الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الناسخ والمنسوخ.. وما وراءهما..! [7]

وديع العبيدي

2020 / 2 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


(18)
قال يسوع:[حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي، فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ]- (مت 18: 20)..
وقال محمّد: لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأةٍ، إلّا وَيَكونُ ثَالثُهُمَا الشّيطانُ]- (رواه أحمد والترمذي عن ابن عمر)

مقالة الآلوسي [1802- 1854م] في الغرانيق..
أرأيتُمُ اللاتُ وَالعُزّى
وَمَناةَ الثالثةُ الأخرى
تلكَ الغَرانيقُ العُلَى
انّ شفاعتهنَّ لَتُرْتَجى. تُرْتَضَى
وَمِثْلُهُنَّ لا يُنْسَى
الغرانيق: جمع غرنوق: طائر مائي أبيض، طويل الساقين، جميل المنظر، له قنزعة ذهبية اللون، وهو نوع من الكراكي/ القاموس المحيط.
(تمنى)/(الحجّ 22: 52) = قرأ. (وأمنيته)= قراءته، وما يُلقي (الشيطان) من كلمات، تشابه الوحي، يتكلّم بها (الشيطان)، بحيث يظنّ السّامع: أنها من قراءة النبيّ.
وقد روي أن الآية وردت حين تلا النبيّ: (أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى)؛ فألقى (الشيطان) في سكتته محاكيا نغمته، بحيث يسمعه من حوله: (تلك الغرانيق العلا. وإن شفاعتهن لترتجى). فظنّ المشركون أن النبيّ هو المتكلم بذلك، ففرحوا وسجدوا معه لما سجد، آخر السورة.
وقيل: المتكلم بذلك بعض المشركين، وظنّ سائرهم أن النبيّ هو المتكلم به.
وقيل : إنه هو الذي تكلم بذلك عامدا، لكن مستفهما على سبيل الإنكار والاحتجاج على المشركين. وجعل من إلقاء الشيطان لما ترتب عليه من ظن المشركين أنه مدح لآلهتهم.
ولا يمنع ذلك أن النبيّ، كان يصلي؛ لأن (الكلام في الصلاة كان جائزا) إذ ذاك. وقيل : بل كان ساهيا.
أخرج عبد بن حميد من طريق يونس عن ابن شهاب قال : حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن (ت 714م، ولد في عهد عمر الخطاب بالمدينة. أراد الالتحاق بابن الزبير في معركة الجمل، لكنه رُدَّ لصغر سنّه. أما والده فكان أبن عشر سنين عند وفاة النبيّ، فكيف رويا عن النبيّ؟): (أن الرسول وهو بمكة قرأ عليهم والنجم، فلما بلغ (أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى)- [النجم 53: 19 ، 20] قال : (إن شفاعتهن ترتجى) وسها الرسول، ففرح المشركون بذلك فقال النبيّ: (ألا إنما ذلك من الشيطان) وأنزل الله (وما أرسلنا.. - حتى بلغ- عذاب يوم عقيم)- (الحجّ 22: 52-55) ، قال الجلال السيوطي [1445- 1505م] : هو خبر مرسل صحيح الإسناد ، وقيل : تكلم بذلك (ناعسا).
فقد أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : بينا النبيّ يصلي عند المقام، إذ نعس فألقى (الشيطان) على لسانه كلمة، فتكلم بها فقال : [أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى وإن شفاعتهن لترتجى وإنها لمع الغرانيق العلا] فحفظها المشركون وأخبرهم (الشيطان) أن النبيّ قد قرأها فزلت ألسنتهم؛ فأنزل الله: (وما أرسلنا.. الآية).
وقيل : ( تمنى)= قدّر في نفسه ما يهواه. و أمنيته= قراءته، وما يلقي (الشيطان) كلمات تشابه الوحي.
فقد أخرج ابن أبي حاتم من طريق موسى بن عقبة عن ابن شهاب قال : أنزلت سورة النجم وكان المشركون يقولون : لو كان هذا الرجل يذكر آلهتنا بخير أقررناه وأصحابه. ولكنه لا يذكر من خالف دينه من اليهود والنصارى بمثل الذي يذكر آلهتنا من الشتم والشرّ.
وكان الرسول قد اشتد عليه ما نال أصحابه من أذاهم وتكذيبهم، وأحزنه ضلالتهم. فكان يتمنى هداهم فلما جاء: (أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى)، ألقى (الشيطان) عندها كلمات فقال: (وإنهن لهن الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لهي التي ترتجى). وكان ذلك من سجع (الشيطان) وفتنته.
فوقعت هاتان الكلمتان في قلب كلّ مشرك بمكة، وزلت بهما ألسنتهم وتباشروا بهما وقالوا ، إن محمّدا قد رجع إلى دينه الأول ودين قومه. فلمّا بلغ الرسول آخر سورة النجم سَجَدَ، وَسَجَدَ كلّ من حضر من مسلم أو مشرك؛ ففشت تلك الكلمة في الناس، وأظهرها (الشيطان) حتى بلغت أرض الحبشة. فأنزل الله: (وما أرسلنا الآيات..).
وقيل : إن النبيّ حين ألقاها (الشيطان): تكلم بها ظانا أنها وحي، حتى نبّهه (جبريل).
ففي (الدّرّ المنثور)/(السيوطي): أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم بسند صحيح عن سعيد بن جبير قال : قرأ الرسول بمكة (النجم)، فلما بلغ (أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى)، ألقى (الشيطان) على لسانه: (تلك الغرانيق العلا وإن [ ص: 177 ] شفاعتهن لترتجى). قالوا : ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم، فسجد وسجدوا، ثم جاءه (جبريل) بعد ذلك فقال: أعرض علي ما جئتك به، فلما بلغ (تلك الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لترتجى)؛ قال له (جبريل): لم آتك بهذا هذا من (الشيطان) فأنزل الله: (وما أرسلنا..)- (الحجّ22: 52) .
وأخرج البزار [820- 905م] والطبري [839- 923م] وابن مردويه [943- 1030م] والضياء في المختارة بسند رجال ثقات من طريق سعيد عن ابن عباس نحو ذلك. لكنّ ليس فيه حديث السجود، وفيه أيضا مغايرة يسيرة غير ذلك.
وفي رواية أبي حاتم عن السدي أن (جبريل) قال للنبيّ حين عرض عليه ذلك : معاذ الله أن أكون أقرأتك هذا فاشتدّ عليه، فأنزل الله: (وما أرسلنا.. الآية).
و(المشابهة): ما ألقى (الشيطان) للوحي المنزل، وكونه في أثنائه، أطلق على إبطاله اسم النسخ، الشائع إيقاعه على ما هو وحي حقيقة، لكن لا يُخفى أنّ (النسخ الشرعيّ) لا يتعلق بنحو ما ذكر من الأخبار، فلا بدّ من تأويل ما لذلك.
وقد أنكر كثير من المحققين هذه القصة. فقال البيهقي [994- 1066م] : هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل . وقال القاضي عياض [1083- 1149م] في الشفاء : يكفيك في توهين هذا الحديث أنه لم يخرجه أحد من أهل الصحة ولا رواة ثقة بسند صحيح سليم متصل؛ وإنما أولع به وبمثله، المفسرون والمؤرخون المولعون بكل غريب، المتلقفون من الصحف كل صحيح وسقيم.
وفي البحر أن هذه القصة سئل عنها الإمام محمد بن إسحاق [704- 768م] جامع السّيرة النبوية فقال : هذا من وضع (الزنادقة)، وصنّف في ذلك كتابا .
وذكر الشيخ أبو منصور الماتريدي [853- 944م] في كتاب (حصص الأتقياء) الصواب أن قوله: (تلك الغرانيق العلا)، من جملة إيحاء (الشيطان) إلى أوليائه من (الزنادقة) حتى يُلقوا بين الضعفاء وأرقاء الدّين، ليرتابوا في صحة الدين. وحضرة الرسالة بريئة من مثل هذه الرواية.
وذكر غير واحد أنه يلزم على القول بأن الناطق بذلك النبيّ، بسبب إلقاء (الشيطان) المُلبّس بالملك أمورا: منها:
1- تسلط (الشيطان) عليه، وهو بالإجماع، (معصوم) من (الشيطان). لا سيما في مثل هذا من أمور الوحي والتبليغ والاعتقاد. وقد قال سبحانه: (إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطان)- [الحجر 15: 42 ، الإسراء 17: 65]. وقال: إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا [النحل 16: 99] إلى غير ذلك.
2- زيادته في القرآن ما ليس منه. وذلك مما يستحيل عليه لمكان (العصمة).
3- اعتقاد النبيّ ما ليس بقرآن أنه قرآن؛ مع كونه بعيد الالتئام، متناقضا، ممتزج المدح بالذم، وهو خطأ شنيع لا ينبغي أن يتساهل في نسبته إليه.
4- أنه إما أن يكون عند نطقه بذلك معتقدا ما اعتقده المشركون من مدح آلهتهم بتلك الكلمات، وهو (كفر) محال في حقه، وإما أن يكون معتقدا معنى آخر مخالفا لما اعتقدوه، ومباينا لظاهر العبارة، ولم يبينه لهم، مع فرحهم وادعائهم أنه مدح آلهتهم، فيكون (مقرا لهم على الباطل). وحاشاه أن يقرّ على ذلك.
5- كونه اشتبه عليه ما يلقيه (الشيطان) بما يلقيه عليه الملك، وهو يقتضي أنه (على غير بصيرة) فيما يوحى إليه، ويقتضي أيضا (جواز تصور الشيطان بصورة الملك) (مُلبّسا على النبيّ). ولا يصح ذلك كما قال في الشفاء لا في أول الرسالة ولا بعدها والاعتماد في ذلك دليل (المعجزة).
قال ابن العربي [1165- 1240م] : تصور الشيطان في صورة المَلَك، مُلبّسا على النبيّ، كتصوّره في صورة النبيّ مُلبّسا على (الخلق). وتسليط الله على ذلك، كتسليطه في هذا. فكيف يسوغ في لبّ سليم استجازة ذلك. ومنها التقوّل على الله إما عمدا أو خطأ أو سهوا . وكلّ ذلك محال في حقه.
وقد اجتمعت (الأمّة)، على ما قال القاضي عياض على (عصم) النبيّ. فيما كان طريقه البلاغ من الأقوال عن الإخبار بخلاف الواقع لا قصدا ولا سهوا ، ومنها الإخلال بالوثوق بالقرآن فلا يؤمن فيه التبديل والتغيير ، ولا يندفع كما قال البيضاوي (ت 1266م) بقوله تعالى : (فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته)، لأنه أيضا يحتمل إلى غير ذلك .
وذهب إلى صحتها الحافظ بن حجر العسقلاني [1372- 1449م] في (شرح البخاري)، وساق طرقا عن ابن عباس وغيره ثم قال : وكلها سوى طريق سعيد بن جبير، إما ضعيف وإما منقطع. لكنّ كثرة الطرق تدلّ على أن لها أصلا، مع أن لها طريقا متصلا بسند صحيح، أخرجه البزار (ت 905م)، وطريقين آخرين مرسلين رجالهما على شرط الصحيحين: أحدهما ما أخرجه الطبري [839- 923م] من طريق يونس بن زيد عن ابن شهاب؛ والثاني ما أخرجه أيضا من طريق المعتمر بن سليمان وحماد بن سلمة، فرقهما عن داود بن أبي هند عن أبي العالية ، ثم أخذ في الردّ على أبي بكر بن العربي [1076- 1148م] والقاضي عياض [1083- 1149م] في إنكارهما الصحة.
وذهب إلى صحة القصة أيضا خاتمة المتأخرين الشيخ إبراهيم الكوراني [1645- 1721م] ثم المدني. وذكر بعد كلام طويل أنه تحصل من ذلك أن الحديث أخرجه غير واحد من أهل الصحة، وأنه رواه ثقات بسند سليم متصل عن ابن عباس وبثلاث أسانيد صحيحة عن ثلاث من التابعين من أئمة التفسير، الآخذين عن الصحابة وهم سعيد بن جبير وأبو بكر بن عبد الرحمن وأبو العالية.
وقد قال السيوطي في (لباب النقول في أسباب النزول) : قال الحاكم في علوم الحديث : إذا أخبر الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عن آية من القرآن، أنها نزلت في كذا فإنه حديث مسند. ومشى عليه ابن الصلاح وغيره ثم قال : ما جعلناه من قبيل المسند من الصحابي، إذا وقع من تابعي فهو (مرفوع) أيضا، لكنه (مرسل). فقد يقبل إذا صحّ السند إليه، وكان من أئمة التفسير الآخذين عن الصحابة كمجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير، أو اعتضد بمرسل ونحو ذلك.
فعلى هذا يكون الخبر في هذه القصة، مسندا من الطريق المتصلة بابن عباس، [مرسلا، مرفوعا] من الطرق الثلاثة. والزيادة فيه التي رواها الثقات عن ابن عباس في غير رواية البخاري [810- 870م]، ليست مخالفة لما في البخاري عنه، فلا تكون شاذة. فإطلاق الطعن فيه من حيث النقل ليس في محله.
وأجاب عما يلزم على تقدير كون الناطق بذلك النبيّ، أما عن الأول: فبأن السلطان المنفي عن العباد المخلصين هو الإغواء: أعني (التلبيس)، المخلّ بأمر الدين. وهو الذي وقع الإجماع على أن النبيّ معصوم منه. وأما غير المخل فلا دليل على نفيه ولا إجماع على العصمة منه.
وما هنا غير مخل لعدم منافاته للتوحيد كما يبين، بل فيه تأديب وتصفية وترقية للحبيب الأعظم، لأنه (تمنى) هدي الكلّ، ولم يكن ذلك مراد الله، والأكمل في العبودية فناء إرادته في إرادة الحقّ. فليس عليه الإلقاء حالة تمنى هدي الكل، المصادم للقدر والمنافي لما هو الأكمل، ليترقى إلى الأكمل. وقد حصل ذلك بهذه المرة. ولذا لم يقع (التلبيس) مرة أخرى، بل كان يرسل بعد من بين يديه ومن خلفه رصد، ليعلم أن قد أبلغوا رسالة ربه سبحانه ، وفي ترتيب الإلقاء على التمني ما يفهم العتاب عليه.
وأما عن الثاني: فبأن المستحيل المنافي للعصمة أن يزيد فيه من تلقاء نفسه أي يزيد فيه ما يعلم أنه ليس منه. وما هنا ليس كذلك لأنه إنما تبع فيه الإلقاء الملبس عليه في حالة خاصة فقط، تأديبا أن يعود لمثل تلك الحالة.
وأما عن الثالث: فبأنه يجوز أن يكون النبيّ نطق به على فهم أنه (استفهام إنكاري)، حذف منه الهمزة. أو حكاية عنهم بحذف القول، وحينئذ لا يكون بعيد الالتئام ولا متناقضا ولا ممتزج المدح بالذم. ولا بد من التزام أحد الأمرين على تقدير صحة الخبر لمكان العصمة.
و(النكتة) في التعبير كذلك: إيهام الذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم، أنه مدح آلهتهم، ويحصل ذلك مراد الله المشار إليه بقوله سبحانه : ليجعل إلخ.
وأما عن الرابع: فبأنا نختار الشق الثاني بناء على أنه استفهام حذف منه الهمزة أو حكاية بحذف القول ، وعلى التقديرين يكون معتقدا لمعنى مخالف لما اعتقدوه. ولا يلزم منه التقرير على الباطل، لأنه بين بطلان معتقدهم بقوله تعالى بعد : (إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان)- [النجم 53: 23].
فإن ما لم ينزل الله تعالى به سلطانا، لا ترجى شفاعته. إذ لا شفاعة إلا من بعد إذن إلهي، لقوله تعالى بعد : وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى [النجم 53: 26].
وأما عن الخامس: فبأن هذا الاشتباه في حالة خاصة للتأديب، لا يقتضي أن يكون على غير بصيرة فيما يوحى إليه في غير تلك الحالة. وأما قول القاضي عياض : لا يصح أن يتصور (الشيطان) بصورة المَلَك ويلبس عليه؛ فإن أراد به أنه لا يصح أن يلبس تلبيسا قادحا فهو مسلم، لكنه لم يقع. وإن أراد مطلقا ولو كان غير مخل فلا دليل عليه ، ودليل المعجزة إنما ينفي الاشتباه المخل بأمر النبوة المنافي للتوحيد القادح في العصمة. وما ذكر غير مخل بل فيه تأديب بما يتضمن تنقية وترقية إلى الأكمل في العبودية.
وأما ما ذكر ابن العربي فقياس مع الفارق. لأن تصوّر (الشيطان) في صورة النبيّ مطلقا منفيا بالنص الصحيح، وتصوره في صورته ملبسا على الخلق إغواء يعمّ، وهو سلطان منفي بالنص عن المخلصين. وأما تصوره في صورة الملك في حالة خاصة ملبسا على النبيّ بما لا يكون منافيا للتوحيد، لما يريد الله بذلك تأديبا، ولإيهامه خلاف المراد فتنة لقوم، فليس من السلطان المنفي ولا بالتصور الممنوع لعدم إخلاله بمقام النبوة.
وأما عن السادس: فبأن التقوّل: تكلّف القول، ومن لا يتبع إلا ما يلقى إليه من الله حقيقة أو اعتقادا ناشئا من تلبيس غير مخل، لا تكلف للقول عنده. فلا تقول على الله أصلا ما أشبه هذه القصة بما تضمنه حديث ذي اليدين. فالتلبيس عليه في الإلقاء في حالة التمني تأديبا، كإيقاع السّهو عليه في الصلاة، باعتقاد التمام تشريعا، والنطق بما ألقاه الشيطان في حالة خاصة، مما لا ينافي التوحيد على أنه (قرآن) بناء على اعتقاد أن الملقي ملك، تلبيسا للتأديب؛ كالنطق بالسلام ثم بلم أنس معتقدا أنه مطابق للواقع بناء على اعتقاد التمام سهوا.
ووقوع البيان على لسان (جبريل)، ثم النسخ والإحكام كوقوع البيان على لسان الصحابي، ثم التدارك وسجود السهو. فكما أن [السهو للتشريع غير قادح في منصب النبوة]. [كذلك الاشتباه في الإلقاء للتأديب غير قادح]. وكما أن النطق بلم أنس مع تبين أنه قد نسي؛ صدق بناء على اعتقاد التمام سهوا. كذلك النطق بما يلقيه (الشيطان) في تلك الحالة على أنه (قرآن) بناء على اعتقاد أن الملقي ملك صدق، ولا شيء من الصدق بالتقول، فلا شيء من النطق بما يلقيه (الشيطان) في تلك الحالة به. .
وأما عن السابع فبأنه لا إخلال بالوثوق بالقرآن عند الذين أوتوا العلم والذين آمنوا لأن وثوق كل منهما تابع لوثوق متبوعهم الصادق الأمين. فإذا جزم بشيء أنه كذا جزموا به، وإذا رجع عن شيء بعد الجزم، رجعوا!. كما هو شأنهم في (نسخ) غير هذا من الآيات التي هي كلام الله لفظا ومعنى.
إذ قيل (نسخ ما نسخ لفظه)، كانوا جازمين بأنهم متعبّدون بتلاوته. وبعد (النسخ) جزموا بأنهم ما هم متعبدين بتلاوته. وما (نسخ حكمه)، كانوا جازمين بأنهم مكلفون بحكمه. وبعد (النسخ) جزموا بأنهم ما هم مكلفين به.
يقول البيضاوي (ت 1286م) : إن ذلك لا يندفع بقوله تعالى : فينسخ الله إلخ لأنه أيضا يحتمله ليس بشيء. وبيانه أنه إن أراد أنه يحتمله عند الفرق الأربع المذكورة في الآيات وهم الذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم والذين أوتوا العلم والذين آمنوا فهو ممنوع لدلالة قوله تعالى: ( وليعلم.. ) إلخ، على انتقاء الاحتمال عند فريقين من الفرق الأربع بعد النسخ والإحكام. وإن أراد أنه يحتمله في الجملة، أي عند بعض دون بعض، فهو مسلم وغير مضر لعدم إخلاله بالوثوق بالقرآن، عند الذين أوتوا العلم والذين آمنوا. وأما إخلاله بالنسبة إلى الفريقين الآخرين فهو مراد الله.
هذا واعترض على الجواب الأول، بأن التلبيس بحيث يشتبه الأمر على النبيّ، فيعتقد أن (الشيطان) مَلَك مخل بمقام النبوة، ونقص فيه. فإنّ الولي الذي هو دون النبيّ بمراتب، لا يكاد يخفى عليه الطائع من العاصي، فيدرك نور الطاعة وظلمة المعصية، فكيف بمن هو سيد الأنبياء؟ ونور عيون قلوب الأولياء.. يلتبس عليه، من هو محض نور، بمن محض ديجور؟..
واشتباه (جبريل) عليه في بعض المرات، حتى لم يعرفه إلى أن ذهب؛ فقال: والذي نفسي بيده ما شبّه (عَلَيَّ) منذ أتاني قبل مرتي هذه، وما عرفته حتى ولى، إذا صح ليس من قبيل اشتباه الشيطان به. إذ يجوز أن يكون من اشتباه مَلَك بمَلَك وكلّ منهما نوراني.
وقد كان يأتيه غير (جبريل) من الملائكة الكرام. وأن يكون من اشتباه ملك بواحد من البشر نوراني أيضا، لم يكن رآه قبل ذلك، كالخضر وإلياس مثلا إن قلنا بحياتهما.
قال المحققون: إنّ الأنبياء ليس لهم خاطر شيطاني. وكون ذلك ليس منه، بل كان مجرد إلقاء على اللسان دون القلب ممنوع. ألا ترى أنه قال تعالى : ألقى الشيطان في أمنيته، دون: ألقى الشيطان على لسانه. وتسمية القراءة (أمنية) لما أن القارئ يقدر الحروف في قلبه أولا، ثم يذكرها شيئا فشيئا.
وأيضا حفظه لذلك إلى أن أمسى كما جاء في بعض الروايات، فنبّهه عليه (جبريل) يبعد كون الإلقاء على اللسان فقط.
على أنا لو سلّمنا ذلك وقلنا : إن (الشيطان) ألقى على لسانه، ولم يلقِ في قلبه، كما هو شأن الوحي المشار إليه بقوله تعالى: نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين [الشعراء 26: 193 ، 194]، وقلنا : إن ذلك مما يعقل، للزم أن يعلم النبيّ من خلو قلبه واشتغال لسانه، على أن ذلك ليس من الوحي في شيء، ولم يحتج إلى أن يُعلِمَهُ (جبريل).
والقول بأنه لبس الحال عليه للتأديب والترقية إلى المقام الأكمل في العبودية، وهو فناء إرادته في إرادة مولاه، حيث (تمنى) إيمان الكلّ، وحرص عليه، ولم يكن مراد الله مما لا ينبغي أن يلتفت إليه. لأنّ القائل به، زعم أن التأديب بذلك كان بعد قوله تعالى : وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين [الأنعام 6: 35].
ولا شك أن التأديب به لم يبق ولم يذر، ولم يقرن بما فيه تسلية أصلا. فإذا قيل: إن ذلك لم ينجع فكيف ينجع ما دونه؟..
وأيضا أية دلالة في الآية على التأديب؟ وهي لم تخرج مخرج العتاب، بل مخرج التسلية على أبلغ وجه، عمّا كان يفعل المشركون من السعي في إبطال الآيات. ولا نسلم أنّ ترتيب الإلقاء على التمني، مع ما في السباق والسياق، ممّا يدلّ على التسلية عن ذلك يجدي نفعا في هذا الباب.
ويرد على قوله : إنه بعد حصول التأديب، بما ذكر كان يرسل من بين يديه ومن خلفه، رصد يحفظونه من إلقاء (الشيطان)، أنه لم يدل دليل على تخصيص الإرسال بما بعد ذلك؛ بل الظاهر أن ذلك كان في جميع الأوقات. فقد أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك بن مزاحم في قوله: (إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا)- [الجن 72: 27] قال: كان النبيّ إذا بعث إليه المَلَك بالوحي، بعث معه ملائكة يحرسونه من بين يديه ومن خلفه، أن يتشبه (الشيطان) بالمَلَك.
وأخرج ابن أبي حاتم بسند صحيح عن سعيد بن جبير قال: ما جاء (جبريل) بالقرآن إلى النبيّ، إلا ومعه أربعة من الملائكة حفظة. ولا شك أن هذا الإلقاء عند من يقول به، كان عند نزول الوحي. فقد أخرج ابن جرير وابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس: أنّ النبيّ بينما هو يصلّي، إذ نزلت عليه قصة آلهة العرب، فجعل يتلوها فسمعه المشركون، فقالوا: إنا نسمعه يذكر آلهتنا بخير! فدنوا منه.
فبينما هو يتلوها ويقول: (أفرأيتم اللات والعزى. ومناة الثالثة الأخرى)، ألقى (الشيطان): (تلك الغرانيق العلا. منها الشفاعة ترتجى). فعلى هذا ونحوه، يكون الرصد موجودا، مع عدم ترتب أثره عليه. والقول بأن (جبريل) ومن معه تنحّوا عنه، حتى ألقى (الشيطان) ما ألقى؛ بناء على ما أخرج ابن مردويه عن ابن عباس أنه قال في آية الرصد : كان النبيّ قبل أن يلقي (الشيطان) في أمنيته، يدنون منه، فلما ألقى (الشيطان) في (أمنيته)، أمرهم أن يتنحّوا عنه قليلا. فإنّ المراد من قوله: فلمّا ألقى، فلمّا أراد أن يلقي في حيز المنع، وكذا صحة هذا الخبر. ثم أية فائدة في إنزال الرصد، إذا لم يحصل به الحفظ، بل كيف يسمّى رصدا؟
ومما ذكر في هذا الاعتراض، يعلم ما في الجواب الثاني من الاعتراض، وهو ظاهر. وقد يقال : إن إعجاز القرآن معلوم له ضرورة. كما ذهب إليه أبو الحسن الأشعري [874- 936م]، بل قال القاضي: إن كلّ بليغ أحاط بمذاهب العرب وغرائب الصنعة يعلم ضرورة إعجازه. وذكر أن الإعجاز يتعلق بسورة أو قدرها من الكلام بحيث يتبين فيه تفاضل قوي البلاغة، فإذا كانت آية بقدر حروف سورة، وإن كانت كسورة الكوثر فهو معجز.
وعلى هذا يمتنع أن يأتي (الجنّ والإنس)، ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا، بمقدار أقصر سورة منه، تشبهه في البلاغة. ومتى أتى أحد بما يزعم فيه ذلك لم تنفق سوقه عند الرسول. وكذا عند كل بليغ محيط بما تقدم. ولم يَخْفَ على الرسول، ولا على ذلك البليغ عدم إعجازه. فلا يشتبه عنده بالقرآن أصلا.
ولا شك أن ما ألقى (الشيطان) على ما في بعض الروايات حروفه، بقدر حروف سورة الكوثر، بل أزيد؛ إن اعتبر الحرف المشدّد بحرفين: وهو: (وأنهنّ لهنّ الغرانيق العلا وإن شفاعتهن لهي التي ترتجى) الوارد فيما أخرجه ابن أبي حاتم من طريق موسى بن عقبة عن ابن شهاب.
وجاء في رواية ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم بسند، قال السيوطي: هو صحيح، عن أبي العالية أنه ألقى: (تلك الغرانيق العلا. وشفاعتهن ترتجى. ترتضى. ومثلهن لا ينسى)؛ وحروفه أزيد من حروفها، إذا لم يعتبر الحرف المشدّد في شيء منهما حرفين. أما إذا اعتبر فحروفها أزيد بواحد، فإن كان ما ذكر مما يتعلق به الإعجاز، فإن كان معجزا، لزم أن يكون من الله، لا من إلقاء عدوّه ضرورة عجزه كسائر (الجنّ والإنس) عن الإتيان بذلك.
وإن لم يكن مما يتعلق به الإعجاز، فهو (كلام غير يسير يتنبه البليغ الحاذق، إذا سمعه أثناء كلام فوقه بمراتب)، لكونه ليس منه. فيبعد كلّ البعد أن يخفى عليه قصور بلاغته عن بلاغة شيء من آيات القرآن؛ سواء قلنا (بتفاوتها في البلاغة): كما اختاره أبو نصر القشيري [1047- 1120م] وجماعة، أم قلنا بعدم التفاوت كما اختاره القاضي، فيعتقد أنه (قرآن) حتى ينبهه (جبريل)؛ لا سيما وقد تكرّر على سمعه سكر الآيات ومازجت لحمه ودمه.
والواحد منا وإن لم يكن من البلاغة بمكان، إذا ألِفَ شِعْرَ شاعِرٍ، وتكرّر على سمعه، يعلم إذا دُسَّ بيت أو شطر في قصيدة له، أن ذلك ليس له. وقد يُطالِب بالدّليل، فلا يزيد على قوله : لأن النفس مختلف. وهذا البعد متحقق عندي، على تقدير كون الملقى ما في الرواية الشائعة، وهو: (تلك الغرانيق العلا. وإن شفاعتهن لترتجى)، لا سيّما على قول جماعة: إن الإعجاز يتعلق بقليل القرآن وكثيره، من الجمل المفيدة لقوله: (فليأتوا بحديث مثله). والقول بأنّ النبيّ خَفِيَ عليه ذلك للتأديب، فيه ما فيه ، ولا يبعد استحقاق قائله للتأنيب!.
وما ذكره في الجواب عن الثالث، من أنه لا بد من (حمل الكلام على الاستفهام)، أو: (حذف القول)؛ وهو دون الأول إذا صح الخبر صحيح، لكنّ إثبات صحة الخبر أشدّ من خرط القتاد. فإنّ الطاعنين فيه من حيث النقل علماء أجلاء عارفون بالغث والسمين من الأخبار، وقد بذلوا الوسع في تحقيق الحقّ فيه فلم يرووه إلا مردودا.
وما ألقى الشيطان إلى أوليائه معدودا، وهم أكثر ممن قال بقبوله. ومنهم من هو أعلم منه. ويغلب على الظنّ، أنهم وقفوا على رواته في سائر الطرق، فرأوهم مجروحين. وفات ذلك القائل بالقبول. ولعمري إن القول بأن هذا الخبر مما ألقاه الشيطان على بعض ألسنة الرواة، ثمّ وفق الله جمعا من خاصته لإبطاله، أهون من القول بأن حديث (الغرانيق) ممّا ألقاه (الشيطان) على لسان الرسول؛ ثم (نسخه).
لا سيما وهو ممّا لم يتوقف على صحته أمر ديني ولا معنى آية ولا ولا سوى أنها يتوقف عليها حصول شبه في قلوب كثير من ضعفاء المؤمنين لا تكاد تدفع إلا بجهد جهيد. ويؤيد عدم الثبوت مخالفته لظواهر الآيات، مثل: (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد)- [فصلت 41: 42]. والمراد (بالباطل): ما كان باطلا في نفسه. وذلك الملقى كذلك. وإن سوغ نطق النبيّ به تأويله بأحد التأويلين، والمراد (بلا يأتيه): استمرار النفي، لا نفي الاستمرار.
وفي (القرآن): [إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون]- (الحجر 15: 9)، فجيء بالجملة الاسمية مؤكدة بتأكيدين ونسب فيها الحفظ المحذوف متعلقه إفادة للعموم إلى ضمير العظمة. وفي ذلك من الدلالة على الاعتناء بأمر (القرآن) ما فيه . وقد استدلّ بالآية من استدلّ، على حفظ (القرآن) من -الزيادة والنقص-. وما علينا ما قيل في ذلك.
وكون الإلقاء المذكور لا ينافي الحفظ، لأنّه (نسخ) ولم يبق إلا زمانا يسيرا، لا يخلو عن نظر. والظاهر أنه وإن لم ينافِ (الحفظ في الجملة)، لكنه -ينافي الحفظ المشار إليه في الآية-، على ما يقتضيه ذلك الاعتناء.
ثم إن قيل : بما روي عن الضحّاك، من أن سورة (الحج) كلّها (مدنية)، لزم [بقاء ما ألقى (الشيطان) (قرآنا)] في اعتقاد الرسول والمؤمنين زمانا طويلا. والقول بذلك من الشناعة بمكان. ونص القرآن: [ان هو إلا وحي يوحى]- (النجم 53: 4): والظاهر أن الضمير لما ينطق به، مما يتعلق (بالدين). ومن هنا، أخرج الدارمي [797- 869م] عن يحيى بن أبي كثير أنه قال : كان (جبريل) ينزل بـ(ألسنة)، كما ينزل بـ(القرآن).
والمتبادر من لحن الخطاب، أن جميع ما ينطق به النبيّ من ذلك، ليس عن (إلقاء شيطاني)، كما أنه ليس عن (هوى).
وبقيت آيات أخر في هذا الباب ظواهرها تدل على المدّعي أيضا، وتأويل جميع الظواهر الكثيرة لقول شرذمة قليلة بصحة الخبر المنافي لها، مع قول جم غفير بعد الفحص التام بعدم صحته، مِمّا لا يميل إليه القلب السليم ولا يرتضيه ذو الطبع المستقيم.
ويبعد القول بثبوته أيضا عدم إخراج أحد من المشايخ الكبار له في شيء من الكتب الست، مع أنه مشتمل على (قصة غريبة). وفي الطباع ميل إلى سماع الغريب وروايته.
ومع إخراجهم حديث (سجود) المشركين مع النبيّ، حين سجد آخر النجم، فقد روى البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وغيرهم عن ابن مسعود: أن النبيّ قرأ والنجم، فسجد فيها، وسجد كلّ من كان معه. غير أن شيخا من قريش، أخذ (كفا من حصى أو تراب)، ورفعه إلى جبهته، وقال : (يكفيني هذا)!.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الآلوسي: محمود شهاب الدين أبو الثناء الآلوسي [1802- 1854م]: نسبة إلى (آلوس) جزيرة في مجرى الفرات في الأنبار، نزحت عائلته منها إلى بغداد. عمل في التدريس في مدارس بغداد ومساجدها ومنها: مدرسة (خاله) عبد الفتاح الراوي، مدرسة نعمان الباجه جي، المدرسة القمرية، المدرسة العمرية، مدرسة أمين الباجه جي، المدرسة القادرية. ومن المساجد التي رعاها: مسجد القمرية، مسجد السيدة نفيسة، مسجد آل عطا، مسجد الحنان، الحضرة القادرية. كان موضع عناية وتقدير والي بغداد والباب العالي، وكان الوالي داود باشا [1767/ 1816- 1831/ 1851م] يحضر عظاته، وثني على أدبه ولغته وبلاغته. عيّنه الوالي علي رضا باشا [؟/ 1831- 1842/ 1850م] راعيا لأوقاف مدرسة مرجان. كما منحه السلطان محمود الثاني [1785/ 1808- 1839م] رتبة تدريس الأستانة. وله أثر مبرز في الحياة الأدبية والعلمية العراقية، فإلى جانب عمله في التدرس والافتاء، كان له مجلس أدبي في محلة العاقولية/ الرصافة، يحضره كبار أدباء وعلماء وأعيان بغداد يومها. كما شارك الالوسي في الثورة البغدادية/(1831م) بقيادة المفتي عبد الغني آل جميل [1780- 1863م]، وسجن على أثرها، وفقد عمله، ثم أطلق سراحه، وعين مفتيا/(1833م) في محل الشيخ عبد الغني آل جميل. وقد عانى من الوشايات والدسائس في زمانه. لكن ولاة العراق والباب العالى، كانوا أوسع صدرا وعقلا في تقديره، وإعادة الاعتبار إليه. زار الأستانة، عقب تجريده من مناصبه على يد الولي محمد نجيب باشا [؟/ 1842- 1849/ 1851م]، فقصد الأستانة، وحظى بالتكريم والشهادات والأعطيات. وقد درس على يديه كثير من العلماء والأدباء والوجهاء، وما زال أبناؤه وأحفاده وتلاميذه، يمدّون المدرسة الآلوسية بعطائهم الفكري والثقافي. ويعدّ تفسيره الكبير، من المراجع العصرية الأثيرة في مجالها، فضلا عن تآليفه االأخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبكات | مكافآت لمن يذبح قربانه بالأقصى في عيد الفصح اليهودي


.. ماريشال: هل تريدون أوروبا إسلامية أم أوروبا أوروبية؟




.. بعد عزم أمريكا فرض عقوبات عليها.. غالانت يعلن دعمه لكتيبه ني


.. عضو الكنيست السابق والحاخام المتطرف يهودا غليك يشارك في اقتح




.. فلسطين.. اقتحامات للمسجد لأقصى في عيد الفصح اليهودي