانون
.. عالم الجن والسحر بين الحقيقة والكذب وعالم أزهري يوضح اذا ك
.. واحدة من أبرز العادات الدينية لديهم... لماذا يزور المسيحيون
.. مشاهد لاقتحام مستوطنين باحات المسجد الأقصى تحت حماية قوات ال
.. تجنيد اليهود المتشددين قضية -شائكة- تهدد حكومة نتانياهو